* يعد الصحابي بلال بن رباح مؤذن الرسول، أول من نادي للسحور في الاسلام، وقد بقي نداء السحور طقسا مميزا، علي الرغم من اختلاف الفترات،التي عاشها الناس للصيام وتقديس هذا الشهر * أشهر موروث شعبي حديث حول المسحراتي هو ما ورد من أشعار في ديوان الشاعر المصري فؤاد حداد الموسوم ب "المسحراتي" وقد قام الملحن الراحل سيد مكاوي بوضع ألحان مميزه لهذه القصائد المؤثرة والجميلة، والتي أصبحت علامة مميزة من علامات عبقرية حداد ربما المسحراتي من أكثر الشخصيات التصاقا بشهر رمضان المبارك، والصائمين وفترة السحور، فهو الرجل دائم اليقظة التي يبدأ عادة جولاته برفقة طبلته الصغيرة وعصاه أو قطعة من الجلد، بعد منتصف الليل.. وقد عرف لدي الصائمين في مصر علي أنه المتيقظ النشيط، الذي يخرج برفقة غلام صغير ينير له الطريق بأحد فوانيس رمضان المشهورة، ليبدأ قرع طبلته وانشاد بعض المقولات أو النداءات لإيقاظ الصائمين النائمين وحثهم علي الاستيقاظ لتناول طعام السحور، وأداء الصلاة، وبعضهم كان ينادي علي أفراد الأسرة فردا فردا (ما عدا النساء) كل واحد باسمه، مع سرد بعض القصص الدينية والمعجزات والبطولات عن الرسول صلي الله عليه وسلم، وبعض السير الشعبيةالتي اختص بها في الأدب الشعبي ما يعرف باسم (الحكواتي). أشهر المسحراتية تاريخ المسحراتي قديم، وقد ارتبط ظهوره مع فرض الصوم في شهر رمضان المبارك، ويعد الصحابي بلال بن رباح مؤذن الرسول، أول من نادي للسحور في الاسلام، وقد بقي نداء السحور طقسا مميزا، علي الرغم من اختلاف الفترات،التي عاشها الناس للصيام وتقديس هذا الشهر، ومن نداءات وتذكيرات المسحرين للصائمين، ما كان يقال في النداء "أيها النوام قوموا للفلاح، واذكروا الله الذي أجري الرياح، إن جيش الليل قد ولي وراح، وتداني عسكر الصبح ولاح، معشر الصوام يا بشراكم، ربكم بالصوم قد هناكم". ومن أشهر من عملوا في مهنة المسحراتي عبر فترات مختلفة من الاسلام، الزمزمي في مكة، وإبن نقطة في بغداد، وابن عنتبة في مصر، إذ يعد عنتبة بن اسحق (228 هجرية) والي مصر أول من صاح بالتسحير في طرقاتها وشوارعها، إذ كان يخرج بنفسه ويسير علي قدميه من مدينة العسكر في الفسطاط إلي جامع عمرو بن العاص، وكان ينادي بطريقة السحور، وفي العهد الطولوني في مصر، عملت المرأة في مهنة المسحراتي، حيث كانت تنشد الأناشيد قبل الفجر لإيقاظ الصائمين للسحور، واشترط في من تتولي هذه المهنة أن تكون حسنة الصوت. حداد ومكاوي ونجد أن طريقة التسحير تختلف من قطر إلي آخر، فنجد أهل اليمن يتسحرون بدق الأبواب علي أصحاب البيوت وينادون عليهم، أما أهل الشام، فإنهم يتسحرون بدق الطار، أما في أندونسيا مثلا، فإن فرق الكشافة من الشباب تقوم بمهمة إيقاظ الصائمين لتناول السحور، وفي المغرب يضربون بالنفير أو البوق علي المنارة ويكررونه سبع مرات ثم يضربون بعده بالأبواق سبعا أو خمسا فإن انتهوا حرم علي الصائمين طعام السحور. وربما يتذكر الناس أن أشهر موروث شعبي حديث حول المسحراتي هو ما ورد من أشعار في ديوان الشاعر المصري فؤاد حداد الموسوم ب "المسحراتي" ويقول فيه: اصحي يا نايم وحد الدايم، وقول نويت بكره إن حييت، الفجر قايم والشهر صايم، وحد الرزاق" وقد قام الملحن الراحل سيد مكاوي بوضع ألحان مميزه لهذه القصائد المؤثرة والجميلة، والتي أصبحت علامة مميزة من علامات عبقرية حداد، وانتشرت من خلال الإذاعة والتليفزيون في كل المناسبات الرمضانية وحتي الآن، إلي جانب العديد من الأناشيد والابتهالات الدينية، ومن مكة يعتلي المؤذن منارات الحرم السبع، ولمدة ساعتين يقومون بتذكير الصائمين بالاستيقاظ من خلال الشعر، وأحيانا بالنثر المسجوع، ويمر في الوقت نفسه بعض المتطوعين في شوارع مكة الرئيسية، ويقفون عند كل ركن يحثون النائمين علي النهوض منشدين بصوت عال: "الصلاة يا عبدالله"، ومن المعروف أن مثل هؤلاء المسحراتية ينالون في نهاية شهر رمضان الفضيل ما يعرف ب(العيدية)، حيث يقدم لهم الناس الهدايا من الملابس والنقود عرفانا بكريم جميلهم وتحملهم المشاق طيلة شهر كامل، وهم يأخذونها عن طيب خاطر متطلعين إلي رضي الله عز وجل أولا. المسحراتي (المودرن) ما يؤسف له اليوم أن ظاهرة المسحراتي بدأت في الاختفاء بشكلها البسيط المعروف، ب"أبوطبلة" ذلك الرجل الذي يترك عائلته وذويه من أجل الثواب والحسنات والحصول علي رضي الله سبحانه وتعالي، لتحل محله وسائل غريبة وبدعات لم نكن نتوقعها، فمع التطور الذي شهده العالم مؤخرا لا سيما في ثورة الاتصالات التي غزت العالم، ظهرلنا نمط جديد من المسحراتية ألا وهو "مسحراتي الموبايل" فقد شهد بعض الدول العربية مثل هذا النوع من المنبهين التكنولوجيين، إذا صح التعبير، حيث يوقظ زبائنه بواسطة الموبايل والرسائل الألكترونية، والغريب أن هذا المسحراتي "المودرن" الذي لا يعرف شكل الشارع يجد له زبائن كثيرة، ولله في خلقه شئون.