تصوروا أن حالة الاستنفار الأمني القصوي لم تعلن في محافظة جنوبسيناء إلا «عقب الهجوم» رغم أن «هيئة مكافحة الإرهاب الإسرائيلية» أكدت بلسان«أوفير جندلمان» علي الرعايا الإسرائيليين ضرورة الإسراع بمغادرة سيناء (2/8) وقبل أربع ساعات من الجريمة أقدمت إسرائيل علي سحب جنودها من كرم أبو سالم.. تري من المسئول عن هذا التقصير الفادح؟! أما المتطرفون فمنذ أشهر وهم يذرعون بأسلحتهم وسياراتهم سيناء بالطول والعرض دون رادع! منذ واحد وثلاثين سنة وسيناء متحررة من الاحتلال الإسرائيلي، لكنها تفتقر إلي التنمية والإعمار والخدمات الرئيسية أي أن سيناء مهملة تماما ما جعلها تربة خصبة للتطرف. ابحث عن المستفيد كيف للداخلية أن تعلن بمجرد سماعها خبر الجريمة أن متسللين أتوا عبر الأنفاق من غزة هم من ارتكب هذه الجريمة علي نحو يذكرنا بالشرطة التي تعلن بمجرد سماعها عن خبر حريق بأنه حدث نتيجة ماس كهربائي! هذا قبل أن تنتقل الشرطة إلي مكان الحريق، واجرائها البحث والتحقيق الضروريين! حتي في حال وجود فلسطيني أو أكثر ضمن القتلة، فهل يجوز لخبير استراتيجي مصري أن يطالب دون حتي أن يتأكد بضرب قطاع غزة بالطائرات الحربية علي غرار ما تفعله إسرائيل مع القطاع؟! رغم تأكيد القناة الثانية الإسرائيلية ماداموا يقدسون المصادر الإسرائيلية بعدم وجود فلسطينيين في القتلة المهاجمين، فإن سلطات أمن مطار القاهرة منعت دخول الفلسطينيين حملة تأشيرات الدخول إلي مصر وتم إغلاق معبر رفح تماما منذ وقوع الجريمة ولإشعار آخر. الدوافع -ابحث عن المستفيد صحيح أن الإسرائيليين لم يقترفوا هذه الجريمة ولكنهم المستفيد الأكبر منها رغم أنها اقترفت بأيد غير إسرائيلية. تري ما الأهداف التي توخاها من حركوا القتلة من وراء هذه الجريمة؟ - مضاعفة مآزق «حماس» في قطاع غزة. - إضافة ارباكات لمرسي وزيادة مصادر إحراجه فمن يطلق عليهم المتطرفون يأخذون علي رئيس الجمهورية د. محمد مرسي تلكؤه في تطبيق الشريعة كما تتطلع إسرائيل إلي تأجيج الصراع بين طرفي ازدواج السلطة في مصر والعمل علي ترجيح كفة طرف علي آخر. - توتير العلاقة الرسمية المصرية - الفلسطينية.- إجهاض التسهيلات الموعودة لأبناء الشعب الفلسطيني بما في ذلك فتح معبر رفح، كما كان أيام الاحتلال الإسرائيلي الصريح والمباشر. - خلق وهم كاذب أن جيشي مصر وإسرائيل يحاربان عدوا مشتركا ايد واحدة. ما العمل؟ مجنون ألقي حجرا لن يخرجه مائة عاقل، بيد أن علينا الحذر من الانزلاق بحيث نصبح مجرد دمي في أيدي أعدائنا. بعد هذا لا مفر التحرك السريع من أجل:- طلب إعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد، والسلام مع إسرائيل بما يمكن الدولة المصرية من فرض الأمن علي شتي أرجاء سيناء. - إبداء الاهتمام اللائق بإعمار سيناء وتنميتها وتوفير الخدمات الأساسية لأهلها، وعدم الاكتفاء بالحل الأمني. - تصحيح أوضاع ابناء فلسطين في مصر، وإعادتها -كما كانت- بلغة العسكر. مقتل يوسف السباعي فقد تساوي ابناء فلسطين مع اشقائهم ابناء مصر، ماعدا الانتخاب والترشيح (1954-1978) حين تذرع الرئيس الأسبق أنور السادات بإقدام مجموعة من القتلة علي قتل الأديب المصري الشهير يوسف السباعي في لارنكا القبرصية الصديقة لفلسطين في مؤتمر لصالح فلسطين نظمته مؤسسة صديقة لفلسطين هي «منظمة التضامن الآسيوي الأفريقي» ولم يعرف عن السباعي إلا تعاطفه مع الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، والمفجع أن قتله جاء لمجرد إخلاء موقعه في رئاسة «اتحاد الكتاب والأدباء العرب» لصالح كاتب عراقي!. ومن يومها والفلسطينيون في مصر يعانون في الإقامة والسفر والتعليم والعمل ولا يزالون رغم أن «بروتوكول» اصدرته جامعة الدول العربية سنة 1964، شدد علي ضرورة معاملة الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة معاملة اشقائهم ابناء القطر المضيف ماعدا الترشيح والتصويت. أما الأنفاق فلم يلجأ لها شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة إلا لقهر الحصار الذي ضربه نظام مبارك، مكملا الحصار الإسرائيلي المضروب حول القطاع ومن هنا فإن فتح معبر رفح للأفراد والبضائع سيفقد الانفاق مبرر استمرارها. سيناء نأتي إلي سيناء الذي يشيع الإسرائيليون بأن الفلسطينيين يتطلعون لاحتلالها، فالمردود عليه أولا حين وقعت الحكومة المصرية زمن نظرتها الوردية إلي واشنطن - اتفاقا مع الأخيرة قضي بتوطين اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة ومصر في منطقة تقع شمال شرقي سيناء وحمل اسم «مشروع سيناء» وبدأ الجيش الإسرائيلي يشن هجمات عسكرية علي قطاع غزة لإرغام اللاجئين فيه علي أن يلوذوا بمشروع سيناء الاستعماري، واستمد كفاح الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية حتي توج بانتفاضة مارس1955، واستجابة عبدالناصر لمطلب المنتفضين في هذا الصدد وسقط «مشروع سيناء» ثم إن سيناء ظلت مفتوحة أمام أهالي قطاع غزة علي مدي الاحتلال لسيناء (1967-1982) ولم ينتقل أي فلسطيني إلي سيناء، ثم حين اجتاحت جماهير قطاع غزة العوائق عن معبر رفح ودخلوا إلي سيناء (32/1/2008) لم يمكث أي منهم هناك بل اشتروا ما كان ينقصهم داخل القطاع وعادوا أدراجهم. أما التعامل مع أهالي قطاع غزة، ضمن ابناء فلسطين علي أنهم أجانب أو «الحيطة الواطية» أو الشماعة التي تصلح لتعليق أي فعل شائن عليها، فيضر ولا ينفع ويتغافل عن هؤلاء وأولئك إنما يدافعون عن الخط الأمامي للدفاع عن مصر، ومن هنا فلا مبالغة من القول إن «فلسطين قضية مصرية».