يشارك لفيف من المفكرين والأكاديميين اليوم الاثنين في مؤتمر يناقش قضايا الاصلاح في العالم الاسلامي مع التركيز علي تجربة حركة فتح الله كولن التركية، يعقد المؤتمر بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة. وينظم المؤتمر "مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات" بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية/جامعة القاهرة، بالتعاون مع "وقف البحوث الأكاديمية والإنترنت" و"مجلة حراء"/اسطنبول ويستمر ثلاثة أيام (1921/10/2009).
وفي تصريحات خاصة حول حركة فتح الله كولن قال مصطفى أوزجان مستشار وقف البحوث الأكاديمية والإنترنت بتركيا: نحن كمسلمين نؤمن يقينا بأننا كمسلمين نمثل الفكر الصحيح لأن المرجعية التي ننتمي لها مرجعية مثالية. لكن هناك عجز في تمثيل هذا الانسجام بين الإنسان والحياة والإيمان بالله. لذا فان تجربة الأستاذ فتح الله كولن منذ الستينات وحتي الآن تحاول أن تعبر عن هذه المنظومة من خلال المدارس والتربية والتعليم. ونحن نري أنه كلما نجحت هذه التجربة في الحياة أتت أكلها وكانت نتائجها ايجابية في المجتمع.
وأضاف أوزجان: تم تجسيد التجربة في وقت كان المجتمع التركي تتصارع فيه التيارات السياسية وكانت العائلات المحافظة تخشي إرسال أبنائها للمدارس، فكانت التجربة بمعزل عن الصدامات الفكرية والسياسية وكان هدفها تكوين الفرد الصالح المؤمن المجهز بعلوم العصر والسلوك القويم. ومع الوقت تحولت هذه الفكرة تحولت إلي مؤسسات وتبناها الشعب.
واستطرد أوزجان: وعندما انهار الاتحاد السوفيتي أصدر فتح الله كولن توجيها بالذهاب إلي آسيا الوسطي لمساعدة إخواننا المسلمين هناك، فنقلنا التجربة التربوية الناجحة في تركيا إلي آسيا الوسطي فأصبحت تجربة عالمية طلبتها دول أخري كتجربة فريدة. إن الإنسانية كلها في حالة بحث عن حلول لمشاكلها، وبالتالي إذا ما ظهر أي نموذج إنساني ناجح في أي مكان يلفت الأنظار إليه. ولهذا انتشرت مدارسنا في أوربا وأمريكا واستراليا وروسيا وبدأت تحظي باهتمام العالم.
وعن الهدف من تجربة كولن قال مصطفي أوزجان: هي كيف يمثل الإسلام نفسه بصورة حضارية كواقع وكيف يستطيع المسلم أن ينجز الكثير ويقدم إضافة حضارية ترتكز علي القيم الإنسانية والتميز والانضباط من مرجعينا الإسلامية.
ويري الدكتور مصطفي أوزجان أن حركة فتح الله كولن نجحت في تحقيق ما تصبو اليه واستطاعت أن تقدم تجربة اسلامية عملية تطلبها المجتمعات في كل دول العالم.
وفي إضاءة أخري علي حركة فتح الله كولن قال الدكتور أنس أركنه المفكر التركي والباحث في وقف البحوث الأكاديمية والإنترنت بتركيا ان " المجتمعات البشرية في أمس الحاجة إلي الإسلام لكن المشكلة في الأسلوب الصحيح والإستراتيجية الصحيحة، ومن هنا وجد فتح الله كولن أن بناء المدارس هو المدخل الصحيح، ووجدت هذه الطريقة آذانا صاغية وقبولا في أكثر من 140 دولة، وهذا لا ينفي وجود مداخل وطرق أخري. وأشار أركنه إلي أن حركة فتح الله كولن ليس لها ممارسات سياسية وإنما تتخصص في التربية والتعليم. وأكد أركنه أن المجتمعات في الكثير من دول الغرب تختلف في موقفها من الاسلام عن الحكومات التي قد تكون مواقفها سلبية وأشار الي أن مثل هذه المجتمعات تحتاج الي حلول أخلاقية لمشاكلها المستعصية والتي تجدها في أسلوبنا التربوي الذي ينطلق من الإسلام كمرجعية بما فيه من قيم إنسانية تحتاج إليها الإنسانية".
