محافظ دمياط يشارك أقباط المحافظة احتفالات عيد الميلاد بكنيسة الروم الأرثوذكس (صور)    وكيل تعليم القاهرة تتفقد وتفتتح معرض الفنية وتتابع استعدادات امتحانات حدائق القبة    حزب المؤتمر: نجاح جولة الإعادة يعكس تطور إدارة الاستحقاقات الدستورية    رغم حالة الركود.. 15% زيادة في أسعار الهواتف الذكية    البنك المركزي يكشف أسباب تراجع معدل التضخم في مصر    اخر تطورات سعر الدولار اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025 في البنوك    السفير التركي لدى ليبيا: سنقدم تقريرًا كاملًا حول حادث تحطم طائرة محمد الحداد    دميتروك: زيلينسكي أهان المؤمنين بتصريحاته حول الموت في عيد الميلاد    لأول مرة... مجموعة مسلحة موالية لإسرائيل تجبر سكاناً على النزوح في غزة    سيناريوهات التعامل الفلسطيني مع خطة ترامب وقرار مجلس الأمن بشأن مستقبل غزة    بصورة محمد صلاح والسقا.. الدوري الإنجليزي يشعل موقعة مصر وجنوب أفريقيا    بصورة مكة وكيان، محمد صلاح يحتفل ب الكريسماس    ضبط قائدي دراجتين ناريتين بتهمة أداء حركات استعراضية بحلوان    اصابة 6 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ميكروباص على طريق المنصورة - دمياط    النقض تحدد أولى جلسات طعن عمرو دياب في واقعة صفع شاب في إحدى حفلاته    تراجع معظم أسواق الخليج وسط ‍تداولات محدودة بسبب العُطلات    وزير الاتصالات يبحث التعاون مع لجنة التحول الرقمى بغرفة التجارة الأمريكية    بسبب الكلاب الضالة.. ضبط شخصين تعديا على جارهما في المنتزه    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    بعد أزمة ريهام عبدالغفور.. تصعيد جديد من المهن التمثيلية    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    معارك انتخابية ساخنة فى 7 دوائر بسوهاج    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    إيبوه نوح.. شاب غانى يدعى النبوة ويبنى سفنا لإنقاذ البشر من نهاية العالم    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    اسعار كرتونه البيض اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    لم يرحم إعاقته، القبض على مدرس لغة عربية هتك عرض تلميذ في الهرم    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع العربي: قطيعة مع نظام الاستبداد أم تجريب أشكال أخرى منه؟
نشر في المشهد يوم 10 - 01 - 2012

يخرج من أفواه من لا كلمة لهم: من كان يظن في أحلى أحلام الصحو أو المنام أن الربيع العربي سيجرؤ على الخروج من جلد من لامعطف لهم ومن أكف من لا يملكون قوت يومهم ومن أفواه من لاكلمة لهم، من المعتقلات السحيقة ورطوبة الشقق الضيقة ووحشة "الترب"، و من مقصلة الإقصاء ومحاضن الإذلال وطوابير التخنيع، من كتب الفكر ومقالات الرأي التي بالكاد ترى النور ليمشي في وضح النهار عالي الرأس مشدود القامة على الرصيف وفي الميادين.
يرفع أيدي الشباب بإشارة النصر من المحيط إلى الخليج ومن تويتر إلى الفيس بووك غير آبه بهراوات التخويف؟ ولكن من يظن أن حلم الحريات مستحيل رابع، يخون خياله وواقعه معا، ولاينصف قدرات الشعوب وقصائد الحرية منذ الأزل؟
أثمان الحرية: من كان يظن في أسوأ كوابيسه أن الربيع العربي الذي أبتدأ تلك البداية السلمية المدهشة في تونس لدرجة أن سمي بثورة الياسمين والذي تحرك تحرك أجنحة الحمام بميدان التحرير ماعدا هجمة الجمال الهائجة، سينقلب إلى زلزال مضرج بدماء طلاب الحرية في البحرين واليمن وليبيا وسورية عدا عن لوعة عودة التدخل العسكري الأجنبي؟ ولكن من خال أن تحقيق الحريات بلا أثمان، يظلم التاريخ والمستقبل معا، ويخون سيرة أولئك الشجعان الذي بذلوا أرواحهم احتجاجا على ذل أو ضيم وطلبا لحياة كريمة على مر العصور.
