سنوات طفولتنا ملأتها حكايات وقصص خيالية جميلة كانت لنا زاداً،يخفف غلاسه الذهاب اليومي للمدرسة وحشو رءوسنا بمقررات لا متعة ولا فائدة منها، ولولا أن الاهل كانوا يحرصون علي محايلتنا بحكي قصص توارثوها عن ابائهم لكانت سنوات الطفولة سلسلة من النكد السقيم، كان "لهانز كريستيان" أشهر من الف روايات للأطفال دور كبير في تنمية خلايا التفكير والإبداع لدي ملايين الاطفال علي امتداد الكرة الارضية، حكاية سندريللا واميرها الجميل الذي انتشلها من الذل ووضعها جواره علي عرش بلاده بعد أن امتلكت عرش قلبه، ظلت حكايتنا المفضلة طوال سنوات الطفولة، البنات كانت كل منهن تحلم أن تكون سندريللا، والبنين كانوا يحلمون بدور الأمير الفارس الذي يخطف فتاته علي ظهر حصانه، أو دراجته !! "الاخوين جريمز" قدما للإنسانية قصة "سنووايت" الأميرة الثلجية ذات البشرة الناعمة والشعر الفاحم المنسدل علي كتفيها ،من فرط جمالها اثارت غيرة وحسد زوجة ابيها الملكة الشريرة، ولانها كانت تريد أن تظل أجمل امرأة علي الأرض قررت أن تتخلص من سنووايت، التي كانت تفوقها جمالا، فأوحت لاحد حراسها بأن يصطحب الفتاة الجميلة إلي الغابة ويقتلها هناك، ولكن الحارس رق قلبه للاميرة، فلم يقتلها، وتركها في الغابة، فالتقت بسبع من الاقزام عاشت بينهم في أمان وسعادة، وكانت للملكة الشريرة مرآة مسحورة، تقف أمامها تختال بجمالها وتسألها في غرور يامرايتي يامرايتي ،مين احلي مني فتخبرها المرآة أنها سنووايت، وقد تكرر قول المرآة حتي بعد أن اعتقدت الملكة أنها قد تخلصت منها، فجن جنونها وتأكدت ان الحارس لم يقتل الاميرة الصغيرة، فقررت ان تذهب لتقتلها بنفسها، وحتي لاتأخذ الفتاة حذرها. قبلة الحياة ذهبت الملكة الشريرة إليها وهي ترتدي ملابس سيدة عجوز، تحمل سلة تفاخ، واعطت" سنو وايت" تفاحة مسمومة تؤدي إلي وفاتها المؤقتة، وفاة لا تفيق منها الا بقبلة صادقة من شخص يحبها فعلا، وعاد الاقزام إلي الغابة ليجدوا سنووايت فاقدة الحركة وقد بدأت اوصالها تتجمد، فحزنوا من اجلها اشد الحزن، واثناء ذلك يمر في الغاب أمير جميل يشاهد الفتاة ويفتن بها، رغم وفاتها ويقترب منها يقبلها فتدب فيها الحكاية مرة اخري، كنا نشاهد هذا الفيلم في طفولتنا وننتظر تلك القبلة بفارغ الصبر، ولم نكن ننظر للقبلات كفعل فاضح، أو حرام لأنها كانت في الغالب قبلة يعقبها زغاريد وافراح و"الشيخ مأذون" يكتب الكتاب ويعلي الجواب، فكانت القبلة تعتبرعربون محبة، أو بداية فتح كلام بين العشاق قبل أن يتحولوا الي أزواج وتدب بينهم الخلافات والخناقات،ويمتنعون عن تبادل القبلات لبقية أعمارهم،وطبعا كان كل الاطفال يلاحظون أن آباءهم لايتبادلون القبلات بتاتاً "أبسلوتلي"،وهذا ماكان يزيد اعتقادنا ان القبلات بداية للحب والزواج يمنع تداولها،ماعلينا المهم ان السينما قدمت قصة سنووايت في اكثر من فيلم سواء عن طريق الرسوم المتحركة، أو بممثلين من البشر،افلام وعروض مسرحية يصعب حصرها. سنووايت صاحبة الجلالة وهذا العام تقدم السينما الامريكية فيلمين عن حدوتة سنووايت،الاول من بطولة جوليا روبرتس،والثاني من بطولة تشارليز ثيرون،وقد بدأ عرض الاول في القاهرة منذ اسبوع تقريبا وهو باسم "MIRROR MIRROR" أو" يامرايتي