ومعرفة بماهية الفنون وكشف مباشر وغير مباشر عن الحلقات المفقودة بالعمل السينمائي كرسالة موجهة للفنان وللجماهير وضوء فني إيجابي للتاريخ السينمائي نظرا للسينما في أهميتها في توثيق وتسطير تاريخ كل ما يحدث علي أرض الواقع. علي مدي العصور التاريخية المختلفة والناقد لا يعيش بمعزل عن الفن والمجتمع وإنما يتفاعل معهما ويستمد منهما عناصر نقده متأثرا بهما ومؤثرا فيهما كرسالة مهمة أخلاقية تحمل أفكارا جديدة وترجمة واقعية ملموسة علي أرض الواقع من خلال العمل السينمائي المطروح بذاك اللحظة لأن النقاد يتحملون مسئولية النهوض بالفن والفنانين والارتقاء بأذواق الجماهير باعتبارهم جسر التواصل الشفاف ما بين الفنان والجمهور. - في الآونة الأخيرة فقد النقد تأثيره علي الفن والجماهير حتي إن النقد اللاذع لفيلم رديء صار رواجا لنجاحه ونجاح فنانيه فلماذا فقد النقد تأثيره علي الحركة الفنية؟ وكيف يستعيد النقد دوره للنهوض بالحركة الفنية؟ في البداية يحدثنا النجم حسين فهمي بقوله: في الآونة الأخيرة تقلصت السينما ما بين سينما تجارية قائمة وسينما التسلية المطلقة الذي أطلقوا عليها كوميدية وهي في الأصل هزلية والكوميديا بريئة منها تماماً وكان الهدف من وراء ذلك نشرالجهل ليصير الشعب تابعاً ومقيداً وليس حراً، مفعولا به وليس فاعلاً واستمر هذا الحال فترة طويلة حتي أن النقاد الحقيقيين ابتعدوا عن الساحة حفاظا علي كرامتهم وتاريخهم وابتعد الفيلم المصري عن المهرجانات الدولية تماماً وسيطرت شركات الإنتاج الخليجي بأفكارها ونظامها وشروطها علي شركات الإنتاج المصرية مما أدي إلي الانهيار السينمائي الذي أفرز بطبيعته نقاداً تناسبه وهذا الشيء طبيعي وبديهي لأن أين المنتج الفني الذي سيعقد حوله الآمال؟ أيضا بالآونة الأخيرة كل من هب ودب يعمل بالصحافة وخاصة الصحافة الفنية التي لا ينشرون بها إلا الأخبار الشخصية للفنانين في الكوارث التي تحدث لهم وكل ذلك لا يهم الجماهير في شيء وكأنهم يستخفون بالفن والفنانين رغم أن الفنان الحقيقي هو طليعة المجاهدين علي الأرض والذي يسعي دائماً من أجل الوطن. - لكي يستعيد النقد مكانته لابد من إعادة هيكلة لكل العاملين بالسينما سواء فنانين أو نقاد والتخلص تماماً من النظم الفنية والإعلامية القديمة التي فرضها العهد البائد ونبدأ عهدا جديدا. تشير النجمة منة شلبي إلي: تفاقم أزمة الحكم بالنظام القديم خلقت شريحة جديدة من النقاد ضعيفة أدبيا وفنيا ولكنها سيطرت سيطرة كاملة علي معظم الجرائد التي اكتفت بإلقاء الهجوم علي الأعمال الفنية والفنانين دون أي موضوعية والنقد جوهره إلقاء الضوء علي السلبيات الفنية بوضوح من خلال تحليل ودراسة موضوعية لاستبدالها بالإيجابيات فيما بعد ولكن هذا لم يحدث إلا من خلال عدد قليل جدا من النقاد ويكاد يكون عددهم لا يتعدي أصابع اليد الواحدة ولكي يستعيد النقد تأثيره علي الفنانين لابد من اختيار الناقد حسب تميزه وقدرته