عدد من نواب الشيوخ الجدد يستخرجون كارنيهات العضوية    هيئة الاستثمار تدعو الشركات الألمانية لتوطين تكنولوجيا ماكينات النسيج في مصر    بمناسبة اليوم العالمي للغة الإشارة.. تعرف على أبرز 3 مترجمين بالتليفزيون المصري    بتكلفة 28 مليون جنيه.. وزير التربية والتعليم ومحافظ الشرقية يفتتحان مدرسة تعليم أساسي    تداول بضائع وحاويات 23 سفينة في ميناء دمياط خلال 24 ساعة    النقل: تجهيز محطة الحاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط بأحدث المعدات صديقة البيئة    مصادر طبية: 22 شهيدًا بنيران الاحتلال الإسرائيلي منذ فجر اليوم في قطاع غزة    نيمار يسخر من ترتيب رافينيا فى الكرة الذهبية 2025: إنها مزحة    الحكومة الإيرانية: اليورانيوم المخصب بنسبة 60 % تحت الأنقاض ولا يمكن الوصول إليه    كندا ودول أوروبية تدعو إسرائيل للسماح بوصول الأدوية إلى غزة    تشكيل بيراميدز المتوقع ضد الأهلي السعودي في كأس الإنتركونتيننتال    إجراءات مشددة لتأمين مباراة الزمالك والجونة في استاد القاهرة الليلة    ميدو يهاجم رابطة الأندية بسبب مباراة الزمالك والجونة    مصدر باتحاد الكرة: الزمالك وزيزو يصعدان أزمة الشكاوى للمحكمة الرياضية الدولية    ضبط 15 مخالفة تموينية متنوعة في حملة مكبرة بمدينة إسنا جنوب الأقصر    صور الأقمار الصناعية.. فرص ضعيفة لأمطار خفيفة على هذه المناطق    بحوزتهم 110 قطعة سلاح.. مصرع عنصرين جنائيين في تبادل إطلاق نار مع الشرطة بقنا    يوم حزين.. الآلاف يشيعون جثمان أسرة لقيت مصرعها في حادث سيارة بالبحيرة    "تعليم المنوفية" تمد فترة الالتحاق بنظام البكالوريا أو القديم ل 1 أكتوبر    تعليم القليوبية عن مضايقة مدير مدرسة لطالبة: نتعامل بمنتهى الحزم مع أى واقعة    أحمد السقا يفوز بجائزة أفضل ممثل سينما في 2025 ب مهرجان الفضائيات العربية    وزير الثقافة ومحافظ الإسماعيلية يبحثان ترتيبات الاحتفال بعام أم كلثوم    وزيرة التضامن تتابع سير العمل فى تجهيزات مستشفى "ألزهايمر وكبار السن"    الأحد المقبل.. مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل الدورة 33 لمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    «لو عايز تخس من غير ما تحرم نفسك».. 6 عادات يجب اتباعها يومياً قبل ال9 صباحاً    «كفاية حيرة كل يوم».. أفكار «لانش بوكس» صحي للأطفال    بسبب سقوط درابزين السلم على طالب، إحالة مديرة مدرسة العجوبية بسوهاج للتحقيق    "جاب الطالبات من الشارع".. محافظ بورسعيد يُحيل مديرة مدرسة إلى النيابة العامة    عمر الغنيمي: قرار الرئيس برد قانون الإجراءات الجنائية تجسيد حقيقي للجمهورية الجديدة    خلال 24 ساعة.. ضبط 96207 مخالفات مرورية متنوعة    البوري ب220 جنيهًا.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    كجوك يستعرض جهود تحفيز الاستثمار بالتسهيلات الضريبية والسياسات المالية الداعمة للإنتاج والتصدير    نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل يترأس الاجتماع الحادي والثلاثين للمجموعة الوزارية للتنمية الصناعية    هيئة الاستثمار: تقرير "جاهزية الأعمال" يعتمد على ثلاث ركائز رئيسية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23-9-2025 في محافظة الأقصر    مستوفين الحد الأدنى.. قائمة أسماء معاهد يمكن