طيش ثوري: أما من يظن في أشد حالات التفاؤل أو الطيش الثوري بأن الربيع العربي في ظرف عام واحد أو عامين سيقلب التخلف إلى تقدم ويقلب التبعية إلى استقلال ويقلب مخالب الصقور المتربصة داخليا و أقليميا ودوليا إلى حمامة سلام، ويقلب انواع التعصب الديني والعرقي والمذهبي وسواه إلى تسامح وتعايش سلمي، ويقلب عادات الإستبداد العتيدة إلى حالة من المساواة العامة والعدل المطلق في العلاقة بين الكبير والصغير، وبين المرأة والرجل وبين الرئيس والمرؤوس، ولا يأتي إلا بالحكم العادل الراشد المستنير من أول تجربة، فإن مثل هذا الموقف لايخلو من سذاجة وتبسيط مخل لتعقيد الفعل الثوري ولشروط التغيير. وهذا قد يعود لقلة الخبرات في قراءة التاريخ وقلة المعرفة في علم اجتماع المستقبل أو يعود إلى فشل الخيال وقلة الصبر ولكنه أي كان يعاني ببساطة باهظة من الفهم الرومانسي لمعنى الربيع العربي الذي على جماليته لايقدر مطالب التحولات الجذرية حق قدرها.
بما قد يجعلنا قابلين لإستبدال الأمل الذي خلقه الربيع العربي باليأس القديم، وقابلين لتعطيل حاسة النقد الخلاق للقائم بالنقمة القاتلة على القادم وغير قادرين وهذا الأفدح على إمتلاك الرؤية والهدف والبحث في آليات وضمانات العمل للانتقال من مرحلة إسقاط نظام بائد مستبد إلى مرحلة بناء نظام سياسي واجتماعي جديد وحر ومنصف ليس بين عشية وضحاها: وفي هذا السياق، لو أخذنا مثال الثورة الفرنسية 1789م كواحد من أشهر الأمثلة للثورات التي غيرت وجه المجتمع تغييرا جذريا، فنقلته من حكم الملكية المطلقة إلى الحكم الديموقراطي التداولي ومن تسلط خرافية الخطاب الديني الكاثوليكي إلى الإحتكام لدستور وطني ومن الاحتكار الفئوي للنفوذ من قبل الطبقة الاستقراطية إلى المساواة الحقوقية أمام القانون ومن المجتمع الإقطاعي إلى مجتمع مدني متعدد، فإننا سنجد أن ذلك لم يتم بين عشية وضحاها كما لم يتم إلا بنفس مرحلي طويل.
الجدير بالملاحظة هنا أن مثل هذه الثورات الجذرية لم تكن لتنجح لولا تراكم أسباب القطيعة الفلسفية والمعرفية فكريا وقيميا ووجدانيا وسلوكا بينها وبين العهد السابق. بمعنى إن إسقاط النظام وحده أو ملاحقة فلوله لا يؤدي لإسقاط النظام ولا لإسقاط خطابه لأنه مالم تجري عمليات واعية ومقصودة لتغيير الأسس الفلسفية ولتغيير البنى الاجتماعية ولتغيير أنماط التفكير والتفاعل الاجتماعي وعلاقات القوة التي كان يستند عليها ذلك النظام الإستبدادي الذي أسقط، فإنه لن يحدث إلا تغيير النظام بنظام لايلبث أن يجد في تلك الهياكل القديمة مجالا لإعادة إنتاج الاستبداد وللسطو على أي مكتسبات تكون قد جاءت نتيجة اندلاع الفعل الثوري.
ليس باندلاع الثورة وحدها يتغير النظام : ومن هنا قد لا يكون من الذكاء السياسي ولا الوطني الإنشغال فقط بمن يأتي للسلطة بعد الثورة إن جاء ذلك على حساب السؤال الأهم وهو سؤال تغيير فلسفة وتركيبة وآليات النظام من ناحية و القوى الاجتماعية من ناحية أخرى بما يخلق ضمانات دستورية وقانونية تمنع أي كان من الإستمرار في السلطة وإن وصل إليها مالم يكن بمستطاعه المضي في القطيعة مع نظام الإستبداد السابق وجميع أسبابه.
في نفس الوقت الذي يكون فيه عازما على إتخاذ كل المبادرات والقررات التي تؤدي لخلق نظام جديد قادرا على تحقيق اهداف الثورة في الحرية والمساواة والكرامة، هذا بشرط الشروط وهو أن الوطن للجميع والبقاء لله وليس لأحد أن يخلد في السلطة مرة أخرى. أما ماالذي يضمن تحقق مثل هذا الشرط خاصة في هذا المدى القصير الذي لم يشتد فيه بعدعود القطيعة مع نظام الإستبداد فهو قوة القانون و تلك القيم الثورية الجديدة التي خلقها الربيع العربي ومن أبرزها قيمة الجرأة في الحق وقيمة الإرادة الوطنية المشتركة وقيمة المقاومة بالإضافة لحزمة مضيئة من تلك القيم الربيعية التي لازالت تتفاعل لتجديد هياكل البنية القيمية القديمة.
كاتبة من فلسطين
-----------------------------------
عن صحيفة "القدس العربى" اللندنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.