النائب أحمد السجيني يطالب ممثلي الملاك والمستأجرين بتقديم مقترحات متوازنة للإيجار القديم    حماس تعلن الإفراج عن الأسير عيدان ألكساندر وتدعو ترامب لمواصلة جهود وقف الحرب    رسميا.. بيراميدز يطلب تأجيل مباراة سيراميكا كليوباترا بسبب نهائي دوري الأبطال    منتخب مصر يحسم الشوط الأول أمام غانا بثنائية بربع نهائي أمم إفريقيا للشباب    لماذا حددت "البترول" قيمة تعويض طلمبة البنزين ب2000 جنيه؟    تحصين 40 ألف رأس ماشية في أسوان ضد الحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع (صور)    جدول امتحانات الصف الثاني الإعدادي الفصل الدراسي الثاني 2025 في المنوفية    "أمريكا لا تستطيع ذلك".. ترامب: من الغباء رفض طائرة الدوحة المجانية باهظة الثم    الأمم المتحدة: 470 ألف شخص يواجهون جوعًا كارثيًا في غزة    الروماني إيستفان كوفاتش حكماً لنهائي دوري أبطال أوروبا    هيئة الدواء: سحب 3.4 مليون عبوة منتهية الصلاحية من السوق    بعد هبوطه.. سعر "الجنيه الذهب" يخسر 640 جنيهًا خلال التعاملات    "اللاعب رحب ولكن مطالب والده".. الشمال القطري يكشف سبب فشل ضم زيزو    العثور على جثة رجل مجهول في بحر يوسف بالفيوم    القبض على المتهم بقتل شخص في مشادة أمام مساكن بيت وطن بالتجمع    بهذه التهم.. حبس البلوجر "أم رودينا" 4 أيام على ذمة التحقيق في كفر الشيخ    وفاة مواطن في انهيار جزئي بمنزل في طوخ    رئيس الأوبرا يتابع الاستعدادات النهائية لحفل كوكب الشرق    20 مايو.. نظر دعوى رؤية نجل جوري بكر لحين الفصل في قضية الحضانة    غدا.. انطلاق مهرجان كان السينمائى بفيلم اترك يوما واحدا    وزيرا الثقافة والخارجية يبحثان دور القوة الناعمة في دعم علاقات مصر الدولية    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    "تيودور بلهارس" يكشف فوائد البروبيوتيك في تحسين صحة الجهاز الهضمي والمناعة    لترطيب الجسم في الصيف- 8 أشياء أضفها للماء    الصحة: إطلاق الخطة العاجلة للسكان والتنمية وبرنامج الوقاية من التقزم وسوء التغذية والمرصد الوطني السكاني    توفير 706 فرصة عمل للخريجين بأسيوط ضمن مشروع توزيع البوتاجاز    قافلة طبية مجانية تجرى الكشف على 1640 مواطنًا بنزلة باقور بأسيوط    كرة سلة - مصر في المجموعة الثانية بتصفيات كأس العالم للسيدات 3×3    رفض إستئناف متهم بالإنضمام لجماعة ارهابية ببولاق الدكرور    تفاصيل تأمين «الثانوية العامة»| زيادة أفراد التفتيش أمام اللجان والعصا الإلكترونية    مستقبل وطن: زيادة تحويلات المصريين بالخارج تؤكد نجاح الإصلاحات الاقتصادية    فان دايك: أنا ومحمد صلاح كنا في موقف أرنولد.. وعلى الجميع أن يحترم قراره    قائد الوداد: سنلعب في كأس العالم للأندية دون خوف.. ونريد تشريف المغرب    الجمهور يفاجئ صناع سيكو سيكو بعد 40 ليلة عرض.. تعرف على السبب    أحمد زايد: تطوير الأداء بمكتبة الإسكندرية لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعى    ب9 عروض مجانية.. «ثقافة الشرقية» تستضيف المهرجان الإقليمي الختامي لشرائح المسرح    رسميًّا.. 30 فرصة عمل في شركة مقاولات بالسعودية -تفاصيل    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    العراق يتسلم رئاسة القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية من لبنان    عاجل.. الأرصاد تحذر من موجة حارة جديدة في هذا الموعد    إعلام عبرى: قوات من الجيش ودبابات وناقلات جند تمركزت قرب نقطة تسليم عيدان    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    مصروفات كلية الطب البشري بالجامعات الخاصة والأهلية 2025-2026    توافق على تسهيل دخول اللبنانيين إلى الكويت وعودة الكويتيين للبنان    في اليوم العالمي للتمريض.. من هي فلورنس نايتنجيل؟    