إعتماد تعديل المخطط الاستراتيجي العام لمدينتي القصاصين والقنطرة شرق بمحافظة الإسماعيلية    إنجاز طبى.. أستاذة قسم الأعصاب بقصر العينى أول مصرية تفوز بزمالة الجمعية الأمريكية    قرار من رئيس الوزراء بإسقاط الجنسية المصرية عن شخصين    وزيرا التعليم العالي والأوقاف يبحثان تعزيز التعاون مع بنك المعرفة المصري لدعم الأئمة والدعاة    الزناتي يفتتح عيادات طبية جديدة للمعلمين ويشهد تكريم 10 مديري مدارس بشمال القاهرة    إحالة 49 من العاملين المقصرين بالمنشآت الخدمية للتحقيق بمركزي الزقازيق والإبراهيمية    مصر والامارات تبحثان سُبل تعزيز التعاون في ملفات التموين والأمن الغذائي    محافظ الشرقية يلتقي رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية لتعزيز سبل التعاون المشترك    «الكوسة ب10».. أسعار الخضار اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 في أسواق المنيا    التنسيق بين الكهرباء والبيئة لتعظيم استغلال الموارد الطبيعية وتقليل الانبعاثات الكربونية    وزير الخارجية يستقبل مساعد سكرتير عام الأمم المتحدة ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية    القسام تستأنف البحث عن جثث جنود الاحتلال    نيويورك تايمز: أوكرانيا تواجه خيارا صعبا فى بوكروفسك    3 زلازل تضرب ولاية باليكسير غرب تركيا    وزير الخارجية السوري يعلن إعادة افتتاح سفارة دمشق في لندن    تعرف على نظام الملحق الآسيوي.. وطريق التأهل لكأس العالم    تحديد موعد قرعة دور ال 32 من كأس مصر    جراديشار يصدم النادي الأهلي.. ما القصة؟    عاجل- أشرف صبحي: عائد الطرح الاستثماري في مجال الشباب والرياضة 34 مليار جنيه بين 2018 و2025    لا جازيتا: أرسنال ينافس تشيلسي وريال مدريد على نجم يوفنتوس    مقتل مهندس نووي على يد صديقه في الإسكندرية ب7 رصاصات    موعد امتحانات نصف العام الدراسي 2025-2026 (موعد إجازة نصف العام 2025-2026)    السجن المشدد ل4 متهمين بسرقة سوبر ماركت بالإكراه فى قنا    السبت.. افتتاح جناح مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    الجريدة الرسمية تنشر تصديق الرئيس السيسي على قانون الإجراءات الجنائية    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    الأعشاب ليست بديلا آمنا للأدوية.. احذر وصفات السوشيال ميديا: بعضها ربما يكون سُما    في قلب الشارع.. قتل مهندس كيمياء نووية مصري ب13 رصاصة في الإسكندرية    نانسي سلام: الاستدامة والتصدير طريق صناعة الملابس الجاهزة للمنافسة عالميا    ساعية البريد: حين تحمل النساء هم تغيير العالم    رئيس الطائفة الإنجيلية يشيد بجهود محافظ أسيوط في تطوير مسار العائلة المقدسة    الدوسري خلال «خطبة الاستسقاء»: ما حُبس القطر من السماء إلا بسبب تقصير الناس في فعل الطاعات والعبادات    البورصة المصرية تعلن بدء التداول على أسهم شركة توسع للتخصيم في سوق    رئيس جامعة قناة السويس يكرّم الفائزين بجائزة الأداء المتميز عن أكتوبر 2025    الغنام: إنشاء المخيم ال17 لإيواء الأسر الفلسطينية ضمن الجهود المصرية لدعم غزة    اتحاد شركات التأمين: يثمن إتاحة الاستثمار المباشر في الذهب والمعادن النفيسة    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    متحدث الأوقاف: مبادرة صحح مفاهيمك دعوة لإحياء المودة والرحمة داخل الأسرة والمجتمع    بورفؤاد تدفع ب7 سيارات كسح لمواجهة أزمة غرق الشوارع بمياه الأمطار    «مبروك لحبيبتي الغالية».. فيفي عبده تهنئ مي عز الدين بزواجها    الوزير: مصر مستعدة للتعاون مع الهند بمجالات الموانئ والنقل البحري والمناطق اللوجستية    خبير لوائح يكشف سر لجوء اتحاد الكرة للجنة المسابقات لإصدار عقوبات السوبر    الداخلية تكشف الحقيقة الكاملة لفيديو "البلطجي وسرقة الكاميرات" في الدقهلية.. القصة بدأت بخلاف على الميراث!    