وظائف للمصريين في الإمارات.. الراتب يصل ل4 آلاف درهم    المُنسخ.. شعلة النور والمعرفة في تاريخ الرهبنة القبطية    سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 14-5-2025 مع بداية التعاملات    غرفة عمليات رئيسية لمتابعة تداعيات الزلزال في الإسكندرية.. ولا خسائر حتى الآن    رسالة مؤثرة يستعرضها أسامة كمال تكشف مخاوف أصحاب المعاشات من الإيجار القديم    «مفيش زلزال بيحس بزلزال».. أبرز تعليقات المشاهير عن الهزة الأرضية    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    قبل التوقيع.. الخطيب يرفض طلب ريفيرو (تفاصيل)    حريق هائل في إحدى مصانع العاشر من رمضان بالشرقية- صور    بنظام البوكلت.. جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 بالقليوبية (متى تبدأ؟)    طقس اليوم الأربعاء.. انخفاض لافت في درجات الحرارة    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام ريال مايوركا في الدوري الإسباني    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    ماذا قررت النيابة بشأن نور النبوي في واقعة دهس محصل كهرباء ؟    إصابة 3 شباب باختناق أثناء محاولة التنقيب عن الآثار بأسوان    مصطفى شوبير يتفاعل ب دعاء الزلزال بعد هزة أرضية على القاهرة الكبرى    محامي رمضان صبحي يكشف حقيقة تورطه في واقعة الامتحانات    40 شهيدا في غارات إسرائيلية على منازل بمخيم جباليا بقطاع غزة    دفاع رمضان صبحي يكشف حقيقة القبض على شاب أدي امتحان بدلا لموكله    سقوط صاروخ مجهول المصدر في منطقة صحراوية بالأردن    يد الأهلي يتوج بالسوبر الأفريقي للمرة الرابعة على التوالي    البيئة تفحص شكوى تضرر سكان زهراء المعادي من حرائق يومية وتكشف مصدر التلوث    فتحي عبدالوهاب يوجه رسائل خاصة لعادل إمام وعبلة كامل.. ماذا قال؟    ماذا تفعل إذا شعرت بهزة أرضية؟ دليل مبسط للتصرف الآمن    بقوة 4.5 ريختر.. هزة أرضية تضرب محافظة القليوبية دون خسائر في الأرواح    معهد الفلك: زلزال كريت كان باتجاه شمال رشيد.. ولا يرد خسائر في الممتلكات أو الأرواح    بريطانيا تحث إسرائيل على رفع الحظر عن المساعدات الإنسانية لغزة    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    د.حماد عبدالله يكتب: الأمن القومى المصرى !!    لماذا تذكر الكنيسة البابا والأسقف بأسمائهما الأولى فقط؟    اليوم.. انطلاق امتحانات الشهادة الابتدائية الأزهرية 2025 الترم الثاني (الجدول كاملًا)    أول رد رسمي من محامي رمضان صبحي بشأن أداء شاب واقعة «الامتحان»    ملف يلا كورة.. فوز الأهلي.. عودة بيراميدز.. والزمالك يغيب عن دوري أبطال أفريقيا    هل تنتمي لبرج العذراء؟ إليك أكثر ما يخيفك    استعدادًا لموسم حج 1446.. لقطات من عملية رفع كسوة الكعبة المشرفة    الخميس.. انطلاق مؤتمر التمكين الثقافي لذوي الهمم في المحلة الكبرى تحت شعار «الإبداع حق للجميع»    مدرب الزمالك: الفوز على الأهلي نتيجة مجهود كبير..وسنقاتل للوصول للنهائي    تعليم سوهاج يعلن جدول امتحانات الشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني 2024-2025    عيار 21 يسجل مفاجأة.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 14 مايو بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    الكشف على 5800 مواطن في قافلة طبية بأسوان    فتحي عبد الوهاب: "مش بزعق في البيت وبحترم المرأة جداً"    نجم الأهلي: حزين على الزمالك ويجب التفاف أبناء النادي حول الرمادي    سامبدوريا الإيطالي إلى الدرجة الثالثة لأول مرة في التاريخ    محافظ الإسماعيلية يشيد بالمنظومة الصحية ويؤكد السعى إلى تطوير الأداء    محافظ الدقهلية يهنئ وكيل الصحة لتكريمه من نقابة الأطباء كطبيب مثالي    بحضور يسرا وأمينة خليل.. 20 صورة لنجمات الفن في مهرجان كان السينمائي    حدث بالفن | افتتاح مهرجان كان السينمائي وحقيقة منع هيفاء وهبي من المشاركة في فيلم والقبض على فنان    أرعبها وحملت منه.. المؤبد لعامل اعتدى جنسيًا على طفلته في القليوبية    نشرة التوك شو| استعدادات الحكومة لافتتاح المتحف المصري الكبير.. وتعديلات مشروع قانون الإيجار القديم    أحمد موسى: قانون الإيجار القديم "خطير".. ويجب التوازن بين حقوق الملاك وظروف المستأجرين    رئيس جامعة المنيا يستقبل أعضاء لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    "قومي المرأة" و"النيابة العامة" ينظمان ورشة عمل حول جرائم تقنية المعلومات المرتبطة بالعنف ضد المرأة    «بيطري دمياط»: مستعدون لتطبيق قرارات حيازة الحيوانات الخطرة.. والتنفيذ خلال أيام    فرصة لخوض تجربة جديدة.. توقعات برج الحمل اليوم 14 مايو    مهمة للرجال .. 