رئيس "التنظيم والإدارة" يبحث مع "القومي للطفولة" تعزيز التعاون    البريد يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة| تفاصيل    حماس: المساعدات حتى الآن لا تمثل نقطة في محيط احتياجات أهالي غزة    رفع 44 سيارة ودراجة نارية متهالكة خلال حملات مكثفة بالمحافظات    تحرير 503 مخالفات مرورية بسبب عدم ارتداء الخوذة    "بئر غرس" بالمدينة المنورة.. ماء أحبه الرسول الكريم وأوصى أن يُغسَّل منه    ما حكم بيع واستعمال سجاد الصلاة المكتوب عليه لفظ الجلالة؟.. الإفتاء توضح    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد مخططات 11 مدينة و160 قرية    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي    شاب ينهي حياته بأقراص سامة بسبب خلافات أسرية    الأرصاد تحذر من حالة الطقس: موجة حارة تضرب البلاد.. وذروتها في هذا الموعد (فيديو)    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    انطلاق مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائى اليوم ومصر تشارك ببروفايل    صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج من «بي بي سي»    الدوري الإيطالي.. كونتي يقترب من تحقيق إنجاز تاريخي مع نابولي    وزيرة التخطيط: الابتكار وريادة الأعمال ركيزتان أساسيتان لتجاوز «فخ الدخل المتوسط» (تفاصيل)    محافظ أسيوط يشهد تسليم 840 آلة جراحية معاد تأهيلها    قراران جمهوريان مهمان وتكليفات رئاسية حاسمة للحكومة ورسائل خير للمصريين    «يد الأهلي» يواجه الزمالك اليوم في نهائي كأس الكؤوس الإفريقية.. اعرف موعد المباراة    الهلال يفاوض أوسيمين    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 23 مايو في سوق العبور للجملة    محافظ سوهاج يفتتح ميدان سيتي بعد تطويره ويتفقد مشروعات التجميل بالمدينة    توريد 180 ألف طن قمح لصوامع وشون قنا    الأمين العام للأمم المُتحدة يعلن تعيين ياسمين فؤاد أمينة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    «الشيوخ» يناقش تعديلات قانونه ل«تقسيم الدوائر» غدا    الداخلية تكشف 6 شركات سياحية غير مرخصة تنصب على المواطنين    وزير الري: تحديات المياه في مصر وأفريقيا تتطلب مزيدًا من التعاون وبناء القدرات    بروتوكول تعاون بين "الإسكان" و"الثقافة" لتحويل المدن الجديدة إلى متاحف مفتوحة    بسمة وهبة ل مها الصغير: أفتكري أيامك الحلوة مع السقا عشان ولادك    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    الخارجية: الاتحاد الأفريقى يعتمد ترشيح خالد العنانى لمنصب مدير عام يونسكو    المشروع x ل كريم عبد العزيز يتجاوز ال8 ملايين جنيه فى يومى عرض    وزير الخارجية والهجرة يتوجه إلى باريس لبحث القضية الفلسطينية    مقاطع مفبركة.. جارديان تكشف تضليل ترامب لإحراج رئيس جنوب أفريقيا    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    عمر مرموش يهدد رقم فودين فى قائمة هدافى مانشستر سيتى    رئيس الأركان الإسرائيلي يستدعي رئيس «الشاباك» الجديد    وزير الصحة يشارك في مائدة مستديرة حول البيانات والتمويل المستدام لتسريع التغطية الصحية الشاملة    الرعاية الصحية: التعاون مع منظمة الهجرة الدولية في تقديم الخدمات للاجئين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 23-5-2025 في محافظة قنا    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 23 مايو 2025    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    مجدي البدوي: علاوة دورية وربط بالأجر التأميني| خاص    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد    انتقادات لاذعة لنتنياهو واحتجاجات بعد إعلانه تعيين رئيس جديد للشاباك    يرغب في الرحيل.. الزمالك يبحث تدعيم دفاعه بسبب نجم الفريق (خاص)    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    موعد نهائي كأس أفريقيا لليد بين الأهلي والزمالك    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    «تعليم القاهرة» يختتم مراجعات البث المباشر لطلاب الشهادة الإعدادية    نجم الزمالك السابق: ما يحدث لا يليق بالكرة المصرية    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    4 أبراج «بيسيبوا بصمة».. مُلهمون لا يمكن نسيانهم وإذا ظهروا في حياتك تصبح أفضل    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    بمشاركة منتخب مصر.. اللجنة المنظمة: جوائز كأس العرب ستتجاوز 36.5 مليون دولار    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحب الجلالة يجلس تحت قدمي ميمي «مُغْرية» مصر الأولي
نشر في القاهرة يوم 29 - 05 - 2012


دخل نجيب الريحاني- الهادئ عادة- الكواليس كالعاصفة، وسحب ميمي شكيب من يدها متجها بها إلي غرفته بالمسرح. كانت ميمي قبل احتراف التمثيل نجمة سهرات الأمراء والباشاوات والمليونيرات وأولاد الذوات. وكان يشاع أن البكوات يشربون الويسكي في حذائها! وأن أمين باشا عثمان يستقبلها في مكتبه بوزارة المالية ويشعل سيجارتها بورقة فئة خمسين جنيها، تعادل فئتها ذهبا! رومية شقراء فوجئت ميمي بنجيب يقدمها في غرفته إلي أحمد حسنين باشا القيم علي الديوان الملكي ورائد الملك فاروق، قبل أن يتم الاتفاق علي عرض إحدي مسرحيات "كشكش بيه" علي مسرح قصر عابدين. هذه المسرحيات الهزلية ظهرت بينما كانت ميمي التركية الشقراء رضيعة في اللفة (ولدت 1915)، لهذا أضاف نجيب للمسرحية الملكية مشاهد جديدة، تلعب ميمي فيها دور شقراء رومية. أمام الملك قطعت المسرح جيئة وذهابا وهي تجر كلبا وراءها. بعد انتهاء العرض دعا صاحب الجلالة الفرقة لتناول العشاء علي مائدته، وقدم أحمد حسنين نجيب الريحاني للملك: "هذا رجل يأكل عنده صنوف من الناس، ولكنه يقدم مسرحيات كالبصل للفقراء، بينما يقدم للأغنياء ديوكا رومية". كانت الصورة كناية عما هو أكثر من شقراوات الفرق الاستعراضية اللاتي يقدم بهن الريحاني عروضه للأرستقراط. وبالطبع قدم الريحاني ميمي شكيب لصاحب الجلالة. طوال العشاء أخذ أنطون بوللي سكرتير الملك الخاص يحوم حولها، مزجيا عبارات الإطراء، قبل أن يسألها: "هل أعجبك طعامنا؟". ردت "الخبز الأبيض هايل". وعد بأن يرسل لها منه. ابتسم لها الملك وسألها ماذا تشرب، فرد نجيب "إنها تشرب المحيط" كناية عن حبها للعب من كل أنواع المشروبات عبا نهما، حتي اشتهر أنها تشرب زجاجة ويسكي كل يوم منذ أن بلغت السابعة عشرة، وأن من يذهب إلي "صالونها" الخاص في عمارة زبال بشارع الشريفين، لابد وأن يرسل صندوقا من الويسكي قبله... . وصل الخبز الأبيض ومعه فواكه الموسم وديكة رومية و... إلي بيت ميمي. ولما عرفت أمها المصدر لهج لسانها بالدعاء "ربنا يحبب خلقه فيكي. يهنيك ويفتح الأبواب المغلقة في وجهك يا بنتي"، فزيجتا ميمي السابقتان لم تعمر أي منهما أكثر من أيام. وباتت الأم تخشي أن تعيد ابنتها سيرة خالتها ورائدتها فاطمة. تزوجت أحد عشر مرة وصارت مدمنة، وباتت تعيش في بيتهما بعد وفاة زوجها الأخير، تتسلي بالعجائز من سقط متاع ميمي. اتصل بوللي للاطمئنان علي وصول الهدايا، وقال لميمي: مولانا قرر أن يراك في مسرحية "حكم قراقوش" علي مسرح الأوبرا. عادتها الحكايات التي تشيع عن جلوس الملك في بنواره، يستعرض بالمنظار المعظم الحسناوات الفاتنات، وليس بين المتألقات علي المسرح فقط وإنما بين الحضور أيضا، بينما يقف سليمان نجيب، مدير الأوبرا، رهن الإشارة لاستدعاء من تلفتن نظر صاحب الجلالة إلي البنوار الملكي... رقصة قراقوش حين ذهبت ميمي إلي البروفات وجدت نجيب يبادرها منشرحا: الملك يريد أن يري مسرحية جديدة لنا، وهذا دليل علي أن عينه وقعت علي ما استحسن. - تقصدني؟ - هل تتصورين أنه يستلطفني أنا؟ صمت برهة قبل أن يدلف إلي الحديث عن الشغل: ما نفعله كل ليلة لا يليق أن يحدث أمام الملك. كانت ميمي تمثل فقط في المسرحية، أما الرقصة الشرقية المفروض أن تؤديها أمام قراقوش فقد كان نجيب يستعين براقصة لها نفس قوامها، تغطي وجهها بالتوال الأسود، ولم يكن أحد من الجمهور يدرك ذلك. فقد كانت الراقصة علي كل حال "باهرة"، دع عنك أن الملابس كاشفة، حتي أن عمد قبلي وبحري كانوا يبيعون الأرز والقطن، ويتسابقون للجلوس في الصفوف الأولي، تحت أقدام "الرومية". كما شاع تأجير نظارات سباق الخيل المكبرة، بين من لا يقدر علي سعر هذه الصفوف في السوق السوداء للتذاكر. استطرد نجيب وهو يهز وسطه برشاقة راقصة شرقية "سوف أوصي إيزاك ديكسون أشهر مصمم رقصات في مصر. صاحب رقصة كاريوكا التي سميت بها تحية، ويشاع أنه هو الذي قدم لاحقا كاميليا- نجمة سهرات الملك فاروق- لجيمس زارب عميل الموساد في مصر)، سوف أوصي ديكسون بوضع رقصة جديدة". استمرت الرقصة المثيرة التي قدمتها ميمي شكيب علي مسرح الأوبرا (عام 1941) أمام الملك 15 دقيقة، بينما كانت رقصة قراقوش الأصلية 3 دقائق فقط، وبسبب انبهار الملك (كان عمره 21 سنة) وإكراما له أعادت ميمي الرقصة مرة ثانية. بعد العرض قدم نجيب للملك ميمي "بطلة الفرقة" فامتدحها صاحب الجلالة: أنت راقصة عظيمة. الستات ما يعرفوش يكدبوا تلقت الفرقة دعوة لتقديم مسرحية "الستات ما يعرفوش يكدبوا" بطولة ميمي علي مسرح قصر عابدين. "انشكح" نجيب، فأموال القصر بلا حدود، وهو يحصل علي ألف جنيه (ذهب) علي الأقل مقابل العرض. بعد الحفل دعا الملك الفرقة وفي مقدمتها بطلة المسرحية إلي العشاء. وفي اليوم التالي رن الهاتف في منزل ميمي، وطالعها صوت بوللي: "كنت بالأمس نوارة. لماذا لا تشرفيننا وتتناولين العشاء معنا في القصر اليوم؟". - أحفظ دورا جديدا لافتتاح موسم الصيف في الإسكندرية. - أين تقيمين في الإسكندرية؟ - عادة نستأجر شقة في سبورتنج. - سأزورك إذن في المسرح قبل السفر. لم يضيع بوللي وقتا، فقد زنقه نجيب الريحاني بادعاء أن البروفة لابد أن تبدأ للتو. قدم الرسول لميمي مظروفا به إيجار شقة الإسكندرية، هدية من الملك، وهو يهمس: "من توجيهات مولانا أن الشقة يجب أن تكون مزودة بتليفون". اجتزأت ميمي 500 جنيه (ذهب) وأعطتها لأمها لتسبقها إلي الإسكندرية، وتستأجر شقة بها تليفون. يومها دق جرس التليفون في الشقة وقال الملك لميمي "سوف نراك قريبا". كانت فرقة الريحاني تعمل علي مسرح "الهمبرا"، وفي إحدي الاستراحات همس فلاديمير مدير المسرح "الملك هنا". لم يصدق نجيب الريحاني فأرسل شقيقه يوسف يستطلع الأمر، ليعود مؤكدا الخبر، وليهمس فلاديمير إنها المرة الثالثة التي يشاهد فيها الملك العرض. منجم الأحجار الكريمة ويومها دق تليفون الشقة. كان المتحدث نجيب باشا الجواهرجي (وليس نجيب الريحاني). دعا ميمي، علي عادتهما القديمة، إلي زيارته في قصره بعد العرض. انتهي دورها في المسرحية فهرولت إلي حيث ينتظرها بندللي السائق الخاص لنجيب جواهرجي البلاط الملكي. واستقبلها هذا بقصره في سيدي بشر متأدبا، دون أن يفتح ذراعيه كالعادة. وراح يهمس: كثر المعجبون إلي جوار قائمة العشاق القدامي، وضعت أنا في الرجلين. كانت جائعة فأشاحت عن همسه وسألت: ماذا عندك للعشاء؟ دخل ضيف علي عينيه نظارة سوداء فقال لها نجيب باشا: قومي سلمي. فردت مستفزة "لماذا أقوم. الرجل هو الذي يأتي ويسلم ويقبل يدي، ويجلس تحت قدمي أيضا؟". رفع الضيف نظارته فعرفته وهمت مذعورة بالقيام. لكن الملك فاروق اندفع يمنعها: "سمعا وطاعة مولاتي" قبل ان يتوجه بالحديث لنجيب باشا: سأجلس علي الأرض كما اختارت لي مغرية مصر الأولي. جلس صاحب الجلالة ويده تمنع ميمي من الوقوف. تحرجت وأنزلت ساقها وضمتها إلي جوار زميلتها إذ كانت ترتدي، كما يوصونها في المسرح عادة، "فستان الكومبليه" الذي يستحوذ علي إعجاب الزبائن، لكنها فوجئت بصاحب الجلالة يناشدها "عودي كما كنت"، ويصمت برهة قبل أن يفضحها "تعرفين أن وضعك ساقا علي ساق يجعل المسرح كامل العدد كل ليلة". وأنفاسه تلفح الساقين المرمريتين رفع الملك رأسه يسأل أحمد نجيب باشا متبسطا: "ماذا تري يا جواهرجي؟". يا صاحب الجلالة أنا "حياله" مجرد صائغ لقطع من الحلي في دكان، ولا أدعي أنني خبير بمنجم للأحجار الكريمة مثل ذاك..

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.