القفا في معجم المعاني الجامع هو مؤخرة العنق وهو عكس كل وجه أو نهايته ...ويقال عيناه في قفاه أي : منهزم و خائف . والقفا في التراث المصري العظيم له معنى مختلف ...بل أن المصريين بس هم اللي عملوا للقفا ده موضوع كبير وحولوه من مجرد جزء من الرقبة في جسم الانسان الى فلسفة حياة ... القفا أولاً يستخدم في الشتيمة ووصف الحال عند بعض الناس ...يعني اذا حد قال لك ياقفا...ده معناه انه يقصد حاجة عيب مش كويسة بس هو مؤدب شوية وماقالش كل اللي عايز يقوله ...وفضّل الإكتفاء بالجزء الأعلى من الجسم ...والمقصود ان حضرتك مالكش لازمة ...وربما كمان انك معرّض للضرب في اي لحظة دون مقاومة منك ... ده الاستخدام التاني للمصطلح ...الضرب ع القفا ...وهو مصطلح مصري صرف أيضاً إذ يحمل الكثير من المعاني ، فلا يوجد شعب في العالم يستخدم القفا كالمصريين ... هو أولا سلوك مغرق في الإهانة ...تأثيره أكثر بكثير جداً من الضرب على الوجه أو أي منطقة أخرى في الجسم ....الضرب على القفا رسالة جسدية لايكون الغرض منها الإيلام بقدر ان يشعر المضروب بالإهانة ولهذا استخدمت تلك الطريقة في مختلف أقسام البوليس ربما من أيام ماكان اسمهم عسس ......لسهولة التحكم في الضحية سواء كان لص أو معارض للحاكم ... الضرب على القفا أيضاً قد يستخدمه بعض الظرفاء للمزاح ...فتجد الكف قد لسع القفا والمضروب يتلمس مكان الضرب في مشهد دراماتيكي كلاسيكي شهير بينم الضارب يولي الادبار سواء جرياً إذا كان يشعر بالتساوي مع المضروب أو كان واحد صاحبه .... أو وقوفاً في انتظار رد الفعل كما حدث مع فريد شوقي في أول فيلم سوق الخضار ...والمليجي في آخره...... ورغم سمك جلد القفا وقدرته على تحمل الكثير من الصفعات ...إلا إن وقع وتأثير الضرب عليه مختلف...كمان أهميته وقيمته في إن الضربة تكون مفاجئة ومش متوقعة بالمرة ...ياخدها المضروب فيستفوجأ ...وينظر خلفه باحثاً عن الضارب وهو في نفس اللحظة يتحسس قفاه بشكل تلقائي .. كل اللي فات ده كان عن القفا الفردي ...اللي بين اتنين ...ممكن يكونوا بيهزروا وهيصطلحوا بعد شوية ...وممكن المضروب يرد ضربته وصاحبه بيضحك ويحاول يتفادى الكف لكن فيه حاجة اخترعها المصريين كمان اسمها القفا الجماعي ....وده علشان يحصل محتاج ظرف ذاتي وموضوعي زي ماقال المرحوم كارل ماركس ... القفا الجماعي ده بيكون تأثيره أعمق وأكبر وأعظم .....ممكن يوقّع أنظمة وينزّل حكام من على عروشهم يرميهم في الأرض ...ولهذا كان يوم 15 ابريل مختلفا القفا في كل بلاد الدنيا حاجة وعند الشعب المصري حاجة تانية خالص.. القفا في أي بلد عبارة عن قاعدة يرتكز عليها الإنسان كي تعلو هامته، ويتألق جبينه، ويرتفع رأسه إلي عنان السماء، لكنه عندنا «مسخرة» له أمثال ونوادر وحكايات ويقاس به قدرة الإنسان علي التحمل في حين من المفترض أن يكون «القفا» عند أي بني آدم هو تلك المنطقة التي تعلو الظهر ويحظر الاقتراب منها، لكنه عند بعض الناس ليس مجرد منطقة معزولة تغطيها ياقة قميص، فالسيد أمين الشرطة يتعامل معه باعتباره منطقة نفوذه التي يعبث بها كيفما يشاء ويتأكد عن طريقها من قدرات الشخص «المضروب عليه» علي التحمل.. في حين أن الحلاق يعتبره فرصة لإظهار قدراته لأن البني آدم عنده «مجرد قفا».. أما الفنان فيري أنه يكشف قدراته علي الظهور بصوته فقط ليعرف مدي تأثيره لدي الجمهور.. بينما يتعاطف عالم النفس معه ويعتبره مكانًا الاقتراب منه جريمة.. لكنه في نظر الساخرين مكان «يهلك من الضحك».. وفي الأمثال «خدنا إيه من وشك عشان تدينا قفاك».