التقديم بها دون تنسيق    تفقد جاهزية 86 مخر سيول على مستوى مدن مطروح    هيئة الرعاية الصحية تعلن تشغيل أول وحدة مناظير مسالك بأسوان باستثمارات 8 ملايين جنيه    وكيل صحة سوهاج ل "أهل مصر": تشغيل مسائي للعيادات بالمستشفيات العامة والمركزية    كونتي: نابولي ليس معتادًا على ضغوط ومجهود المنافسات الأوروبية    التقويم الهجري.. كل ما تحتاج معرفته عن شهر ربيع الآخر    ما حكم صلاة مريض الزهايمر.. «الإفتاء» توضح    أونروا: 12 منشأة تابعة لنا بمدينة غزة تعرضت لغارات إسرائيلية خلال أسبوع    مصادر طبية: 5 شهداء بينهم 3 أطفال بغارة إسرائيلية على منزل بمخيم الشاطئ غربي غزة    المفوضية الأوروبية تعلن خطة خاصة لإعادة إعمار غزة وتعزيز الدولة الفلسطينية    وزير الخارجية: قلقون لما يتعرض له التراث الفلسطينى من تدمير إسرائيلى    تشغيل أول وحدة مناظير مسالك بمستشفى أسوان التخصصي    حكم لبس الحظاظة في الإسلام.. دار الإفتاء توضح    من كفر الشيخ إلى مجد الدراما.. حكاية صداقة أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ    حكم فسخ الخطوبة بسبب ترك الصلاة.. دار الإفتاء توضح    نجم المصري السابق: الكوكي أقل من النادي.. والساعي إضافة قوية للفريق    صدمة في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 في مصر وعالميًا    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    لاعب غزل المحلة يغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته الصحية    عليك مكافأة نفسك.. حظ برج الجدي اليوم 23 سبتمبر    رئيس الوزراء: القصف الإسرائيلي للدوحة سابقة خطيرة.. وندعو إلى اعتراف غير مشروط بدولة فلسطين    منتخب الشباب يفوز على نيو كاليدونيا بثلاثية استعدادا للمونديال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رياح القاعدة تهب على القرن الأفريقى
نشر في المشهد يوم 20 - 08 - 2011

بالرغم من إعلان الولايات المتحدة اغتيال أسامة بن لادن ، زعيم تنظيم القاعدة العالمى، إلا أن التنظيم لا يزال يمثل تهديداً للولايات المتحدة، فى بقاع شتى من العالم، ومنها إقليم القرن الأفريقى. فهذا الإقليم، الذى تقطنه أغلبية مسلمة، معظمهم من السنة الشافعية، بالإضافة إلى الشيعة، كانت تهيمن عليه الجماعات الصوفية الوسطية. لكن مع مطلع التسعينيات من القرن الماضى برز نشاط التيارات السلفية الجهادية والتيارات الوهابية، وذلك بالتزامن مع انهيار الدولة فى الصومال، وتدخل قوات الأمم المتحدة فيها تحت مظلة عملية استعادة الأمل.
فى غضون ذلك، أنشا أسامة بن لادن عدداً من معسكرات التدريب فى دول الإقليم، وحدث نوع من التقارب بين العناصر التى شكلت تنظيم القاعدة فيما بعد وبين حركات الإسلام السياسى الراديكالية فى القرن الأفريقى، وذلك بداية من حزب الاتحاد الإسلامى فى الصومال. وتمكنت القاعدة من تنفيذ عدد من العمليات ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، أبرزها تفجير سفارتى الولايات فى نيروبي ودار السلام فى أغسطس 1998، والتى كانت آنذاك أكبر العمليات النوعية لتنظيم القاعدة العالمى منذ تأسيسه رسمياً عام 1998، ثم تفجير المدمرة الأمريكية " كول " فى ميناء عدن فى نوفمبر2000، وتفجير فندق باراديس المملوك لاسرائيلي فى ممباسا، بالتزامن مع محاولة تفجير طائرة إسرائيلية فى كينيا في نوفمبر2002.
