الإدارية العليا: الهيئة الوطنية للانتخابات ملزمة بإصدار قرارات مسببّة للتظلمات    وزير التعليم ومحافظ أسوان يواصلان جولتهما التفقدية بزيارة المدرسة المصرية اليابانية    قضايا الدولة تختتم فعاليات التدريب التفاعلي لدعم قضايا المرأة (صور)    اليورو يغلق التعاملات على استقرار أمام الجنيه بالبنوك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025    وزير المالية: سنعلن تفاصيل التسهيلات الجمركية لخفض زمن الإفراج    نهاية قصة "توشيبا العربي" بعد سنوات من التعاقد بمصر    البورصة تخسر 22 مليار جنيه بختام تعاملات منتصف الأسبوع    الجامعة العربية تدين الهجوم الإرهابي في مدينة سيدني    وسائل إعلام: منفذو هجوم سيدنى تلقوا تدريبات عسكرية فى الفلبين    الكرملين يرفض وقف إطلاق نار في أوكرانيا بمناسبة عيد الميلاد    زلزال بقوة 3.8 درجة على مقياس ريختر يهز أنطاليا التركية    اتحاد الكرة يتوصل لتسوية مع فيتوريا لإنهاء النزاع القضائي    إغلاق ملف فيتوريا رسميًا.. تسوية نهائية بين المدرب واتحاد الكرة في «CAS»    ذا بيست.. دوناروما أفضل حارس مرمى في العالم 2025    أثناء عودتهما من العمل.. مصرع عاملين إثر تصادم تروسيكل مع سيارة بقنا    طقس الأربعاء.. شبورة كثيفة وأمطار قد تصل لحد السيول على سيناء    اتحاد طلاب دمياط يساهم لأول مرة فى وضع جداول امتحانات الفصل الدراسى الأول    وفاة شخص اثناء انتظاره قطار بمحطة إسطنها فى المنوفية    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل جواهرجى البحيرة إلى يوم 12 يناير    الليلة.. محمد رمضان ضيف أنس بوخش    البيان الختامي للندوة الدولية الثانية للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء بالعالم يوصى بالتصدى لظاهرة التطرف الفكري    حلمى عبد الباقى يرد على توجيه اتهامات له فى تحقيق الموسيقيين: غير صحيح    إطلاق النسخة الثانية من جائزة «الراوي» في احتفالية مميزة بالقاهرة    كولونيا يرفع شعار كامل العدد في "قرطاج"    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    وزارة الصحة تستضيف ورشة عمل دولية لتوفير الخدمات للمهاجرين واللاجئين    الكشف علي 177 حالة بمبادرة "من أجل قلوب أطفالنا" بمدارس القليوبية    الصحة تُحذر من تخزين المضاد الحيوي واستعماله مرة أخرى    * رئيس هيئة الاستثمار يثمن دور "نَوَاه العلمية" في تعزيز الابتكار والمعرفة ويؤكد دعم الهيئة المستمر للقطاع العلمي    نائب محافظ الإسماعيلية يتفقد مقار لجان انتخابات النواب قبيل جولة الإعادة    حماس: 95% من الشهداء بعد وقف إطلاق النار مدنيون.. ولا يحق لإسرائيل استهداف رجال المقاومة    ركيزة في بناء الوعي.. محافظ الغربية يستقبل مدير أوقاف الغربية الجديد    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشئون العربية والأفريقية    موقف ليفربول، ترتيب الدوري الإنجليزي بعد الجولة ال 16    قرار جديد من النيابة فى واقعة تعرض 12 طفلا للاعتداء داخل مدرسة بالتجمع    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    هل تلتزم إدارة ترمب بنشر ملفات إبستين كاملة؟ ترقّب واسع لكشف الوثائق قبل الجمعة    محمد مصطفى كمال يكتب: الترويج السياحي من قلب المتحف الكبير.. حين تتحول الرؤية إلى ممارسة    ب 90 مليون جنيه، محافظ بني سويف يتفقد مشروع أول مدرسة دولية حكومية    محافظ أسوان: صرف علاج التأمين الصحي لأصحاب الأمراض المزمنة لمدة شهرين بدلا من شهر    مباحث الغربية تضبط المتهم بقتل شاب وإصابة شقيقه بكفرالزيات لخلافات بينهم    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    توروب يتمسك بمستقبل الأهلي: شوبير عنصر أساسي ولا نية للتفريط فيه    وزير الرياضة يبحث مع السفير الإماراتي تعزيز التعاون المشترك    بيان – الزمالك يعلن التعاون مع النيابة العامة وثقته في الحلول لاستمرار النادي    تفاصيل افتتاح متحف قراء القرآن الكريم لتوثيق التلاوة المصرية    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    مَن تلزمه نفقة تجهيز الميت؟.. دار الإفتاء تجيب    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجه القبلي بسبب الإصلاحات    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    الجيش الأوكراني يعلن إسقاط 57 مسيرة روسية    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    جلال برجس: الرواية أقوى من الخطاب المباشر وتصل حيث تعجز السياسة    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديمقراطية عُورة والدليل هتلر وسنغافورة!
