في تسارع مذهل، اكتسبت حركة «احتلال وول ستريت» الاحتجاجية الشعبية ضد حي المال وقاطنيه من عمالقة الصناعة المصرفية والخدمات المالية الأميركية، أبعاداً سياسية محلية وعالمية بعدما دخل البيت الأبيض بكل قوته إلى جانب المحتجين، الذين أعلنوا بدورهم تضامنهم مع الشعب اليوناني و «كل الشعوب التي تناضل من أجل الديموقراطية والعدالة الاقتصادية». وجاء جانب من التطورات المثيرة بعد نجاح آلاف المحتجين، الذين يبدو أنهم لم ينعوا الحلم الأميركي فحسب بل أصرّوا على مرافقته إلى مثواه الأخير، باحتلال ساحة «فولي سكوير» القريبة من حي المال جنوب جزيرة مانهاتن، ثم صعّدوا حملتهم بالانتقال إلى ساحة «ليبرتي سكوير» المجاورة، حيث استخدمت أجهزة الأمن بخاخات الفلفل الحار والعصي في محاولة فاشلة لتفريقهم. وأعلن المشاركون على لسان الناطقين باسمهم، أن الهدف الأساس لحركتهم يتمثل في ما اعتبروه «جشع» نسبة الواحد في المئة من الشعب الأميركي التي تضم أقطاب وول ستريت وزبائنه الكبار وتملك ما يقرب من 40 في المئة من الثروة الأميركية. لكنهم أضافوا: «في اقتصاد عالمي يصبح الصراع ضد نسبة ال 99 في المئة المتبقية بالضرورة صراعاً عالمياً». لكن التطور الأبرز تمثل في إعلان وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر، تعاطفه مع المحتجين مبدياً في تصريحات له خلال مشاركته في «مهرجان واشنطن للأفكار» الذي نظمته مجلة «أتلانتيك» أول من أمس، تفهمه «للإحساس المتفشي لدى الأميركي العادي بضياع الفرص (الاقتصادية)»، معترفاً بمدى الشك الذي ينتاب الناس في «قدرتنا على فعل أشياء يمكن أن تعيد الاعتبار إلى مبدأ الفرصة الاقتصادية». ولا يبدو أن غايتنر قصد في عبارته شيئاً آخر سوى عجز الاقتصاد الأميركي عن توفير فرص عمل، على رغم مرور نحو سنتين على انتهاء «الركود العظيم». إلا أن اعتراف رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي بن برنانكي في لقائه الاعتيادي مع الكونغرس الثلثاء الماضي، بأن «إنقاذ وول ستريت من أزمة المال العالمية التي تسبب بإشعالها تطلب من المصرف المركزي الأميركي ضخ ما يزيد على 16 تريليون دولار من السيولة، ربما جاء مثابة سكب الزيت على نيران الاحتجاج». وحملت صناعة خدمات المال الأميركية البيت الأبيض وتحديداً الرئيس باراك أوباما شخصياً مسؤولية الحملة الاحتجاجية التي لا سابق لها والتي تحاصرها في عقر دارها، معتبرة استخدام أوباما عبارة «القطط السمان» تحريضاً مباشراً ضدها. لكن غايتنر انتقد موقف صناعة المال، إذ رأى أن انتقادها الرئيس أوباما «غير مبرر أو مفهوم، بعد كل ما فعلته الإدارة لإنقاذ قطاع المال من الأزمة». ----------------------- نقلا عن جريدة الحياة