وزارة الأوقاف تعلن عن وظيفة وكيل دائم (الشروط وطريقة التقديم)    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 19 أغسطس    حركة القطارات | 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. اليوم الثلاثاء    رئيس الوزراء يصل مقر انعقاد منتدى مجلس الأعمال المصري الياباني في طوكيو    هل محادثات ماكرون مع ترامب تتطرقت إلى تنازل أوكرانيا عن أراض؟    مواعيد مباريات الدوري المصري اليوم الثلاثاء والقنوات الناقلة    نجلة طلعت زكريا تكشف سر عن أحمد فهمي تجاه والدها الراحل    أوبن إيه آي تدرس إضافة إعلانات ل ChatGPT بحذر    دراسة تحذّر من الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في الفحوص الطبية    وداعا لتقديرات الأطباء، الذكاء الاصطناعي يحدد موعد ولادة الجنين بدقة 95 %    في اقل من 24 ساعة...كشف لغز العثور على سيدة أربعينية مصابة بطعنات متفرقة وملقاه وسط الأراضي في السنبلاوين    وزير الزراعة: نستهدف 12 مليار دولار صادرات زراعية هذا العام.. وإضافة 3 ملايين فدان خلال 3 سنوات    الماريجوانا على رأس المضبوطات.. جمارك مطار القاهرة تحبط محاولات تهريب بضائع وأسلحة بيضاء ومخدرات    ضبط سائق دهس شابًا وفر هاربًا بالفيوم    رئيس «مدينة مصر»: نسبة إلغاء التعاقدات فى معدلاتها الطبيعية ولا تتجاوز 6%    5 شهداء جنوب شرقى مدينة دير البلح    ماكرون: لا سلام دون توفير الضمانات الأمنية لأوكرانيا    إصابة عامل إثر حريق داخل مطعم فى منطقة التجمع    أوتشا: نحو 86% من مساحة غزة تخضع لأوامر إخلاء أو مناطق عسكرية    «الصفحة اتقفلت».. آمال ماهر تحسم موقفها من عودة «الإكس» (فيديو)    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد بيان وزارة المالية (اعرف هتقبض كام؟)    مخاطر الخلط بين أبحاث علوم الفضاء وفقه أحكام الفضاء    تفاصيل إصابة علي معلول مع الصفاقسي    الزمالك يطمئن جماهيره على الحالة الصحية ل«فيريرا»    مقلب.. نجم ريال مدريد يثير قلق الجماهير قبل مواجهة أوساسونا    "أقنعني وتنمر".. 5 صور لمواقف رومانسية بين محمد النني وزوجته الثانية    فرصة لطلاب المرحلة الثالثة.. تعرف الجامعات والمعاهد في معرض أخبار اليوم التعليمي    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    تحت عنوان «حسن الخُلق».. أوقاف قنا تُعقد 131 قافلة دعوية لنشر الفكر المستنير    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025 بأسواق الصاغة    ارتفاع درجات الحرارة تصل 43.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    د. إيهاب خليفة يكتب: الثورة المعرفية الجديدة .. الاستعداد لمرحلة الذكاء الاصطناعي «العام»    مستند.. التعليم تُقدم شرحًا تفصيليًا للمواد الدراسية بشهادة البكالوريا المصرية    زيلينسكي: سيتم البت في مسألة الأراضي بين روسيا وأوكرانيا    ترامب: أوروبا ستقدم الضمانات الأمنية لأوكرانيا    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    «زي النهارده».. وفاة الكاتب محفوظ عبد الرحمن 19 أغسطس 2017    إيمي طلعت زكريا: أحمد فهمي سدد ديون بابا للضرائب ونجم شهير صدمنا برده عندما لجأنا إليه (فيديو)    رئيس وزراء السودان يطالب الأمم المتحدة بفتح ممرات إنسانية في الفاشر    الاتحاد الأوروبي