الحياة بعمومها هي سلسلة من التجارب البشرية وتراكم نتائجها ومن ثم ممارساتها. هي تجارب الإنسان مع ذاته ومع الآخرين ومع الطبيعة. ومن تراكم وترابط الفعل ورد الفعل تأتي ثقافة الشعوب. وتبقي الإشكالية الأزلية في تقييم التجارب ونتائجها، إما بالاحتكام إلي مرجع مطلق حاكم أو بالمقارنة الثنائية مع نظائرها ومثيلاتها المشتركين في بعض أو كلّ سماتها. نعيش الآن تجربة الحرب اللبنانية التي يتم تسويقها إعلاميا غربيا (ومن في معيتهم) علي كونها حربا بين دولة إسرائيل ومنظمة حزب الله الشيعي (المصنف إرهابيا في أدبيات العالم الغربي) وهي في حقيقتها صراع "إرادة" بين مقاومة إسلامية ووطنية لبنانية (شيعية في أغلبها وسنية ومشاركة شيوعية، وأخيرا علمنا أن هناك أيضا مشاركة مسيحية رمزية) وبين كيان استيطاني استعماري. الحرب لم تنته بعد ولكن بشائرها تنضح بنتائجها من بين النار والدخان والغبار ورائحة الدم وحسابات الخسائر والمكاسب المادية والمعنوية- سياسية كانت أم عسكرية. التجربة اللبنانية تفرض نفسها بنتائجها علي تجارب عربية مثيلة أقربها التجربة العراقية في الجوار الشرقي (البعد المكانى) والتجربة المصرية (حرب أكتوبر) في الجوار الغربي (البعد الزمانى). * * * * * * * * * * * * * * * * * * أمريكا في العراق وإسرائيل في لبنان نجحت أمريكا في تقسيم العراق افتراضيا إلي مناطق ثلاث بفرض الحظر الجوي بين خطين أفقيين بعد حرب العام 1991 (تحرير الكويت)، الشمال الكردي والوسط السني والجنوب الشيعي، ثم استثمرت التأييد الشعبي الأمريكي والعالمي والحشد العسكري بعد أحداث 11 سبتمبر في إسقاط السلطة العراقية (بعد الأفغانية) في العام 2003. كان الهدف المعلن هو إرساء دعائم نموذج ديمقراطى في المنطقة عن طريق التسييل وإعادة التشكيل. لم يأتي قرار حل المؤسسات العراقية اعتباطا ومن أهمها وعلى رأسها المؤسسة العسكرية. سقطت الدولة العراقية وعمت الفوضى وعجزت الإدارة الأمريكية عن "عقلنة" تلك الفوضى التي أحدثتها عامدة متعمدة. والنتيجة أن الإمبراطورية الأمريكية وجدت نفسها في أتون وجحيم المقاومة الوطنية العراقية (السنية والشيعية) وليس مجرد مستنقع كما يتردد. ساهمت أمريكا في ترسيخ التقسيم الطائفي الذي بات شبه واقع مادى في إطار مخطط الشرق الوسط الكبير الذي يراد له أن يحيل المنطقة إلي مؤسسة أعمال كبري بإدارة إسرائيلية ورؤوس أموال خليجية وموارد مائية تركية وموارد بشرية مصرية، ويذوب التاريخ ويلغي وتتحول الجغرافيا إلي كنتونات عرقية وطائفية تكون أشبة بمحلات ودكاكين في "مول" تجاري كبير. سخرت إسرائيل من التعثر والفشل الأمريكي في الجحيم العراقي وتعالت أصوات متهكمة من داخلها ومن روافدها في الولاياتالمتحدة تطالب الأمريكان بالاستفادة من نجاحات "التجربة الإسرائيلية" في المنطقة العربية. وصل الأمر إلي إنشاء مؤسسات أعمال إسرائيلية متخصصة في الدروس النظرية والتدريبات العملية في مقاومة الإرهاب العربي (!!). كان المدرسون والمحاضرون والمدربون عسكريين إسرائيليين سابقين، وكان الطلاب هواة من أمريكا وأوربا ومحترفين من طلاب العمل في الشركات الأمنية العاملة في العراق وغيرها (وهو الاسم الحديث للمرتزقة). وجاءت التجربة اللبنانية لتتجرع القوات الإسرائيلية المدرعة من أخمص قدمها إلي قمة رأسها الذل والهوان في ربوع لبنان. خسرت إسرائيل في أقل من الشهر حوالي الخمسمائة قتيلا وجريحا من العسكر النخبة (110 قتيلا حتى الخميس 10 أغسطس 2006) وحوالي الخمس وسبعين دبابة ميركافا وانهال علي مختلف مدنها أكثر من 3500 قذيفة صاروخية جعلت سكانها يتذوقون ولأول مرة معني الحرب والقتال والمعاناة والآلام. خسائر إسرائيل عظيمة بالنسبة لحروبها السابقة اللبنانية بالخصوص والعربية بالعموم (خسرت إسرائيل حوالي ثلاثة آلاف قتيلا وجريحا منهم أكثر من ستمائة قتيلا في حرب لبنان 1982 – 2000م، أي في حوالي اثنتي عشرة عاما). خسائر إسرائيل في لبنان وحدها أضعاف خسائرها أمام الجيوش العربية النظامية (أمام سبعة دول في عام 1948، وثلاثة دول في العام 1967، وأمام مصر في حرب الاستنزاف 1968 إلي 1970، وأمام دولتين كبيرتين ومشاركة عراقية في العام 1973). لمقتل العسكر النخبة وقع خاص جدا في صفوف القوات المسلحة. شهدنا ولمسنا ذلك في مقتل بطل الصاعقة المصري المقاتل "سند" في جبال اليمن (في الستينات) برصاصة "دمدم" من بندقية أحد المرتزقة. كان الألم مريرا وكان الحزن عظيما. لنا أن نتخيل كم عانت القوات المسلحة الإسرائيلية من مقتل العشرات من قوات النخبة في لواء مدرعات "غولاني" وكتائب الكوماندوز الذين يعتبرون "رامبو" إسرائيل القتالي الإعلامي (!!). مقتل أكثر من مئة من قوات النخبة يماثل تقريبا مقتل عشرة آلاف من القوات العادية في الجيش الإسرائيلي. ونقارن التجارب والنتائج. لماذا يخيم شبح التقسيم علي العراق الآن ولا يخيم علي لبنان رغم اشتراكهما في خصائص البنائية الطائفية والعرقية ؟؟؟. الإجابة هي أن لبنان هو النموذج العربي الديمقراطي الوحيد، فكيف يستوي بلد بثقافة ديمقراطية مع أخر بموروثات تسلطية ديكتاتورية ؟؟؟؟. والسؤال الثاني، كيف سقطت دولة العراق النظامية التي كانت تصنف كخامس أو سادس قوة عسكرية عالمية وبقوة عسكر تقارب النصف مليون فردا ولم تسقط لبنان بمقاومتها الوطنية التي يتزعمها حزب وليس حكومة ؟؟ وبمجموع قوات قتالية بدأت في حدود الخمسة آلاف وأصبحت الآن أضعافا. الإجابة ببساطة تظهر في ثلاثية الفعل البشري الهرمي الشكل الذي تتربع العقيدة علي رأسه والجماهير الواعية في قاعدته والقيادة الوطنية الحكيمة المخلصة في أوسطه. حارب لبنان بعقيدة إسلامية وقاعدة جماهيرية وطنية وإسلامية وقيادة إسلامية ففاز وحتما ودائما سيفوز. وحاربت دولة العراق بعقيدة زائفة (!!)، تارة بعثية قومية عروبية وتارة أخري إسلامية شكلية زائفة دون جوهرها اختزلت في حروف "الله أكبر" علي علمها دون قلبها. حارب لبنان بوطنيين وإسلاميين حرصوا علي الشهادة فكتب لهم النصر والحياة. والحياة هنا ليست مشروطة في أن تكون لهم ولنفسهم ولكن لذوييهم وأحبائهم وأسمائهم وشرفهم وأولادهم. وحارب العراق برعايا سبايا يساقون سوقا إلي حيث يريد سيدهم وأميرهم. حارب لبنان بقيادة إسلامية حكيمة وطنية، قيادة وهبت فلذة كبدها علي رأس شهداء معاركها الأمامية (الشهيد هادي حسن نصر الله) بينما حارب العراق بقيادة ديكتاتورية تسلطية وضعت أحذية أبنائها وأقاربها علي رؤوس شعبها ونخبتها. كان حتما أن تفوز لبنان (نصر