4 فيتامينات أساسية بعد الأربعين    لتفادي الإجهاد الحراري واضطرابات المعدة.. ابتعد عن هذه الأطعمة في الصيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رياح القاعدة تهب على القرن الأفريقى
نشر في المشهد يوم 20 - 08 - 2011

بالرغم من إعلان الولايات المتحدة اغتيال أسامة بن لادن ، زعيم تنظيم القاعدة العالمى، إلا أن التنظيم لا يزال يمثل تهديداً للولايات المتحدة، فى بقاع شتى من العالم، ومنها إقليم القرن الأفريقى. فهذا الإقليم، الذى تقطنه أغلبية مسلمة، معظمهم من السنة الشافعية، بالإضافة إلى الشيعة، كانت تهيمن عليه الجماعات الصوفية الوسطية. لكن مع مطلع التسعينيات من القرن الماضى برز نشاط التيارات السلفية الجهادية والتيارات الوهابية، وذلك بالتزامن مع انهيار الدولة فى الصومال، وتدخل قوات الأمم المتحدة فيها تحت مظلة عملية استعادة الأمل.
فى غضون ذلك، أنشا أسامة بن لادن عدداً من معسكرات التدريب فى دول الإقليم، وحدث نوع من التقارب بين العناصر التى شكلت تنظيم القاعدة فيما بعد وبين حركات الإسلام السياسى الراديكالية فى القرن الأفريقى، وذلك بداية من حزب الاتحاد الإسلامى فى الصومال. وتمكنت القاعدة من تنفيذ عدد من العمليات ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، أبرزها تفجير سفارتى الولايات فى نيروبي ودار السلام فى أغسطس 1998، والتى كانت آنذاك أكبر العمليات النوعية لتنظيم القاعدة العالمى منذ تأسيسه رسمياً عام 1998، ثم تفجير المدمرة الأمريكية " كول " فى ميناء عدن فى نوفمبر2000، وتفجير فندق باراديس المملوك لاسرائيلي فى ممباسا، بالتزامن مع محاولة تفجير طائرة إسرائيلية فى كينيا في نوفمبر2002.
وفى نهاية عام 2006، عادت القاعدة إلى الظهور مجدداً على مسرح الأحداث. وذلك عندما شارك اتحاد المحاكم الإسلامية بقيادة شيخ شريف شيخ أحمد، فى قتال الإثيوبيين، الذين تدخلوا فى الصومال، بالوكالة عن الولايات المتحدة، دعماً لحكومة الرئيس عبد الله يوسف. وانتهت المعارك بهزيمة اتحاد المحاكم، ومقتل أبو طلحة السودانى، زعيم القاعدة فى القرن الأفريقى.
انتظمت فلول اتحاد المحاكم الإسلامية فى إطار تنظيم جديد بقيادة الشيخ شريف أحمد وهو تحالف إعادة تحرير الصومال، الذى انفرط عقده سريعاً بالانقسام إلى جناحين، هما جناح جيبوتى بقيادة شيخ شريف، وجناح أسمرة بقيادة حسن ضاهر أويس، وذلك إثر قبول شيخ شريف بالتفاوض مع الحكومة الإثيوبية.
ومع تولى شيخ شريف رئاسة الصومال فى يناير2009، تحالفت ضده حركة معارضة قوية، ذات مرجعية سلفية جهادية، تمثل أبرز عناصرها فى حركة الشباب المجاهدين " الجناح العسكرى السابق لتحالف إعادة تحرير الصومال "، والحزب الإسلامى بقيادة حسن ضاهر أويس.
كان الارتباط العقيدى واضحاً بين عناصر القاعدة فى القرن الأفريقى وحركة الشباب المجاهدين، حيث عينت الحركة مختار عبد الرحمن " أبو الزبير "، المحسوب على القاعدة أميراً لها. كما أصبحت الحركة تستلهم فكر القاعدة، فلم تعد تقنع بالإطاحة بحكومة شيخ شريف، وإنما باتت تسعى لإقامة إمارة إسلامية تقاوم النفوذ الغربى فى كل أرجاء القرن الأفريقى. لذا تحالف التنظيمان ضد من أسموهم " أعداء لله – الصليبيين- الكفرة - المرتدين" ، فى إشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها الدوليين، وعملائها الإقليميين. كما تكررت رسائل التأييد والتوجيه من جانب القيادات المركزية للقاعدة القابعة فى إقليم وزيرستان فى باكستان، لصالح أنصارها فى القرن الأفريقى.
