كثيراً ما سَمِعَت من بعض أصدقائها وأيضاً أقربائها أسماء عقاقير مختلفة ، كلها من فصيلة المهدئات ومضادات الإكتئاب.. كانت لا تلتفت للأمر أو لا تدعه يعلق بذاكرتها ، فدائماً ما اعتقدت أنه طريق محفوف بالمخاطر، قد يكون مفترشاً براحة زاهية، لكنها مؤقتة، لا تقدم خلاصاً حقيقياً من سكرات المتاعب ومنغصات الأقدار. تمر الأيام وتغدو بها بين منحنياتها، وإذا بها الهموم تتكالب على عقلها وتُثقِل روحها، فتجد ذلك الأخر الذى ترهبه دوماً ينتفض بداخلها ويخلق له ممراً محزناً كى يطفو على كل ردود أفعالها.. تختنق طيلة الوقت.. تعجز عن استيعاب ما يمر بها.. تفشل كل وسائلها الطبيعية فى تسكين آلامها.. وتقف ذاتها مكدسة متهاوية أمام أعبائها الأضافية التى دفعتها جدياً للتفكير بدخول هذه المغامرة.. أو بالأحرى تلك المقامرة . لكنها لا تعرف إذا ما وطئت أقدامها عالم الكيمياء، هل سيمكنه ضبط كيمياء جسدها أم سيربكها (مع العلم) أن روحها هى التى أصبحت فى مهب الريح؟ هل سيُفقِدها ذلك العالم انفعالاتها أم سيُخَفِف أعاصيرها فحسب؟ أستكون ذلك الأخر الذى لا تعرفه أم ستبقى تلك ( الأنا ) التى دائماً ما زهت بها ؟ هل تقتنص فاصلاً ناشدته كثيراً ولم يأتِ أم ستدخل بأقدامها كهف البلادة هرباً من بركانية ردود الأفعال؟ والأهم أستعود تُفرغ ذاتها وقت الضيق كيفما اعتادت أم سيمقُتها قلمها ويتهمها بالأسر والإساءة ؟ هنا تتوقف .. بل تنتبه .. تواً تستفيق .. ليست وحدها ، نعم ليست وحدها .. هناك مَن توجب عليها استئذانه.. إنه (قلمها) الأقرب دوماً ..تستشعره حزيناً غاضباً، يعاتبها متسائلاً :" تواً تذكرت .. آلا تدرين كم ستكلفنى مقامرتك ؟ قد أدفع ثمنها من محبرتى .. قد أسدد فاتورة هدوءك المصطنع من دمائى الدافئة، فلن تعد تحتفظ بعد بدرجات حرارة تبقينى على قيد الحياة لأنطلق كسابق عهدى.. لا تفعلى لأجلى.. لا ..لا " تَعلق دقائق بفضاء الصمت وتقول لنفسها: "حقاً .. قد أرث مع راحتى المؤقتة سكينة جوفاء صماء بكماء تفرز من إعاقتها الكثير على قلمى الذى اعتاد آلا يتحرك على أوراقى إلا بدافع الاستثارة، فهو قلم لا يقتات بل يمارس هوايته فحسب.. قد أصرعه بمحاولاتى اليائسة كى أتلَمَس قدراً من السكون المستَجلَب ". هنا يستبد بها ذلك الصداع النصفى الذى لا يختفى من ساحة يومها سوى بالمسكن المنضبطة سويعاته، فلو أخلفت الميقات بارزها الألم بضراوة حتى ينتهى بها الحال إلى نشوة تناول المسكن بإرادتها طمعاً فى راحة من ذلك الفتك السافر برأسها . وتظل الحيرة تُعلِقها فى منتصف الطريق.. لكنها حتماً قررت آلا تُصادر وستخوض التجربة بضمير سليم، قد يَخلُفها الظن وتتلمس راحة تُضفى على قلمها مزيداً من الحركة والمرونة بعد أن وَجدَته مكبلاً بأعبائها، لا يقوى على تحريرها أو فك أغلالها من سواعده، فيغفر لها ذنبها .. قد تجد ملاذاً يستحق إذا ما قارنته بحالتها الآنية.. المزيد من علامات الاستفهام ترتسم أمامها وحتماً يدفعها الإجهاد القاتل لحسم الردود، فقد علمتها الأيام أن الألم الطويل لا يرحل من تلقاء نفسه.. قد تكون صيانة الذات بمساعدات خارجية أفضل حال من تركها فريسة لإرادة تستجير وتخشى الرحيل ... وللحديث بقية !! المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية