.. هل تذكرون مقولة "كل من يطلب كرسي البابا يكون محروماً" * اختيار البابا وفقاً للائحة 57 السارية يعني إمكانية وقوع الكنيسة مجدداً في مأزق كسر القوانين الكنسية الصحيحة والتي أقرتها المجامع المسكونية نيقية والقسطنطينية وما يترتب علي ذلك من متاعب * التيار العلماني يقترح علي باخوميوس تشكيل مكتب استشاري يقدم المشورة السياسية للمجمع المقدس والمجلس الملي فيما يتعلق بالقضايا العامة والقضايا الوطنية التي تهم الأقباط والكنيسة هل بتنا مجتمعاً من الأشقياء يسكن وطناً للفرقاء والغرماء، وعليه نحتاج في زماننا الحالي المضطرب إلي من يدلف بنا إلي دنيا الهداية والسلام وعالم الروحانيات، وحيث باغتنا البعض منا يؤكدون أننا ما كنا مسلمين، وما عرفنا من تعاليم المسيحية إلا القشور، وأننا قد عشنا في بيوت ما طبقت وماعرفت صحيح الدين، بل والأغرب أن شيوخ وكهنة زمن الآباء والأجداد (من وجهة نظرهم) كانوا من المفرطين في الدعوة للالتزام بطقوس العبادات وثوابت الإيمان، وان كنائسنا ماكان يسكنها المسيح، ومساجدنا ما كان في زمانهم يعمرها من آمن بالله واليوم الآخر، ومن أقام الصلاة، ومن أتي الزكاة ولم يخش إلا الله! عندما زار أخوة و معهم علمانيون الأب فلكسيا طلبوا إليه أن يقول لهم كلمة أما الشيخ فبقي صامتاً , فلما طلبوا إليه كثيراً قال لهم : "هل تبتغون أن تسمعوا للكلمة ؟" فأجابوه نعم أيها الأب فقال لهم : "لما كان الأخوة يسألون المشايخ ويفعلون ما يقال لهم فإن الله كان يلهم الآباء بما يقولونه وأما الآن فإنهم يسألون و لا يفعلون بما يقال لهم لذلك رفع الله موهبة الكلام عن الشيوخ إذ لا يجدون ما ينطقون به لأنه لا يوجد من يعمل لأن المزمور يقول : "إن الرب اطلع من السماء علي بني البشر فلم يجد فيهم من يفهم ... الخ" فلما سمعوا الأخوة هذا الكلام تنهدوا قائلين صل علينا أيها الأب ".. ونحن في انتظارالبابا ال 118 للأقباط الأرثوذكس، أود في البداية بالتذكير بقرار للمجمع المقدس للكنيسة المنعقد سنة 1856 قبطية ميلادية " كل من يطلب رتبة البطريرك من الأساقفة أو المطارنة أصحاب الكراسي أو سعي فيها أو رضي بها أو أحد سعي له في شأن يطلبوه لها (كاهن كان أو رئيس كهنة، أو علماني) يكون محروماً .. يقول كاهننا القبطي الفسبوكي النشط وصاحب الإنتاج الغزير أثناسيوس جورج حول (المجمع الانتخابي)، أن كنيستنا القبطية قد حافظت علي احترام الشخصية الإنسانية؛ فلم تتحول الحياة الكنسية في تراثها الأصيل وطقسها إلي حلقة كهنوتية مُغلقة ؛ يكون فيها رجال الإكليروس هم وحدهم أصحاب الكلمة الأولي والأخيرة، لذلك تأتي مشاركة المؤمنين ورأيهم وشركتهم كجماعة أعضاء الكنيسة الحية (حق أصيل ووجودي) في العمل الكنسي، لأن الشعب هو أيقونة الكنيسة (الجنس الإلهي الملوكي والمختار)؛ عبيد الله وحجارة الكنيسة الحية؛ ورعيتها الناطقة الحافظة للأمانة... وقد أتت القوانين والطقوس والأدبيات الآبائية مؤيدة للوجود الأصيل للجموعية ولحياة