الأعلى للإعلام يعقد غدًا اجتماعًا مع أعضاء مجلس نقابة الصحفيين    محافظ كفر الشيخ: تنفيذ 7 قرارات على مساحة 897 م2 بمركز الرياض    وزير السياحة والآثار يترأس اجتماع مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي    أمير قطر والرئيس الفرنسي يبحثان هاتفيا تطورات الهجمات الأخيرة على إيران    رئيس أركان جيش الاحتلال: حملتنا مستمرة ولدينا أهداف لم تضرب بعد في إيران    فينسيوس يقود تشكيل ريال مدريد أمام باتشوكا في كأس العالم للأندية    محافظ كفر الشيخ يهنئ أبطال التايكوندو لحصدهم 124 ميدالية في بطولة الدلتا للبومزا    عواصف ترابية تضرب مدن الوادي الجديد وتعيق الرؤية على الطرق السريعة.. فيديو    محكمة جنايات المنصورة تحكم بالسجن المشدد من 5 إلى 7 سنوات، على 3 موظفين بمركز معلومات شبكات المرافق بمحافظة الدقهلية وعزلهم من الوظيفة لاختلاسهم مبلغ 6 ملايين و650 ألف جنيه مع رد المبلغ المختلس    فيديو ترويجي لفيلم "أحمد وأحمد" يشعل الجدل: كوميديا أم أكشن؟ الجمهور يترقب 2 يوليو    القضية.. أغنية من جمهور الرجاء البيضاوي بالمغرب دعما لفلسطين    بغداد وأنقرة تبحثان تصدير النفط العراقي عبر الأراضي التركية    كرة القدم فى زمن ترامب وإنفانتينو!    مزاح برلماني بسبب عبارة "مستقبل وطن"    خبير استراتيجي: إيران لن تجلس على مائدة المفاوضات وهي مهزومة    وظائف خالية اليوم.. المؤسسة القومية لتنمية الأسرة تطلب أفراد أمن وسائقين    قرار وزارة جديد يُوسع قائمة الصادرات المشروطة بتحويل مصرفي مُسبق عبر البنوك    وزارة المالية تكرّم شركة ميدار للاستثمار لدورها في دعم وتحديث المنظومة الضريبية    «مبقاش تحليل.. ده خناقة».. الغندور ينتقد سيد عبدالحفيظ وميدو بسبب لاعبي الأهلي    وزارة النقل: جار تنفيذ 17 محورا مروريا على نهر النيل    بسباق الصناعة النظيفة.. الحزام الصناعي الجديد بالأسواق الناشئة يتجه لتجاوز أكبر اقتصادات العالم    المشدد 5 سنوات ل عامل هدد فتاة بنشر صورها على «فيسبوك» بالقليوبية    جثة ومصاب سقط عليهما سور حمام سباحة فيلا بالرحاب    مصرع عامل في تجدد خصومة ثأرية بين عائلتين بقنا    البنك المركزي: تعطيل العمل بالبنوك الخميس 3 يوليو بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو    «ميدان ملك القلوب».. وزير الصحة يشهد حفل الإعلان عن تدشين تمثال السير مجدي يعقوب    خبير للحياة اليوم: الضربات الأمريكية عكست جديتها فى عدم امتلاك إيران للنووى    5 أبراج تحب الليل والهدوء.. هل أنت منهم؟    محمد شاهين برفقة الطفل على من تكريم أبطال لام شمسية ويعلق عليها: روح قلبي    الأزهر للفتوى: الغش في الامتحانات سلوك محرم يهدر الحقوق ويهدم تكافؤ الفرص    عميد قصر العيني يعلن إصدار مجلة متخصصة في طب الكوارث    للتوعية بالموت القلبي المفاجئ.. وزير الصحة يشهد إطلاق مبادرة "بأيدينا ننقذ حياة"    دراسة صادمة: أضرار غير متوقعة للقهوة سريعة التحضير على العين    جوارديولا يكشف عن وجهته المستقبلية    "اشتروا هدوم وكوتشيات".. رسالة قوية من شوبير على خروج لاعبي الأهلي من المعسكر    مشوار استثنائي حافل بالإنجازات .. ليفربول يحتفي بمرور 8 سنوات على انضمام محمد صلاح وبدء رحلته الأسطورية    بدء أعمال جلسة الشيوخ لمناقشة ملفات التنمر والتحرش في المدارس    رئيس "الشيوخ" يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة -تفاصيل    "حماة الوطن": اختيار المعلمين المؤهلين ضرورة لبناء جيل قادر على تطوير مصر    إيرادات السبت.. "ريستارت" الثاني و"في عز الضهر" بالمركز الثالث    أحمد عزمي يكشف مصير فيلم «المنبر»| خاص    تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع الأمين العام للاتحاد الافريقي    محمد علي مهاجمًا محمد حسان بسبب إقامته عزاء لوالدته: تراجع عما أفتيت به الناس في الماضي    "انفجار أنبوبة غاز السبب".. النيابة تحقق في حريق سوق فيصل    الأرصاد الجوية : الطقس غدا شديدة الحرارة وارتفاع بالرطوبة والعظمى بالقاهرة 35 درجة    ضبط المتهمين بتسلق طائرة هيكلية في الشرقية    وزير التعليم العالي ومجدي يعقوب يشهدان بروتوكول بين جامعة أسوان ومؤسسة أمراض القلب    هيئة الرعاية الصحية تطلق برنامج "عيشها بصحة" لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    الكهرباء تحذر: 7 عادات يومية ترفع فاتورة الكهرباء في الصيف.. تجنبها يوفر الكثير    خامنئي يبدأ مسار تسليم الراية.. كيف تختار إيران مرشدها الأعلى؟    "حياة كريمة" تقترب من إنجاز مرحلتها الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه.. أكثر من 500 قرية تم تطويرها و18 مليون مستفيد    غسلو 90 مليون جنيه.. سقوط شبكة خطيرة حاولت تغطية جرائمها بأنشطة وهمية    كورتوا: لا نلتفت للانتقادات وعلينا الفوز على باتشوكا لانتزاع الصدارة    الحرس الثوري الإيراني: القدرات الأساسية للقوات المسلحة لم يتم تفعيلها بعد    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    وزير الخارجية الإيراني: واشنطن انتهكت القانون الدولي وإيران تحتفظ بحق الرد    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلطان وأشياء أخرى
نشر في المشهد يوم 11 - 12 - 2011