تشارك في أعمال هذا المؤتمر نخبة متميزة من العلماء وأساتذة الجامعات والباحثين من مصر وعدد من الدول العربية والإسلامية ومن الغرب. ويشارك فى الجلسة الافتتاحية الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر، والدكتورة عالية المهدي عميدة كلية الاقتصاد بجامعة القاهرة. والدكتور مصطفى أوزجان رئيس وقف البحوث الأكاديمية والإنترنت بتركيا، ويلقى المحاضرة الختامية المستشار طارق البشرى.
يأتي هذا المؤتمر حلقة في سلسلة النشاطات والبرامج العلمية التي يهتم بها مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات لتعزيز الحوارات البينية داخل المجال الحضاري الإسلامي، وفي القلب منها "الحوار العربي التركي" عامة ، و"المصري التركي" خاصة، وهذا الأخير تم تدشينه فى مؤتمر عقد فى إسطنبول بالتعاون بين المركز ومنتدى أبانت التركى للحوار فى ديسمبر 2007. ويأتي تنظيم هذا المؤتمر بالتعاون بين مركز الدراسات الحضارية ووقف الدراسات الأكاديمية والإنترنت ومجلة حراء، للتأكيد على أهمية استمرار الحوار الفكري والثقافي بين النخب على الجانبين، في القضايا التي تهم الشعوب الإسلامية وشعوب العالم، وعلى رأس هذه القضايا الإصلاح والتجديد.
الرؤية التي ينطلق منها هذا المؤتمر هي أن التنوع في نماذج الإصلاح يعتبر من أبجديات "المرجعية الإسلامية" التي يؤمن بها رواد الإصلاح والتجديد. وأن التعدد في إطار وحدة المرجعية ليس فقط مقبولا؛ بل هو ضروري ولازم، وهو من مظاهر التعبير عن فهم الإسلام كنظام شامل. وأن التنوع في الرؤى والبرامج الإصلاحية على أساس المرجعية الإسلامية؛ إنما يعبر عن أصل الأشياء، وينسجم مع حقائق الوقائع الاجتماعية والسياسية، ويعكس جوهر الفطرة الإنسانية التي تتأبى على التنميط والقولبة وتنزع دوماً للتنوع وتتآلف مع حقائق التعدد في الكون وفي معطيات الحياة الاجتماعية. فالمرجعية الإسلامية ذاتها هي التي تفتح الأبواب المغلقة، وترحب بجميع الاجتهادات التي تشتبك مع الواقع وتهدف لإصلاحه وتطويره.
ويهدف المؤتمر إلى السعي لتحقيق تراكم علمي مقارن في دراسة نماذج وحالات الإصلاح في النصف الثاني من القرن العشرين، التي لم تحظ حتى بما حظيت به نظائرها منذ نهاية القرن الثامن عشر؛ وكذلك من الأهداف الرئيسية لهذا المؤتمر: تعريف النخب العربية والمصرية، والجماعة الأكاديمية بشكل خاص، على "حركة الشيخ محمد فتح الله كولن"، التي تعتبر حركة اجتماعية مدنية إصلاحية ذات مرجعية إسلامية ، وذات تأثير عالمي. وتثار في هذا السياق تساؤلات مهمة منها: لماذا نجحت حركة كولن في التواصل إيجابيا مع الغرب أكثر من أي حركة إصلاحية أخرى أتت من العالم الإسلامي؟. ويهدف المؤتمر أيضاً إلى الإجابة على مثل هذا التساؤل عبر الحوار الفكري حول الدور الإصلاحي لهذه الحركة داخل تركيا وخارجها، ومقارنتها بجهود الإصلاح التي شهدها العالم الإسلامي خلال النصف قرن الأخير تحديداً، وتعميق المعرفة العلمية بهذه الجهود، وبيان كيفية الاستفادة بخبراتها الناجحة في مواجهة مشكلات الواقع وتحديات المستقبل في عالمنا العربي والإسلامي.