الشركة واتفاق الرأي بوحدانية القلب؛ الذي لا يمكن تجاوزه أو غض الطرف عنه وإهماله، فهناك كنائس أخري لا يشترك فيها الشعب في انتخاب البطريرك.." نعم، كاهننا الأديب "الشعب هو أيقونة الكنيسة" .. تعبير بديع اقتبسته عنواناً للمقال، ولكني لا أتفق معك في الإحساس من جانب الإكليروس بقيمة وجود شعب (وكنت أفضل وصف جماعة المؤمنين بدلاً من شعب)، إن ما حدث في الفترة الأخيرة من تغييب دور المجلس الملي، وتجاهل الحوار مع أبناء الكنيسة من أصحاب رؤي الإصلاح الإداري من جانب، وأصحاب المشاكل وفي مقدمتهم أصحاب قضايا الأحوال الشخصية، والمتضررين من وجود رجال يتحدثون باسم قداسة البابا، ومن يدعي أنه محاميه أو مستشاره، رغم إنكار غبطته وحتي الأيام الأخيرة قبل انتقاله، ولكنهم دائما في الكادر البابوي، ومن صالحهم حجب أصحاب المطالب، أما مشاركة الشعب في اختيار بطريركه، فهي مشاركة نسبية واللائحة المنظمة تحتاج تغييرات جذرية !! محطات عطاء سابقيه ونحن في انتظار قدوم بطريرك للكرازة المرقسية، أستأذن القارئ العزيز، للتوقف عند محطات عطاء سابقيه، قد تشير لمواهب وإمكانيات وملكات خاصة لبعض البطاركة ينبغي الاستفادة بمعطياتها في المرحلة القادمة (علي مسئولية الموسوعة القبطية التي أعرض بعض ماطرحت..).. * البابا مرقس الأول (القديس مارمرقس الرسولي) (61 - 68 م)...هو كاروز الديار المصرية وأول باباوات الكرازة المرقسية وأحد السبعين رسولا.. بيته أول كنيسة مسيحية، حيث أكلوا الفصح، وفيه اختبأوا بعد موت السيد المسيح وفي عليته حل عليهم الروح القدس. ولما كثر المؤمنون باسم المسيح وسمع أهل المدينة بهذا الأمر جدوا في طلبه لقتله. فرسم إنيانوس أسقفا وثلاثة قسوس وسبعة شمامسة ثم سافر إلي الخمس مدن الغربية، وحدث وهو يحتفل بعيد الفصح يوم تسعة وعشرين برمودة سنة 68 م، وكان الوثنيون قد خرجوا من معبدهم إلي حيث القديس قبضوا عليه وطوقوا عنقه بحبل وكانوا يسحبونه وهم يصيحون " جروا الثور في دار البقر " فتناثر لحمه وتلطخت أرض المدينة من دمه المقدس وفي المساء أودعوه السجن فظهر له ملاك الرب وقال له " افرح يا مرقس عبد الإله، هوذا اسمك قد كتب في سفر الحياة وقد حسبت ضمن جماعة القديسين " وتواري عنه الملاك ثم ظهر له السيد المسيح وأعطاه السلام فابتهجت نفسه وتهللت ". * البابا إنيانوس ( 68 - 83 م).. ولما دخل مارمرقس الإسكندرية، ليبشر بالمسيح، انقطع حذاؤه، فدفعه لانيانوس ليصلحه وقد حدث وهو يغرز فيه المخراز أن نفذ إلي الجهة الأخري وجرح إصبعه. فصرخ من الألم وقال باليونانية "ايس ثيئوس" أي يا الله الواحد... فأخذ مارمرقس ترابًا من الأرض وتفل عليه ووضعه علي إصبع انيانوس فبرئ في الحال. وأخذ القديس مرقس إلي منزله وعمدهم جميعًا انيانوس وأهل بيته. * البابا بطرس الأول (خاتم الشهداء) ( 302 - 311 م).. وفي أيامه ظهر أريوس المخالف، فنصحه القديس فلم يقبل فحرمه ومنعه من شركة الكنيسة. قبض رسل الملك مكسيميانوس الوثني علي البابا... وقطعوا رأسه بحد السيف بعد أن صلي قائلا "ليكن بدمي انقضاء عبادة الأوثان، وختام سفك دماء المسيحيين "... * البابا يوحنا الأول ( 496 - 505 م ) أختير للبطريركية فتمنع ولكن الأساقفة والكهنة والأراخنة أخذوه قهرًا ورسموه بطريركًا في أول بابه سنة 213 للشهداء.