وقد ساهمت كوادر القاعدة فى تدريب عناصر الشباب المجاهدين، وتطوير تكتيكاتها القتالية من أساليب حروب العصابات الكلاسيكية إلى زرع العبوات الناسفة، والتفجيرات الانتحارية، التى طالت آثارها الأهداف الحكومية الصومالية، وقوات الاتحاد الأفريقى المنتشرة فى البلاد، والمنشآت التابعة للأمم المتحدة، وقوافل الإغاثة الإنسانية، والقنصلية الإثيوبية وغيرها. ومن ثم باتت الحركة تنازع الحكومة السيطرة على مقديشيو، وتسيطر على الجنوب والوسط الصومالى.
وبالنسبة لقيادة تنظيم القاعدة فى القرن الفريقى، فقد تعاقب عليها، كل من أبو طلحة السودانى، وصالح نبهان، ثم فضل عبد الله محمد، الذى تم تنصيبه فى نوفمبر2009 فى مدينة كسمايو الصومالية، والذى تعود أصوله إلى جزر القمر. وهذا القائد الجديد خبير فى استخدام الكومبيوتر، ويجيد اللغات العربية والسواحيلية والإنجليزية والفرنسية، مما يسهل عليه التواصل مع التنظيم الأساسى للقاعدة، الذى بات يعتمد على أسلوب " الإرهاب الإلكترونى"، بمعنى استخدام شبكة المعلومات الدولية فى خلق روابط تنظيمية وفكرية بين المركز والفروع، والترتيب للعمليات التى تتولاها التنظيمات الفرعية مثل تنظيمات القاعدة فى القرن الأفريقى، والجزيرة العربية، وبلاد الرافدين، والمغرب الإسلامى.
ويضم تنظيم القاعدة فى القرن الأفريقى، بالإضافة إلى مقاتليه من دول شرق أفريقيا، زهاء 1200 إلى 1500 مقاتل أجنبى ينتمون إلى أفغانستان وباكستان وبنجلاديش، والعراق، بالإضافة إلى أمريكيين وبريطانيين وكنديين وسويديين من أصول صومالية، حيث استغلت تلك العناصر ضعف سيطرة حكومات دول الإقليم على أقاليمها وحدودها، فولت وجهها شطر القرن الأفريقى، كملاذ آمن، خاصة بعد الضربات العسكرية التى واجهتها فى معاقلها الأساسية. أما مصادر تمويل التنظيم فأهمها: التحويلات الخارجية، وعوائد استخدام الموانئ الصومالية، والتهريب.
على الجانب الآخر، تنظر الولايات المتحدة إلى القاعدة، باعتبارها التهديد الأكبر لمصالحها فى القرن الأفريقى. ومن ثم فقد اتخذت واشنطن من عمليات اختطاف السفن قبالة السواحل الصومالية ذريعة إضافية للتمركز فى القرن الأفريقى. كما أدرجت حركة الشباب المجاهدين ضمن قائمة المنظمات الإرهابية فى العالم منذ مارس 2008، وواصلت تصفية قيادات القاعدة والشباب المجاهدين، ورصدت مكافآت ضخمة لمن يدلى بمعلومات عنهم. كما قدمت الدعم لحكومة الشيخ شريف أحمد، بعد أن تبدى لها أنه يمثل التيار الأكثر اعتدالاً على الساحة الصومالية، مع تحذير إريتريا من مغبة دعم المعارضة الصومالية. فضلاً عن مساعدة حكومات المنطقة من أجل زيادة الخدمات خارج العواصم، وتخفيف حدة الفقر والبطالة، والتعاون معها فى مجال الاستخبارات وتسليم المجرمين، والتواصل مع شعوب المنطقة، عبر وسائل الإعلام، خاصة الإذاعة، والاستعانة بالخبراء المختصين فى شؤون القرن الأفريقى، خاصة أولئك الذين يعرفون ثقافاته وتاريخه، ويجيدون لغاته.
وبالرغم من كل هذه الترتيبات، تبدو الولايات المتحدة غير قادرة على حسم المعركة مع القاعدة، التى تظهر من آن لآخر لتوجه الضربات لخصومها، بما يجعلها أشبه بالبركان، الذى يخبو طويلاً ثم يثور بشكل مفاجئ. بل إن الهلع الذى ينتاب الإدارة الأمريكية عقب كل عملية للقاعدة وتركيزها الإعلامى على التنظيم يزيد من شعبيته، خاصة فى ظل غطرسة السياسة الأمريكية فى أفغانستان والعراق والصومال، والسودان، وانحيازها السافر لإسرائيل، وتقاعسها عن إيجاد تسويات حقيقية لصراعات القرن الأفريقى، وإصرارها على إعطاء الأولوية للقوة المسلحة فى مواجهتها، وتركيزها على الانتماء الدينى لخصومها، متجاهلة دوافعهم السياسية.
------------------------------
* مدرس العلوم السياسية ، نائب مدير مركز الدراسات السودانية - جامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.