يخفض وارداته من النفط إلى أدنى مستوى تاريخي    عشبة رخيصة قد توفّر عليك مصاريف علاج 5 أمراض.. سلاح طبيعي ضد التهاب المفاصل والسرطان    محافظ سوهاج يُقرر خفض تنسيق القبول بالثانوي العام إلى 233 درجة    عماد النحاس يكشف موقف لاعبي الأهلي المصابين من المشاركة في المباريات المقبلة    مفاجأة حول عرض لانس الفرنسي لضم ديانج من الأهلي    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    حدث بالفن | مطرب مهرجانات يزيل "التاتو" وإصابة فنانة وتعليق نجل تيمور تيمور على وفاة والده    للربط مع مصر.. إنزال الكابل البحري عالى السعة في مدينة العقبة بالإردن    محافظ الدقهلية يفتتح حمام سباحة التعليم بالجلاء بتكلفة 4.5 مليون جنيه.. صور    شام الذهبي في جلسة تصوير رومانسية مع زوجها: مفيش كلام يتقال    أستاذ تاريخ: مقولة "من النيل إلى الفرات" تزييف تاريخي صدره الصهاينة    «لو العصير وقع علي فستان فرحك».. حيل ذكية لإنقاذ الموقف بسرعة دون الشعور بحرج    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    رئيس «جهار» يبحث اعتماد المنشآت الصحية بالإسكندرية استعدادآ ل«التأمين الشامل»    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حريم السلطان» مسلسلات الصابون تغسل التاريخ
نشر في القاهرة يوم 24 - 04 - 2012


تقبيل الكل لطرف رداء السلطان، الأقرب لحذائه، بمن فيه وزراء الدولة وقادتها وحتي سفراء الدول الأخري الذين يجرون جرا إليه، قبول التعيين والإقالة في كل المناصب بأمر السلطان وحده، قطع رقبة المعارض بكلمة ينطقها السلطان (العادل) في لحظة غضب، كل نساء القصر هن جواري له، ينصعن لأوامره وهن صامتات، ويرفهن عنه برغبة في إرضائه، وتساق المختارات منهن لحضنه بخلوته والفرحة بعينيها، وتصبح الواحدة منهن سلطانة إذا ما أنجبت له الولد، فهن ممن ملكت يداه، لا يحتاج زواجاً شرعياً أو عرفيا بهن، فهو الحاكم الأوحد، والسلطان المعظم، وخليفة المسلمين علي الأرض، هو في عبارة قصيرة سلطان الحريم ؛ نساءً بقصره ورجالا بمملكته، فالرجال عنده يخضعون لأوامره ويرتعبون من تغير أسارير وجهه، مثلهم في ذلك مثل نسائه. هذه هي كل ملامح سلطان السلاطين وخان الخانات وإمبراطور العالم القديم، وعاشر حكام دولة آل عثمان، وثاني من حمل لقب أمير المؤمنين "سليمان الأول" ابن السلطان الغازي القاطع "سليم الأول" الذي استولي علي الحكم بعد انقلابه علي أبيه "بايزيد الثاني"، ودمر سلطان المماليك في الشام وفلسطين، وغزا مصر أوائل القرن السادس عشر ليشنق "طومان باي" ويعلقه علي باب زويلة، ويجعل من الدولة المصرية بكل ثقلها مجرد (ولاية عثمانية) تدين للباب العالي في الآستانة، وجاء من بعده ابنه "سليمان" هذا ليمارس هوايته في توسيع الإمبراطورية العثمانية غربا وشرقا، وذلك كما قدمها ويقدمها منذ أشهر عبر أكثر من قناة عربية المسلسل التي تقول دعايته الصحفية انه أثار ضجة ضخمة في تركيا والبلدان العربية التي عرضت الجزء الأول منه والممتد لخمس وخمسين حلقة، حاملا عنوانا تركيا هو (القرن العظيم) نسبة للقرن السادس عشر الذي كان قمة تضخم وعلو شأن الإمبراطورية العثمانية، وبصورة خاصة في زمن "سليمان الأول" أو كما اشتهر ب "سليمان القانوني" لما سنه من قوانين وضعت أسس النظام القضائي العثماني، وهو ما