والفناء الواسع الذي يجمع تلك المنازل هو ساحة قديمة لتلك القلعة التي اكتشفوا أن اسمها "طابية كوسة باشا" نسبة لمصطفي كوسة باشا قائد الجيش العثماني في معركة ابي قير البرية والذي هزم الفرنسيين، ثم ما لبث ان انتصروا عليه واسروه عقب تململ جنوده علي حدود شواطيء الاسكندرية احتفالا بنشوة النصر. ثم أتبع ذلك صدور قرار من المجلس الأعلي للآثار سنة 1998 بضرورة اخلاء الموقع من الاهالي بعد تسجيله كأثر اسلامي في العام 1992 . وتعددت المناوشات بين الأهالي والآثار منذ ذلك الحين ووصلت الي الأقسام وساحات المحاكم والقضاء نتيجة موافقة الاهالي علي الخروج من المكان الاثري وعدم تقديم الآثار تعويض عادل لهم كما ينص القانون مما دفع الاهالي لإقامة دعوي قضائية برقم 3150 لسنة 53 ق ضد محافظ الاسكندرية والمجلس الأعلي للآثار لإلغاء قرار الإخلاء الا مقابل تعويض عادل وكان حكم مجلس الدولة: ان قرار الازالة والاخلاء من قبل الآثار طبقا للأوضاع والملابسات الحالية "غير قانوني" وجدير بالإلغاء ومصلحة الأهالي أولي بالرعاية. واشار الدكتور محمد نجم مدير عام بآثار الإسكندرية ومسجل الأثر لأهمية الموقع العسكري للقلعة قديما وخطورة موقعها الحالي حيث تقع بجوار بوغاز ابي قير الذي تتراص علي امتداده القلاع القديمة التي تحتاج للإغاثة والترميمات و تشهد بقاياها علي اهميتها وقدم وجودها مثل قلعة قايتباي بأبي قير غير الشهيرة بالأنفوشي لافتا لتوقف استخدامها العسكري منذ عصر الخديوي اسماعيل رغم الاهتمام بتحصينها واسلحتها آنذاك. ووصف نجم التخطيط المعماري للطابية ب"المحصن والمميز "بصورة "مكتملة" مستطردا انها تحيطها الخنادق والتي يتم فتحها لتمتلئ بالمياه بحيث لا يمكن لغازي او معتدي الدخول او الخروج منها الا عبر البوابة الرئيسية او اقامة كباري معلقة لتوصيلهم بالداخل اضافة لوجود عدد من المدافع الحربية من نوعية"ارمسترونج"وتعود للعام 1870 متراصة في خط قوس نار دفاعي في مواجهة البحر واسفلها سراديب لاقامة الجنود واغراض التخزين وخلفهم كانت توجد طاحونة لطحن الغلال والحبوب مع ساحة كبيرة تلائم اغراض الحصار والدفاع والتأمين وقت الحرب بالإضافة لمخازن احتياطية ومستودعات للطعام والمياه العذبة. ولفت نجم لوجود نقاط واجزاء لم يتم التنقيب والكشف عنها بالموقع نتيجة اقامة بعض الاسر بالموقع وبخاصة عند مدخل القلعة. واوضح نجم ان محافظة الإسكندرية عرضت علي الاهالي الانتقال لوحدات سكنية بديلة بالعامرية والكيلو 26 ورفضوا لأنهم يريدون السكن في وسط البلد وكلفة السكن البديل مرتفعة مضيفا ان المجلس لايحب الظهور بصورة "المعتدي" ولايرغب في تشريد الاهالي ورؤيتهم في وقفات احتجاجية ومظاهرات لكن التعاون مطلوب من الطرفين مشيرا لكون الاهالي ربحوا قضيتهم ضد الآثار في هذا الشان نتيجة عدم الوعي الكامل بأبعاد القضية الازمة من قبل المجلس والوضعية القانونية لأهالي القلعة رغم ان الارض الحالية ملكية عامة وليست خاصة وهو ما تؤكده مستندات الاهالي لافتا لانشغال المجلس الأعلي للآثار حاليا بعدد كبير من اعمال الترميم والصيانة