وفى نهاية عام 2006، عادت القاعدة إلى الظهور مجدداً على مسرح الأحداث. وذلك عندما شارك اتحاد المحاكم الإسلامية بقيادة شيخ شريف شيخ أحمد، فى قتال الإثيوبيين، الذين تدخلوا فى الصومال، بالوكالة عن الولايات المتحدة، دعماً لحكومة الرئيس عبد الله يوسف. وانتهت المعارك بهزيمة اتحاد المحاكم، ومقتل أبو طلحة السودانى، زعيم القاعدة فى القرن الأفريقى.
انتظمت فلول اتحاد المحاكم الإسلامية فى إطار تنظيم جديد بقيادة الشيخ شريف أحمد وهو تحالف إعادة تحرير الصومال، الذى انفرط عقده سريعاً بالانقسام إلى جناحين، هما جناح جيبوتى بقيادة شيخ شريف، وجناح أسمرة بقيادة حسن ضاهر أويس، وذلك إثر قبول شيخ شريف بالتفاوض مع الحكومة الإثيوبية.
ومع تولى شيخ شريف رئاسة الصومال فى يناير2009، تحالفت ضده حركة معارضة قوية، ذات مرجعية سلفية جهادية، تمثل أبرز عناصرها فى حركة الشباب المجاهدين " الجناح العسكرى السابق لتحالف إعادة تحرير الصومال "، والحزب الإسلامى بقيادة حسن ضاهر أويس.
كان الارتباط العقيدى واضحاً بين عناصر القاعدة فى القرن الأفريقى وحركة الشباب المجاهدين، حيث عينت الحركة مختار عبد الرحمن " أبو الزبير "، المحسوب على القاعدة أميراً لها. كما أصبحت الحركة تستلهم فكر القاعدة، فلم تعد تقنع بالإطاحة بحكومة شيخ شريف، وإنما باتت تسعى لإقامة إمارة إسلامية تقاوم النفوذ الغربى فى كل أرجاء القرن الأفريقى. لذا تحالف التنظيمان ضد من أسموهم " أعداء لله – الصليبيين- الكفرة - المرتدين" ، فى إشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها الدوليين، وعملائها الإقليميين. كما تكررت رسائل التأييد والتوجيه من جانب القيادات المركزية للقاعدة القابعة فى إقليم وزيرستان فى باكستان، لصالح أنصارها فى القرن الأفريقى.
وقد ساهمت كوادر القاعدة فى تدريب عناصر الشباب المجاهدين، وتطوير تكتيكاتها القتالية من أساليب حروب العصابات الكلاسيكية إلى زرع العبوات الناسفة، والتفجيرات الانتحارية، التى طالت آثارها الأهداف الحكومية الصومالية، وقوات الاتحاد الأفريقى المنتشرة فى البلاد، والمنشآت التابعة للأمم المتحدة، وقوافل الإغاثة الإنسانية، والقنصلية الإثيوبية وغيرها. ومن ثم باتت الحركة تنازع الحكومة السيطرة على مقديشيو، وتسيطر على الجنوب والوسط الصومالى.
