ظل الفضاء بالنسبة للفنان مسألة غامضة ومصدراً خصباً لخياله حتي يقال إن الفنان وضع قدميه علي القمر وهو علي الأرض.. فقد تأثر فنانون ممن عاصروا جاليليو في لوحاتهم بما ادركه في القمر من انبعاجات وشبه جبال فأخذ القمر في لوحاتهم تحيط به غيوم وظلال بعدما كان نقي اللون مثل لوحات معاصريه فيلاسكيز وباتشيكو ولودفيكو.. ومثل ما يمكننا ادراكه في اللوحة امامنا للفنان مصطفي عبد المعطي من مشهد متشظ لما يوحي بالقمر وانبعاجات في ملمس الخلفية.. واهتم فنانون كثيرون برسم لوحات لتصورهم الفضائي حتي وصلنا الي تقنية الهالوجرام حيث يمكن تجسيم الصورة ومعالجتها بواسطة أشعة الليزر ليمكن رؤيتها مجسمة في فضاء الجاليري ويدور أسفلها المشاهد ويري تفاصيل جوانبها وهي معلقة في الفضاء. والفنان عبد المعطي آسرته منذ ما يقرب من العشرين عاما فكرة الفضائي و استكشافه.. وربما كان الوحيد الذي حاول ايجاد معادل بصري بأشكاله شبه الفضائية الأرضية. في تجربة فنية خصبة داوم عليها لسنوات طوال انتج فيها اعمالا غاية في الأهمية والتفرد في تاريخه الفني حتي سنوات قليلة ماضية ابتعد عن فكرة الفضائي. وأمامنا نقدم لوحته هذه التي رسمها عام 1988.. حول فكرة الزمان والمكان الفضائي وقدرته علي مراوغة سطح اللوحة المنقسم والمنبعج والملتف بملمح تكعيبي قد يضاهي نظرية اينشتين حول الزمان-المكان والتي فيزيائيا كانت مثارة حول مسألة عدم احتياجنا الي ابعاد ثلاثة فقط بل الي بعد رابع وهو البعد الزمني فقدم عبد المعطي عناصر لوحته من زواياها المختلفة، كما لوكنا نراها من كل الجوانب في نفس الوقت محققا وعيا لفهم العمق تحت طاقة متنقلة تحيط بعناصره في تجربته الفضائية التي بها ظل محاذيا للفن الحركي وايحاءات الاهتزاز مثل اعمال المثال كالدر المدركة حركتها بتأثير عمل خلايا الاتجاه والحركة.. ويمكن ادراك لوحة عبد المعطي كأنها ملقاة داخل مجال او حقل طاقة أو مغناطيسي لا يدعها مستقرة بعناصره التي نراها فوق حافة مدببة لأشكال هرمية، أو لأشكال مدببة ومقعرة تتماس وأشكال كروية بما يوحي باهتزازية نكاد ندركها تذبذب محيطها حركة خلال فضاء اللوحة كأن الكون مشحون بشحنة يدخل في مدارها الكل. وعناصر لوحات الفنان عبد المعطي رغم إيحاءات التجسيم كالكرة والهرم وشرائطه الملتفة المنبعجة إلا اننا ندركها عناصر فضائية مركبة رأسياً خارج جاذبية الثقل الأفقي موحية باللاوزن وقد رتبها الفنان وركبها بشكل يوحي بأنها جزء سابح في ارتباط كوني فاذا تحرك عنصر فانه يولد علاقة بصرية جديدة مع باقي العناصر، وتعتمد هذه الاحتمالية علي تعدد نقاط الارتكاز والمحاور في أكثر من منطقة داخل فضاء متعدد فيتداخل بين الاعتام والبريق الخفي.. حيث هناك فيما لا يمكن رؤيته من كوزارات علي أبعاد سحيقة في عمق الفضاء اذهلت العلماء شدة توهجها وطاقتها الهائلة المروعة وبحساباتهم أدركوا ان لمعان أي كوزار يبلغ من عشرة الي ألف مرة أكثر من لمعان أية مجرة في الفضاء..