علي النقد العلمي الموضوعي والبعد عن الوساطة والمحسوبية والمنافقين بالأوساط الفنية والذين قلبوا الموازين الإعلامية والفنية. تعلق النجمة هند صبري بقولها: - تغلغل الأمية الفنية والنفسية لدي الجماهير العربية من خلال البرامج الفضائية والأغنية العارية ذات الكلمات التافهة وكل خلق جدارًا صلبا من اللا مبالاة علي عقل ووجدان الجماهير لدرجة أنهم صاروا لا يشعرون بالجمال ولجأوا إلي كل ما هو قبيح وصار التنافس بين بعض الفنانين علي أيهما سيقدم الأكثر قبحاً. - من هنا فقد النقد تأثيره علي المجتمع والفنان لأنه لا يوجد من يستمع ويحلل ويفكر، وهذا يرجع إلي مجموعة من النظم القديمة بشتي المجالات التي تعمدت غرق الناس بالأمية ليستطيعوا التحكم والسيطرة عليهم، ولكن الثورة جاءت عكس كل التوقعات والحسابات واستيقظ الجمهور من الغيوبة بدليل أن بعد الثورة فشلت أفلام كانت تحقق أعلي الإيرادات وأعتقد أن الفترة القادمة ستشهد رواجاً سينمائيا وإعلاميا إيجابيا وستحدث طفرة تعيد المنظومة إلي مكانتها الطبيعية. تعلل النجمة ليلي علوي بقولها: - عدم تحديد أيديولوجية منذ فترة طويلة أدي إلي أزمة في النقد لأن السينما لم تطرح أمام النقاد قضية موضوعية تستحق الجدل في المناقشة والقاء النقد بها سواء نقد بالسلب أو الإيجاب، فكانت كل الموضوعات عائمة تخص عدداً من التوجهات العامة غير المحددة، ولذا دفعت السينما المصرية ثمنا باهظا بأن انقطعت عن جذورها التي ازدهرت في الخمسينات وحتي أوائل التسعينات فمثلا كان فيلم «أريد حلا» للسيدة فاتن حمامة كان سببا في صنع دستور جديد لصالح المرأة، وكانت هكذا السينما التي تقدم قضية من واقع المجتمع وتساهم في حلها، أما الآن فعندما نقدم قضية موضوعية تقوم الدنيا ولا تهدأ كما حدث في فيلم «بحب السيما» وصار الإبداع وكأنه أعجوبة من زمن الأساطير وعفا عليها الزمن وللأسف صوت الأغلبية المظلومين بالأمية هو الأعلي ونحتاج إلي إعادة تأهيل للعقلية المصرية التي كانت تحضر حفلات أم كلثوم وكأنهم في محراب أو معبد والناقد في الأصل إنسان كائن اجتماعي يتأثر بالمجتمع ويؤثر فيه ويعمل من أجله ونأمل بعد الثورة أن تتناول السينما قضايا اجتماعية تثير المجتمع، وتخلق بكل فرد ثورة داخلية للتغيير إلي الأفضل ومن هنا يعود للنقد دوره المؤثر في الفن والمجتمع. تري النجمة إلهام شاهين أن: لجوء بعض النقاد والإعلاميين للعمل مستشارين إعلاميين لدي بعض الفنانين أدي إلي انعدام الثقة في النقد لأنه يؤدي إلي مهاجمة ناقد لفنان دون مبرر لصالح آخر بغض النظر عن شرف المهنة وهذا قد حدث معي بالفعل بمسلسل: «ليالي الحلمية» عندما فوجئت بأن أحد النقاد يهاجمني بضراوة من خلال مقارنة بيني وبين إحدي الفنانات في شخصية «زهرة» قبل عرض المسلسل بيومين وكم كان النقد قاسيا دون مبرر لأنه قبل عرض المسلسل هذا تشويه متعمد لصالح الأخري، ولكي يكون الناقد موضوعيا ويستعيد ثقة الفنانين والمجتمع لابد