الله العربي الإسلامي)، وكان حتما أن تهزم العراق (صدام حسين الديكتاتور التسلطي)، فالسبايا لا يجيدون القتال، والعبيد لا يمكنهم الانتصار. ويبقي السؤال الجوهري، لماذا انهزمت القوي العاتية أمام الشعوب العربية الإسلامية ونراها تلعق هزائمها وتنعي قتلاها وتبكي جرحاها، أمريكا أمام المقاومة العراقية وإسرائيل أمام المقاومة اللبنانية الإسلامية، بينما تنتصر علي الحكومات النظامية في أزمنة قليلة قياسية ؟؟؟. الإجابة باختصار تكمن في علة القادة والساسة. فالشعوب عناصر فاعلة والرئاسة والساسة تعني الإدارة. فشل الشعوب تحت قيادة حكامها ونجاحهم تحت قيادة حكمائها هو دليل علي فشل الإدارة. وليت الشعوب تعلم أن من فشلت سياستهم بطلت بالتبعية رئاستهم. * * * * * * * * * * * * * * * * * * حرب أكتوبر وحرب لبنان حرب لبنان جعلتنا ودون إرادة نسترجع ونجتر "علقم" ومرارة ذكريات حرب أكتوبر 1973 وما تلاها بما يسمي عملية السلام. كتبنا في مناسبات عديدة عن تلك الحرب ووصفناها "بالرمادية" رغم أننا نعلم سماتها الأصلية. متى نعلم حقيقة ما جري في أكتوبر ونتائجها، متى نعلم الأبطال والضحايا والخونة أيضا ؟؟؟. وكلمة الخونة تكررت في أحاديث الكثير، الشاذلي (رئيس الأركان أبان الحرب) كمثال. في الجمهورية الثانية (السادات) تشكلت لجنة لكتابة تاريخ حرب أكتوبر برئاسة نائب رئيس الجمهورية حسني مبارك (الرئيس الحالي) ولم تخرج نتائجها إلي النور حتى الآن !!!. من السهل الكتابة عن "حرب أكتوبر"، ومن الأسهل التصدي إلي فقهاء السلطة ومارينز إعلامها، لكن من الصعب أن نتصدي إلي المواطن البسيط الذي يعيش في خدر ووهم وأكذوبة كبري. سألنا في مقال سابق "أين يقع خط الدفاع المصري الأول" في ظل اتفاقية السلام، ولم نتلق جوابا (!!). ونسأل الآن ما هي النتيجة الحقيقة لحرب أكتوبر ؟؟، وما هي شرعية قادتها الذين قفزوا علي عروش الرئاسة ؟؟، وما هي حقائق وأثار معاهدة السلام علي المستقبل المصري والأمن القومي؟؟. والإجابة علي السؤال الأول يجيب علي الثاني والثالث بالتبعية. 1 – عن دفن الرؤوس في الرمال يقول الدكتور العلامة "جمال حمدان": هناك من يتعمد التمجيد والإطراء بحق وغير حق، ونحب أن نسمع عن أنفسنا ما يرضينا ويرضي غرورنا سواء بالذات الوطنية أو الشخصية القومية، ونكره أن نسمع عيوبنا وشوائبنا ونرفض الخوض فيها، فلا توجد ميزة علي الأرض إلا ونسبناها إلي أنفسنا ولا توجد نقيصة أو رذيلة بنا، وإن وجدت فالأعذار جاهزة والمبررات المقنعة والغير مقنعة حاضرة، بل وأحيانا نقلب المزايا إلي عيوب والنقائص إلي محاسن. ومن السخرية أننا أحيانا نتباهي بالعيوب والسلبيات. كلما زدنا انهزاما وانكسارا زدنا افتخارا بأننا أعظم الشعوب المقاتلة المحاربة. كلما زدنا استسلاما وتسليما زدنا تباهيا بأننا شعب سلام متحضر. إنه نوع من الدفاع التلقائي والطبيعي عن النفس للبقاء وتجنب الفناء. 