فشل سوريا في التعامل مع مبادرة جامعة الدول العربية، سيفرض على الجامعة اتخاذ إجراءات لا تملك القدرة على تنفيذها، هي هددت بفرض عقوبات اقتصادية على النظام السوري، لكنّ أحداً لا يستطيع ترجمة هذا التهديد، فضلاً عن أن الأممالمتحدة فشلت في تطبيق قرار العقوبات الاقتصادية على نظام صدام، وكانت بعض الدول الغربية على رأس المتاجرين بهذا القرار، وفرض عقوبات اقتصادية عربية على سوريا يعني - عملياً - سوقاً سوداء سيدفع ثمنها المواطن السوري الذي بدأ يعاني من شح الوقود والمواد الغذائية، بسبب الوضع الأمني. ثمة حال من التكاذب بين المعارضة السورية والجامعة العربية، الكل ينفي نفياً قاطعاً الدعوة إلى تدخل أجنبي، على رغم أن الجميع يعلم أن الوضع الحالي في سوريا يمكن أن يستمر سنوات، إذا لم يُحسم بتدخل دولي، فضلاً عن أن مبادرة الجامعة لمّحت إلى الاستعانة بمنظمات دولية. لا يوجد حل للأزمة السورية من دون تدخل، لكن الوقوف في منتصف الطريق حماقة، والجامعة ينبغي ألا تتحدث بمثالية لا تستطيع تنفيذها، وهي مدعوة إلى التمسك بمبادرتها القوية، والانتقال إلى حل يتجنب الغموض، والبدء بمشاورات مع المجتمع الدولي حول حل يضمن للعرب دوراً فاعلاً في تسوية الأزمة السورية، ومن دون تحرك بهذا المنحى سيجد اتهام الجامعة بأنها مدفوعة من الخارج، مَن يصدقه. بعض العواصمالغربية، وأنقرة، وطهران وحتى موسكو، بدأ يتحدث عن انزلاق الوضع في سوريا إلى "حرب أهلية"، وجاء الهجوم على مقر للاستخبارات السورية من قبل عناصر منشقة عن الجيش، وإقرار تركيا بأنها لا تستبعد اتخاذ إجراءات لإقامة منطقة عازلة أو فرض منطقة حظر جوي على حدودها مع سوريا، لتأكيد التحذيرات، الجميع أصبح يتحرك بانتظار وصول المبادرة العربية إلى طريق مسدود، وتحوّلها إلى باب يسمح بالنفاذ إلى الساحة السورية، وعلى رأس هؤلاء تركيا. ربما اختلف شكل التدخل في سوريا، لكنه آتٍ لا محالة، وتركيا ستكون بديلاً عن "الناتو"، لكنها تنتظر الضوء الأخضر، لذلك، على العرب عدم تمكين أنقرة من التفرد بالساحة السورية، مثلما تركوا العراق للهيمنة الإيرانية. لا أحد يطالب العرب بحشد الجيوش على الحدود السورية، والمطلوب أن يلعبوا الدور الذي تُهيَأ تركيا لتنفيذه. ---------------------------- عن صحيفة "الحياة" اللندنية