تبدو منظومة العدالة فى أزمة حقيقية سيكون على الوزير الجديد المستشار أحمد الزند مواجهتها، وهى مسألة لا يلتفت إليها المختلفون على تعيينه واختياره للمنصب الجديد. أزمة العدالة تظهرها رسميًا تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والتى تؤكد كمثال أن عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم، عام 2011، وصلت إلى13662533 قضية، وتم الفصل في نسبة 65.9%. فقط منها. التقرير يؤكد أن القضايا الجنائية جاءت في المرتبة الأولى ب6911389 قضية، وتم الفصل في 6069200 قضية بنسبة 87.8%، بينما احتلت قضايا التحكيم المركز الأخير ب62 قضية وتم الفصل في جميعها/ وبلغت نسبة فصل المحاكم المصرية في القضايا المنظورة أمامها 70.5%، وجاءت في المرتبة الأخيرة قضايا الأحوال الشخصية بنسبة 37.9% . والمتردد على مجمعات المحاكم والنيابات له أن يلحظ حقيقة تضخم أعداد القضايا التى يتحمل القاضي الواحد الفصل فيها يوميًا، فى حين يكون المتقاضون فى انتظار أحكام عادلة قاطعة بشأنها، تصون لهم حقوقهم، بينما هو لا حول له ولا قوة. كذلك الأمر بشأن رؤساء ووكلاء النيابات، تصلهم محاضر تحقيقات وتحريات فى وقائع ضبط وتلبس وسرقات وخلافه، بجانب المحاضر الادارية، إذا تطلب توقيع أحدهم عليها ب"النظر" فقط، سيكون مطلوبًا منه العمل لأكثر من 12 ساعة متواصلة، فما بالك وقد تنوعت وتداخلت معها محاضر من عينة سرقة الكهرباء والمياه وتعطيل المرافق وقضايا فصل العمال واعتصاماتهم والباعة الجائلين وأزماتهم والموظفين العموميين وحقوقهم وتجاوزاتهم؟ وكثيرا ما تحيل النيابة ملفات للقضاء دون تحقيقات كافية، ولا تصدر قرارات الحفظ إلا فى القضايا الحساسة فقط، لتثار مجددًا أسئلة حول أسباب استمرار جمع النيابة العامة بين سلطتى الاتهام والتحقيق، وعدم عودة قاضي التحقيق لإنجاز القضايا فى مراحلها الأولى. ويحضر وزير العدل الجديد بينما لجنة الانتخابات النيابية غارقة فى مأزق إنجاز تعديلات قوانين الانتخابات، مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية وتقسيم الدوائر، وهى القوانين التى تنتظر طعونًا عليها ستثقل على كاهل قضاة مصر، بخلاف طعون المرشحين ذاتهم على قرارات محتملة باستبعادهم، رغم أن لجنة تلقي أوراق ترشحهم تكون قد استلمتها بعد فحص دقيق مفترض. هل يمكن أن تقوم للعدالة قائمة بينما منظومتها القضائية تعانى أزمات لا حصر لها ولا إجراءات حقيقية واضحة لمواجهتها؟ ثم كيف يمكن للعدالة أن تتحقق فى ظروف تبدو استثنائية – انتقالية، حيث جرائم الإرهاب المتزايدة بحق الشعب والجيش والشرطة من قبل جماعات إرهابية مدعومة من أجهزة استخباراتية، وخارطة الطريق تضع معها الحكومة خطة إصلاحات اقتصادية تحتاج قوانين وتشريعات تدفع عجلة الاستثمار والإنتاج للأمام دون معوقات، بينما عقلية الموظف العام ثابتة ومهاراته متجمدة على الأغلب عند حدود ما قبل ظهور الحاسب الآلى؟ أعتقد أن مهمة وزير العدل الجديد صعبة، لا يزيد عنها صعوبة سوى معضلة ومأزق إنجاز قوانين الاستحقاق الثالث.