الحصانة التي منحها الله لكل البشر بغض النظر عن أجناسهم وديانتهم وألوانهم ولغاتهم لم تقتصر علي أحد دون أحد إنما كانت عامة كافة بلا تحديد فالحقوق والواجبات علي الجميع سواء. وقد حض الله سبحانه علي العدل والقسط حتي لو كانت بيننا وبين أحد بغضاء "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي". فاحترام الشخصية الإنسانية وتقديرها هي حقيقة جلية في نصوص الشريعة الإسلامية وقد نص القرآن علي ذلك فقال سبحانه دونما تفريق بين الأنفس: "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً". ولذلك كان رسول الله يقول: "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا" فالاعتداء علي الكرامة الإنسانية وإيذائها هو جريمة من أشد الجرائم في ميزان الإسلام. وقد وقف النبي ذات يوم من مجلسه تحية وإجلالاً لجثمان ميت مرت جنازته وقام معه صحابته فقيل له إنها جنازة يهودي! فقال: "أليست نفساً"؟. وديننا الحنيف قعد قواعد للتعايش بين الأطراف المتباينة وكانت القاعدة الأولي في مبدأ التعايش منطلقة من قوله تعالي: "لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" تلك هي قمة الإنصاف في التعامل مع الاخر مع الإحسان إليهم والبر بهم. وانطلاقاً من هذه القواعد في التعامل مع الآخر وجب علي المسلمين حماية هذا الآخر من أي عدوان عليهم سواء من الخارج أو الداخل. كما ذكر الإمام القرافي في الفروق "إن من كان في ذمتنا وجاء أهل الحرب أي أعداء الوطن وجب علينا أن نخرج لقتال هذا المعتدي وبكل الامكانيات صوناً لمن هو في عهد وذمة الله وعهد وذمة رسوله". وحمايتهم من الاعتداء الداخلي تشتمل علي حماية دمائهم وأموالهم وأعراضهم عملاً بقوله صلي الله عليه وسلم : "إلا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته و أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة". هذا هو ديننا وهذا ما أمرنا به أما ما بين ذلك فنحن منه براء ومن يقوم بغير ذلك لا يمثل الإسلام حتي لو ادعي ذلك وأذكر قول غوستاف لوبون في كتابه حضارة الإسلام يقول: "وإذا حدث في فترة من الفترات أن تعرض بعض أبناء غير المسلمين لمضايقات وإساءات تخالف مباديء الإسلام وأحكامه. ووقع عليهم بعض الاعتداء من جانب أفراد من المسلمين أو بعض أصحاب السلطة. فإن هذه الإساءات لا تمثل الإسلام أو المسلمين.