اختيار مدع عام جديد للمحكمة الجنائية الدولية خلفا للأرجنتينى لويس مورينو أوكامبو لا يعد عملاً سهلاً، إذ إن هذا المنصب يحتاج إلى خبير بالقانون الدولى يتحلى بنباهة شارلوك هولمز وقدرة ستيف جوبز على العمل. وسيقدم المدعى أوكامبو (59 عامًا) الأربعاء تقريرًا إلى مجلس الأمن الدولى عن الجهود التى بذلها لاعتقال المشبوهين بجرائم حرب، لكن الجهود ستتركز فى الأسابيع الأربعة المقبلة على اختيار من سيخلفه. وستنتخب "جمعية الدول الأطراف" خلال دورتها المقبلة من 12 إلى 21 ديسمبر فى نيويورك خلفا للمدعى أوكامبو الذى تنتهى ولايته فى يونيو 2012. وتضم هذه الجمعية الدول ال119 التى صادقت على وثيقة روما، المعاهدة التى تأسست بموجبها المحكمة الجنائية الدولية، وعهد إلى لجنة بحوث إجراء اختيار أولي للمرشحين من أجل تسهيل اختيار المدعى العام المقبل "بالتوافق" وانتخابه، وتقلصت إلى أربع لوائح كانت تضم أصلاً 52 مرشحا. والأربعة المشرحون هم الغامبية فاتو بنسودا المدعية العامة المساعدة حاليا فى المحكمة الجنائية الدولية، والقاضى التنزانى محمد شاند عثمان والبريطانى اندرو كايلاى والكندى روبير بتى. ويعتبر عدد كبير من الدبلوماسيين أن بنسودا وزيرة العدل السابقة فى غامبيا، هى الأوفر حظا. وسيبدأ المرشحون الأربعة حملتهم هذا الشهر فى مقر الأممالمتحدة للفوز بأصوات 119 بلدا موقعا على قانون روما، وستحاول هذه البلدان التوصل إلى اتفاق بالإجماع على مرشح واحد قبل الانتخاب الرسمى فى بداية ديسمبر. وقال ريتشارد غولدستون المدعى العام السابق للمحكمتين الدوليتين حول يوغوسلافيا السابقة ورواندا، إن "إيجاد الشخص المثالى ليصبح مدعيا للمحكمة الجنائية الدولية مهمة مستحيلة". وأضاف بارام بريت سينغ أحد مسئولى منظمة هيومن رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الإنسان، أن "المحكمة الجنائية الدولية تحتاج إلى رجل خارق أو امرأة خارقة". المدعى الذى سيخلف أوكامبو سيواجه فى الواقع صعوبات، فالمحكمة الجنائية الدولية تسعى فى الوقت الراهن إلى القبض على الرئيس السودانى عمر البشير المتهم بارتكاب إبادة فى دارفور. وتضم لائحة المحكمة الجنائية الدولية أيضا مسئولين كينيين كبارا وقادة ميليشيات فى جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتجرى المحكمة مفاوضات حول استسلام سيف الإسلام نجل الزعيم الليبى الراحل معمر القذافى. ومن الضرورى، أن تتوافر للمدعى الجديد معرفة عميقة بالقضاء الدولى. وبما أنه يجسد صورة المحكمة الجنائية الدولية، يتعين عليه أن يكون "مرنا مع وسائل الإعلام" لإيصال رسائل المحكمة إلى العالم، كما قال جولدستون. وأوضح سينغ "تحتاجون إلى شخص يفهم الطلبات التي تتمحور حول الاستقلال والحياد على الصعيد الدولى"، وقال جولدستون "بما إن لائحة المشبوهين الكبار طويلة تعد الدبلوماسية أمرا أساسيا أيضا". وأضاف "إذا كنت لا تفهم سياسة العدالة الدولية فلن تفهم العدالة الدولية، ولا تستطيع أن تنفصل عن السياسة، لأن المحكمة الجنائية الدولية تحتاج إلى التعاون الدولى". وأشار جولدستون إلى أن المحكمة الجنائية الدولية لن تلقى القبض فى الواقع على مشبوهيها من دون مساعدة الحكومات المعنية، ومن المقرر أن تنتخب جمعية الدول الأطراف أيضا ستة قضاة من بين 19 مرشحا خلال دورتها المقبلة.