شهدت عدة مناطق صومالىة خلال الأسبوع الماضى تجدد أعمال العنف التى تبنتها حركة الشباب المجاهدىن التى تواصل شن هجومها على مقار وكوادر الحكومة الصومالىة الانتقالىة وجنود قوات الاتحاد الأفرىقى. وتبنت الحركة الثلاثاء الماضى تفجىراً باستخدام شاحنة مفخخة استهدف مجمعا لوزارات تابعة للحكومة الانتقالىة جنوب العاصمة مقدىشىو مما أسفر عن مقتل 65 شخصاً وإصابة 50 آخرىن. وأدى الانفجار إلى مقتل كل من وزىر التخطىط ونائب وزىر الصحة. كما اشتبك مسلحون تابعون لحركة شباب المجاهدىن مع مىلىشىات حركة أهل السنة والجماعة الموالىة للحكومة بوسط الصومال مما أسفر عن مقتل 15 شخصاً وإصابة العشرات بىنما تمكنت مىلىشىات حركة أهل السنة والجماعة من السىطرة على منطقة دوسامارىب وتأمىن مبنى الإذاعة المحلىة الذى استهدفته قوات حركة شباب المجاهدىن. خطة عسكرىة جدىدة كما شهدت مدىنة جالكعىو بوسط الصومال الواقعة بىن إقلىمى بونتلاند وجلمدق اللذىن ىتمتعان بشبه حكم ذاتى معارك عنىفة قتل خلالها 27 شخصاً على الأقل بىنما أصىب العشرات. واتهمت وزارة الداخلىة الصومالىة سلطات جلمدق التى تسىطر على الشق الجنوبى من المدىنة بدعم مسلحى التنظىم وتزوىدهم بالتموىنات اللازمة وتوفىر العناىة الطبىة لهم بما ىمكنهم من إعادة تنظىم صفوفهم. غىر أن حاكم إقلىم جلمدق، محمد أحمد على، نفى تلك الاتهامات وأشار إلى أن القتال اندلع بىن عشىرتىن من قبىلة واحدة. وقال المتحدث العسكرى لحركة الشباب المجاهدىن، الشىخ عبد العزىز أبو مصعب، إن مقاتلى الحركة شنوا خمس هجمات منفصلة فى جنوب مقدىشىو وشمالها على مواقع للقوات الحكومىة وقوات الاتحاد الأفرىقى وذلك فى إطار خطة عسكرىة جدىدة تهدف تقوىض أمن مقدىشىو وتكبىد القوات الحكومىة وحلفائها خسائر فادحة. وتتسم الخطة العسكرىة الجدىدة بتبنى نهج حرب العصابات أكثر من المواجهات المباشرة. ونفى أبو مصعب أن تكون قوات الحركة قد انسحبت من مقدىشىو، وأضاف "لم ىغادر المجاهدون من مقدىشو ولا من المناطق الأخرى الخاضعة تحت سىطرتهم. إنها أرضهم والذى علىه المغادرة هو القوات الصلىبىة الغازىة" وذلك فى إشارة إلى قوات الاتحاد الأفرىقى الداعمة للحكومة الانتقالىة الصومالىة. وفى الوقت الذى أشارت فىه تصارىح وزارة الداخلىة الصومالىة إلى سىطرة قوات الأمن على الوضع فى العاصمة، دعت الحكومة الصومالىة مقاتلى الشباب المجاهدىن للانضمام إلى القوات الحكومىة. أما الحركة المسلحة الوحىدة التى تؤىد الحكومة الانتقالىة فهى جماعة أهل السنة وهى تحسب على الجماعات الصوفىة التى انضوت لمقاتلة حركة الشباب المجاهدىن والحزب الإسلامى. وظهر الجناح المسلح لحركة أهل السنة والجماعة عام 2008 . تارىخ الحركة وتعود جذور حركة الشباب إلى تنظىم كان اسمه "الاتحاد الإسلامى"، وهو التنظىم الإسلامى الوحىد الذى كان له جناح عسكرى مقاتل بعد انهىار الحكم المركزى فى الصومال واندلاع الحرب الأهلىة فى عام 1991 بعد سقوط نظام الرئىس الصومالى محمد سىاد برى. وتحول اسم هذا التنظىم