زوج يقتل زوجته بعد شهرين من الزواج بكفر الشيخ    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    الأعلى للثقافة: مدونة السلوك خطوة مهمة لضمان احترام الآثار المصرية وتعزيز الوعي الحضاري    فيديو.. نايلة الخاجة: فخورة بمشاركة أول فيلم إماراتي طويل في مهرجان القاهرة السينمائي    مواعيد مباريات اليوم في جميع البطولات والقنوات الناقلة    المرشحون يستعدون لجولة الإعادة ب«حملات الحشد»    طريقة عمل البطاطا بالكاسترد بمذاق لا يقاوم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    إسرائيل تضغط لرفع الحظر الألماني على صادرات الأسلحة    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    المهن التمثيلية تصدر بيانا شديد اللهجة بشأن الفنان محمد صبحي    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفتنة الكبرى·· طبعة جديدة ومزيدة
نشر في المشهد يوم 07 - 12 - 2011

أخشى ان ربيع الثورات العربية قد أسلم قياده لرعيان الرجعية الخليجية، وطلاب الثأر القديم في تركيا العثمانية، وأعداء العروبة في المحافل الأوروبية والأمريكية والصهيونية، حتى بات المستقبل العربي مهددًا بأعاصير الفوضى غير الخلاقة، وملاحق جديدة لمؤامرة سايكس - بيكو، وخرائط إضافية للأطماع العدوانية الصهيونية، وعودة مشؤومة للوجود الاستعماري السافر والمباشر في الوطن العربي·
أخشى أننا نعيش هذا الأوان -على كامل الصعيد العربي- زمن "الفتنة الكبرى"، وان عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين يتأهب للعودة الى رحاب الحياة كي يكتب الجزء الثاني من كتاب "الفتنة الكبرى" الذي سبق له ان تحدث في جزئه الأول، منذ جملة اعوام، عن افدح الصراعات الاسلامية التي نشبت في وقت مبكر من التاريخ الاسلامي، بين الخليفة الراشد الامام علي، ووالي الشام معاوية بن ابي سفيان·
أخشى أننا نكابد فتنة مدبرة بليل، وملتبسة لا سابق لمثلها في التاريخ العربي المعاصر، حتى باتت محاولات سبر أغوارها والوقوف على حقائقها، تحتاج الى توصيفات وتعريفات ومعاجم ومساطر قياس جديدة ومبتكرة، نظرًا لما انطوت عليه هذه الفتنة الدامية والداهمة من اضطراب وانقلاب في القيم والمعاني والمعايير والمواقف والطروحات والتحالفات والاصطفافات التي كانت سائدة وراسخة حتى الامس القريب·
ورغم رهاننا الدائم على عبقرية امتنا، وإيماننا العميق بقدرتها على استنهاض ذاتها وفرض ارادتها وتصويب اخطائها ورسم معالم مستقبلها، الا ان كل ذلك لا يجوز ان يحجب عن ابصارنا وبصائرنا واقع الحال العربي الراهن الذي لا يبعث على الاطمئنان، او يحمل على الرضا والارتياح، بعدما دبت الخلافات واستعرت الصراعات حول الاحداث الجارية، ليس بين قطر وآخر، او حزب وثانِ، او حاكم ومحكوم فحسب، بل بين الابن وابيه، او الاخ واخيه، او الزوج وزوجته، او الصديق وصديقه، وذلك ضمن دوامة تناحرية اسقطت معظم القواسم المشتركة بين الناس، وذرت الكثير من الرماد في العيون، ودفعت بشدة نحو الوقوع في فخ الفتنة الكبرى·
غاب العقل الجمعي او الرشد العام·· اختلفت المواقف وانقلبت الادوار والاطوار والاقدار، فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، واذا الذي بينك وبينه تحالف وصداقة كأنه خصيم ذميم، واذا الذي لم يكن يوما نصيرا للثورة والحرية كأنه ارنستو جيفارا، واذا الذي لم يعترف طوال تاريخه بالديموقراطية او الدولة المدنية كأنه هارولد لاسكي، واذا الذي بالغ في هجاء امريكا وتحالفها العضوي مع العدو الاسرائيلي كأنه انور السادات الذي ما ان اشارت اليه واشنطن بطرف اصبعها حتى هرول نحوها طائعا ومنبطحا وضاربا عرض الحائط بكل قناعاته وتحالفاته القديمة·
اضطربت الصفوف، وانهارت التحالفات، وتناسلت الغرائب والمفاجآت، وتلاشت بين عشية وضحاها حصيلة جهود مضنية ومخلصة استغرقت قرابة عشرين عاما، للتجسير بين القومي والاسلامي، وبناء اواصر الثقة والمودة بين دعاة الوحدة ودعاة التوحيد·· ولم يعد من المستبعد ان نرجع القهقرى الى حروب داحس والغبراء السياسية التي اندلعت بين القوميين والاسلاميين منذ فجر الخمسينات حتى بواكير عقد التسعينات الذي شهد قيام اول مؤسسة شعبية ونخبوية مشتركة بين هذين الجانبين، تحت اسم "المؤتمر القومي - الاسلامي"·
