علي مدار يومين أنعقدت الندوة الدولية الثانية بمناسبة اليوم العالمى للفتوى ، تحت عنوان " الفتوى وقضايا الواقع الإنسانى"، وفي ختام أعمالها ، كشف الدكتور نظير محمد عياد مفتى الجمهورية ، أهم التوصيات التى أنبثقت من جلسات الندوة ، وهي اعتماد المخرجات وتطبيقها في دور وهيئات الإفتاء في العالم وإدماجها في ممارساتها المؤسسية ومناهجها التدريبية، و تعزيز التعاون الدولي عبر تبادل الخبرات وإطلاق مبادرات مشتركة في مجال الإفتاء الإنساني. كما أوصت استمرارية عقد ندوة سنوية تحت مظلة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم؛ يجتمع المفتون والخبراء دوريًا لمتابعة تنفيذ التوصيات، وتحديث الميثاق وفق تطور الأحداث، و الالتزام بالقانون الإنساني وبحماية المدنيين وقت الحروب والنزاعات، والتنديد بالجرائم والانتهاكات التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، ودعوة المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف نزيف الدم، وضمان إيصال المساعدات، وحماية حقوق المظلومين.
وتعزيز التضامن الدولي في مواجهة القضايا المشتركة كالفقر والأوبئة، والتأكيد على التكامل المؤسسي للإفتاء بين دور وهيئات الإفتاء على المستوى العالمي تحت مظلة الأمانة العامة عبر تبادل الخبرات وتوحيد آليات العمل، وتفعيل المبادرات الإفتائية الدولية كوثيقة التعاون والتكامل الإفتائي، وتأهيل المفتين لفهم الواقع الإنساني المعاصر ومتطلباته، وإدماج التدريب التقني ضمن مناهج إعداد المفتين لمواكبة التطورات الرقمية.
وضع ميثاق أخلاقي لاستخدام التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في مجال الإفتاء، مستمدًا من القيم الإسلامية، استثمار التكنولوجيا لتوسيع نطاق خدمة الفتوى عالميا. وإطلاق تطبيقات ذكية ومنصات تفاعلية متعددة اللغات، تثمين دور "الدبلوماسية الدينية" في دعم جهود السلام العالمي، وإعلاء قيم التعايش، وتعزيز الهوية الصحيحة.
إصدار قوانين تنظيم الشأن الإفتائي، لقصر ممارسة الإفتاء على الجهات العلمية المعتمدة، وأصحاب التأهيل الشرعي، ومنع غير المتخصصين من الفتوى، والتصدي للفتاوى التحريضية التي تهدد السلم المجتمعي، إطلاق مشاريع بحثية موسعة لدراسة القضايا المستجدة والمستقبلية بمنهجية تجمع بين الاختصاص الشرعي والعلوم الحديثة.
الاهتمام بقضايا البيئة والتغير المناخي، والتأكيد على دور القيادات الدينية في التوعية بمسؤولية الحفاظ على البيئة كواجب شرعي وأخلاقي، وتعزيز التعاون بين وزارات التربية والتعليم والثقافة والإعلام وبين هيئات الإفتاء لإدراج مفاهيم التسامح والتعايش والأمن الفكري في المناهج الدراسية، وتطوير مبادرات إعلامية تخاطب فئات المجتمع -لا سيما الشباب-، لتحصين الأجيال الناشئة من آفات الجهل والتطرف.
توثيق الصلة بين المؤسسات الإفتائية والهيئات الصحية لضمان صدور فتاوى طبية موحدة ورصينة، لا سيما في أوقات الأوبئة والأزمات الصحية، ومراعاة الأهداف التنموية في العملية الإفتائية، وتوجيه الفتاوى لدعم مكافحة الفقر وتحسين جودة التعليم والصحة وحماية البيئة.
ومواصلة التصدي بحزم لظاهرة التطرف الفكري والفتاوى الشاذة التي تزعزع استقرار المجتمعات، وزيادة التنسيق بين الهيئات الدينية والأمنية والتعليمية والإعلامية؛ لتصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الشباب.
وأكد مفتى الجمهورية أن هذه الندوة جاءت تأكيدًا لأهمية موضوع الفتوى والقضايا الإنسانية في ظل عالم تتصاعد فيه التحديات غير المسبوقة من أزمات ونزاعات مسلحة وكوارث طبيعية وأوبئة عالمية، وما تفرضه من مسائل ملحة تستوجب اجتهادًا فقهيًا رشيدًا يستوعب مستجدات العصر بحكمة وبصيرة.
