* كتب كتب- حاتم زكي: صدر حديثا عن دار التنوير للنشر و التوزيع كتاب " الزحف المقدس ..مظاهرات التنحي و تشكل عبادة عبد الناصر " للدكتور شريف يونس مدرس التاريخ الحديث و المعاصر بجامعة حلوان . الكتاب يتناول بالتحليل كيف وصلت مصر عقب نكسة 1967 إلى تلك المفارقة العجيبة فبعدما القى جمال عبد الناصر خطاب التنحي عقب الهزيمة يهرع ملايين المصريين إلى الشوارع مطالبين بإعادة تولي الزعيم جميع مقاليد الحكم حتى تحقيق الانتصار و تحرير كامل الاراضي المصرية و العربية المحتلة . كيف تطورت علاقة المصريين بالزعيم جمال عبد الناصر لتصل إلى تلك المرحلة من التوحد بين الزعيم و الشعب . وبدلا من أن يتظاهروا حول مقر اقامته ثائرين و مطالبين بإعدامه أو اقالته على أقل تقدير .يتجمع المتظاهرون في الشوارع مرددين شعارات حماسية تختلط بالدموع و الصراخ و ربما العويل . شريف يونس يرصد مراحل تطور تلك العلاقة التي جمعت بين عبد الناصر و الشعب المصري بداية من اقتحام البكباشي جمال عبد الناصر للساحة السياسية المصرية .تلك الشخصية الغامضة التي كان هناك كثيرون يكنون لها أعمق الكراهية لله في لله على حد قول الكاتب الصحفي مصطفى أمين و حتى تحوله إلى زعامة كارزمية تأسر قلوب المصريين و العرب و شعوب العالم الثالث . يشير يونس بداية أن الضباط الأحرار القادمين من خلفيات سياسية فاشية تكره مظاهر الديمقراطية الليبرالية التي شهدتها مصر و ترى أن التعددية الديمقراطية كانت سببا جوهريا لما شهدته مصر من أزمات و مشاكل . وان مخرج مصر من الأزمة المزمنة التي تعاني منها يكمن في القاء الديمقراطية في أقرب صندوق قمامة و عسكرة المجتمع ثقافيا و نفسيا و قد سعى جمال عبد الناصر و رفاقه إلى تأسيس هيئة التحرير لحشد الجماهير خلف شعارات "الاتحاد و النظام و العمل " في محاولة لتقديم مشروع سياسي جامع لكل المصريين بدون الانقسامات المعتادة حول الاحزاب . يوضح يونس كيف قبض العسكر على مفاصل الاعلام و الصحافة و الثقافة في مصر عبر تقليم أظافر الصحفيين المعارضين و اقرارهم بالرقابة على الصحافة و تأكيد عبد الناصر على توجيه الصحافة إلى رصد و بحث مشاكل المصريين و الرقابة على أجهزة الدولة البيروقراطية و كأداة في تعبئة المصريين . و يستمر يونس في تشخيصه لسر هذا التوحد بين عبد الناصر و المصريين فيشير لدور معارك ناصر السياسية مع الاستعمار و كيف استخدمها عبد الناصر ليظهر للمصريين كيف تغيرت مصر الذليلة لتتحول إلى دولة محورية في الشرق الاوسط و العالم الثالث تتهافت الدول على لقاء زعيمها . و تستمر الرسائل الى عقل الشعب المصري ان عبد الناصر هو باعث النهضة القومية العربية برغم الاخفاقات المتوالية . و الاعلام المصري لا يزال يلعب على نفس الوتر و يصدر الأوهام إلى المصريين و يختار من الصحف الاجنبية اخبار مثيرة مثل أن مصر هي خامس دولة ذرية فى العالم و ان مصر تستطيع محو اسرائيل حتى وقعت الواقعة بالهزيمة المدوية فى 5 يونيو 1967 . وفي الخاتمة يصل لتشخيص واضح لمفارقة الهزيمة الفادحة و التشبث بالزعيم ان الاستبداد الناصري الممنهج بدافع من روح رومانسية ترى إمكانية اعادة خلق امة متجانسة بلا صراعات كان السبب في تلك المحنة التي عاشت فيها مصر .فالمجتمع المصري خضع طوال فترة حكم جمال عبد الناصر إلى عمليات الهندسة الاجتماعية و السياسية و النفسية كان لابد أن يبكي انهارا من الدموع حتى لا يهجره الأب في واقع موحش لا يرحم Tags: * دار التنوير * كتاب * شريف يونس مصدر الخبر : البداية