أدب ونقد، العصور الجديدة، سطور، قصيدة النثر، شعر، مسرحنا، أخبار الأدب، الثقافة الجديدة، الكتابة الأخرى، أمكنة، ضاد، مجلة اتحاد الكتاب، عالم الكتاب، المسرح، علم النفس، الفنون الشعبية، العلم والحياة، الموجز، القاهرة، الهلال، مصر المحروسة، فصول، ابداع.... الخ. اصدارات ثقافية، غالبيتها حكومية أو شبه حكومية. بعضها مات في المهد، ومعظمها يضيع ما يُنفق عليه من أموال هباء بلا حسيب أو رقيب، ولا يتبع منها المؤسسات الصحفية القومية والخاصة سوى أقل القليل، من مثل مجلة "الهلال" العريقة. خلاصة القول إن معظمها تصدره هيئات تابعة لوزارة الثقافة. وزارة الثقافة عندنا تصدر عشرات المجلات الثقافية فقيرة التوزيع والتأثير في أوساط النخبة، فما بالنا بالجمهور الواسع الذي نحن في أشد الحاجة الى الارتقاء بوعيه. لماذا لا تتعثر الاصدارات الحكومية وشبه الحكومية، بمعنى أن وجودها متصل من سنين، وتُضاف إليها بين الحين والآخر اصدارات جديدة، أو جديدة قديمة، بمعنى احياء مجلات كانت موجودة في الماضي وتوقفت لسبب أو لآخر؟ هل هي أكثر نجاحاً في الوصول الى القارئ النخبوي، وبالتالي: هل يغطي توزيعها وما تنشره من اعلانات كُلفة اصدارها بما يكفل لها الصمود والبقاء والاستمرار، وحتى من دون أن يطرأ على هيئات تحرير بعضها تغييرٌ يُذكر لأكثر من عقدين من الزمان؟ في الواقع هي لا تجتذب معلنين على الإطلاق، بمن في ذلك من يعملون في المجال الثقافي، سواء الهادف الى الربح، أو حتى الهادف الى تقديم خدمات ثقافية وتوعوية مجانية. من ذلك القديم الجديد مثلاً مجلة "الفكر المعاصر"، وهي فصلية يرأس تحريرها الدكتور سعيد توفيق، الذي هو في الوقت ذاته الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، وقد عادت الى الصدور العام المنصرم بعدما توقف اصدارها الأول منذ سنة 1971. وكذلك مجلة "المجلة" والتي توقف اصدارها الأول عام 1971 أيضاً، وعادت إلى حياة تشبه الموت، العام الماضي، برئاسة تحرير أسامة عفيفي ولا علاقة لمواتها الافتراضي هذا بكفاءة هيئة تحريرها، وانما بوجودها وسط زحام هائل من مجلات لا يكاد يقرأها أحد لظروف متشابكة ليس هنا مجال الخوض فيها. مثلاً تضمَّن العدد الأول من مجلة "المجلة" في اصدارها الثاني عدة مقالات منها مقال "مستقبل الثقافة بعد ثورة يناير" لبهاء طاهر، وقصيدة "آن الأوان" للشاعر سيد حجاب، "وثورة مصر .. المقاومة بالإبداع" لعزة مغازي، وتضمن تحقيقاً لمنى شديد حول "قطار الفن المستقل الذي انطلق بعد ثورة 25 يناير التي ساعدت على تفجير طاقات الشباب وتركت بصماتها على الإبداع والفن. وببساطة شديدة يمكن العثور على موضوعات مشابهة في مجلات أخرى، عامة حتى وليس ثقافية. أما "ابداع"، فقد صدر منها مؤخرا عددان في مجلد واحد، هما الخامس والعشرون والسادس والعشرون (شتاء وربيع 2013) أي في ظل حكم الإخوان ولذلك جاءت افتتاحية رئيس التحرير أحمد عبد المعطي حجازي بعنوان "وداعاً" وفيها تمنى لمن سيتولى المسؤولية من بعده النجاح والتوفيق، لكن حدث بعد ذلك ما حدث وضاعت على ما يبدو فرصة اسناد الأمر إلى فريق عمل مختلف، إذ سحب حجازي وداعَه واسترد كل ما كان على وشك أن يفقده، وزيادة. أقول ضاعت الفرصة، مع أني غير متأكد من أن الوضع كان سيختلف باسناد رئاسة تحرير "ابداع" إلى شخص آخر غير حجازي. "ابداع" لا تصدر بانتظام، وحين تصدر فإننا نحتاج الى من يبلغنا بأنها صدرت، بما أن ذلك لم يعد يحدث في مواعيد معروفة. وقُل مثلَ ذلك على "فصول" التي وعد رئيس تحريرها الدكتور محمد بدوي- الذي هو في الوقت ذاته مقرر مشروع "مكتبة الأسرة"- في عدد شتاء 2013 بأن "تبدأ مرحلة جديدة من عمرها المديد تحاول فيها أن تكون نافعة ملبية حاجات الثقافة العربية المتغيرة في لحظة تأخذ المجتمع والثقافة الى فضاء جديد مختلف، لم تتحدد ملامحه بعد على نحو دقيق"، بحسب تعبيره. في الجانب الآخر يحدث العكس، أي تتعثر مشاريع جادة ومستقلة، لأسباب مادية لا تحتمل أي شك، فوراءها يقف غالباً أفراد لا حول لهم ولا طول من حيث الامكانات المادية والتقنية. حدث ذلك مع "العصور الجديدة" و"سطور"، وحتى مع "أدب ونقد" التي كادت أن تتوقف عن الصدور لفشل حزب التجمع الذي تصدر عنه عن تدبير بضعة آلاف من الجنيهات، هي كلفة العدد الواحد. ويبقى السؤال الذي كان من أجله هذا المقال: لماذا لا تقلص وزارة الثقافة ما تصدره من مجلات ثقافية إلى أدنى حد ممكن، فتوقف هدراً غير مفهوم للمال العام، وتتولى في الوقت نفسه إقالة عثرات مشاريع جيدة نحتاج وجودَها فعلا، من خلال صندوق التنمية، فيتبقى لدينا عددٌ من الاصدارات لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، تكون فيه البركة وزيادة، لنا ولمحيطنا العربي؟