وبالنسبة لقيادة تنظيم القاعدة فى القرن الفريقى، فقد تعاقب عليها، كل من أبو طلحة السودانى، وصالح نبهان، ثم فضل عبد الله محمد، الذى تم تنصيبه فى نوفمبر2009 فى مدينة كسمايو الصومالية، والذى تعود أصوله إلى جزر القمر. وهذا القائد الجديد خبير فى استخدام الكومبيوتر، ويجيد اللغات العربية والسواحيلية والإنجليزية والفرنسية، مما يسهل عليه التواصل مع التنظيم الأساسى للقاعدة، الذى بات يعتمد على أسلوب " الإرهاب الإلكترونى"، بمعنى استخدام شبكة المعلومات الدولية فى خلق روابط تنظيمية وفكرية بين المركز والفروع، والترتيب للعمليات التى تتولاها التنظيمات الفرعية مثل تنظيمات القاعدة فى القرن الأفريقى، والجزيرة العربية، وبلاد الرافدين، والمغرب الإسلامى.
ويضم تنظيم القاعدة فى القرن الأفريقى، بالإضافة إلى مقاتليه من دول شرق أفريقيا، زهاء 1200 إلى 1500 مقاتل أجنبى ينتمون إلى أفغانستان وباكستان وبنجلاديش، والعراق، بالإضافة إلى أمريكيين وبريطانيين وكنديين وسويديين من أصول صومالية، حيث استغلت تلك العناصر ضعف سيطرة حكومات دول الإقليم على أقاليمها وحدودها، فولت وجهها شطر القرن الأفريقى، كملاذ آمن، خاصة بعد الضربات العسكرية التى واجهتها فى معاقلها الأساسية. أما مصادر تمويل التنظيم فأهمها: التحويلات الخارجية، وعوائد استخدام الموانئ الصومالية، والتهريب.
على الجانب الآخر، تنظر الولايات المتحدة إلى القاعدة، باعتبارها التهديد الأكبر لمصالحها فى القرن الأفريقى. ومن ثم فقد اتخذت واشنطن من عمليات اختطاف السفن قبالة السواحل الصومالية ذريعة إضافية للتمركز فى القرن الأفريقى. كما أدرجت حركة الشباب المجاهدين ضمن قائمة المنظمات الإرهابية فى العالم منذ مارس 2008، وواصلت تصفية قيادات القاعدة والشباب المجاهدين، ورصدت مكافآت ضخمة لمن يدلى بمعلومات عنهم. كما قدمت الدعم لحكومة الشيخ شريف أحمد، بعد أن تبدى لها أنه يمثل التيار الأكثر اعتدالاً على الساحة الصومالية، مع تحذير إريتريا من مغبة دعم المعارضة الصومالية. فضلاً عن مساعدة حكومات المنطقة من أجل زيادة الخدمات خارج العواصم، وتخفيف حدة الفقر والبطالة، والتعاون معها فى مجال الاستخبارات وتسليم المجرمين، والتواصل مع شعوب المنطقة، عبر وسائل الإعلام، خاصة الإذاعة، والاستعانة بالخبراء المختصين فى شؤون القرن الأفريقى، خاصة أولئك الذين يعرفون ثقافاته وتاريخه، ويجيدون لغاته.
وبالرغم من كل هذه الترتيبات، تبدو الولايات المتحدة غير قادرة على حسم المعركة مع القاعدة، التى تظهر من آن لآخر لتوجه الضربات لخصومها، بما يجعلها أشبه بالبركان، الذى يخبو طويلاً ثم يثور بشكل مفاجئ. بل إن الهلع الذى ينتاب الإدارة الأمريكية عقب كل عملية للقاعدة وتركيزها الإعلامى على التنظيم يزيد من شعبيته، خاصة فى ظل غطرسة السياسة الأمريكية فى أفغانستان والعراق والصومال، والسودان، وانحيازها السافر لإسرائيل، وتقاعسها عن إيجاد تسويات حقيقية لصراعات القرن الأفريقى، وإصرارها على إعطاء الأولوية للقوة المسلحة فى مواجهتها، وتركيزها على الانتماء الدينى لخصومها، متجاهلة دوافعهم السياسية.
------------------------------
* مدرس العلوم السياسية ، نائب مدير مركز الدراسات السودانية - جامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.