2 – وعن بطش الشعب بمن ينقده وإن كان لصالحه يقول "حمدان": أعدي الأعداء هم المصريون أنفسهم، من يدفن رأسه في الرمال ويتغابى أو يتغافل عمدا عن العيوب زاعما باستمرار أن مصر أم الدنيا وهي بخير دائما وليس في الإمكان أبدع مما كان متشنجا علي من ينتقد – فهو خبيث بلا انتماء وخائن بلا ولاء. الشعب المخدوع الساذج نصف الجاهل قد يستأسد ويبطش بابنه ناقده الوطني الذي يري له الخير والسيادة فيدينه ويشجبه ويهاجمه ويقرّعه ويسلمه لسوط الحاكم وزبانيته بنفس القدر الذي يخضع هذا الشعب فيه لذاك السوط ولأولئك الزبانية. شعب مسكين مضلل خائف مروع يتبادل مع قيادته العاجزة الفاشلة الباطشة غالبا وجلاديه الغاشمين الخائنين كؤوس الأنخاب – في خادع النفس وفي عبادة الذات. 3 – ورداً علي ما يتردد الآن علي ألسنة السلطة من ضرورة انعزال مصر وعدم دخولها في مغامرات وإشكاليات يقول أيضا "حمدان" (منذ أكثر من ثلاثة عقود): لم تعد مصر تملك ترف الاستخفاف والاستهتار بمن حولها من الأشقاء أو الانعزال المريض المتغطرس العاجز الغبي الجهول الذي يغطى عجزه وتراجعه وارتداده وترديه بالغرور والعنجهية القزمية والذي يعوض مركب نقصه باجترار الماضى وأمجاده وتمجيد العزلة والنكوص باستثارة أدنى الغرائز (الشوفينية) البلهاء. مصر في حاجة إلي نظر حادة في ذاتها، إلي المراجعة الأمينة الصريحة للنفس، بلا تزييف أو تزوييق، بلا غرور وإدعاء، بلا زهو أو خيلاء، وكذلك بلا تهرب أو استجداء. 4 – وردا علي تضخيم المسئولين والإعلاميين الحكوميين الحاليين لدور "القوات الجوية" في حرب أكتوبر نفاقا وتزلفا للرئيس "مبارك" الذي تولي قيادة السلاح الجوي في حرب أكتوبر يقول الفريق "الشاذلي" (رئيس الأركان أبان حرب أكتوبر) في كتابه عن الحرب أن نقطة الضعف الأولي في قواتنا المسلحة كانت في "القوات الجوية" بسبب قلة كفاءة الطائرات المصرية بالنسبة للطائرات الإسرائيلية، وبسبب قلة الخبرة وساعات الطيران للطيارين (أقل من ألف ساعة للطيار المصري مقابل أكثر من ألفين للإسرائيلي). ولذا تم التخطيط لتحاشي المجابهة الجوية مع العدو في الوقت والمكان اللذين يختارهما هو وقصر استخدام قواتنا الجوية علي توجيه ضربات مفاجئة في الأوقات والأماكن التي نستبعد فيها أي تدخل من جانب قوات العدو الجوية وهو الأمر الذي ظهر في اقتصار استخدام الطيران في بداية الحرب علي الخمس دقائق الأولي، وفي إسناد مهام الدفاع الجوي الأساسية علي صواريخ قوات الدفاع الجوي بقيادة الفريق "محمد علي فهمي". 5 - ويتحدث "الشاذلي" عن نقاط الضعف في الكيان الإسرائيلي ويلخصه في نقطتين أو مقتلين أساسيين أولهما هو الخسائر في الأفراد، والثاني هو إطالة مدة الحرب. ويلاحظ أن إستراتيجية "حزب الله" اللبناني في حربه التي تدور الآن قد تمحورت حول النقطتين السابقتين. 6 – وعن سير العمليات القتالية يذكر "الشاذلي" حسن تخطيط العمليات وإعداد مسرح القتال وتحقيق عاملي الحشد والمفاجأة وتنفيذ "العبور" العظيم بخسائر قليلة وإحداث خسائر كبيرة في صفوف العدو الإسرائيلي والصمود في المعارك المختلفة حتى يوم 10 أكتوبر. وفي مساء ذلك اليوم تم تدمير 90% من اللواء الأول مشاة المصري بواسطة الطيران الإسرائيلي مما كان يعني استكمال تعبئة الاحتياط الإسرائيلي والإفاقة من مفاجأة الهجوم وبيان مدى خطورة السلاح الجوي الإسرائيلي في أي عملية تطوير بعيدة عن نطاق حائط الصواريخ المصرية. وقد عارض رئيس الأركان "الشاذلي" وقائدي الجيش الثاني (اللواء سعد مأمون) والجيش الثالث (اللواء عبد المنعم واصل) فكرة سحب الاحتياط (2 