أن يتقاضي راتباً يستطيع به أن يحيا حياة كريمة دون اللجوء لعمل لدي فنان ومجاملته وفرض عليه مطالب ضد شرف المهنة بل وضد المنظومة الفنية والإنسانية نفسها. يستطرد الحديث الفنان خالد أبوالنجا بقوله: - لابد من انقلاب بالسينما أولا وسقوط رءوس وانهيار عروش وطرد ناس محتكرين الساحة من المحيط إلي الخليج وقد يكون في البداية عقابا مؤلما قاسيا ولكن لابد من حدوثه لإعادة المنظومة بكاملها جزئيا وكليا فالثورة لا تعرف التردد أو الحيرة أو الخمول إنها الحسم والعزيمة للعمل المثمر المنتج السريع الذي يخدم الوطن وبالتالي سيخلق نقدا حقيقيا لأن الفن والنقد وجهان لعملة واحدة فالاتحاد وعمل جبهة واحدة منظمة جداً من الفنانين والنقاد والمبدعين الأدباء تستطيع تحقيق سينما جديدة حقيقية تواكب سينما العالم لأننا لسنا أقل منهم وسوف يلحق بها تلقائياً نقد موضوعي له قيادة جماهيرية تؤيد وتشجع تساعد علي بناء منظومة إعلامية وفنية تلائم وتناسب هوليود الشرق مصر. تؤكد الفنانة: مادلين طبر: أهمية معالجة مشاكل المجتمع من الأمراض الاجتماعية من خلال مبدعي السينما ويتجهوا بجهودهم الأدبية والفنية نحو هذه المعالجات من خلال السينما لتغير نظرة الحكومة التي لاتزال تنظر للسينما علي أنها أداة للتسلية والترفيه ولذا فقد النقد أهميته كما أن تجريف العقول كان سببا في نجاح الأفلام الهزلية لأنها تستطيع مخاطبتهم والبعد عن الأعمال الموضوعية التي تناقش قضايا إنسانية أو أبعاداً فلسفية لأنها تحتاج إلي تفكير وكذلك النقد يحتاج إلي عقول تفكر وتحلل. يختتم الحديث الفنان: عمرو سعد بقوله: - للأسف لا يوجد في مصر نقاد دارسون للفنون حتي يستطيعوا الحكم الموضوعي علي الأعمال الفنية ويكونوا محل ثقة لنا وللجماهير فأنا أندهش من الذي يقول مثلا: إن هذا الفنان كان أكثر تألقا وتوهجاً وعلوا من ذلك وهذا خطأ لأن الفن عملية ارسال واستقبال ومستحيل مثلا أن أكون متوهجاً ولا ينتقل هذا التوهج للطرف الآخر المقابل لي في العمل فهذا هراء ولا يوجد شيء اسمه كان هذا أكثر نجومية من ذلك لأن الإحساس بطبيعته ينتقل من خلال العدوي التي هي بلغة العالم الاشعاعات الكهرومغناطيسية التي تشع من جسم البشر، ولوجود نقد بناء يؤثر علي الفن والمجتمع لابد أن يدرس الناقد كل الفنون الخاصة بالفن السابع وهي: الموسيقي، الغناء، التمثيل، الديكور، التصوير، والكتابة والإخراج وكل نقاد أوروبا لابد أن يدرسوا كل هذه الفنون قبل أن يمنحوا أنفسهم الحق في إلقاء النقد. الخلاصة - ضرورة دراسة الناقد للفنون السينمائية السبعة ليكون نقده موضوعيا مؤثرا - إعادة الهيكلة الإعلامية من جديد واختيار الناقد تبعا لكفاءته - تحديد أيديولوجية فنية تثير المجتمع والفنانين لخلق ثورة نقدية - انصهار الفن والنقد معا كجبهة واحدة لمحاربة الأمية الجماهيرية - ضمان حياة كريمة للنقاد لعدم احتياجهم للعمل مستشارين إعلاميين لدي فنانين علي حساب فنانين آخرين.