ردا من النقاد علي الفنانين في تحقيق النقد في أزمة وآراء وتصريحات بعض الفنانين عن النقاد آثارت حالة من الجدل لدي النقاد بسبب عدم فهم بعض الفنانين الفرق ما بين الصحفي الفني والناقد الفني والخلط بينهما يؤدي إلي سوء الفهم وظلم للنقاد الحقيقيين: فيقول الناقد د.أحمد يوسف: بعض الصحفيين يعملون بالصحافة الفنية ومطلوب منهم تغطية الصفحات الفنية وليس لديهم أي علاقة بالنقد السينمائي وغير متخصصين لأن النقد دراسة والسبب كثرة عدد الجرائد والصحف التي وصل عددها إلي 300 جريدة وهذا لا يسمي نقداً بل يسمي «رفيو» ويعني مراجعة صحفية ولا يسمي نقداً وهذا موجود بكل صحف العالم ولكن هنا في مصر يحدث خلط ما بين الصحافة الفنية التي تقدم خدمة للقارئ والنقد، فالناقد لابد بالفعل أن يكون دارسا لكل أنواع الفنون ابتداء من الفنون التشكيلية وإضاءة وديكور مروراً بدراسة علم الموسيقي والغناء والتمثيل والكتابة وختاما بالإضاءة وفن الديكور والإخراج، يعني الناقد يجب أن يكون موسوعة ثقافية لانه يتحمل علي عاتقه مسئولية العمل الفني وحاكما عادلاً للأعمال الفنية وللأسف كثيرون من رؤساء التحرير يعتبرون صحفيين الفن مثل قزقزة لب لتسلية وترفيه القارئ والتعامل معهم ليس بجدية رغم أن مقياس الجريدة الجيدة هو صفحتا الفن والرياضة واللتان يقبل عليهما القارئ ورغم أن لدينا هذا العدد الهائل من المطبوعات لا توجد عندنا مطبوعة نقدية موضوعية واحدة باستثناء بعض المجلات الفنية التي كان بها نقد موضوعي واختفت كمجلة «الفن السابع» و«أبيض وأسود» لكنها لا تصل للقارئ ومجلة «Good news for you» جود نيوز فور يو لعمادالدين أديب. وللخروج من هذه الأزمة لابد أن تعود المطبوعة الشهرية التي كانت تصدر كنشرة عن جمعية نقاد السينما المصرية وكان يكتب بها نخبة نجوم الكتابة أمثال: سمير فريد، علي أبوشادي، كمال رمزي، أبوالعلا السلاموني، وآخرين وكنا نكتب بها مجانا رغم أنها كانت طباعتها قديمة ولكننا كنا نسعي بذاتنا جميعا لأنها كانت بمثابة ورشة حقيقية لتدريب النقاد والشباب برعاية نجوم النقد وكانت تقدم النقد الصادق الموضوعي للقارئ البسيط العادي، وأيضا لابد من عودة نادي السينما لتدريب جيل جديد من الشباب علي النقد. ونجاح فيلم رديء ماديا كان ينبغي ويستحق وقفة لدراسة وتحليل هذه الظاهرة الغريبة حتي لا تتكرر هذه المأساة وتساعد علي انتشار وتفشي القبح الفني وللأسف هذا لم يحدث بسبب عدم وجود جريدة نقد موضوعية مما ساعد علي تدهور الفن والنقد معاً. يؤكد الناقد الفني نادر عدلي عدم وجود ناقد واحد يعمل لدي أي فنان ويجب أن يفهم الناس وتفرق بين الصحفي الفني والناقد الفني وحتي الصحفيين ليسوا متساويين فالصحفي المتميز لا يعمل مستشاراً لدي أي فنان والصحفيون الذين يعملون مستشارين هؤلاء المرتزقة الذين لا يحترمون المهنة وأتحدي أي أحد يقول علي اسم أي ناقد واحد يعمل مستشارا لدي أي فنان. والنقاد عددهم مابين ستة أو سبعة نقاد فقط ودائما عدد النقاد قليل جدا حتي في دول العالم والباقي صحفيون فنيون والناقد لا يحصل علي هذا اللقب إلا إذا كان دارسا بالفعل لأنه الفاصل في لجان التحكيم والأفلام المعروضة في أي مكان وزمان وثاني مهرجان دولي، ومَنْ هذا الفنان من عالم السينما حتي يحكم علي نقاد مصرو يبدي رأيه فيهم بأنهم غير دارسين؟ وإذا استمعنا إلي آرائه هذا يعني أن دنيا النقد والفن صارت في عالم الخراب والدمار، فليس كل من يقول فتوي نسمعه! يري الناقد د. رفيق الصبان النقد والنقاد بخير وتمام وكل شيء علي مايرام ولكن السينما هي التي صارت رديئة جد لدرجة أن النقاد لم يجدوا المادة الفنية التي تستحق النقد والمجادلة فالسينما هي التي في أزمة منذ فترة وليس النقد، ابحثوا عن الأيديولوجية السينمائية أولاً. يشير الناقد والكاتب بهاء طاهر إلي حالة اليأس التي أدت إلي الملل الذي ينتج عنه الجمود ويعني الموت بالحياة فالموت بالحياة يعني موت الإحساس والضمير والتذوق نتيجة القهر وعدم وجود عدالة اجتماعية والوساطة والمحسوبية في كل شيء حولنا