حمل الكاتب والدبلوماسي اليمني عبدالودود المطري حقيبته ورحل، أمس، فجأة، من "معهد القلب" بالقاهرة، إلى جوار ربه، إثر أزمة صحية مفاجئة. وكان قبل 24 ساعة فقط من هذه الأزمة يعيش حياته ضاحكا ساخرا، وكأنه سيعيش أبدا. عاش "عبدالودود" نصف عمره في مصر منفيا من قبل نظام الرئيس السابق على عبدالله صالح بعد وحدة اليمن عام 1992، مع المئات من المعارضين اليمنيين لهذا النظام. ومن هؤلاء، وهم كُثر، الصحفي الكبير أحمد الحبيشي وعبدالله سلام وعبدالرقيب منصور ومحسن العيني والمرحوم على السقاف وغيرهم من أعضاء الرابطة غير الرسمية المسماة "عشاق مصر". كان الجميع يقدرون مصر والمصريين، وكان منهم وزراء سابقون ودبلوماسيون وروائيون يتناقشون ويصخبون في مقاهي القاهرة، وإذا احتد أحدهم على أخيه في مناقشة سياسية تخص بلاده، يقلل من شأن الأمر برمته قائلا له "يا أخي يعني هتكون وزير في مصر"! وعمل المطري فيما بعد مستشار إعلاميا لسفارة بلاده لدى القاهرة، حيث عاش حياة حافلة قضاها صحفيا وروائيا ورحاّلة، كواحد من أهل البلد التي أحبها أكثر من غيرها، يعيش بين الصحفيين والأدباء المصريين باعتباره واحد منهم، وكان من المقربين لعمنا الراحل محمود السعدني، الذي قال عن كتابه "تائه في بلاد الإنجليز" إنه – أي المطري- الكاتب العربي الوحيد الذي جرؤ على "معارضة" الراحل الكبير محمد عفيفي صاحب "تائه في لندن". وكان ل"المطري" طرائف وحكايات لا حصر لها مع الصحفيين المصريين، ومن ذلك أنه طلب من السعدني ذات سهرة على نيل الجيزة أن يكتب له إهداء على كتاب صدر ل"الولد الشقي" حديثا، وقتها. وكانت السهرة عامرة بعشرات المثقفين العرب، الذين كانوا يسهرون " مبسوطين إخوانا " بتعبير السعدني. وبعد تمنع قصير، أخذ السعدني، صاحب البداهة الحاضرة القلم وكتب لصديقنا المطري شيئا، فطلب الحاضرون من الأخير أن يقرأ الإهداء بصوت عال، فقرأ ببساطة: "إلى الرجل الذي حاول أن يركب الصعب.. فركبه الصعب"! وتعالت ضحكات الحاضرين، وانطلق معهم المطري "مقهقها" من فرط الطرب، وكان الإخوة اليمنيون أعلى الناس ضحكا، لأنهم فهموا من النكتة أبعد من "التلاعب بالألفاظ" الذي كان السعدني أستاذا فيه، فهو بحكم "صياعته" القديمة كان يعرف أن "الصعب" في اليمن هو الحمار! رحم الله الصديق الفنان عبدالودود المطري، وغفر له، ولنا. عبد الودود المطري عبد الودود المطري