تظل مسألة الطاقة: توفيرها ومواجهة مشكلات نقصها وتراجع إمداداتها؛ هي الشغل الشاغل لدول العالم جميعاً، بما فيها الدول النفطية، التي اتجهت بدورها منذ زمن إلى التفكير والعمل على توفير بدائل للطاقة، في مقدمتها الطاقة الشمسية.. من هذه الدول المملكة العربية السعودية، أكبر الدول النفطية التي تدرك أن "النفط لا أمان له"، فخطت خطوات واسعة نحو توفير بديل الطاقة الشمسية، مستعينة في ذلك بخبرات الدول الأخرى والشركات العالمية، ومن هذه الشركات "مانز إيه جي" الشركة الألمانية متعددة الجنسيات والمتخصصة في هندسة التقنيات المتقدمة.. هنا لقاء مع محمد العماوي، نائب الرئيس للمبيعات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في الشركة، يتحدث فيه إلى "المشهد" عن صناعة الطاقة الشمسية على مستوى العالم، ومساهمة الشركة في توفير بدائل هذه الطاقة في العربية السعودية، وغيرها من دول منطقة الشرق الأوسط. - في البداية أعطنا لمحة عن صناعة الطاقة الشمسية على مستوى العالم.. وما هو مستقبل هذه الصناعة؟ يظهر تحليل "سوق الطاقة الشمسية العالمي" الصادر حديثاً عن شركة "فروست أند سوليفان"، أن هذه السوق حققت عائدات وصلت إلى 59.48 مليار دولار أميركي في العام 2013، وتشير التقديرات الواردة في التقرير إلى أن هذا الرقم سيتضاعف بحلول العام 2020 ليبلغ 137.02 مليار دولار. وتعتبر هذه الأرقام مؤشراً واضحاً على مستقبل هذه الصناعة، والمكانة المهمة التي تحتلها الطاقة الشمسية بين مختلف أنواع الطاقة المستخدمة حالياً في أنحاء العالم. أما في ما يخص مستقبل هذه الصناعة، فإنه من المتوقع أن تتضاعف الطاقة الشمسية ثلاثة أضعاف لتصل إلى 430 جيجاواط، بحلول العام 2018، بحيث توفر طاقة تعادل ما توفره 800 محطة تعمل بالفحم أو الطاقة النووية، وذلك وفقاً لأفضل سيناريو وضعه اتحاد قطاع الخلايا الشمسية الكهروضوئية الأوروبي (EPIA)، وحتى السيناريو الأسوأ البالغ 312 جيجاواط، يعد رقماً كبيراً كذلك ومثيراً للإعجاب. - فماذا عن مستقبل هذه الصناعة في منطقتنا تحديداً؟ بحسب تقرير الطاقة الشمسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للعام 2014، والذي تم نشره من قبل "ميد إنسايت" بالتعاون مع "جمعية الشرق الأوسط لصناعات الطاقة الشمسية"؛ فإنه من المخطط أن تقام مشاريع جديدة في الطاقة الشمسية والرياح والكهرومائية، في المنطقة، يصل إنتاجها إلى 37000 ميجاوات، وأن تبدأ أعمالها مع نهاية العقد الحالي، منها بين 12000 و15000 ميجاوات سيتم توريدها من مشاريع الطاقة الشمسية بشكل خاص. وبالحديث عن مستقبل صناعة الطاقة الشمسية في المنطقة، أود القول إنه على الرغم من أن قطاع الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط أمامه طريق طويل، للوصول إلى مستوى السوق العالمي، إلا أن هناك فرصاً كبيرة تنتظره، والمثال الأهم هنا المملكة العربية السعودية، التي تمتلكأكبر إمكانيات للطاقة الشمسية في المنطقة، فقد ورد في دراسة فنية نشرتها مؤخراً "مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة"، وهي الجهة المسئولة عن الإشراف على برامج الطاقة المتجددة والبديلة في المملكة؛ تقديرات تشير إلى أن محطات الطاقة المتجددة التي سيتم تركيبها بحلول العام 2020 سوف تنتج 23000 ميجاواط، وأن معظم القدرة المتوقعة سيتم تقسيمها بين مشاريع الطاقة الشمسية المركزة والطاقة الشمسية الكهروضوئية. - لكن برأيك ما هي الأسباب وراء تحول دول المنطقة نحو هذه الطاقة البديلة؟ هنالك العديد من الأسباب وراء هذا التحول، حيث سيتضاعف الطلب على الكهرباء بسبب زيادة الحاجة إليها في الصناعات والاستخدامات المنزلية ومحطات تحلية المياه، التي بدورها سيزداد الطلب عليها لتلبية الاحتياجات لأغراض الزراعة والاستخدامات المنزلية والصناعية، مما يزيد من كلفة الوقود الأحفوري ويؤثر في التغير في المناخ. ووفقاً لشركة الكهرباء السعودية، يبلغ الطلب حالياً على الكهرباء 55-60 جيجاواط ويزداد بنسبة 7% سنوياً. إلى ذلك، فإن هذا هو التوجه السائد في المنطقة، حيث أعلنت إمارتا دبي وأبوظبي عن استثمارات كبيرة في محطات الطاقة الشمسية، في إطار مشاريع ضخمة مثل "مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية"، و"شمس 1"، وهي المشاريع التي لا تزال تغطي نسبة محدودة من احتياجات الطاقة. كما أعلن كل من الأردن ومصر، عزمهما لجعل الطاقة الشمسية جزءاً رئيسياً من مختلف أنواع الطاقة المستخدمة في الدولتين. ونحن في شركة "مانز إيه جي" ندعم الرغبة في الانتقال إلى الطاقة الشمسية، ونوفر التقنية التي تسهل إنتاج هذا النوع من الطاقة محلياً، حيث تقدم الشركة خطوط إنتاج متكاملة لإنتاج الوحدات الشمسية (CIGS)التي يحقق تشغيلها جدوى اقتصادية، حيث إن مبدأنا هو المساهمة في خفض تكاليف الإنتاج للمنتج النهائي. - من الواضح تركيز الشركة على السوق السعودية للإمكانيات التي أشرت إليها.. فهل يوجد أي تعاون أو اتفاقيات مع حكومة المملكة أو الشركات الحكومية أو الخاصة؟ بالتأكيد.. لكن في البداية بالنسبة لنا كشركة ولمعرفتنا أن صحراء منطقة الشرق الأوسط تتسم بكثرة الغبار، الأمر الذي يمكن أن يعيق قدرة الألواح الشمسية على توليد الطاقة؛ كان من الضروري أننختبر وحداتنا في ظل الظروف المحلية. وكخطوة أولى، قمنا بتركيب الوحدات في المملكة العربية السعودية (الرياض والدمام) وقطر، وبعد الاختبار لمدة طويلة، أثبتت الألواح حساسية قليلة للغبار، وقد أظهرت ذلك البيانات التي تم جمعها من المواقع، ومن ثم دخلنا في مفاوضات مع عدد من المؤسسات والجهات في المملكة، حيث تضمن شركتنا إنتاج الطاقة الشمسية بأقل التكاليف، وتشغيل خطوط لإنتاج رقاقات(CIGS) (سيلينيد النحاس الإنديوم الجاليوم) خاصة بطبيعة المملكة، و تولد هذه الرقاقات الطاقة الكهربائية بتحويل أشعة الشمس إلى تيار كهربائي مستمر ومباشر. - إذن كانت الاتفاقيات أحد أسباب زيارتكم الأخيرة إلى السعودية. صحيح، وأيضاً للمشاركة في معرض الطاقة الشمسية والمتجددة الذي أقيم في مدينة الرياض، وكانت تلك مشاركتنا الأولى في المعرض في دورته الثانية، للاستفادة من الفرص التي يتيحها لدخول السوق السعودية وأسواق المنطقة، وبالفعل عقدنا لقاءات مع العديد من الشركاء المحتملين، ومن بينهم شركات تعمل في مجال الطاقة الشمسية ترغب في الاستفادة من تقنيتنا في بناء ألواح الطاقة الشمسية، لتحقيق أعلى كفاءة في تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء. كما قمنا بزيارة "مدينة الملك عبدالله للعلوم". - ما هي الخطط المستقبلية لشركة "مانز" لمساعدة دول منطقة الشرق الأوسط معرفياً ولتطوير قدراتها في هذا القطاع؟ شركة "مانز" في الأساس شركة أبحاث وتطوير، فنحن نبتكر تقنية متطورة للطاقة الشمسية نقوم ببيعها بعد ذلك، أو نقلها إلى المؤسسات ضخمة الإنتاج، ونوفر حلولاً جاهزة من أجل إقامة محطات إنتاج متكاملة. كما نلتزم بتطوير القاعدة المعرفية في الدول التي نعمل بها، وتدريب خريجي الهندسة الجدد حتى يصبحوا جاهزين لتقديم مساهمة حقيقية في تطوير تقنية تصنيع الطاقة الشمسية.