ناصر رشوان شاعر غنائي قدم العديد من الأغنيات لكبار نجوم الطرب مثل أنغام وعمرو دياب ومحمد فؤاد وعلي الحجار ومحمد الحلو وغيرهم من النجوم ولكنه اشتهر أكثر في ثورة يناير عندما قدم أغنية «اصحي يا ناير»، و«ضي عيني» التي كتبها خصيصا لأحمد حرارة الذي فقد عينيه من أجل مصر. يعيش ناصر رشوان الآن حالة من السعادة بعد نشر أكثر من حوار له مع أستاذه الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي في مجلة «الأهرام العربي» واستعداده للعديد من الحوارات في المرحلة القادمة مع سيد حجاب وعمار الشريعي. «القاهرة» التقته لنتعرف أكثر عن مشواره وعلاقته بالأبنودي ولماذا قال عن أحمد حرارة إنه من عصر الاغريق وأبوزيد الهلالي وما حقيقة أهدائه لأغنية «ليلة» لعمرو دياب التي لم يتقاض عنها أجرا حتي الآن وأشياء أخري في الحوار التالي: متي بدأت فكرة كتابة الأغاني وما أول أغنية لك؟ - بدأت أنا في الصف الرابع الابتدائي لأن والدي كان شاعر فصحي عظيما وتخرج في كلية اللغة العربية ولم اتعلم منه الكثير لأنه توفي وأنا في عمر 8 سنوات وكان حلمي أن اكمل ما بدأه والدي وقد كان صعيديا جنوبي الأصل وترك الصعيد واستقر بالقاهرة لعشقه للتنوير عكس عادات وتقاليد الصعايدة الذين لا يرغبون في أن يترك الابن والده إلا أنه توفي بمرض السرطان، وكان عمره 40 سنة فبدأت أكمل المسيرة فالحلم بدأ عندي دون إدراك وأنا في سن صغيرة إلي أن وصلت المرحلة الجامعية وهي بداية انطلاقي في عالم كتابة الأغاني فكتبت أغنية «يا ليلة» وكانت أول أغنية أكتبها ومطلعها «سهارة والبدر طالع ومنور كل الشوارع بنلاقي الحلم اللي ضايع جوه عيونك ياليلة» وكان من المفترض أن يغنيها عادل سعيد الذي اشتهر بعادل شريف وهو صديقي أنا وطارق مدكور ولم يكمل مشواره الفني وبعد انتهائي من الخدمة العسكرية وجدت طارق مدكور يهدي أغنية «يا ليلة» لعمرو دياب حتي أنه كتب له التنازل باسمي والطريف أن عادل هو الذي صرف علي الأغنية من جيبه الخاص ولم اتقاض أنا ولا طارق مدكور أي أجر من عمرو دياب حتي الآن ولم تنل حظها مع عمرو دياب إلي أن غناها فريق أمريكانا شو هشام عباس وعالية واشتهرت حتي أنهم سموا الألبوم «سهارة» باسم الغنوة. يقال إن هذه الفترة تحتاج إلي الميني ألبوم لانقاذ صناعة الأغنية من الكساد والانهيار في ظل الظروف المالية التي تمر بها مصر الآن؟ - لورجعنا إلي الثمانينات نجد زخما في الإنتاج الغنائي رغم أن أجورنا كانت ضعيفة وكانت المنافسة قوية بين العديد من الشركات منها صوت الفن وصوت القاهرة للصوتيات والمرئيات وغيرهما من الشركات القادرة علي إنتاج فن جيد وبعد دخول الإنترنت الذي دمر الإنتاج الغنائي قلّت أو انعدمت فكنا نسمع سابقا عن بيع مليون نسخة والآن أعظم ألبوم لا يزيد علي 10000 نسخة فظهور الميني ألبوم لتخفيض الإنتاج الغنائي ليس أكثر ولا أقل كما أن دخول بعض الشركات العربية التي غزت السوق الغنائية من خلال استقطاب العديد من المطربين لضرب صناعة الغناء في مصر وهو ما ساعد علي ظهور أغاني السنجل والميني ألبوم الذي له حدود معينة لأن تكاليفه أقل من الألبوم، بالإضافة إلي أن عناصر صناعة الألبوم في الماضي من مؤلفين وموسيقيين وموزعين أجورهم كانت قليلة عكس هذه الأيام يتقاضون أكثر من تكاليف الألبوم وهو ما جعل المنتجين يتراجعون عن الإنتاج. كيف ولدت فكرة كتابة أغنية عن أحمد حرارة؟ - لأني ذهلت من شخص يفقد عينه في ميدان التحرير ثم يذهب ليفقد الثانية في شارع محمد محمود وأنا متأكد أنه من الممكن أن يذهب مرة ثالثة ليفقد نفسه فهو شخص اسطوري ولم أسمع عنه إلا في حكايات الاغريق والرومان وأبوزيد الهلالي، لذلك فكرت فيه كابني وكتبت مقطع الأغنية في خمس دقائق علي الإنترنت لعل وعسي تصل إليه أو إلي والده أو والدته ليقرآها له حتي يحس أنه ضي عيون مصر كلها، وعندما التقينا قلت له «لما اشتدت بصيرته لم يعد في احتياج لبصره أفلا يبصرون». ولماذا تحديدا علي الحجار الذي اخترته لغنائها؟ - لأن طموحه وأحلامه مصرية حتي في شكله وليس له انتماء معين وأحب أن أوضح لك بعض المواقف منها أثناء تجهيزنا لشريط «علي» العاطفي قبل الثورة حصلت حادثة كنيسة القديسين التي كانت للتفرقة بين أبناء الوطن الواحد فكنت في طريقي لأحد الأشخاص ليقدم لي خدمة وعندما سمعت عن الحادث حزنت خاصة عند ذهابهم للوقوف أمام ماسبيرو تعاملوا معهم بطريقة سيئة فكتبت علي الفيس بوك «أنا اللي في قلبي قرآنك وجوه عيوني إنجيلك ورغم الليل وأحزانه ورغم الخوف يغنيلك ورغم اللي جري منك ورغم اللي جري فيكي أنا يا حبيبتي بدعيلك فهي بشري أننا في حراك وعلي شفا ثورة لكن إمتي وإزاي وفين الله أعلم» فقلت لعل هناك شخص زعلان منه ومش عايز منه خدمة وأنا كتبت غنوة وعايزك تسمعها، لم يرد علي في نفس الوقت واعتقدت أنها لم تعجبه لكن في اليوم التالي سأل علي الأغنية واعطاها لأحمد الحجار الذي لحن القصيدة بعد 10 دقائق وأصبحت أغنية في البوم «علي» العاطفي الذي ليس له علاقة بالثورة العظيمة التي اعطت لمصر الأمل للديمقراطية خاصة أن العديد من الفنانين دمرهم النظام مثل علي الحجار. ماذا عن حواراتك مع الشاعر عبدالرحمن الأبنودي في مجلة «الأهرام العربي»؟ - بدأت الفكرة في برنامج «هي الليالي كده» الذي اقدمه في إذاعة الأغاني وكان لقائي مع أستاذي عبدالرحمن الأبنودي الذي تعلمت منه الكثير فهو بلدياتي ونحن نعتبره من أعلام الصعيد، كما أنه يتميز عن بقية الشعراء بالنسبة لي شخصيا لأنه نقل الصعيد إلي المدينة فإذا كانت أشعار فؤاد حداد وصلاح جاهين تخص المدينة فأشعار الأبنودي تخص كل أهل الصعيد ومن محبتي فيه كان نفسي أعيش معاه وليس لعمل عدة حوارات فبدأنا في برنامج «هي الليالي كده» ومازلنا مستمرين حتي الآن ورغم إعادة العديد من الحلقات لكن الجمهور لا يمل منه لأنه قبل ما يكون شاعرا فهو حكاء عظيم وأحد ظرفاء مصر العظام والطريف أن في كل حلقة كان يذهلني بأشياء جديدة أما حواراتي الصحفية معه عن طريق صديقي أنس الديب الرسام في مجلة «الأهرام العربي»، حيث طرح علي هو ومحمد عبدالهادي رئيس تحرير المجلة أن أقوم بعدة حوارات للمجلة مع الخال عبدالرحمن الأبنودي ونشر حتي الآن حواران وسنستمر حتي يمل الأبنودي. هل سيكون هناك حوارات مع شعراء آخرين؟ - اتمني أن تكون هناك حوارات مع شعراء مثل سيد حجاب فهو أستاذي أيضا وأنا لست مقتصرا علي الشعراء فقط بل أتمني أن تمتد مع شخصيات متعددة منهم الموسيقار عمار الشريعي وأحمد حرارة وأي مصري ضحي من أجل هذا البلد. يقال إن أغاني العري والإسفاف ستنتهي بعد صعود التيارات الدينية في الحياة السياسية؟ - أغاني العري والاسفاف ليس سببها عدم وجود الدين في مصر فكلنا نصلي ونصوم وأي دين لا يسمح بذلك ولكنه عهد عشناه وهو مرتبط بالسياسة لأن النظام السابق استطاع أن يلهي الشعب بالرياضة والفن الهابط وأري أن المنع لا يفيد فالتوعية أفضل فنحن في عالم مفتوح ويستطيع أي شخص أن يري أي شيء بسهولة علي الإنترنت. نعلم أنك كتبت العديد من تترات المسلسلات الإذاعية ألم يطلب منك أحد كتابة تترات مسلسلات درامية؟ - حتي الآن لم يطلب مني أي مخرج كتابة تتر لمسلسل تليفزيوني ولو طلب بالتأكيد سأكتب ولو علي سبيل التجربة. ماذا عن سيناريوهات الأفلام؟ - بعد انتهائي من دراستي في كلية التجارة فكرت أن أدرس في معهد السينما للتعلم علي كتابة السيناريو فدخلت من الباب وخرجت من الآخر بعد علمي أن بعض الكتب تدرّس باللغة النشرية وأنا لا أميل إليها. من المطرب الذي لم تكتب له أغنية؟ - أعتقد أني كتبت أغاني لمعظم مطربي الوطن العربي في عام 2000 كتبت أدعية دينية بعنوان «أبواب النور» لشبكة صوت العرب وطلبوا مني دخول بعض الكلمات عن العرب فقلت لا توجد قضية عربية الآن وأنا باخاطب ربنا ثم تركتهم وفي عام 2007 ربنا ألهمني في أول دعاء يقول: «نظرت للسماوات يا ربي واستفتحت شافت عيوني آيات سجدت أنا وسبّحت آمنت بالمقسوم واللحمة للمحروم آمنت باللي هدي والنصر للمظلوم مشيت وقلبي قال يا عبد صلي وصوم وكنت أنا المهموم فجأة لقتني ارتحت ولحنها أمير عبدالمجيد وغناها علي الحجار ومي فاروق ثم في عام 2008 كتبت الجزء الثاني لأبواب النور وغناها 17 مطربا ومطربة منهم عبدالله الرويشد ولطيفة ونبيل شعيل وعلي الحجار ومحمد المازم. حدثنا عن مخاوفك لمستقبل الأغنية؟ - مثلما عاشت كلمات من الشعر الشعبي واحد اثنين سرجي مرجي ويا طالع الشجرة هذه الأغاني لم يعشها جيلي ولا جيلك إلا أنها تناقلت بين الأجيال، لذلك فالغناء الجيد هو الذي سيستمر في كل العصور والدليل أغاني عبدالحليم حافظ وأم كلثوم وشادية هي التي كنا نسمعها في ميدان التحرير رغم ظهور العديد من الأغاني الشبابية في الثورة. هل ستتغير الأغنية الشبابية بعد ثورة يناير؟ - بالفعل تغيرت من خلال مشاهدتي للعديد من الشباب الشعراء والملحنين والمطربين في ميدان التحرير بدون ذكر أسماء لأن أعدادهم كثيرة وأعتقد هؤلاء هم مستقبل الأغنية في المرحلة المقبلة. من وجهة نظرك ما مكاسب الثورة؟ - التعارف مع بعضنا البعض فعندما يلتقي 5 ملايين شخص في مكان واحد ليس لهم غرض إلا مصر فهذه أهم مكاسب الثورة.