اللوحات الفنية لعدد كبير من فناني مصر ورواد حركتها الفنية تبدو كأنها دفتر لأحوال مصر السياسية تأريخاً وحفظاً للأجيال القادمة بالفن .. فهذه اللوحة أمامنا للفنانة الراحلة الكبيرة تحية حليم رسمتها عام 1956 بعنوان "خروج الإنجليز من مصر" في نفس عام الخروج.. وكان قد سبق الخروج بعامين توقيع اتفاقية جلاء البريطانيين عن قاعدة قناة السويس في 19 اكتوبر.. وقد نصت الاتفاقية علي ان يتم الجلاء خلال عشرين شهراً.. وفي 18 يونية عام 1956 يتم الجلاء ويغادر آخر جندي بريطاني عن مصر.. وفي الثامن عشر من يونية رفع الرئيس جمال عبد الناصر العلم المصري علي مبني البحرية في بور سعيد.. فاصبح ذلك اليوم عيداً للجلاء . ولوحة الفنانة الكبيرة تحية حليم [ 1919 - 2003 ] عبرت فيها عن مشهد الخروج مصوره اياه من منظور عالي وقد جعلت الشعب الذي خرج ليشهد خروج الإنجليز مختلطا بالأعلام والمباني والطرقات في مشهد متوحد يعبر عن بهجة الاحتفال بالحدث. والفنانة تحية حليم لم تنفصل بلوحاتها عن الجو السياسي المصري.. ومن ينظر لمجموع لوحاتها سيجد أنها قامت بدور مهم وحيوي لما يجب ان يؤديه الفنان تجاه وطنه لشحذ المجموع صفاً واحداً.. ومن مجموع لوحات الفنانة تحية التي تعتبر تسجيلاً وتمجيداً للحظة داخل لوحة تُحفظ للتاريخ وكشاهدة علي أحوال مصر السياسية.. فتراها في الأربعينيات عبرت عن الجو السياسي والإجتماعي المشوب بالغليان.. وفي الخمسينات لعدوان 1956 علي مصر مكانه في لوحاتها.. كما أرخت لنكسة 1967.. وفي السبعينات بدأت تظهر مواضيع السلام.. وفي الثمانينات عادت لتطرق من جديد علي أمل السلام.. ونذكر من أسماء لوحاتها : "اللاجئين" 1949 .."حريق القاهرة " 1952.. "رماد حريق القاهرة" 1952.. "خروج الإنجليز من القاهرة" 1956.. " الحرب " 1957.. " من وحي العدوان الثلاثي علي مصر" 1956.. " أفراح السد العالي "1964 .. "5 يونية" 1967.." أوقفوا هذا الدمار "1969" هذه الأرض لنا " 1969.. "من وحي هزيمة 67" 1967.. "المسجد الأقصي" 1981.. هذا هو رصيد أعمال فنانة واحدة عاشقة لفنها الذي جعلته للتعبير عن آمال وأحزان وأفراح وطنها.. ومن مجموع أعمال باقي فناني الحركة المصرية الجادين تعمل اللوحة كدفتر بصري لأحوال مصر السياسية ..