قديمًا قال الشاعر الكبير نزار قباني "الحب على الأرض بعض من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه"، و لكننا على نفس الطريقة نشاهد بشرًا مهمتهم تخيل السلطان و اختراعه و تجسيده ككيان كامل الأركان؛ لأن الحياة بالنسبة لهم لا تستقيم بدون السلطان؛ فهو حالة الحب التي لا يمكن العيش بدونها، تخيلًا أو اختراعًا، و لأن مصر شهدت في تاريخها فرعون؛ فإن الحالة توصف باختراع الفرعون كحالة و مكانة، بغض النظر عن الألقاب و النظم السياسية التي تحكمها.

وفي نفس السياق نشاهد يوميًا من يقدم فروض الولاء للسلطان المخترع، و تتوجه أعينهم له، معبرين بألسنتهم و سلوكياتهم عما يتجاوز طلبات السلطان نفسه، إن كان قد طلب منهم اختراعه. لا يفوت هؤلاء أي فرصة لتأسيس السلطان كحالة و مكانة، في حين يقف البعض حولهم مذهولين؛ أين السلطان الذي يتحدثون عنه؟ و لماذا لا نراه؟ و على الرغم من أن الحب له علامات نراها على المحبوب، و خاصة كلمات الحب و التقدير، و ما يصاحبه من رقي مفترض في السلوك، فإن حب السلطان و اختراعه - خاصة إن لم يكن السلطان العادل الذي يتواجد في كتب التاريخ - لا يرتبط بسمات المحب الإنسانية؛ بقدر ما يرتبط بسمات الحب للكراسي و المناصب، و ما يرتبط بها من مصالح؛ فتأتي كلماتهم غير مقبولة، لا للقلب، و لا للعقل، فهي بالمجمل كلمات و سلوكيات غير قابلة للاستهلاك الإنساني.