يامرايتي"وهو من اخراج الهندي "تارسيم سينج"وقد كتب السيناريو للقصة التي نعرفها كل من "ميليسا والاك"و"جاسون كيللر"وقد التزم السيناريو ببعض تفاصيل الحدوتة، ولكنه لم يلتزم بتفاصيل الشخصيات، فالاميرة سنووايت التي لعبت دورها "ليلي كولينز"وهي صحفية شابة درست التمثيل وتحولت الي نجمة، ليست كما جاءت في القصة مجرد فتاة جميلة، تتعرض لمكائد زوجة ابيها، ولكنها فتاة "روشة" روشان السنين والتنين، تصارع الامير وتضربه، وتكفيه علي وجهه إذا دعت الحاجة، أما الامير الذي لعب دوره"آرمي هامر" فهو يعاني بعض بلاهة، رغم كونه أميرا وسيماً، وابن ناس وثري، أما الأقزام السبعة فهي عصابة تلبد في الغابة، لتقطع الطريق علي الرايح والجاي، وتشبه عصابات الدائري اللي بتثبت الناس وتستولي علي سياراتهم وكل ما يمكن سرقته! وطبعا في الغابة كما في الطريق الدائري وبقية ربوع مصر، لاتجد اثراً لرجال الأمن، ويبدوا إنهم مقموصون زي بتوع الداخلية عندنا وسايبين البلد تضرب تقلب! وقد اضيف للفيلم بعدا اجتماعيا وسياسيا، فالملكة الشريرة"جولياروبرتس" التي استولت علي عرش البلاد، نهبت ثرواتها، لتكون لنفسها جيشا من رجال الامن يقومون بحمايتها، واسرفت في بناء القصور، وشراء المجوهرات والملابس الفاخرة، وخصصت لنفسها اراضي الدولة، وعملت كل مافعله سكان بورتو طرة، وكان ناقص تحتكر الحديد، المهم ان اسرافها الشديد علي نفسها وجمالها،أدي الي إفلاس خزينة البلاد، وبالتالي فرضت علي شعبها المزيد من الضرائب، فتحول إلي شعب من الجياع، يعانون الفقر والمرض والحاجة، ولما عاشت الاميرة سنووايت مع الاقزام السبعة، قررت ان تحولهم إلي عصابة محترمة تسرق من الأغنياء لتساعد الفقراء، أو تسرق اموال الضرائب وتردها إلي الشعب مرة اخري، فنالت حب الجميع، أما الملكة الشريرة "جوليا روربرتس" فلم تجد مخرجاً من أزمتها الإقتصادية،إلا سبيلا واحداً، وهو الزواج من الأمير الوسيم، وطبعا حتي يتم لها ذلك، فكان لابد لها من استخدام السحر،"تعمله عمل يعني"وفي حفل زفافهما تحضر سنووايت مع عصابة الاقزام وتعمل علي فركشة الفرح،وخطف الامير لتتزوجه بدلا من زوجة ابيها الشريرة" بت جدعة فعلا" وتنتهي الأحداث كما معظم الافلام الهندية برقصة يُشارك فيها الجميع!عانت جوليا روبرتس في السنوات الخمس الاخيرة من تكرار الفشل، فقد لعبت بطولة ثلاثة افلام لم يحقق اي منها نجاحا هي ازدواج مع" كليف اوين" ،الحب والصلاة والطعام امام الاسباني "خافييه بارديم" واخيرا فيلم "لاري كراون" امام توم هانكس، ويبدو أن هذا الفشل جعلها تعيد حسابتها وتدرك انها لم تعد تصلح لأدوار فتاة الاحلام، ووجدت ان تغير نمط ادوارها قد ينقذ مستقبلها المهني، فراحت للنقيض وهو ادوار الشر الممزوجة ببعض السخرية، وكان دور الملكة الشريرة في فيلم "يامرايتي يامرايتي"هو طوق النجاة وقد لعبته بمفهوم مختلف، وان كانت قد أخذت كثيرا من أداء الممثلة "هيلينا بونهام كارتر" التي لعبت شخصية الملكة الشريرة في فيلم «أليس في بلاد العجائب»، ولكن علي كل حال فقد حاولت إنقاذ نفسها، وحقق فيلم «يامرايتي يامرايتي» نجاحا ملحوظا،لعله ينقلها الي مستوي مختلف ويفتح امامها طريقا لنوعية متنوعة من الادوار تناسب عمرها الذي تخطي الاربعين!