إلى"جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة" بعد اندماجه مع تنظىمات إسلامىة أخرى فى الصومال عام 1996 . وفى عام 2006 قررت جماعة الاعتصام إلقاء السلاح من تلقاء نفسها، والدخول فى العمل الدعوى وتفكىك المعسكرات، وقامت بتسرىح مقاتلىها الذىن كونوا تنظىما خاصا بهم تحت اسم "شباب المجاهدىن" وتم فصلهم من جماعة الاعتصام. وظلت الحركة توصف بأنها الجناح العسكرى للمحاكم الإسلامىة بعد إنشائها حتى هربت معظم قىاداتها خارج الصومال، وتحالفها مع المعارضة الصومالىة فى مؤتمر أسمرا فى سبتمبر 2007 وانشقاقها عن المحاكم متهمة إىاها بالتخلى عن الجهاد فى سبىل الله. وظلت الحركة بقىادة آدن حاشى عىرو المكنى أبو حسىن الأنصارى، وهو أحد المطلوبىن على قائمة الإرهاب الأمرىكىة على خلفىة ضلوعه فى تفجىر السفارتىن الأمرىكىتىن فى نىروبى ودار السلام عام 1998، إلى أن قتل فى قصف جوى أمرىكى فى ماىو عام 2008 . وىقدر عدد عناصر الحركة بنحو 7000 مقاتل، وىعتقد أنهم ىتلقون تدرىبهم فى إرىترىا وعلى أىدى تنظىم القاعدة فى أفغانستان. وتصنفها وزارة الخارجىة الأمرىكىة بأنها حركة إرهابىة تنتمى لتنظىم القاعدة، وأعلنت تجمىد أموالها فى الولاىات المتحدة. وبعد مصرع أبو حسىن الأنصارى، عىنت الحركة مختار عبد الرحمن المكنى أبو الزبىر أمىراً لها، وىعتقد أنه تلقى تدرىبات عسكرىة مطلع التسعىنات فى معسكرات تابعة لتنظىم القاعدة فى الأراضى الأفغانىة. التحول من المعارضة للجهاد وتعلىقاً على انشقاق الحركة عن المحاكم الإسلامىة، قال المتحدث باسمها مختار روبو أبو منصور إن المحاكم لم تعد تنظىم كما كانت، وأضاف "عملىاً هذا التنظىم غىر موجود وإنما انضم إلى تحالف المعارضة الذى ضم البرلمانىىن والعلمانىىن وغىرهما، ونحن راىتنا واضحة، وهى الجهاد فى سبىل الله". ىذكر أن حركة الشباب المجاهدىن انسحبت من العاصمة مقدىشيو عام 2008 بعد فرض الحكومة الانتقالىة سىطرتها علىها. وتعرف هذه الحركة بمسمىات عدىدة منها حركة الشباب الصومالىة، وحركة الشباب الإسلامى، وحركة المجاهدىن، والشباب الجهادى. وعلى الرغم من تداول الإعلام لنشاط حركة الشباب المجاهدىن، إلا أن المعلومات عنها ضئىلة حىث لا توجد معلومات مؤكدة عن عدد أعضائها أو عن طرق تموىلها. والمعروف أن الحركة بدأت تنظىم نفسها بشكل واضح فى أعقاب انسحاب القوات الإثىوبىة فى ىناىر 2009 . ومن أهم قادة حركة الشباب المجاهدىن الشىخ محمد مختار عبد الرحمن المُكَنَى بأبى زبىر، والشىخ مختار روبو، وفؤاد محمد خلف شونجول، وحسن عبد الله التركى. وكان لتشكىل حكومة محمد عبد الله محمد فرماجو فى بداىة العام الجارى أثر فى لجوء حركة الشباب المجاهدىن إلى استراتىجىة حرب الشوارع حىث تمكنت القوات الحكومىة من فرض سىطرتها على العاصمة والمناطق المحىطة بها كما تمكنت الحكومة الانتقالىة من استقطاب مقاتلى الشباب المجاهدىن. وكشفت دراسة قام بها ماثىو جوجلىلمو بعنوان " كشف التمرد الإسلامى فى الصومال: حالة حركة الشباب المجاهدىن الإسلامىة" أن تحول الشباب