مريم نبيل بأي ذنب قتلت .. طفلة لم تتجاوز الثمان سنوات لم يخط عليها قلماً ولم يخدش براءتها خبث آغتالتها طلقات غدر على أعتاب كنيسة (العذراء مريم) فصعدت روحها إلى ربِ هو أرحم بها من والديها. فبأي قلبٍ يا مريم قُتلتي؟ لا تظنين أن القاتل قد نجا بفعلته، وإن توارا عن أعين الشرطة الغافلة، فقد نال بحجم جرمه لعنات الملاين من غير الغافلين الحالمين بعودة شرعيتهم القائمة على السفك الدماء المحرمة. خفافيش ليلٍ تجار نصوص، يحتكرون بحسبهم الحقيقة، فيهدرون دماء ويحقنون آخرى، ولا عزاء في جاهل غره جهله، فقال الله فيهم "ألا انبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا". لا تقلقي يا مريم فنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) هو خصمهم، فقد تبرأ من فعلهم فنقل عن ربه (من قتل نفسًا بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) وقال أيضاً (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) أمرهم بالقسط والبر فخالفوه يا مريم، فانتظريهم يوم القيامة عُمياً (ومَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى .. قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا .. قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) انتظرينا يا مريم على أبواب الجنة، ولا تلتفي لمن حولك، فأنت ضحية مجتمعٍ بأسره، غابت فيه المؤسسات والرجال الحقيقيون، فتصدر المشهد "الرويبضة" الذي لا يفهم من النص حتى ما يجعله على طهرٍ من ماء بوله، حتى المؤسسات الأمنية عجزت عن رد الصائل، ومنع جرمه قبل فعله، فرأينا استهداف موكب وزير الداخلية، واستهداف مبنى المخابرات في الإسماعيلية، فلا عزاء للضعفاء الذين ضربتهم شيخوخة الكبر. روح المسيحية تجلت في كلمات البابا تواضروس في عظته أمس الأربعاء، حينما قال أنهم يصلون من أجل القتلة أن يهديهم الله، فتصورا لو كانت خطبته تحريضية ألهبت مشاعر الحاضرين، إذن لأصبحنا في اقتتال داخلي لا يعلم مداه إلا الله، فتحية للعقلاء أمثال البابا. "الفهم الحقيقي للنصوص هو الحل"