وقد انعقدت الندوة بمشاركة واسعة من مفتين وعلماء وممثلي هيئات إفتاء من مختلف دول العالم، إلى جانب خبراء في المجالات الإنسانية والحقوقية؛ بهدف تبادل الرؤى وتعزيز التنسيق حول دور الإفتاء في صون الكرامة الإنسانية، ومعالجة القضايا المعاصرة بروح مسؤولة، وتعاون دولي.
وبعد نقاشات مستفيضة، أكد المشاركون ما يلي: المحاور الرئيسة التي ناقشتها الندوة: - محور الفتوى والكرامة الإنسانية: وتناول الأسس الشرعية والأخلاقية التي توجب صون الكرامة الإنسانية ومراعاة حقوقه وواجباته في عملية الإفتاء، مؤكدًا على ضرورة أن تنضبط كل فتوى بحيث تراعي حقوق الإنسان وحرمته، وتصون سمعته وخصوصيته.
- محور فتاوى الأزمات والنوازل: استعراض دور الإفتاء في التصدي للنوازل والأزمات الطارئة بصورة تجمع بين الانفتاح على الواقع مع المحافظة على الثوابت. - محور الاجتهاد المعاصر في القضايا الإنسانية وتطرق إلى قضايا عدة؛ كالمهاجرين واللاجئين وضحايا الحروب، وقضايا الفقر والتنمية والتغير المناخي .إلخ.
- محور التعاون الدولي والانفتاح المؤسسي: وتناول أهمية تعزيز التعاون بين مؤسسات الإفتاء في العالم وبين المؤسسات العلمية الأخرى المتعددة. - ورش العمل التطبيقية المشتركة: عقدت ورش تفاعلية بمشاركة مفتين ومختصين في العمل الإنساني، وأسفرت عن خطط أولية لمشاريع مشتركة بين المؤسسات الإفتائية والجهات الإغاثية والحقوقية.
أبرز نتائج ومخرجات الندوة:
- "ميثاق الفتوى والكرامة الإنسانية": وثيقة أخلاقية ترسخ المبادئ والقيم الشرعية والمهنية التي تلتزم بها جهات الإفتاء بهدف صيانة كرامة الإنسان مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للشعوب دون إخلال بثوابت الشريعة السمحة.
- "الدليل الإجرائي لفتاوى الأزمات والنوازل": دليل عملي موحد يسترشد به المفتون والمؤسسات الإفتائية في أوقات الأزمات الكبرى، وفي إجراءات الإفتاء في الظروف الاستثنائية.
- "دليل الفتوى المعاصرة في القضايا الإنسانية": إصدار موسع يشمل دراسات وفتاوى معاصرةً حول أبرز القضايا الإنسانية في عالمنا جمعت بين الأصالة والمعاصرة. مبادرات تنفيذية وتطبيقية:
- " فتوى Ai": نموذج إفتائي لدار الإفتاء المصرية وأحد أهم مخرجات مؤتمر الأمانة، يستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل الأسئلة وتقديم الفتوى الشرعية الدقيقة، ويمثل نقلةً في تطوير المنظومة الإفتائية وتعزيز حضورها وقد تم إنشاؤه.
- منصة الفتوى من أجل الإنسانية: إنشاء منصة رقمية عالمية متعددة اللغات تحت إشراف الأمانة العامة وتجمع دور الإفتاء وتتيح تبادل الخبرات والاجتهادات بين المفتين، ويمكن أن توفر المنصة تطبيقًا ذكيًا يتفاعل مع الأسئلة الطارئة ويقدم إجابات سريعةً موثوقةً.
- بنك الفتاوى التنموية العالمي: قاعدة بيانات رقمية مركزية تجمع الفتاوى المعتمدة الصادرة حول القضايا التنموية والإنسانية من مختلف دور الإفتاء. يكون البنك مرجعًا عالميا لأفضل الممارسات الإفتائية، وتم إنشاؤه والانتهاء منه.
- نتائج الورش المشتركة: تضمنت النتائج مقترحات مشروعات وبرامج تدريبيةً لتعزيز قدرات المفتين، وآليات لإنشاء شبكة تواصل دولية بين دور الإفتاء والمؤسسات الإغاثية لتبادل المعلومات بشكل فوري وقت الأزمات. وإطلاق منصات إلكترونية مشتركة لنشر الفتاوى الإنسانية بلغات متعددة.
- برنامج الشراكة بين هيئات الإفتاء ووزارات الصحة: تطلق مبادرة "المستشار الشرعي الطبي" بحيث يتواجد مستشارون شرعيون في المستشفيات الكبرى.