قبل شهر فقط كنت أكتب عن فيلم "يامرايتي.. يامرايتي" المأخوذ عن حدوتة "سنووايت" التي عشنا معها صغارا وملأت حياتنا بالسحر والجمال وعلمتنا أن الحب فضيلة، وأن الاشرار لايحبون لكن يوزعون الكراهية علي القريب قبل البعيد، الفيلم كان من بطولة جوليا روبرتس التي حاولت بهذا الفيلم أن تنقذ شعبيتها التي فقدتها في السنوات الخمس السابقة، ولذلك قررت أن تنوع في ادوراها وتلعب دور الملكة الشريرة، ولكنها غلفت الأداء، بمسحة من سخرية تخفف وقع افعالها الشريرة، ومحاولتها لقتل الأميرة الطيبة سنووايت لا لشيء غير انها أفضل واكثر منها جمالا، وكنت أظن وليس كل الظن إثما أن السينما الأمريكية لن تُقدم علي تقديم فيلم آخر عن نفس الحدوتة، إلا بعد انقضاء سنوات طوال، ولكن صناع السينما في امريكا يدركون ويعرفون ما عجزنا عن إفهامه لجمهورنا الطيب. الإصابة بالدهشة إن الأفلام ليست الحدوتة فقط، ولكن فن السرد أو الحكي عن طريق الصورة المتحركة، يسمح بتقديم عشرات المعالجات عن نفس الحكاية، لكل منها تميزه وتفرده، والدليل علي ذلك أن دور السينما في امريكا تستعد خلال الاسبوع القادم لعرض فيلم البؤساء بطولة راسل كرو وهيو جاكمان ، ولو تعرف عدد مرات تحويل رواية الاديب الفرنسي فيكتور هوجو للسينما سوف تصيبك الدهشة، فهناك علي الاقل خمسة عشر فيلما ومسلسلا بمعالجات مختلفة، ظهرت خلال نصف قرن، ومشاهدتك لأحد تلك الافلام، لن يمنع أو يقلل من متعتك بمشاهدة فيلم آخر عن نفس الرواية، أما أنا وقد شاهدت معظمها، فإن الشوق والشغف يتملكاني لمتابعة أحدث معالجة، فلا يوجد ما هو أجمل ولا أمتع من متابعة مباراة في الأداء بين اثنين"من استراليا" اشهر نجوم السينما الأمريكية! الحرب من أجل الجمال وعلي هذا فإن متابعة ثاني فيلم يقدم معالجة مختلفة لحدوتة سنووايت يلقي عند عشاق السينما، كل تقدير واهتمام النسخة الجديدة من بطولة النجمة الفاتنة تشارليز ثيرون في دور الملكة الشريرة، أما دور الاميرة الجميلة البريئة سنووايت فتلعب دورها "كريستين ستيوارت" وهنا يتعامل الفيلم من خلال الخطوط العريضة للحدوتة، لكن يضيف لها كثيرا من التفاصيل التي تجعل منها عملا مختلفا تماما، تشاهده باهتمام تحبه او تكرهه فهذا شأنك وحدك، ولكني علي اية حال استمتعت به، رغم اختلافه الواضح مع ماعلق في ذهني من أيام الطفولة عن حكاية سنووايت، وربما يكون لهذا الاختلاف جماله ومميزاته، فالحدوتة تبدأ بحرب يشنها ملك عادل لأحد البلدان القوية، علي أعدائه الذين شنوا حملات هجوم علي بلاده، وكان الملك قد ودع زوجته الوفية منذ وقت قليل، بعد أن تركت له ابنتهما الطفلة الجميلة سنووايت، وينتصر الملك في حربه علي الأعداء ويأخذ بعض الاسري، بينهم امرأة بالغة الجمال والحسن، تفتنه بمجرد أن ينظر الي وجهها"تشارليز ثيرون" وبعد مشهد أو اثنين علي الأكثر، يخبرنا الراوي أن الملك الأرمل الذي كان مصرا علي وفائه لزوجته الراحلة، قد وقع دون أن يقصد في هوي اسيرته الفاتنة، فقرر أن يتزوجها في حفل عرس اسطوري، لا يقل بهاءا وفخامة عن عرس الاميرة ديانا علي خايب الرجي ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز، لكن يبدو أن جمال الزوجة الجديدة كان يخفي شرا لم يلحظه الملك المتعوس، وكما تفعل إناث العقارب ، قررت الملكة الشريرة أن تقتل مليكها في ليلة العرس، ولم تنس له أنه قتل من أهلها المئات، وشرد آلافًا غيرهم، وبعد أن قتلته استعانت بشقيقها كي يحكم قبضته علي شعب المملكة. التحول القاسي وفي سنوات قصيرة تحولت البلاد من الرفاهية والعزة إلي الحكم الظالم المستبد الذي لابد طبعاً أن يتبعه الفقر الشديد، وتفرغت الملكة الشريرة لرعاية جمالها باعتباره سلاحها البتار، ووجدت في الأميرة سنووايت" خصما لدودا، ومنافسا لها علي عرش الجمال، هكذا أخبرتها مرآتها بصراحة ودون مواربة، ولأنها كانت قد اعتادت أن تسلب كل فتاة جميلة ما تملكه من شباب وحسن، باستخدام السحر الاسود، فكادت المملكة تخلو من الجميلات اللائي تحولن الي فتيات دميمات بلا ملامح. ولكنها لم تقتل سنووايت أو تفعل بها ما فعلته مع غيرها لسبب آخر، أن مرآتها الشريرة أخبرتها أنها تستطيع أن تكتسب الجمال والشباب الدائم لو تمكنت من الاستيلاء علي قلب سنووايت واخرجته من صدرها وأكلته، ولما احست الفتاة بنوايا الملكة، هربت الي الغابة المسحورة وفضلت مواجهة مخاطر الوحوش الغريبة عن أن تترك الملكة تنهش قلبها، وكانت الملكة قد قررت أن ترسل أحد رجالها ليلحق بالفتاة ويقتلها، ولكنه بدلا من ذلك يقع في حبها ولا يفاتحها في ذلك طوال الفيلم، ويكون هو صاحب النصيب في القبلة التي أعادتها للحياة مرة أخري، لتتصدي لشر الملكة وتكون جيشا تستطيع به أن تنتصر عليها وتنصب نفسها ملكة علي البلاد لتعيد الحقوق الي اصحابها وتبدأ عصرا جديدا، المخرج روبرت ساندرز يقدم في اول افلامه السينمائية، فيلما شديد الابهار ممستخدما حرف الكمبيوتر جرافيك ومستحدثاتها، ويحقق أعلي درجات التشويق والإبهار بمساعدة فريق كامل من المحترفين، ويلعب دور الحارس الأمين الممثل الاسترالي الوسيم "كريس هيمسوورث"! وهو أحد فتيان السينما الجدد الذي تراهن عليه هوليوود ، واضح انها سوف تكسب الرهان!