لا يزال الغموض يحيط بالدور الذى لعبه المسلمون فى إنقاذ حياة بعض اليهود فى فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، لكن فيلماً جديداً سيبدأ عرضه هذا الأسبوع يلقى بعض الضوء على هذا الدور، الذى لا يعرفه كثير من الفرنسيين. فيلم "الرجال الأحرار" للمخرج إسماعيل فروخى سيبدأ عرضه فى باريس يوم 28 سبتمبر، يتناول الفيلم قصة قدور بن جبريت مؤسس مسجد باريس، الذى دافع عن اليهود والمتطوعين فى المقاومة أثناء الاحتلال النازى لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية. تدور أحداث الفيلم حول الشاب الجزائرى يونس المهاجر فى فرنسا، والذى يدير تجارة فى السوق السوداء، تقبض الشرطة على يونس وتجبره على التجسس على المسئولين عن مسجد باريس، الذين تشتبه سلطات النازى وحكومة فيشى فى أنهم يساعدون اليهود ومقاتلى المقاومة الفرنسية بمنحهم شهادات بأنهم مسلمون. يتتبع الفيلم حكاية يونس الذى يؤدى دوره الممثل طاهر رحيم وتحوله من إنسان ساذج إلى مقاتل من أجل التحرير. يأمل فروخى مخرج "الرجال الأحرار"، أن يساهم الفيلم فى تغيير نظرة الناس إلى المسلمين الذين انخرطوا فى المقاومة، لكن كتب التاريخ تجاهلتهم إلى حد بعيد. تختلف تقديرات المؤرخين لعدد اليهود الذين أنقذهم زعماء مسجد باريس، إذ يقول البعض أن ما فعله قدور بن جبريت أنقذ قرابة 1600 شخص من الموت، بينما لا يزيد العدد عن 500 شخص فى تقدير الآن بواييه المستشار السابق لوزارة الداخلية الفرنسية للشئون الدينية. ويصف المؤرخ بنجامين ستورا الذى قدم المشورة فى الجانب التاريخى لصناع فيلم "الرجال الأحرار" اليهود الذين أنقذهم المسجد، قائلاً "كان هناك.. يهود سفارديم يتحدثون العربية ومختنون، تمكنوا من الحصول على شهادات تثبت أنهم ينتمون إلى الدين الإسلامى، وربما كان ذلك ما أنقذ حياتهم، هذه الحقيقة معروفة جيداً، لا توجد وثائق تذكر لكن توجد روايات شهود". وعثر دليل بوبكر -المدير الحالى لمسجد باريس- على خطاب حرر عام 1940 يبين مدى الشكوك التى كانت تساور سلطات حكومة فيشى فى قدور بن جبريت، الرسالة كتبها وزير فى حكومة فيشى، وقال فيها إن سلطات الاحتلال النازى تشتبه فى أن المسجد يمنح شهادات ليهود بأنهم مسلمون.