لم يتوقف الفساد بقطاع الكهرباء على الإهمال الفنى والمالى والإدارى،وإهمال صيانة محطات إنتاج الكهرباء، وإنما استشرى وتوغل إلى داخل المساكن والاستراحات الخاصة بالعاملين ورؤساء الشركات بالقطاع.. فعلى سبيل المثال.. محطة كهرباء النوبارية التابعة لشركة وسط الدلتا لإنتاج الكهرباء، والتى تعد من أكبر المحطات المنتجة للكهرباء بمصر بمعدل 2500 ميجا وات، تعانى فسادًا وإهدار مال عام بالملايين، خاصة بالمستعمرة السكنية التابعة للمحطة. قال المهندس شريف بدر - أحد العاملين بالمحطة إنه تم انشاء مستعمرة للعاملين على أحدث طرز المبانى، بتوفير جميع الإمكانيات المعيشية، وتوفير وسائل المواصلات، وكان شرط التعاقد تواجد جميع العاملين بمساكنهم، بحيث إذا ما تطلب الأمر استدعاء أحد مهندسى الوردية في حالة حدوث أي عطل بالمحطة يمكنه المجئ فى الحال، لكن الوضع الحالي أنه لا يوجد بالمستعمرة سوى 5% من ساكنيها، والنسبة الباقية كله بقيت في مساكنها الخاصة؛ وهو ما اعتبره المهندسون إهدارا للمال العام، لاسيما مع اكتمال دائرة الفساد بغياب الرقابة، فرغم توافد لجان المعاينة من وقت إلى آخر، إلا أن كل لجنة جاءت كانت تغض بصرها عن عدم تواجد جميع السكان. من ناحية أخرى، وقع حريق بمحطة الأتوبيسات التابعة للشركة، وبسبب الإهمال خسرت الشركة فى هذا الحريق 7500 ألف جنيه. بالإضافة إلى ما سبق، فإن الوزارة تمتلك عشرات المدن السكنية بالقرب من منشآت الكهرباء تضم آلاف الشقق والفيلات كاملة المرافق والخدمات، لا يسدد ساكنوها من العاملين التابعين للقطاع أية مبالغ مقابل السكن أو المرافق. ورغم أن هذه المساكن أنشئت في الأساس بهدف تسهيل العمل فى محطات الكهرباء، ولكي يقيم المهندسون والفنيون بها، لسهولة وصولهم إلى مواقع العمل فى حالة الطوارئ، ورغم مخالفة هذا الهدف وإقامة المهندسين في سكنهم الخاص بعيدًا عن مواقع العمل، ورغم وجود آلاف الشقق والفيلات التي لا يسدد من يقيمون بها أية مبالغ.. رغم كل هذه المخالفات، فإن توزيع الوحدات السكنية ما يزال مستمرًا حتى الآن، دون مراعاة حاجة العمل أو تحقيق الهدف الذى بنيت من أجله هذه الوحدات، ولا يتم إخلاء الوحدات السكنية من قاطنيها العاملين بالكهرباء عند بلوغهم سن المعاش، حتى أصبح الكثير من هذه الوحدات مسكونًا بأرباب المعاشات أو ورثتهم الذين لا تستفيد الوزارة منهم بشيء. ونظرا لمجانية السكن والمرافق، أصبح من يحصل على مسكن بدون حق ولا يحتاج له يقوم بغلقه ولا يتركه لمن يستحقه حتى يستفيد منه، لأن استهلاك الكهرباء والمياه بهذه المستعمرات مجاني تتحمله الوزارة بتكلفة ملايين الجنيهات شهريا. ونتيجة لمجانية الكهرباء أيضًا، فإن ساكنى المستعمرة يقومون بتركيب أجهزة تكييف فى جميع الغرف، كما يستخدمون الأفران الكهربائية الضخمة بكثافة، وفى أوقات الذروة الصيفية لا يتم قطع الكهرباء عن المستعمرات عند تخفيف الأحمال مثل باقى مواطنى الشعب المصرى. وبالإضافة إلى ذلك، فإن من يحال إلى المعاش من العاملين، لا تلزمه الوزارة بإرجاع استراحته وتبقى معه ليتوارثها أقاربه بدون وجه حق؛ وعلى سبيل المثال، فإن المهندس محمود بلبع - الوزير السابق للكهرباء، ما زال يسكن فى استراحته بميدان رابعة العدوية، والتى كانت مخصصة له من قبل القطاع أثناء توليه الوزارة، رغم أنه من المفترض أن يسلمها بعد تركه المنصب مباشرة. إضافة إلى إقامة رئيس منطقة غرب الدلتا لنقل الكهرباء، رغم خروجه إلى المعاش أيضا العام الماضى، باستراحة الشركة المصرية لنقل الكهرباء بشارع مصطفى كامل بالإسكندرية. وقد كشف مصدر مسئول بشركة كهرباء البحيرة فى تصريحات خاصة "للمشهد" عن استيلاء المهندس رمضان عثمان - رئيس الشركة السابق على شقة الشركة التى يزيد ثمنها عن مليون جنيه، وكانت تستخدم كسكن إدارى للعاملين، وكانت خاصة به أثناء عمله بالوزارة، ويزيد ثمنها عن مليون جنيه، موضحًا أنه من الناحية القانونية يجب تركها فورًا لها، لأنه أحيل إلى المعاش وصرف جميع مستحقاته المالية، ولكن المسئولين بالوزارة لا ينظرون في هذه المخالفات ولا يفتحون باب التحقيق فيها.