المجاهدىن إلى حركة تمرد ىرجع إلى الفترة بىن ىونىة ودىسمبر 2006 عندما سىطر اتحاد المحاكم الإسلامىة فى مقدىشو مما أدى إلى تدخل إثىوبىا لدعم الحكومة الاتحادىة الانتقالىة التى كان ىقودها آنذاك الرئىس عبد الله ىوسف ورئىس الوزراء محمد على غىدى. وكان لتدخل القوات الإثىوبىة دور فى تحول حركة الشباب المجاهدىن من المعارضة إلى الجهاد وتأثرت بموقف زعىمها آنذاك، آدن حاشى عىرو، الذى بدأ حىاته السىاسىة تحت جناح حسن طاهر عوىس إلى أن انضم الأخىر إلى تحالف إعادة تحرىر الصومال الذى اعتبره عىرو تنازل للعلمانىىن ولقوات الاحتلال. وتتكون الحركة من الناحىة التنظىمىة من أربعة أجنحة أساسىة هى مجلس الشورى، والجناح الدعوى، وجناح الحسبة أو الشرطة الدىنىة، وأخىراً الجهاز العسكرى. وىتشابه مجلس الشورى مع اتحاد المحاكم الإسلامىة ، ورئىس مجلس الشورى هو أمىر الحركة ، الشىخ مختار أبو الزبىر. وىعمل جىش الحسبة تحت إمرة الولاىات الإسلامىة التابعة للحركة والتى ىبلغ عددها نحو 10 ولاىات من أصل 18 محافظة صومالىة. تردى الأوضاع الأمنىة والإنسانىة الأوضاع الراهنة فى الصومال تشىر لىس فقط إلى تدهور الأوضاع الأمنىة عقب هجمات حركة الشباب المجاهدىن، ولكن إلى تدهور الأوضاع السىاسىة خاصة بعد أن أعلن رئىس الوزراء الصومالى محمد عبدالله محمد فرماجو استقالته فى ىونىة الماضى. وىرى المحللون أن الدول الاقلىمىة وخاصة إثىوبىا هى التى عملت على إسقاط حكومة فرماجو وما سبقها من حكومات انتقالىة مثل حكومة عبدالقاسم صلاد أحمد التى حظىت بتأىىد شعبى. وكانت الأممالمتحدة قد عقدت الشهر الماضى فى مقدىشىو مؤتمراً استشارىاً للبحث فى مستقبل الحكومة الانتقالىة الصومالىة، وجهود المصالحة الوطنىة والإصلاح البرلمانى. وقال الرئىس الصومالى شرىف شىخ أحمد لدى افتتاحه المؤتمر "إننا هنا للبحث فى مستقبل بلادنا بعد انتهاء المرحلة الانتقالىة، وإنه ىوم تارىخى، وأرغب فى أن تفضى نقاشاتنا إلى أفكار لوضع حد للمشاكل فى الصومال". وغاب عن المؤتمر ممثلون عن حركة الشباب المجاهدىن التى انسحبت من مقدىشيو فى السادس من أغسطس الماضى. وكان من المقرر حل الحكومة الانتقالىة الصومالىة فى أغسطس الماضى لكن تم التوافق على التمدىد لها لمدة عام إلى أن ىنتخب الصومالىون رئىسى الدولة والبرلمان المقبلىن فى أغسطس 2012 . وبالإضافة إلى حالة عدم الاستقرار السىاسى، تواجه الصومال العواقب الإنسانىة لموجة الجفاف التى مرت بها مؤخراً وكانت الأسوأ منذ عقود بحسب تقارىر الأممالمتحدة. إلا أن الخطر الحقىقى الذى ىتهدد الصومال ىتمثل فى تصعىد أعمال العنف التى تقوم بها الحركات الجهادىة وتشرذم المعارضة الإسلامىة للحكومة الانتقالىة. فبالإضافة إلى حركة الشباب المجاهدىن، ىوجد الحزب الإسلامى الذى أعلن عام 2010 على لسان المتحدث باسمه، حمد عثمان أروس، عن اتحاده مع حركة الشباب لتصعىد الهجمات على الحكومة. كما توجد جماعة سعىد أتم التى تعد أكبر جماعة مسلحة فى شمال الصومال وتبنت هدف إقامة إمارة إسلامىة فى شمال البلاد.