كان لآدم عليه السلام أربعون ولدا، عشرون غلاما وعشرون جارية، فكان ممن عاش منهم هابيل وقابيل، وبعد قتل هابيل ولد لآدم شيث، وكان يدعى ود، وشيث – ود - هو وصي آدم، وتفسير شيث هبة الله، وإلى شيث تنتهي أنساب بني آدم كلهم، وقد جعله اخوته رئيسا وسيدا عليهم، وولد له سواع ويغوث ويعوق ونسر. وروى العلماء أنهم كانوا قوما صالحينمن بني آدم، وكان لهم اتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا حزن الاتباع ومكثوا جالسين عند قبورهم فوسوس لهم ابليس أن "لو صورناهم كان اشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا، وجاء اقوامهم من بعدهم، البس عليهم ابليس ان اباؤهم كانوا يعبدونهم، وكانوا بهم يسقون المطر، فعبدوعم . وقال ابن كثير في قصص الانبياءكان "ود" رجلا صالحا محبوبا في قومه، فلما مات عكفوا على الجلوس حول قبره في أرض بابل وحزنوا عليه حزنا شديدا وأصبحوا يزورون قبره دائما، ورأى ابليس حالهم هذا وجزعهم عليه فأراد أن يستثمر هذا الضعف فيهم فتشبّه بصورة انسان ثم قال لهم "اني أرى جزعكم على هذا الرجل، فهل لكم أن أصوّر لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه به؟". فقالوا: نعم. فصنع ابليس صنما شبيها ب "ود" فوضعوه في ناديهم فجعلوا يقدّسون الصنم ويذكرونه صباح مساء. فلما رأى ابليس ذلك منهم واطمأن الى غيّهم، قال لهم في خطوة جعلته يتمكن من عقيدتهم ويفسدهم "هل أجعل لكم في منزل كل منكم تمثالا مثله ليكون له في بيته فتذكرونه وتعبدونه؟" . قالوا: نعم. فصنع لكل أهل بيت تمثالا مثله، فأقبلوا على هذه الأصنام، التي حملت اسم الرجل "ود" ولما جاء أبناؤهم أدركوا ما يفعله الآباء، جعلوا يقلّدونهم فيما يصنعون بهذ التماثيل من عبادة وتأليه، ثم توالت الأجيال على عبادة الصنم ود ونسوا الرجل الصالح "ود بن آدم" الذي هو "شيث"، فجعلوه صنما يعبد من دون الله وبذلك استطاع ابليس أن يحول اسم الرجل الصالح الى رمز للوثنيّة والكفر، فكان "ود" أول ما عبد من دون الله، وما حدث مع ود حدث مع ابناءه سواع ويغوث ويعوق ونسر . وقد أضل ابليس بهذه الأصنام كثيرا من الأمم، التي استمرت على عبادة هذه الاصنام قرونا عديدة وفي اماكن شتى وصولا إلى زمان جاهلية العرب قبل الاسلام. وقد قال ابن عباس في تفسير ابن كثير، صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد ذلك، فمثلا "ود" كان صنما لبني كلاب بن الجندل، وأما سواع فكانت لهزيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما "يعوق" فكانت لهمدان، و نسر فكانت لحمير لآل ذي كلاع، وكلها قبائل عربية قديمة ، وهي أسماء قديمة لرجال صالحين عاشوا في زمن ما بين آدم ونوح، ويذكر أن نوحا قد ولد بعد مرور 1642 سنة من هبوط سيدنا آدم على الأرض .