والتجديد لعدد من المواقع الاثرية بالاسكندرية وسيتم الانتهاء منها في غضون 5 سنوات مشددا ان طابية كوسة باشا سيتم ترميمها واستغلالها كمزار وأثر سياحي مستطردا انها لاتحتاج للترميم بصورة عاجلة حاليا معتبرا الخطر الاكبر الذي يواجهها حاليا هو وجود مرفق المياه بجانبها والمحاولات المستمرة للزحف واقتطاع اجزاء منها مثلما فعلت قرية سكنية مجاورة للقلعة. من جهة اخري حكي مجدي عبد الحليم احد ساكني الموقع انه ولد وعاش بالطابية منذ العام 1967 ومنزله يزيد عمره عن 90 سنة وان والده تواجد في المكان ب"التكليف" من جهة حكومية وبموجب عقود رسمية اضافة لوجود موافقات من الجهة التابع لها علي ادخال المياه والكهرباء والتليفون مضيفا انهم كانوا يدفعون الايجار لتلك الجهة حتي وضعت الآثار يدها علي المكان واعتبرته اثراً واتهمتنا بالاستيلاء عليه وتشويهه والبناء العشوائي عليه رغم كوننا نحميه من "البلطجية وتجار المخدرات" ومحاولات التعدي عليه واقتطاع اجزاء منه. وعقب عبد الحليم "مش عارفين نعيش حياتنا كل يوم والتاني مشكله" مضيفا انهم ( استيقظوا علي قدوم قوات لإخلاء المكان بناء علي تعليمات من الآثار وتحدثنا معهم بالاوراق والمستندات مما افضي لاعتبار اخلائنا من المكان مستحيلاً) نظرا لوجود قضية يتم تداولها في المحكمة . ورحب عبد الحليم بخروجهم من المكان بشرط "التعويض العادل وسنرحل خلال 48 ساعة... مش يدونا 7 آلاف جنيه ماتجيبش تربة اندفن فيها لوحدي غير عيالي ومراتي" علي حد تعبيره. علي صعيد متصل رفض ابراهيم المسيري أحد الأهالي الادعاءات بتحول المكان ل"مغارة او غرزة للأعمال المنافية" كما يدعي من يريدون تشويه سمعتنا وصورتنا مضيفا "احنا مش صيع واولادنا متعلمين منهم الدكتور والمهندس والمحامي والصيدلي" لافتا لكونه يقطن بالطابية ابا عن جد منذ العام 1940 وان القلعة الحالية تسكنها حاليا 16 اسرة وكانت تدعي قديما باسم "المخازن" وسكنتها احدي سرايا الجيش المصري 1933 وتم توفيق الاوضاع من قبلهم لتوطينهم وإقامتهم فيها وكان يخصم الايجار من المرتب مباشرة كذلك كانت تصلنا ايصالات المياه والكهرباء باسم مساكن السواحل وقمنا مؤخرا بتوصيل وتركيب التليفون. واشار المسيري لثلاث محاولات لاخلائهم بالقوة وفشلها جميعا لقانونية موقفنا وقوته موضحا ان جهة رسمية تدخلت لحل الوضوع وطلبت من الآثار 300 الف جنيه لإخلاء المكان وأجرت استطلاعا للرأي حوله ووافقنا عليه وكنا سننتقل للسكن في منطقة المكس وتوزيعنا علي 16 وحدة سكنية وفق عدد الاسر المتواجدة ولكن الآثار تراجعت. ولفت المسيري لاستخدام الاهالي لكروانات وأوعية لاستقبال المياه المتساقطة من الاسقف نتيجة تشققها وعدم السماح لهم بإصلاحها واقتياده وآخرين في وقت لاحق لأقسام الشرطة بتهمة الإضرار بالاثار وتغيير معالمها لدرجة ان الناس عرفونا باسم "بتوع الآثار " وكأننا بنسرقها او بنهربها لافتا للاعتداء علي احد الاهالي "العجزة" نتيجة اصلاحه لبئر الصرف بمنزله واقتياده للقسم ويدعي محمد نبات" وهو ما اصابه بحالة من الهلع والرعب عند مجرد مناقشة قضية ارض الطابية.