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    لماذا يرتدي الحجاج "إزار ورداء" ولا يلبسون المخيط؟.. د. أحمد الرخ يجيب    البابا ليو الرابع عشر يفتتح رسميًا الشقة البابوية إيذانًا ببداية حبريته في الفاتيكان    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    وفد تطوير التعليم بالوزراء وجايكا في زيارة لمعهد بحوث الإلكترونيات لبحث آليات التعاون المشترك    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة للمشهد الثقافي الفلسطيني
نشر في القاهرة يوم 23 - 03 - 2010

دون الخوض بجدل ابستمولوجي حول وجود أو عدم وجود انتلجنسيا فلسطينية وحتي عربية، فواقع الحال يقول إنه في كل مجتمع يوجد مثقفون ومفكرون يتميزون عن غيرهم بحرفة الكتابة والتنظير والتعبير عن كل مشتملات الهوية والثقافة الوطنية. ولكن هناك فرق بين الحديث عن مثقفين بالمفهوم المشار إليه والحديث عن طبقة أو كتلة اجتماعية للمثقفين تتوحد رؤيتها ومواقفها بعيدا عن الحسابات الحزبية والمصلحية الضيقة، في مواجهة سلطة قمعية أو احتلالية تهدد الثقافة والهوية الوطنية. صحيح أن الثقافة تؤسَس علي الحرية بما فيها حرية الفكر والتعبير، ولكن ماذا سيكون للحرية من معني إن كان الشعب كله فاقد الحرية بسبب الاحتلال ؟وما قيمة الثقافة والمثقفين إن لم يوظفا لحماية ثقافة وطنية مهددة بالاندثار والضياع من طرف عدو يؤسس وجوده علي نفي الوجود الوطني: كيانا سياسيا وهوية وطنية؟. وما جدوي حرية المثقف إن لم توظف لوضع حد لفتنة تهدد وحدة الامة وتاريخها وثقافتها؟.
لا مجتمع دون ثقافة
الثقافة محاكاة للمجتمع ولا شك فلا مجتمع بدون ثقافة، ولكن في بعض المراحل التاريخية من عمر الشعوب حيث يسود الاستقرار وتنتفي كل اشكال التهديد الوجودي للوطن وللثقافة الوطنية، تصبح الثقافة نوعا من الترف الفكري أو منتوجاً وطنياً يضفي صورة جمالية علي المجتمع والدولة أو تصبح موضوعا للتفاخر والتباهي عند أبناء المجتمع في مواجهة المجتمعات الأخري، ولكن في مراحل تاريخية أخري وعندما تصبح الأمة مهددة بالاحتلال أو بالفتنة الداخلية ويصبح السياسيون تائهين أو فاشلين، وعندما تصاب الأمة باليأس والإحباط، آنذاك يصبح للثقافة دور مختلف ويبرز دور المثقفين بل دورهم القيادي لحماية الهوية والثقافة الوطنية ورفع الروح المعنوية للشعب، وقيادة كتلة تاريخية -حسب تعبير أنطونيو غرامشي- تَحُول بين العدو وتحقيق أهدافه.
الشعوب لا تندثر أو تُهزم بالمعارك العسكرية بل عندما تفقد ثقتها بنفسها وبعدالة قضيتها، عندما تفقد ثقتها بتاريخها وهويتها وثقافتها الوطنية. شعوب كثيرة تعرضت لهزائم متكررة عبر التاريخ وغابت دولهم عن الخارطة السياسية الدولية، ولكنهم فجاة عادوا لمسرح الحدث الدولي وأعادوا بناء دولتهم الوطنية، ويعود ذلك لأن هذه الشعوب حافظت علي هويتها وثقافتها الوطنية عبر التاريخ من خلال الأسطورة والرواية والشعر والتراث والرسوم والأغاني وكل رموز الهوية الوطنية. .. وهذه مهمة المثقفين.