فرقة مدرعة) من غرب القناة ودفعهم شرقا بغرض تطوير الهجوم لعدم مقدرة التنفيذ بالإمكانيات المتاحة، ولكنهم انصاعوا أمام القرار السياسي رغم عدم قناعتهم بحجة دعم الجبهة السورية لاستقرارها بعد دعم العراق لها بفرقتين قتاليتين (فرقة مدرعة وفرقة مشاة ميكانيكية). وقد فشل تطوير الهجوم المصري فشلا ذريعا وفي هذا يقول الشاذلي بالنص: كان علينا يوم 14 من أكتوبر أن نهاجم 900 دبابة معادية في المكان الذي يختاره العدو لهذا اللقاء وتحت سيطرة جوية معادية بقوة 400 دبابة مصرية فقط. هل كان هذا القرار نتيجة الجهل أم المقامرة أم الخيانة؟. نكرر مقولة "الشاذلي": جهل ومقامرة وخيانة (!!)، ونسأل بدورنا، لماذا قام الشاذلي وقادة الجيوش بالتنفيذ رغم علمهم باستحالة النجاح من وجهه النظر العملياتية وبأنها ستكون عملية قتل وليس انتحارا لأفراد قواتنا المسلحة وتدمير معداتها ؟؟؟. ولماذا لم تعود القوات المدرعة إلي أماكنها الأصلية غرب القناة بعد فشل عملية تطوير الهجوم ؟؟؟. ولماذا تم التعتيم علي أعداد القوات الإسرائيلية التي عبرت ثغرة الدفرسوار عن رئيس الأركان نفسه "الشاذلي" (وهو القائد العملياتي للقوات المسلحة) وتعاظمها إلي قوة خمسة لواءات بقيادة الجنرال "شارون" (لواء مدرع ولواء مشاة) والجنرال "برن" (3 لواء مدرع) وقيامها بحصار 45 ألف مقاتل مصري في الجيش الثالث الميداني. هناك الكثير والكثير من علامات الاستفهام حول سير العمليات وقرارات تطوير الهجوم ومعلومات الثغرة وغيرها وهو الأمر الذي يلخصه الشاذلي في مقوله موجزة: مازال هناك كثير من الغموض يحيط بهذا الموضوع (!!). شعوري بالغبطة لنجاحات قوات المقاومة الإسلامية في لبنان لا يمنع شعوري "بالغيرة" (!!!)، فتلك أمور يتنافس فيها المتنافسون. فكما أن لديهم إبطالا كواسر واجهوا مدرعات العدو الإسرائيلي بصدورهم وسواعدهم فلدينا أيضا الفهد الشرقاوي المصري "محمد عبد العاطي" (1950 – 2001)– رحمه الله وأسكنه فسيح الجنات. ذلك البطل الذي دخل موسوعة الأرقام القياسية بتدميره 23 دبابة و3 عربة مدرعة إسرائيلية بسلاحه الشخصي (قاذف الأر بي جي) في الأيام الأولي لحرب أكتوبر المجيدة. ولم يكن غريبا أن تهتم الصحف الإسرائيلية بهذا الفهد الشرقاوي المصري الذي توفاه الله في التاسع من ديسمبر 2001. أكتوبر كان نصرا في متناول اليد وكان من الممكن أن يكون فصل الختام ولكنه سلب غدرا من أيدينا ودارت الدائرة علينا في معاهدة أفقدتنا السيادة علي 7% من أراضينا نظريا وعلي باقي إرادتنا فعليا. هل السبب كما يقول "الشاذلي" كان عن جهالة أم مقامرة أم خيانة ؟؟؟؟. نحن نسأل مع الفريق "الشاذلي" وإن كنا لا نعفيه هو شخصيا من المسئولية. ستجيب الأيام قريبا علي تلك الأسئلة .. .. أقرب مما نتخيل (بإذن الله وبإرادة شرفاء الأمة وخلصائها). ويا "نصر الله" إن كان لديكم أشاوس كواسر أحالوا أحدث الدبابات الإسرائيلية (ميركافا) بأجيالها المختلفة إلي نعوش لقوات النخبة الإسرائيلية، فنحن الأصل وإن تلوث جزعنا وأنحني قليلا ظهرنا وتكالبت علينا الطفيليات وزحفت علي وجوهنا الحشرات. سننهض قريبا من هذا الوضع المهين – وفي الجهاد وخير العباد وصالح البلاد فليتنافس المتنافسون. هشام الناصر [email protected]