لم يعره المسلسل التركي في جزئه الأول أدني انتباه، حتي فتوحاته وغزواته كانت تمر مرور الكرام في أفق حلقات المسلسل، بينما أغرقنا في لجة صراع الحريم داخل القصر حول سلطانهم المشغول بدوره في صياغة الخواتم والقلائد ليهديها لنسوانه، والإشارة برأسه من خلف النافذة بقطع رقبة معارضيه، ولذا استحق أن يحمل عنوانه العربي (حريم السلطان). مسلسلات الصابون ولأن طبيعة بناء هذا المسلسل، والتي تندرج تحت هذا النوع من المسلسلات التليفزيونية كثيرة الحلقات الذي استوردته المكسيك من الروايات الأوروبية الرومانسية المسلسلة والحلقات الإذاعية المتوالية، لتبرز فيه ثم تعيده لأوروبا وأمريكا الشمالية، ويعرف باسم أوبرا الصابون (soap opera)، والمنشغل برصد الحياة المنزلية بتفاصيلها الصغيرة، ويقدم عادة قي فترات الصباح لربات البيوت، المنشغلات بدورهن بطهي الطعام وغسل الأطباق والملابس، ولذا فالحلقات في هذا المسلسل متعددة، والأحداث قليلة، وحركة الكاميرا بطيئة ومملة، لتتيح الفرصة لثرثرة المشاهدات فيما بينهن عبر المناور قديما، وبالموبايلات حديثا، وتدور مشاهد هذا المسلسل داخل القصور الملكية وحدائقها، دون خروج منها إلا إلي جزء ضيق بجوار سور عال يقال انه السوق، وجزء أصغر علي البحر يقال انه مرفأ السفن، تصور مشاهده الليلية بالنهار بتقنية ما يعرف باسم (الليل الأمريكي)، حيث يوضع فلتر أزرق اللون علي عدسة الكاميرا فيبدو المشهد وكأنه بالليل 0 أما المعارك الحربية التي غزا بها السلطان إمبراطورية المجر عبر اجتياح مدينة بلجراد، فهي مصاغة بالجرافيك متكرر اللقطات بسذاجة متناهية 0 بينما ينشغل المسلسل أساسا بصراع امرأتين من نساء السلطان، يأخذنا في الدبلجة أسماء عربية، الأولي هي الألبانية الأصل "ناهد دوران"، بدلا من الاسم التركي "ماهفران"، التي صارت سلطانة بعد أن أنجبت ولي العهد الأمير "مصطفي"، مزيحة عن طريقها أخري لم تستطع أن تمنحه الولد، فعادت أدراجها إلي الحرملك، والثانية هي اللتوانية الأصل الطموحة "هُيام" (بضم الهاء) بدلا من الاسم التركي "خُرم" (بضم الخاء وتسكين الراء وتعني كريمة أو بسمة)، والتي اختطفها التتار من حضن حبيبها "ليو" بقريتها الصغيرة، لتستقر جارية بقصر السلطان، وتنطلق بحضورها بالقصر وقائع المسلسل، منتقلة من جارية مشتراة إلي السلطانة الأقوي، متفوقة علي غريمتها بمنح سلطانها أميرين وطفلة، وجذبها له بقوة جمالها ودهائها لقبضتها، حتي أنها سعت للانتحار حينما فكر أن يحل محلها امرأة أخري في خلوته، ولم يقترب المسلسل من خطوتها الأهم تاريخيا، وهي طلبها من السلطان أن يتزوجها، وهو الحاكم السائر علي نهج أبيه وأجداده في عدم الزواج نهائيا بأي امرأة، رعبا من تكرار الإهانة التي لحقت بالجد الأكبر رابع السلاطين العثمانيين "بايزيد الأول"، الذي مات غضبا علي هزيمته في أنقرة أمام "تيمورلنك"، وعلي قيام هذا الأخير بإجبار زوجة الأول بخدمته عارية في حفل انتصاره، وهو ما نجحت فيه "هيام" في تغيير النهج والزواج رسميا من السلطان، ويبدو أن المسلسل تهرب من هذا الموقف حتي لا يكشف أن زوجات السلاطين كن مجرد محظيات، فيغضب منهم المجتمع الإسلامي المتشدد اليوم. النموذج العثماني صاغت كاتبة المسلسل "ميرال أوكاي" ومخرجيه الأخوان "ياجمور" و"ديورول تايلان" عالما من المكائد النسائية الممزوجة