نشر في المشهد يوم 21 - 04 - 2015

ابتلينا بإعلام يخلط الأوراق وينتقي من الحق ما يدعم الباطل! أوهموا الناس أن الديمقراطية سبب ما هم فيه، وأنها لا تصلح لشعب يعاني الجهل والفقر والمرض، ويحتاج الأمن والنظام والخبز، وإذا كنت تحتاج الدليل فما أيسر ذلك، عندك سنغافوره وهتلر، فأما سنغافوره فقد استشهد بها محمد صبحي قائلاً: إنها من أغنى الدول رغم أن حاكمها قرر أن الديمقراطية لا تهم، وأما هتلر فهو الدليل لدى إعلاميي هذا الزمان على أن الانتخابات وحشة لأنها كانت السبب في وصوله للحكم، يبقى إيه لزومها؟
وبالفعل هم محقون في أن سنغافوره ديكتاتورية غنية، رغم أنها بدأت باقتصاد هزيل في 1963 بإجمالي ناتج قومي لا يتجاوز مليار دولار، ليتجاوز 300 مليار دولار في 2014. واحتكر الحكم فيها حزب واحد بقيادة "لي كوان يو" الذي وصل نجله إلى رئاسة الوزراء في 2004 (يعني كان عندهم توريث). وحرية التعبير والإعلام محدودة ومقيدة، وهناك استخدام للقمع الناعم عن طريق القانون والقضاء وفترات الحبس المفتوحة دون حكم قضائي، بالرغم من ذلك فالاقتصاد مزدهر، ومتوسط دخل الفرد فيها ثالث أعلى متوسط دخل في العالم، كما أنها تأتي في المرتبة الثالثة في العالم على مؤشر بيرسون لجودة التعليم، ومن ثم فإنهم حققوا التقدم في ظل الديكتاتورية، فلماذا الديمقراطية؟
ما لم يقولوه للناس أن سنغافورة نموذج شاذ في العلوم السياسية، وأن الشائع المتفق عليه هو ارتباط النمو الاقتصادي بالتطور في حقوق الإنسان وتداول السلطة والفصل بين السلطات، والأدلة تتجاوز الحصر من دول أمريكا اللاتينية التي كانت بائسة وهي ديكتاتوريات عسكرية وصارت مبهرة في ظل أنظمة ديمقراطية مثل تشيلي والبرازيل وكوستاريكا، ومروراً بأفريقيا التي انهكتها الانقلابات ولم تبرز فيها إلا الديمقراطيات في بتسوانا وجنوب أفريقيا، وصولاً إلى آسيا والنماذج الناجحة في اليابان وكوريا الجنوبية في مقابل بؤس وقمع كوريا الشمالية، رغم أن الكوريتين شعب وثقافة واحدة، فلماذا كان الاستدلال بالشاذ وهجر الشائع؟ ما فعلوه لم يكن إعلاماً بل غسيل للعقول باستخدام منطق انتقائي ملتوٍ.