واذا كان هذا الافتراق المؤسف قد وقع على مستوى الوطن العربي الكبير، فلعل ما وقع على الصعيد الداخلي الأردني ان يكون اشد فداحة واكثر مدعاة للاسف، حيث ادى تضارب المواقف من الازمة السورية الراهنة، الى تقويض وحدة قوى المعارضة السياسية، وتعاكس اقوالها وافعالها واصطفافاتها، وتقديم هدية ثمينة جداً للسلطات الحاكمة التي لم تعد فقط ترقب بسعادة غامرة ما يجري بين "الاخوة الاعداء" من خلافات وتجاذبات لم تكن تحلم بها، بل سارعت الى تسعيرها وتسميمها وقطع خط التراجع عنها، وذلك من خلال استرضاء فريق واستبعاد آخر، وتقديم الجزرة الى فصيل مقابل اشهار العصا في وجه بقية الفصائل·
وليس خافيا على احد ان زخم الحراك الشعبي، ومسيرة الاصلاح السياسي المتعثرة اصلاً، سوف يكونان اول ضحايا هذا الانقسام في صفوف المعارضة، وابرز الخاسرين والمتضررين من اي تقارب وتحالف بين الدوائر الحاكمة وبين الحركة الاسلامية، نظراً لان هذا التحالف المرتكز اولاً واساسا على وحدة الموقف من الاحداث السورية، سوف يعفي الدوائر الحاكمة من استحقاقات الاصلاح الديموقراطي والسياسي، ويساعدها على محاولة تصدير ازماتها الى خارج الحدود، وشد الانظار والاهتمامات الشعبية الى الاحداث الاقليمية بدل التركيز والاصرار على القضايا الداخلية والتطلعات الوطنية·
خلال الايام القليلة الماضية رأينا شيئا عجيبا، ولمسنا لمس اليد كيف التقى كتاب التدخل السريع الذين طالما تهجموا على الحركة الاسلامية، مع اقطاب هذه الحركة في مناشدة الدوائر الحاكمة قطع العلاقة مع دمشق، وطرد السفير السوري من عمان، والاعتراف بشرعية المجلس اللاوطني السوري، او بتعبير ادق "الاسطنبولي" الذي يعلم الداني والقاصي انه مجرد صنيعة ذليلة لجملة من الدوائر الاستخبارية الصهيونية والاستعمارية، وعلى رأسها المهووس اليهودي الفرنسي برنار ليفي الذي ما انفك يفاخر بانه الاب الروحي لثورات الربيع العربي·
لا لوم ولا تثريب على كتاب التدخل السريع القدامى والجدد، لأن دأبهم ودورهم مهاجمة كل قوى المقاومة والممانعة والجهاد في الوطن العربي·· اما "حلفاء الامس" فالمأمول ان يراجعوا انفسهم، ويعيدوا النظر في حساباتهم وتوجهاتهم الطارئة، حفاظا على ما تبقى من تفاهمات قومية - اسلامية وجدت تجسيدها في المؤتمر القومي - الاسلامي، وحرصا على بقية وشائج ائتلافية مع احزاب المعارضة الوطنية الاردنية ضمن اطار لجنة التنسيق العليا·
مؤكد اننا نقف جهارا نهارا مع سوريا، ونرتبط باوثق العلائق مع قيادتها الحكيمة، ونأبى ان ننكرها ونخذلها وقت الشدة، ونثق بوعود الرئيس بشار الاسد في الاصلاح السياسي والانطلاق الديموقراطي والعدل الاجتماعي·· غير ان هدفنا بالدرجة الاساس من هذا المقال ليس نصرة سوريا واعلان التضامن مع قيادتها، بل محاولة نصح وتبصير المراهنين في صفوف المعارضة على الحصان الخاسر، ثم تنبيه وتحذير المغامرين في صفوف الحكومة من التورط في الاحداث السورية·
ليس في صالح الاردن، ولا في طاقته، الدخول في صراع لن يقتصر على سوريا وحدها، بل سوف يشمل ايضا كلا من ايران وحزب الله، وربما العراق عقب الانسحاب الامريكي الوشيك·· وليس في مصلحة الاردن انتقال اية فوضى يمكن ان تعم الاراضي السورية الى ارضه وشعبه، ولعل احداث الرمثا الاخيرة خير شاهد ودليل·· وليس في طاقة الاردن وحده ردع العدو الصهيوني عن تنفيذ مخططاته على التراب الاردني في حال تفكك ظهيره السوري، لا سيما وان هذه المخططات والاطماع قد خرجت مؤخرا الى حيز العلن، وباتت واضحة للعيان وماثلة للتنفيذ فور توفر الظروف المناسبة·
-----------------------------------
عن جريدة " المجد" الاردنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.