تاريخيا كان الشعب الفلسطيني يتميز بالثقافة وبمثقفيه الذين تركوا بصماتهم عبر العالم وهذه حقيقة واقعة لمسناها من خلال الحضور المتميز في المؤسسات العلمية والأكاديمية والثقافية وفي الأحزاب والحركات السياسية العربية وفي الندوات الفكرية.. . عبر العالم، ولكن لم يكن ذاك الحضور المتميز وتلك القوة بسبب كثرة عددهم فقط في المشهد الثقافي بل لأنهم كانوا يعبرون عن قضية تحرر وطني محل توافق داخلي ودعم عالمي كانت قوتهم مستمدة من قوة القضية والمشروع الوطني والعكس صحيح. لم تكن القضية الفلسطينية آنذاك قد تشذرت وانقسمت بهذه الحدة الايديولوجية الموجودة اليوم، ولم يكن فيروس السلطة والمال قد نخرها بعد، وهو الامر الذي انعكس علي المثقفين الذين تميزوا بدرجة من الصدقية والطهرية، كان فعل الرواية والقصيدة واللوحة والاغنية لا يقل عن فعل عملية فدائية في مدي تعبيرها عن عدالة القضية الوطنية، الشعراء والفنانون والروائيون أستقطبوا تأييدا للقضية الوطنية أكثر مما استقطب السياسيون، آنذاك كانت الكلمة فعلا نضاليا أما اليوم فالكلمة أصبحت فتنة. كانت الحالة الثقافية الفلسطينية قبل تأسيس السلطة ثم السلطتين والحكومتين، وقبل ظهور الحركات الإسلامية كحالة غير متصالحة مع الهوية والثقافة الوطنية، أكثر خصبا:إنتاجا وحضورا دوليا وتأثيرا مجتمعيا. لم تكن قوة حضور القضية الوطنية دوليا بسبب النضال المسلح فقط ولكن أيضا بسبب فاعلية الحالة الثقافية والفكرية وتوحدها حول مشروع وطني واحد.
اليوم وفي ظل الأزمة الشاملة للنظام السياسي وللقضية الوطنية يطرح السؤال حول مسئولية المثقفين وحول الدور الذي يجب ان يلعبوه في هذه المرحلة. إن كان يصعُب الحسم في العلة والمعلول، فلا شك أن هناك مسئولية مشتركة عما آلت إليه الاحوال، مسئولية السياسيين ومسئولية المثقفين. اليوم هناك تراجع كبير في حضور المثقفين في المشهد الفلسطيني وفي تأثيرهم علي مجريات الأحداث و هناك أسباب عديدة وراء هذا التراجع، منها واقع الشتات وما يفرضه من قيود علي حرية المثقف الفلسطيني في التعبير عن هويته الوطنية وممارسة دوره الوطني، أو لأن المثقف لم يعد يشعر أن السلطة والأحزاب القائمة تعبر عن تطلعاته الوطنية أو تجسد المشروع الوطني كما يرتئيه، أو لأن السلطة استقطبت كثيرا من هؤلاء المثقفين الذين تحولوا لأبواق تُجمل صورة السلطة ونهجها وبالتالي خانوا الأمانة وتخلوا عن دورهم الطليعي، كما أن عديدا من المثقفين فضلوا الانكفاء علي أنفسهم والابتعاد عن الحياة العامة معتبرين أن المرحلة مرحلة فتنة والأفضل تجنبها. ولكننا نعتقد أن أسوء ما أصاب المثقفين وأثر علي دورهم هو انقسام النظام السياسي ما بين مشروع وطني ومشروع (إسلامي) وارتباط كل منهما بأجندة خارجية، الأول بمشروع تسوية تقوده واشنطن والثاني بمشروع ديني تقوده أطراف إقليمية، وكلاهما لا يكترث بالمشروع الوطني بما هو مشروع استقلال وطني وهوية وثقافة وتاريخ وطني.
الشعب المحبط
عندما يصبح الشعب مُحبَطا ومنشغلا بضمان استمرار تأمين قوت يومه وخائفا علي مستقبله، وعندما تصبح النخب السياسية منشغلة بالصراع علي السلطة ومراكمة الثروة أو عاجزة أمام قوة العدو وتحالفاته الدولية، فمن يهدهد النفوس الضائعة ويعيد الأمل بالمستقبل؟من يحافظ علي الثقافة والهوية الوطنية؟إنهم بالطبع المثقفون وأصحاب الرأي، فعندما يغيب هؤلاء تتقدم قوي جديدة لتملأ الفراغ. في ظل الأوضاع القائمة فإن اٌلقوي المؤهلة لملء الفراغ ستكون من أشباه مثقفين يدورون في فلك السلطة أو يعملون ضمن مؤسسات ثقافية تنتمي لمجتمع مدني يخدم اجندة خارجية، أو مفتون ووعاظ ورجال دين لا يقل جهلهم الديني عن جهلهم السياسي، ويحل رجل الدين محل المثقف. من يراقب المشهد الثقافي الفلسطيني اليوم سيلمس أن الفضاء الثقافي تملأه ثقافة دينية مشوهة وثقافة عولمة ثقافية تتسلل من خلال مؤسسات تسمي مجتمعا مدنيا، أما الثقافة الوطنية فمحاصرة ومحل إهمال رسمي من الحكومتين. ومع ذلك لا يسعنا إلا التنويه بالجهود المنفردة لمثقفين وطنيين في الوطن والشتات ما زالوا صامدين في مواقفهم فلهم منا كل تقدير واحترام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.