أقام المجلس الأعلي للثقافة الأحد الماضي ندوة بعنوان «الفلسفة والثورة» أدار الجلسة الأولي الدكتور محمد السيد وتحدث خلالها الدكتور رمضان البسطاويسي والدكتور مجدي الجزيري أستاذ الفلسفة بجامعة طنطا. أكد د. السيد تفرد ثورة يناير حيث شكل شبابها قطيعة معرفية وثقافية مع المجتمع الذي كان يعيش في وقار البطريركية الأبوية كما عرض الدكتور مجدي الجزيري رؤيته حول طبيعة العلاقة الجدلية بين الفلسفة والثورة من خلال عدة محاور فالأول يمثل التقارب بينهما ويكمن في طبيعة الفلسفة الثورية والتي تعلي من قيمة العقل وتتمرد علي السلطات الدينية والسياسية وتتعالي علي المسلمات والقداسة فالثورة تعني التنوير والذي يعني رفع الوصاية عن العقل وفقا لتعريف كانط، ومن هذا المنطلق تتلاقي الفلسفة مع الثورة لإيمانهما بالعدالة والحرية والمساواة والتمرد. وأكد الجزيري أن الواقع الافتراضي الذي استخدمه الثوار لم يكن واقعا وهميا بل كان هو العالم الحقيقي الأكثر نبلا وعدالة وحرية في حين أن العالم الذي نعيشه هو الواقع الوهمي نظرا لجموده واستبداده. كما أشار للاختلاف بين طبيعة الفلسفة والثورة حيث إن الفلسفة هادئة عقلانية بينما الثورة شحنة انفعالية تحمل روح المغامرة. والفلسفة تتسم بالفردية والاستقلالية في حين أن الثورة جماعية جماهيرية وانتقل الجزيري للمحور الثالث والذي يشير إلي إمكانية التقارب بينهما من خلال فلسفة الفعل والذي عبر عنها ماركس من خلال رؤيته لمهمة الفلسفة والتي لا تنحصرفي فهم العالم بل تسعي لتغييره فالفكر الفلسفي رغم أنه يتحرك في عالم النظر العقلي لكنه لا يصبح قوة فاعلة إلا إذا خرج إلي حيز التنفيذ. الواقع الافتراضي وقدم الدكتور رمضان البسطاويسي ورقة بحثية تناقش أثر الواقع الافتراضي علي الواقع العملي في الثورة حيث أشار إلي أن الثورة تعد نصا غير مكتمل يتشكل بممكنات الوعي وهو نص مفتوح علي كل الاحتمالات وعلينا أن يتسع إدراكنا لها في ظل الظروف المعقدة. وأكد بسطاويسي أن مفتاح المرحلة الحالية هو الوعي فالثورة تعني إبداع لصيغة جديدة للحياة فشعار الشعب يريد إسقاط النظام لا يعني إسقاط أشخاص بل يجب أن يمتد لتحقيق رؤية شاملة وإلا تحولنا لنظام أشد قسوة وأدار الجلسة الثانية من الندوة الدكتور مصطفي لبيب أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة وتحدثت خلالها الدكتورة زينب الخضيري أستاذ الفلسفة والدكتور حسن حماد عميد آداب الزقازيق والدكتور الصاوي الصاوي وكيل كلية الآداب جامعة قناة السويس. أكدت د. زينب الخضيري أن شباب ثورة 25 يناير استطاعوا إرساء مفهوم جديد للمواطنة نابع من التزام ومسئولية حقيقية كما دعت للبدء في التنظير لهذه المفاهيم والتي تجسدت في الثورة. وأشارت إلي أن الإنترنت أكسب الشباب رؤية نقدية عصرية حيث تحول ذاتيا إلي آلة تمهد للإصلاح وتقدم أطروحات يمكن تحقيقها. فقه ثوري كما عرض الدكتور حسن حماد ورقته البحثية التي تحمل عنوان «ثورة 25 يناير نحو فقه ثوري جديد» قائلا: إن ثورة يناير شكلت قطيعة معرفية مع التراث الفكري الذي حملته الثورات القديمة وذلك لأنها لم تعترف بالقيادة الكارزمية الملهمة ووضعت نهاية للمخلص حتي أصبح الوعي الجمعي في مواجهة الوعي الفردي. وقسم حماد المراحل التي مرت بها ثورة يناير عدة مراحل وهي مرحلة الاختمار والتي امتدت منذ عهد السادات عبر تراكم كمي من السخط والذي تحول لتراكم كيفي متمثلا في انتفاضة 18 و19 يناير 1977 وانتهت بظهور الحركات الاحتجاجية مثل كفاية و6 أبريل. وأضاف وشهدت المرحلة الثانية إشعال الثورة والتي اتسمت بالخيال والرومانسية، والمرحلة الثالثة تمثلت في جمعة الغضب 28 يناير والتي انضمت لصفوفها القوي السياسية التقليدية فضلا عن جماعة الإخوان والتي ذابت بصورة تكتيكية وتخلت عن شعارها للمرة الأولي. وأكد أننا نعيش الآن المرحلة الرابعة وهي الانقضاض علي الثورة فيما يشبه الانتكاسة من خلال ظهور جماعات المطالب الفئوية والجماعات السلفية ومظاهر الفتنة الطائفية والتي أفقدت الثورة الكثير من براءتها.