لما جلس علي الكرسي المرقسي اهتم اهتمامًا زائدًا بالتعليم والوعظ وتثبيت المؤمنين علي الإيمان المستقيم.استمرت البلاد المصرية في عهد البابا يوحنا في أمن مطمئنين وقد اهتم البابا يوحنا بتقوية الإيمان الصحيح، واهتم أيضا بالأديرة المصرية وجعلها أسسا لنشر نور القداسة والعلم بين الجموع حتي امتد نورها إلي الدول الغربية. * البابا ديمتريوس الثاني ( 1862 - 1871 م) وكان رئيسا لدير القديس مقاريوس ببرية النطرون وانتخب للبطريركية وسيم بطريركا في 1862 م أواخر عهد الخديو محمد سعيد، ولما زار الخديوي بعد الرسامة قال له الخديوي: "لا تفعل مثل سلفك فكل ما يلزمك قل لي عليه وأنا مستعد لتأديته لك". وفي هذا ما يشير إلي ارتكاب جريمة قتل البابا ابي الإصلاح.ولما قدم السلطان العثماني عبد العزيز لزيارة لمصر 1863 بدعوة من إسماعيل باشا ليرضي عنه وعن تصرفاته، دعا إسماعيل العلماء والوزراء والآباء الروحيين والوجهاء ليحظوا بمقابلة هذا السلطان في يوم حدد لهذا اللقاء العظيم، وقد وافق هذا اليوم يوم الجمعة العظيمة للأقباط الأرثوذكس، كانت العادة (البروتوكول) أن من يدعي للمثول بين يدي السلطان يقبل طرف ثيابه، فلما جاء دور البابا ديمتروس تقدم إلي السلطان، ولثم صدره مما أزعجه وادهشه، كما اندهش الحاضرون لأنهم اعتبروا هذا جسارة من البابا لم يجرؤ عليها أحد منهم، ولما شكي عن معني هذا التقبيل الغريب، أجاب: (إنما أنا اقبل يد الله ملك الملوك وسلطان السلاطين لأنه ورد في الكتاب المقدس "إن قلب الملك في يد الرب" (أم 21: 1) وكان مع البابا القس سلامة ترجم هذه العبارة بالتركية للسلطان الذي سر جدا منه واقسم مسرورا ووهب ألف فدان من أملاك الحكومة للمدارس القبطية، ثم زادها الخديوي إسماعيل خمسمائة فدان أخري في مديرية الشرقية. * البابا كيرلس السادس( 1959 - 1971 م) ..تدعيم صلة الكنيسة القبطية بالكنيسة الحبشية فقد رسم لأثيوبيا بطريركًا جاثليق سنة 1959م. وضع حجر الأساس لدير مارمينا بمريوط سنة 1959 م. سيامة أساقفة عامون فقد رسم نيافة الأنبا شنودة أسقفًا للمعاهد الدينية والتربية الكنسية (قداسة البابا شنوده الثالث بطريرك الكرازة المرقسية 117، والأنبا صموئيل أسقفًا للخدمات العامة، والأنبا غريغوريوس أسقفًا للدراسات العليا والبحث العلمي. في عهده بدأت خدمة كنائس المهجر في أمريكا وكندا واستراليا وغيرها. وضع حجر أساس الكاتدرائية المرقسية الجديدة بالأنبا رويس بالقاهرة. إرجاع جسد القديس مارمرقس إلي القاهرة. كان له علاقة شخصية بشفيعه القديس مارمينا العجائبي. ظهور السيدة العذراء مريم بالزيتون سنة 1968م. وكان أول من أصدر قراراً بمنع