قضت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى، برئاسة المستشار يحيى دكرورى، اليوم الثلاثاء، بتأييد قرار رئيس جامعة القاهرة بحظر عمل المنقبات بالجامعات. كان المحامى أحمد مهران، قد أقام 4 دعاوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، وكيلًا عن 80 باحثة منتقبة بجامعة القاهرة، لإلغاء قرار الجامعة رقم 1448 لسنة 2015، بشأن حظر النقاب لأعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة من طلاب الدراسات العليا، داخل المعامل البحثية، ومراكز التدريب العلمية لطلبة الدراسات العليا. واختصمت الدعاوى المسجلة بأرقام 2486، و2491، و2492، و2495 لسنة 70 قضائية، رئيس جامعة القاهرة، الدكتور جابر نصار، بصفته القانونية. وأودعت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري، حيثيات حكمها بتأييد قرار رئيس جامعة القاهرة بحظر عمل المنتقبات أثناء العمل بالجامعات. وقالت المحكمة إن حرية الفرد في اختيار ملبسه تندرج ضمن الحرية الشخصية التي كفلها الدستور، ولا يتقيد الفرد العادي بأي قيود تفرضها عليه جهة الإدارة، وله أن يرتدي ما يروق له من زي، إلا أنه مع التسليم باتساع مساحة حرية الفرد في اختيار ملابسه، فإن هذه الحرية ليست مطلقة من قيد، وإنما عليه أن يمارسها في حدود احترام الآداب العامة. وأشارت الحيثيات إلى أنه إذا كان يتمتع الموظف العام من حرية اختيار الزي الذي يرتديه أثناء عمله، بشرط أن يتوافر في الزي المحترم اللائق بكرامة الوظيفة، إلا أن هذه الحرية قد تحمّل بقيود تنص عليها القوانين واللوائح أو القرارات الإدارية أو العرف الإدارى أو تقاليد الوظيفة، فعلي سبيل المثال يلتزم ضباط القوات المسلحة والضابطات فيه بارتداء الزي الذي يحدده القائد العام للقوات المسلحة. وذكرت أن قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذيه لم يتضمنه نصاً يلزم أعضاء هيئة التدريس وغيرهم من المدرسين المساعدين لارتداء زي مخصوص، إلا أن الزى الواجب على أعضاء هيئة التدريس ارتدائه يتحدد في ظل نص الماده 96 من قانون تنظيم الجامعات، الاعتبار الأول هو ما ألزمت به تلك المادة أعضاء هيئة التدريس من التمسك بالتقاليد الجامعية، فيتعين عليهم فيما يرتدون من ملابس احترام التقاليد الجامعية، وأن يلتزم عضو هيئة التدريس بارتداء الروب الجامعي فوق ملابسه أثناء المحاضرات، والاعتبار الثاني هو ما تنص عليه المادة 96 من التزام أعضاء هيئة التدريس بتدعيم الاتصال المباشر للطلاب، بما يعني ألا ينعزل عضو هيئة التدريس عن الطلاب ولا يحجب نفسه عنهم أثناء المحاضرات، وغير ذلك من الأنشطة الجامعية. ولفتت المحكمة إلى أن الزي الذي يحق لعضو هيئة التدريس أن يرتديه يجب أن يتحقق فيه احترام التقاليد الجامعية، وألا يكون من شأنه حجبه عن الطلاب، ومنعهم من رؤيته بشكل مباشر. واستكملت أن رئيس جامعة القاهرة أصدر القرار المطعون فيه بأنه لا يجوز لعضوات هيئة التدريس والهيئة المعاونة بجميع كليات الجامعة إلقاء المحاضرات وهن منتقبات، وذلك حرصاً على التواصل مع الطلاب، وأن هذا القرار قد صدر وفقاً للسلطة الإدارية المنصوص عليها في المادة 26 من قانون تنظيم الجامعات، والتي تمنحه إدارة شؤون الجامعة، وتتضمن وضع قواعد عامة مجردة في شأن الزي الذي تلتزم عضوات هيئة التدريس والمدرسات المساعدات والمعيدات بارتدائه أثناء إلقاء المحاضرات. وقالت المحكمة إنه من تقاليد الجامعة التي أرستها أجيال متعاقبة من العالمات الفضليات، بمن تخصصن في علوم الدين والفلسفة الإسلامية والتصوف، وتخرج على أيديهن أجيال من الدارسين في مصر والوطن العربي، أنه لم تحجب واحدة منهن وجهها عن طلابها بإخفائه خلف النقاب، كما أن قيام بعض عضوات هيئة التدريس بارتداء النقاب أثناء المحاضرات لا يتحقق معه التواصل المباشر وهو الأمر المخالف لنص المادة 96. وردت عن الدفع بأن قرار جامعة القاهرة مخالف للشريعة الإسلامية وحرية العقيدة، قالت المحكمة إن هذا غير صحيح لأن المحكمة الدستورية العليا انتهت في قضائها في أن زي المرأة يخرج عن الأمور التعبدية، وأن لولي الأمر السلطة الكاملة في تحديد رداء المرأة، وأن تنظيم جهة الإدارة للزى لا يخالف حرية العقيدة، وإنما يدخل في دائرة التنظيم المباح. كما قضت المحكمة الادارية العليا بأن قيام جهة الإدارة بوضع تنظيم الزي في المؤسسات التعليمية لا يكون غطاء رأس الفتاة كاشفًا عن وجهها فقط، يندرج ضمن السلطة التقديرية لجهة الإدارة ويعد قراراً مشروعاً. كما استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على الحكم بمشروعية قرار جهة الإدارة بمنع طالبات الجامعات من دخول الامتحانات وهن مرتديات النقاب. وأكدت المحكمة أن قرار رئيس الجامعة لا يشوبه إساءة استعمال السلطة، ولم يتبين لها أنه قد صدر لتحقيق مصلحة شخصية أو بقصد الانتقام، كما لا يتضمن القرار المطعون فيه أي انتهاك أو مساس بعورات هيئة التدريس، لأن المستقر عليه في قضاء محكمة النقض أن وجه المرأة ليس عورة من عورات جسدها. وأوضحت المحكمة أن هناك فرق بين الأحكام الإدارية العليا السابقة بإلغاء بعض القرارات التي حظرت ارتداء النقاب، وبين هذا القرار المطعون فيه، لأنه صدر في شأن علاقة وظيفية تنظيمية تسمح لجهة الإدارة، طبقاً للقانون، بتنظيم الزي بما يرعاه التقاليد الجامعية، أما القرارات التي تم إلغاؤها كانت تتضمن حظراً مطلقاً على ارتداء النقاب، بينما يتضمن هذا القرار تنظيم ارتدائه في أوقات وأماكن معينة بالجامعة. واختتمت المحكمة أن الأماكن التي حظر فيها قرار رئيس الجامعة هي محاريب علم لا يرتادها عوام الناس بمن فحشت أخلاقهم، حتي تخشى المدعيات منه، وإنما يروهن طلاب وطالبات العلم.