لا يمكن لأي منا أن يؤكد علي امتلاكه للرأي المطلق الذي لا يرقي إلي صوابه رأي، إلا أن أمر أمن وسلامة البلاد والعباد لا يمكن عند التعامل معه قبول مخاطرة التردد والتوهان، أو الاكتفاء بحديث المناظرات العقيمة دون رؤية محددة مفيدة منجزة .. لا شك أن تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي يحمل للمواطن المصري مخزون هائل من البغض والازدراء لمستعمر رذيل خلفت الحروب معه حتي في أزمنة الانتصار الشهداء والمصابين في كل شارع وبيت وحارة عبر منازلات عسكرية ومخابراتية ودبلوماسية وفكرية امتدت تاريخياً عشرات السنين .. ورغم الحديث الذي لا ينقطع ولا يتوقف عن اتفاقيات ومحاولات تفاوضية تجري هنا وهناك مع محتل يزيد كل يوم من مستوطناته بشكل سرطاني، ثم مؤخراً يصعد العدو الأمر في اتجاه طمس الهوية الفلسطينية عبر تدمير الآثار والوجود التاريخي والديني علي الأرض، فإن الأمل أظنه بات صعباً في إحداث تقدم إيجابي لصالح الطرف العربي في ظل ظروف الضعف والهوان العلمي والاقتصادي التي يعيشها الناس في تلك المنطقة ، والدليل يكمن في الاطلاع علي الأرقام المؤشرة علي تراجع التكامل والتعاون العربي في مجال التجارة العربية العربية عنها في مجال التعاون العربي مع العالم الخارجي في عدم تفهم لأبعاد الموقف المؤسف، فإذا أضفنا مدي التراجع العلمي والبحثي والتنويري للجامعات والمؤسسات العربية عن نظيراتها في كل دول المنطقة المحيطة بوطننا الكبيرمساحة وثروات بشرية وطبيعية، ومنها الكيان الصهيوني حتي يمكن تحقيق معدلات تدخل بنا إلي مناطق الأمان العلمي والتقني، وعليه تأكد لدي كل الشرفاء أهمية العودة إلي شعار قديم وهام رفعه جمال عبد الناصر " ما يؤخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ".. والقوة لاتكمن فقط في القدرات العسكرية، وإنما تمتد بطبيعة الحال القدرات العلمية و المعرفية والبشرية .. نتذكر ذلك الشعار ونحن نعيش أصداء تاريخ أيام فشل أول وحدة عربية تصورها المواطن في سوريا ومصر أنها بداية إنشاء كيان قومي عربي، وعبر استفتاء أُعلن فيه أن 6 مليون مواطن وافقوا علي الوحدة في مقابل 247 مواطن فقط رفضوا الطرح والفكرة، وقبل أن يواصل أصحاب الصوت الإيجابي فرحتهم يحدث الانفصال والانشقاق !!! وتوالت المحاولات الغير مجدية، وإهدار الفرص المتاحة حتي لتشكيل لوبي عربي سياسي أو دبلوماسي في الغرب والولايات المتحدةالأمريكية .. ومع ذلك نسمع عن سلوكيات لها طابع تطبيعي لمهنيين ونقابيين للإتئلاف الكريه مع الكيان الإسرائيلي، قد نختلف أو نتفق علي ما يسوقونه من مبررات أو حتي حول تعريفهم للتطبيع ومدي الاتفاق عليخطورة آثاره السلبية.. ولكن بالطبع نتوقف عندها في أسي .. أخيراً أود القول نعم هناك حالة إجماع شعبي علي رفض التطبيع، ولكن ألا ينبغي أن نؤكد أولاًعلي أهمية التطبيع العربي العربي.. وضرورة تطبيع المؤسسات التعليمية لعلاقاتها مع شبابنا.. وحتمية تطبيع المؤسسات الدينية ( المسجد والكنيسة ) مع عباد الرحمن بعيداً عن فتاوي عكننة الحياة واعتلاء منابر الزعامة السياسية.. بل والأهم تطبيع العلاقات بين الشعب ونوابه وممثليه تحت قبة البرلمان حتي تقل شكاوي الناس من اختفاء النائب بمجرد جلوسه علي الكرسي إلي درجة صراخ البعض قائلاً حقاً التمثيل تدجيل !! وبمناسبة الحديث عن نوابنا أود أن يشاركني القارئ الدهشة والإعجاب عند قراءة حكاية رسالة برلماني يوناني أرسلها إلي سفارة إسرائيل في بلاده إثرإرسال سفارة إسرائيل في اليونان إلي عضو البرلمان اليوناني تيودور بانجاليس ثلاث قناني من النبيذ بمناسبة الأعياد، مع تمنيات السفير الإسرائيلي إلي غياشي، وكيف أعاد تيودور بانجاليس الهدية مع شكر السفير قال فيها : أشكرك علي القناني الثلاث من النبيذ التي أرسلتها لي بمناسبة الأعياد، أتمني لك ولعائلتك وكل الموجودين في السفارة سنة سعيدة وصحة جيدة.. للأسف لاحظت أن النبيذ المرسل إلي هو من انتاج مرتفعات الجولان، لقد علموني من صغري أن لا أسرق ولا أقبل بضاعة مسروقة، لذا لا يمكنني قبول هذه الهدية وعلي إعادتها لك.. كما تعلم فإن بلدكم تحتل، بصورة غير شرعية، مرتفعات الجولان التي تعود إلي سوريا، وهذا بموجب القانون الدولي وقرارات عدة للمجموعة الدولية .. أنتهز هذه الفرصة لأعبر عن أملي أن تجد إسرائيل أمانها بالاعتراف الدولي بحدودها، وأن العمليات الإرهابية ضدها من حماس أو غيرها سيتم احتوائها، ولكن أتمني أيضاً من حكومتكم أن تتوقف عن استعمال سياسة العقاب الجماعي التي كانت تتم علي نطاق كبير من قبل هتلر وجيشه.. عمليات كهذه من قبل العسكرية الإسرائيلية في غزة تذكر اليونانيين بالمجازر المماثلة التي حصلت في كالافريتا ودوكساتو او ديسمونتو وأكيد التي حصلت في وارسو.. بذكريات كهذه اسمح لي أن أعبر عن أفضل تمنياتي لك، وللشعب الإسرائيلي وكل شعوب العالم .. لا تعليق لدي علي تلك الرسالة البليغة المعني والنبيلة المضمون سوي دعاة التطبيع " اللي اختشوا ماتوا " قالها اليوناني الإنسان فهل وصلتكم مدلولاتها ؟! ...ويا من ترفضون التطبيع نادوا بالتطبيع العربي العربي، والمصري المصري ..