حتي أن الشباب المصري كان يموت منتحرا علي شواطئ أوروبا والفن بطبيعته يعكس الواقع كمرآة شفافة للمجتمع فكانت الأفلام الرديئة التي يقبل عليها الجماهير نتيجة موت الإحساس بالجمال بداخلهم ومن الطبيعي أن يفقد النقد تأثيره علي الجماهير والفنان الذي يعنيه فقط الإيرادات التي تعتبر المؤشر لنجاحه أو فشله وعودة العدل والحرية والخير والنور هي السبيل الوحيد لاستعادة الجماهير وعيها وذوقها وبالتالي سيعود للنقد دوره المؤثر عند الجماهير والفنان. تعليق الناقدة إيريس نظمي علي الحديث بقولها: النقد علم قائم بذاته والمفروض يدرس بمعاهد وكليات وأكاديميات لدراسته جزئيا وكليا وبكل اتجاهاته وألوانه وفي دول العالم حتي الصحفيين الفنيين لابد من دراستهم للنقد بشكل بديهي حتي يستطيعوا التحليل والتعبير والكتابة الفنية الموضوعية عن فهم ودراسة وللأسف هنا كل من كتب بالفن يتوهم نفسه ناقداً وكل من أبدي رأيه البسيط في عمل فني ما يعتبره البعض ناقداً وهذا ظلم للناقد الحقيقي والنقد الفني كسيف الجلاد العادل من أجل سمو ورقي وتطوير العملية الفنية التي ينعكس تأثيرها علي المجتمع وكان من المفروض افراز جيل جديد من النقاد يكفي لكل هذه الأعداد الهائلة من المطبوعات ولذا اختلط الحابل بالنابل وحتي أن بعض الفنانين والجماهير لم يستطيعوا أن يفرقوا ما بين الصحفي الذي يبدي رأيه لمواطن عادي والناقد الفني. تتساءل الناقدة: خيرية البشلاوي بسخرية: وأين الإنتاج السينمائي الذي يستحق النقد؟ فكل الأعمال السينمائية في الآونة الأخيرة كسندويتشات الحواوشي وصناع السينما الآن من الفئة التجارية الذين لايهتمون بالثقافة أوالفن وطبيعي انهم لا يهتمون بالنقد وكل همهم عمل فيلم من توليفة معينة للاستهلاك المحلي علي حساب القيمة الأدبية والإنسانية والفنية للسينما، عمل بعض الصحفيين مستشارين لدي الفنان فهذا نظام سائد منذ عصر أم كلثوم وحليم وفاتن حمامة حينما كانت الثقافة هي المهيمنة وبالتالي الصحافة الفنية كانت في أبهي عصورها وقيمة تألقها وتوهجها ولذاكان يستعين بها الفنانون لخدمتهم فنيا وجماهيريا وهذا ليس عيبا بل بالعكس فهذا اعتراف وحرص من الفنانين علي أهمية النقد الفني والثقافي لدي الجماهير التي كانت تمتلك وقتذاك الحس الفني والآن حدث العكس نادراً ما نجد صحفياً فنياً يعمل مستشارا لدي فنان بسبب التجاهل واللامبالاة بالثقافة والتي أهم ضلوعها النقد بالإضافة إلي الدراما التليفزيونية التي سحبت البساط من السينما واتجه الجميع للكتابة الدرامية والردة الثقافية لدي الجماهير الذين هم المؤشر لنجاح العمل الفني وراء رواج السينما الرديئة وكل ذلك يرجع إلي المنظومة الحياتية بالكامل لأن الكل مرتبط ارتباطاً عضويا ببعضه وهل يعقل أن توجد ثقافة وفن ونقد في بلد تغطيه الزبالة من كل جانب؟ تستطرد الحديث الكاتبة فتحية العسال بقولها: في الآونة الأخيرة تدهورت المنظومة التعليمية بالكامل ونتيجة ذلك افراز جيل من الجماهير رافضا للثقافة والفن اللذين هما أساس التذوق بالجمال وهو مظلوم لأنه نشأ في مناخ ملوث ثقافيا وفنيا منذ نعومة أظافره وهؤلاء الشباب هم المخرج والفنان والناقد والذين هم في الأصل أيضا جماهير وكانت أهدافهم الشهرة وجمع المال فقط علي حساب أمية الشعب وهكذا انتشر التدهور الفني والثقافي حتي صار القبح مباراة ومنافسة بين الفنانين وتبعتها موضة اللامبالاة بالنقد وتفشي الفساد من حولنا ومن كل جانب، ولكن الأمل موجود في صفوة شباب مصر المخلصين أبناء الثورة من الأدباء والفنانين الذين سوف يعيدون بناء منظومة جديدة لاعادة الأوضاع إلي مسارها الطبيعي إن شاء الله. الخلاصة - إعاة هيكلة المنظومة التعليمية لغرس الثقافة والفن منذ الطفولة لافراز جيل من الجماهير لديه سعة أفق وصدر وحسن استقبال للثقافة والفن. - إقامة ورش ومعاهد وأكاديميات لتدريس النقد بكل فروعه لافراز جيل جديد من النقاد يوازي عدد المطبوعات. - لابد من ثورة داخلية وخارجية منظمة مشتعلة بالعدل والخير مفعمة بالحب والجمال ليستعيد الجمهور وعيه وذوقه.