ومع ذلك فنموذج سنغافورة لا يثبت ما أرادوا إثباته، لأن النظام هناك استمد شرعيته في احتكار السلطة من أداء فعال نقل الدولة من مستعمرة بريطانية متخلفة إلى معجزة اقتصادية، وبالرغم من كونها ديكتاتورية، إلا أنها من أقل عشر دول فساداً في العالم، وهو شاذ أيضاً، لأن أكثر عشرين دولة فساداً في العالم كلها ديكتاتوريات قمعية لا حكم رشيد لديها. بالرغم من هذا الأداء الفعال فقد خسر الحزب الحاكم عدداً من المقاعد للمرة الأولى في انتخابات 2011، ويعزو المراقبون ذلك إلى أن الهوة بين الدخول في سنغافورة اتسعت، وأن ترتيب سنغافورة على مؤشر الشفافية بدأ في الهبوط، مما يجعل من انتخابات 2016 تحدياً حقيقياً للحزب الحاكم. ببساطة كان مجرد اهتزاز الأداء تهديداً لشرعية الحكم واستمراره، أما إذا كنت تتحدث عن أنظمة حكمت عقودا انهار فيها الاقتصاد والأمن والتعليم ومن قبلهم السياسة ثم تتحدث عن شرعيتها في الاستمرار في الحكم من أجل البناء، فأرجوك أن تعيد قراءة ما كتبته أعلاه، وإذا كنت تقول للناس إنه لا يصلح لهم إلا استبداد رشيد، فاذكر لهم متى صلح حالهم في ظل أي استبداد حتى تسوقه لهم.
أما الحكم على فشل الديمقراطية بدليل أن الانتخابات هي التي أوصلت هتلر إلى الحكم فدعني أقل: إن ذلك باطل يراد به أباطيل، فالديمقراطية لا تعني فقط طريقة الوصول إلى الحكم، بل الأهم كيف يمارس الحكم، لأن وجود مؤسسات وفصل بين السلطات وسيادة للقانون أهم بكثير من مجرد آلية الانتخابات، ومع ذلك من قال لك إن هتلر قد أوصلته الديمقراطية إلى الحكم؟ أو أنه حكم يوماً واحداً في ديمقراطية؟ فمنذ تأسيس الحزب النازي عام 1920 وهو لا يحصل في الانتخابات البرلمانية إلا على مقاعد محدودة، إلى أن حدث الكساد العالمي فاستثمر النازيون البطالة واليأس والذل القومي الذي عانته ألمانيا بعد الحرب في تأجيج الوطنية والخوف من الشيوعية، ومع ذلك لم يحدث أن حصل النازيون على الأغلبية المطلقة في أي انتخابات حتى وصولهم للحكم. وفي عام 1932 ترشح هتلر للرئاسة أمام الرئيس هايدنبرج (84 سنة)، وبعد حملة دعاية رهيبة من النازيين بقيادة جوبلز يحصل هتلر على 30٪ من الأصوات وهايدنبرج على 49٪، لتعاد الانتخابات ويفوز
هايدنبرج، ثم تأتي انتخابات البرلمان ليحصل الحزب النازي على ثلث الأصوات ويدخل في حكومة ائتلافية برئاسة بيبين، في ذلك الوقت كان النازيون قد شكلوا جيشاً بالآلاف أشاع الرعب وقتل شيوعيين ونهب متاجر اليهود، ثم دبروا حرق البرلمان واتهموا شاباً شيوعياً بذلك لتتشتعل الدعوة للثأر وتعم الفوضى ألمانيا، و يضطر الرئيس إلى تكليف هتلر برئاسة الوزراء، ويُفوَض هتلر في اجتماع للبرلمان بالأوبرا تحت سيطرة كتائب النازيين بسلطات تخالف الدستور. يموت هايدنبرج ويوصي أن ينتقل الحكم إلى عائلة هوهنزلرن الإمبراطورية. يتجاهل هتلر الوصية ويعلن نفسه فوهرر ألمانيا، أي الزعيم والمرشد والكل في الكل، فأين هي الديمقراطية التي أوصلته والحرية التي أضاعتهم؟
كان الشاعر الرقيق إبراهيم ناجي مستاءً من اختراع السيارات لأنها تتسبب في حوادث وقتل، وقال متحسراً: "هل بعد اختراع الموت شيئٌ يُرام؟" يا شاعري الأثير ليست المشكلة في الاختراع، المشكلة فيمن يستعمله، يصدق ذلك أيضاً على الإعلام، والحكم، والمنطق.. قل لي كيف يُستخدمون أقل لك من أين تأتي الكوارث، والدليل ... سنغافوره! آه يا قلبي!
من العدد المطبوع
من العدد المطبوع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.