بالدم بين امرأتين قويتين علي قلب وجسد السلطان، دون أن تنسي أن توشي حكايتها بمجموعة من التفاصيل الصغيرة عن نسوة يتم توريدهن للقصر السلطاني، مجلوبات بالشراء أو كهدايا لإمتاع السلطان بأجسادهن المعدات لخلوته، ورغبات تتفجر بأعماقهن للتحول من وضع الجارية لوضع السلطانة، وعن "إبراهيم باشا" صديق طفولة السلطان الذي صعد من مسئول عن الحرملك لوزير الدولة الأول، والذي يقيم علاقة عاطفية مع أخت السلطان "هاديس" أو "خديجة"، والتي لن تتحول لزواج إلا بعد أن تم إنقاذها من زيجة فرضها عليها السلطان بمرض خطيبها ابنة الوزير الأول السابق، وعن حبيب المحظية "هيام" القديم الرسام "ليو" الذي يصل إلي القصر ويسعي للتقرب إليها مما أودي بحياته بيد الوزير الأول "إبراهيم باشا" مكتشف العلاقة، ومقدم الحلوي المسممة له ولها في نهاية الجزء الأول، وسيموت فعلا مسموما في الحلقة الأولي بالجزء الثاني بينما تعيش هي، وعن الأميرة المجرية "فيكتوريا" المختفية في هيئة "صادقة" وصيفة السلطانة الأم بهدف اغتيال السلطان، والتي تصل في نهاية الجزء الأول أيضا لوضع خنجرها برقبة السلطان، والذي ينجح بالطبع في مفتتح الجزء الثاني في الانتصار عليها ووضع خنجرها برقبتها. المستبد العادل تثير كل هذه العلاقات المتشابكة، والتي ننسي ويتغافل المسلسل نفسه عن تفاصيلها مع طول الحلقات، حول صياغته لنموذج الحاكم (المستبد العادل) الذي يمتلك المعرفة المطلقة، ونموذج الحكم (التركي) الذي تراه تيارات في المجتمع هو الأنسب لنا، بعد أن نجح في بلاده في الجمع بين الإسلام والعلمانية، دون أن ينسي هويته العثمانية، واستطاع أن يحقق تزاوجا بين قيم الشرق والغرب، وها هو المسلسل يأتي مقدما درسا من تاريخ الدولة العثمانية، وهي في قمة تألقها، وليمد خطا دون اتفاق مسبق مع المسلسل العربي المتميز، الذي تتبعناه منذ ثلاث سنوات، (سقوط الخلافة) للكاتب المصري "يسري الجندي" والمخرج السوري "محمد عزيزية" والمنتج العراقي "محسن العلي" وشركته القطرية، والمتعرض لزمن تفتت الإمبراطورية العثمانية، في عهد السلطان "عبد الحميد الثاني" السلطان الرابع والثلاثين في الدولة العثمانية، وآخر من امتلك سلطة فعلية، أضاع بها الإمبراطورية بأكملها، ومع تميز المسلسل العربي علي التركي دراميا وإخراجيا وإنتاجيا، فهو يشاركه في صياغة صورة ذهنية للدولة التركية / العثمانية، تستخدم التاريخ لترويج النموذج العصري للإمبراطورية العثمانية وتحزن علي انهيارها، وتكرس في الأذهان صورة المرأة الجارية التي يريد البعض من الرجال والنساء أن يتعود المجتمع عليها، تاركا إياها تعيش بالحرملك، حتي يختارها الرجل لتكون واحدة من محظياته المفضلات. وفيما بين العملين طوفان من المسلسلات الميلودرامية، يجعل نمط الحياة التركية يتسلل بسهولة لعقل المجتمع الجمعي، خاصة أنها تجمع الحسنيين : الأخلاق الرفيعة التي ترضي الإسلاميين وتدعم نظرتهم المنسحبة لانتصارات الماضي علي الكفار بها وحدها، والحياة الحديثة التي تجذب الليبراليين بالأزياء العصرية والعلاقات المنفتحة والمناظر الخلابة، وتجعلهم يقبلون النموذج المتأورب بدلا من النموذج الصحراوي، فهو القائم علي الديمقراطية، التي توصل الجميع للحكم والهيمنة دون تصادم مع العقيدة الدينية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.