لماذا خلق الله العينين فى مقدمة رأس الإنسان وليس فى مؤخرتها؟ أعتقد أن الله خلق العيون فى مقدمة الرءوس حتى ينظر الناس للأمام ولا ينظرون للخلف فى إشارة إلى التخلى عن الماضى من أجل النظر للمستقبل. عندما سمعت بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قام بتكليف رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور كمال الجنزورى ذى السبعة وسبعين ربيعًا رئيسًا للوزارة رقم 3 بعد خلع مبارك وعصابته من سدة حكم مصر، أدركت أن رؤية "المجلس العسكرى" تتجه للخلف، أى تنحاز للماضى، وليس للمجلس رؤية مستقبلية، ومن يعيش فى الماضى بالرغم من القوة الدافعة له للمستقبل لايستحق أن يتبوأ مكانًا محوريًا فى إدارة الدولة. وبعيداً عن تحفظاتنا على رجل انتمى لعصر مبارك وتورط فى مشاكل كبيرة، ولم يستطع أن ينتقد نظام مبارك بمجرد خروجه من رئاسة الحكومة بل التزم الصمت، وجاءته الشجاعة بعد خلع النظام، ولم يرفض تكليفه بالوزارة، واعتراضه لأسباب أهمها أنه ليس رجل المرحلة، ولم يساهم فى الثورة ولم يدعمها ولوبكلمة واحدة، بل كان واقفًا على الباب منتظراً دوره فى رئاسة وزارة "ميتة" فى مجلس لايعرف الصواب من الخطأ، الجنزورى بدا وكأنه "عبده مشتاق"، ورجل بتصرفاته يسئ إلى نفسه إن كان قد أحسن إليها سابقا، وهو الذى كان رئيس الوزارة الذى تم فى عهده مشروع "توشكى" الفاشل، وكان رئيسًا للوزارة وقت أن أهدى عاطف عبيد وزيره لقطاع الأعمال، محمية جزيرة البياضية بالأقصر لحسين سالم صديق مبارك ويحاكم عبيد بسببها الآن وكان من المفترض استدعاء الجنزورى للتحقيق معه، ولم يعترض "مسيو" الجنزورى على تصرفات عبيد الفاسدة، واليوم يقبل تشكيل الوزارة وهو يعتقد أنه يرد الاعتبار إلى نفسه بعد أن طرده نظام مبارك، ويظن أن ذاكرة الشعب مثقوبة وينسى بسرعة. مجموعة الجنرالات المكونة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بطريقة إدارتها واختياراتها تثبت أنها تسبح ضد تيار الشعب الجارف، وتتحدى قوته الدافعة فى اتجاه التغيير، وتعود به إلى غياهب الماضى وتتملكنا الحيرة فى التساؤل هل هذا مجلس القوات المسلحة المصرية؟.. لا حصانة لأحد ولاخوف من أحد والشهداء يتساقطون وعيونهم تُصفّى كما تُصفَّى خزانات المياه. عصابة مبارك أسست الدولة المريضة من خلال انتشار المبيدات المسرطنة فى الأغذية وإلغاء التأمين الصحى، والمجلس يعطى أوامره بتصفية عيون شباب الثورة فى محاولة لتأسيس الدولة الضريرة؟ الأول أراداها ميتة وهى على قيد الحياة وغير قادرة لا على الانتاج ولاعلى المقاومة، والثانى أرادها ألا ترى، كلاهما أرادها دولة مريضة غير مبصرة. وبفحص ما جرى ومايجرى ومانراه من مجلس أساء لأشرف مؤسسة عسكرية، تاريخها الوطنى أنصع بياضًا من جليد سيبريا. يا أيها القراء الأعزاء لاتقلقوا ولاتحزنوا فلا نخاف السجون ولا المعتقلات ونحن فى نهاية العقد السادس وأبناؤنا تفقأ أعينهم، ويقتلون ويسحلون فى الشوارع وتلقى جثامينهم فى القاذورات، لاشئ نخسره، ولكن يوجد مانكسبه بنضالنا وتضحياتنا واستشهادنا، والحل ليس بتشكيل حكومة جديدة ولكن برحيل مجلس السوء.