سفر الأقباط إثر حرب 1967، ولكنه لم يعلن عن عقوبة روحية توقع علي المخالف .. مقترحات إلي القائمقام وقد تقدم أعضاء التيار العلماني بمقترح أثناء استقبال نيافة القائمقام الأنبا باخوميوس لوفدهم، والذي أشهد بإيجابية استقبال نيافته للأطروحات والأفكار المعروضة، عبر حوارمثمر ومهم لما يزيد عن الساعة حول القضايا الكنسية الملحة، وأطرح بعض ما جاء في الخطاب الذي تسلمه نيافته يداً بيد : * نقدر قراركم الصائب بمنع الزيارة لمثوي قداسة البابا الراحل بدير الأنبا بيشوي بعد الأحداث المؤسفة التي شهدها الدير نتيجة التزاحم غير المنظم من جموع الأقباط للزيارة وكان من نتائجها وقوع العديد من الأطفال والشباب قتلي وجرحي، وهو أمر يحتاج إلي البحث في الأسباب المباشرة وربما يحتاج الي مراجعة منظومة التعليم الكنسي المعاصر بجملتها. * ونشكركم علي قرار الكنيسة عبر المجلس الملي وفي إعادة اعتبار للدور العلماني بالانسحاب من المشاركة في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور وإن تأخر بقدر، ويقينا يصح القول بأن يأتي متأخراً خير من ألا يأتي، ونأمل ألا يكون وراء ذلك التأخر ما يتردد من أقاويل عن وجود محاولات لتوظيف القرار استمراراً وانسحاباً لحساب صراع تيارات منحازة لشخوص بعينها من الآباء الأساقفة في سعي الترشح لموقع البابا البطريرك. * فيما يتعلق بإشكالية اختيار البابا البطريرك ..ابديتم نيافتكم تخوفاً من الإقدام علي تعديل لائحة 57 والذي يجعل الأمر مرتهنا بإرادة البرلمان، وما قد يترتب علي ذلك من بقاء الكرسي شاغراً لسنوات.وقد يكون هذا صحيحاً لكن البديل المطروح ترتيباً علي هذا أن تستمر عملية الاختيار وفقاً للائحة 57 السارية وهذا يعني إمكانية وقوع الكنيسة مجدداً في مأزق كسر القوانين الكنسية الصحيحة والتي أقرتها المجامع المسكونية نيقية والقسطنطينية وما يترتب علي ذلك من متاعب علي الأرض أكدتها تجارب الكنيسة السابقة في كل مرة تم فيها مخالفة هذه القوانين، ولعلكم تعودون في هذا إلي ما رصدته المؤرخة الأستاذة إيريس حبيب المصري في موسوعتها "قصة الكنيسة القبطية"، والتي خلصت إلي أن الكنيسة كانت تمر بأسوأ عصورها حين تتعمد مخالفة القوانين الكنسية، وتحديداً حين تجيز تولي الأسقف موقع البطريرك. * ومن المؤكد انكم تدركون حجم اختلاف وجهات النظر بين الأجنحة المختلفة داخل المجمع المقدس، وما سوف يترتب علي ذلك من تداعيات ممتدة بعد اختيار البابا البطريرك من أحدهم، وهو ما سيأتي سلباً وخصماً من استقرار الكنيسة. * وتضمن الخطاب اقتراحا بتشكيل مكتب استشاري يقدم المشورة السياسية للمجمع المقدس والمجلس الملي فيما يتعلق بالقضايا العامة والقضايا الوطنية التي تهم الأقباط والكنيسة، يلحق بها مركز دراسات متخصص يوفر الدراسات والأبحاث التي تحلل وتدرس وتضع تصورات للحلول فيما يتعلق بتلك القضايا، بالتعاون مع المراكز البحثية الاكاديمية ومراكز الدراسات ذات الثقل في المؤسسات الوطنية المصرية.