في الوقت الذي عانت مصر فيه مؤخراً من فوضى الفتاوى الدينية التي أطلقتها الفضائيات التابعة للتيار السلفي المتشدد، ظل الملاين من محبي الشيخ يتلقون خواطره الدينية بصدور منشرحه، لتؤكد أن الوسطية والفهم الصحيح للنص دائماً ما تهزم التحجر والجمود والتقوقع داخل الفهم الضيق للنص. وواجه الشيخ بعد مماته وعلى وجه التحديد السنوات القليلة الماضية هجوم شرس وتشكيك في عقيدنه من قبل دعاة الفتنة فوصفوه ب"القبوري" في إشارة منه إلى انتمائه للتيار الصوفي الذي يتخذ من المساجد التي بها قبور قبلة لهم، لكن الله سخر له جُند من عنده فاندثر تجار النص وبقيا علم الإمام إلى الان يجلجل في إذاعة القرآن الكريم. لجأت الحكومات المتباينة التي تعاقبت بعد ثورة يناير إلى مقطوعات صوتيه له يوضح فيها فضل مصر على الإسلام والمسلمين من جانب وعلى الأمة العربية والعالم بأسره من جانب آخر، فنقلت عنه قوله " مصر التى صدرت الاسلام للدنيا كلها، هى التى صدرت لعلماء الدنيا كلها علم الاسلام، صدرته حتى للبلد التى نزل بها الاسلام، من الذى رد همجية التتار ... إنها مصر، من الذى رد هجوم الصلبيين على الاسلام والمسلمين ... إنها مصر، وستظل مصر دائما رغم أنف كل حاقد أو حاسد أو مُستغِل أو مُستغَل أو مدفوع من خصوم الإسلام هنا أو خارج هنا" إمام الدعاة محمد متولي الشعراوي ولد في 15 أبريل 1911 – وتوفي في 17 يونيو 1998م) يعد من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث؛ ففسر القرآن بطرق مبسطة وعامية مما جعله يستطيع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي. ولد الإمام في قرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظى بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق. والتحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م ، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية،تخرج عام 1940 م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م. بعد تخرجه عين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذاً للشريعة في جامعة أم القرى، ثم سافر بعد ذلك الشيخ الشعراوي إلى الجزائر رئيساً لبعثة الأزهر هناك ومكث بالجزائر حوالي سبع سنوات قضاها في التدريس. في نوفمبر 1976م اختار السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء آنذاك ضمن أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشئون الأزهر. فظل الشعراوي في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م، اعتبر أول من أصدر قراراً وزارياً بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو بنك فيصل. تزوج الشعراوي وهو في الثانوية بناء على رغبة والده الذي اختار له زوجته، ووافق الشيخ على اختياره، لينجب ثلاثة أولاد وبنتين، منح وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لمناسبة بلوغه سن التقاعد في 1976 م قبل تعيينه وزيراً للأوقاف وشئون الأزهر، ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983م وعام 1988م، ووسام في يوم الدعاة، وحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية. اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي تنظمه الرابطة، وعهدت إليه بترشيح من يراهم من المحكمين في مختلف التخصصات الشرعية والعلمية، لتقويم الأبحاث الواردة إلى المؤتمر. للشيخ الشعراوي عدد من المؤلفات، بلغت 100 مؤلف أشهرها تفسير القرآن الكريم.