صورة تأخذني من شعر نزار لقصة قديمة أخرى؛ عن السلطان الذي خرج عاريًا على شعبه؛ بعد أن أقنعه محتالون بقدرتهم على اختراع قماش و صناعة ملابس لا يراها إلا كل صادقٍ مستحقٍ لكرسيه، و لأن الجميع لديهم كراسي تستحق الحفاظ عليها - بما في ذلك السلطان نفسه - فقد تبارى الجميع - و على رأسهم السلطان - في الإشادة بجمال و روعة الملابس "الخفية" أو "المخترعة"، تعبيرًا عن حب الكرسي... حصل اللصوص على الذهب، و المجوهرات الثمينة، و ما طلبوه من نفائس؛ لصناعة الرداء الكاشف، و حصل السلطان و أتباعه و كل خائف على كرسيه على الوهم، و لم يقل الحقيقة إلا طفل رأت عينه بالقلب ما لم تره أعينهم بالعقل، الذي سكنه الكرسي. المهم أن السلطان المختَرَع صدق أنه سلطان جدير بكرسي السلطنة، ما دام رأى الوهم الذي اخترعه له من حوله حقيقيًا متجسدًا في كلماتهم و سلوكياتهم.

و لأن المقاعد في مصر حالة خاصة، سواء من حيث صناعتها، أو شروط الجلوس عليها، أو مغادرتها - إن كتب لمن جلس عليها الرحيل-؛ فإن مرحلة ما بعد الثورة شهدت و تشهد استمرارًا و تغييرًا عما كان قبلها. تغيرت الأسماء -ربما- بدخول أسماء جديدة لساحة اختيار الكراسي، و تغيرت الوجوه المستخدمة من قبل أسماء قديمة كانت تتولى الكراسي، و وضعت بعض المصطلحات الجديدة، أو طرق إلقاء جديدة لمصطلحات قديمة ضمن القاموس السياسي لخطاب ما بعد الثورة. و لكن المهم أن حالة الحب للسلطان و الكراسي استمرت ما بين الخيال و الاختراع، بما فيها من رؤية ملابس إصلاحية و ديمقراطية؛ لا تراها الأعين التي لم تعمها الكراسى بعد، بما يفسر جزء من حالة الجدل القائمة في المشهد الحالي، بين من يرى الكرسي و السلطان، و من ينكر وجوده، و من يخشى الرؤية، فيحتفظ بمساحة من الإغلاق الإجباري للعين و العقل و القلب؛ حتى يستطيع الاستمرار، باعتبار أنه خارج حساب صراعات السلطة، و ليس معني بها.

و على هامش الاختراعات التي تملأ المشهد المصري و تستحق براءات خاصة بها، و عودة للعصر الحديث؛ فإن الحياة في مصر بعد الثورة شهدت تطورًا نوعيًا و كميًا مهم. فمن جانب تطور الحديث عن "الفوتوشوب"، و بعد أن جاء استخدامه البارز قبل الثورة بشكل عرضي لتغيير مكانة رمزية للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في صورة لم تعبر إلا عن مكانة مفتقدة، تحول الفوتوشوب للمسئول الأول عن أحداث ما بعد الثورة، و أصبحت الكثير من جرائم ما بعد الثورة "وهمية"، و غير قابلة للرؤية، و مصنفة ضمن خانة الفوتوشوب. و بعد أن كانت عقود ما قبل الثورة تعتمد في تفسيرها للكوارث على فكرة أساسية؛ و هي الماس الكهربائي الذي تم التعامل معه لعقود على أنه المذنب الأول و المتهم الأساسي الذي كان يتم تقديمه في الكثير من الأحداث؛ أصبحنا أمام كائنات فضائية، و شخصيات ملثمة و هلامية، تدخل لساحة المعارك و تخرج منها دون أن يراها أحد، أو تصورها الكاميرات، و لكنها تسجل لنا بصمتها بالدم، و بالضرب في العين، ربما لأنها تختار من هو قادر على رؤيتها، أو ترغب في التصرف بشكل استباقي، و حصد العيون التي يمكن أن تراها، و أن تكتشف بعيون البراءة أن رداء السلطان ليس إلا بدعة، و أن السلطان نفسه ليس إلا وهم.

قد تطفئ عين اليوم... قد تذهب بالبصر ... و لكن ستبقى الحياة، و ستبقى الرؤية منبعها القلب، منبعها مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.