«اعتداء سافر على المنظومة الصحية بأكملها».. «الأطباء» تتابع واقعة الاعتداء على طبيب مستشفى سيد جلال (تفاصيل)    الأزهر يطرح وظائف بمرحلة رياض الأطفال.. اعرف الشروط والمواعيد    الجالية المصرية بفرنسا تنظم وقفة تضامنية لدعم مواقف الدولة    بعد محاولات 7 ساعات، هروب نسناس قرية الديمقراط بالأقصر وسط الزراعات والطب البيطري يكشف التفاصيل    الحكومة تدرس إقامة منطقة صناعية للجلود في برج العرب أو العلمين الجديدة    بأمر ال AI    الساحل الشمالى بين الترف والجدل    «تنظيم الاتصالات» يصدر نتائج استطلاع الرأي لمستخدمي المحمول والإنترنت| تفاصيل    3 شهداء وأكثر من 10 مصابين بقصف استهدف منتظري المساعدات شمال غزة    وزارة الدفاع الأمريكية تمنع أوكرانيا من استخدام صواريخ طويلة المدى    الزمالك يسقط في فخ التعادل أمام "إس أي كا" بدوري السيدات    «نكون أو لا نكون».. عضو مجلس الزمالك يوجه رسالة للجماهير بسبب أزمة سحب أرض أكتوبر    التعادل السلبي يحسم الشوط الأول بين فولهام ومانشستر يونايتد    من "مينفعش يمشي" ل"لازم نبيعه".. كيف ناقض شيكابالا نفسه في ملف "زيزو" مع الزمالك؟    فيريرا: نعالج الأخطاء فى الزمالك.. وانتظروا تطور الصفقات الجديدة    سقوط شبكة دعارة أجنبية فى التجمع الأول    القبض على المتهم بقتل زوجته وإصابة ابنته فى منطقة المرج    استلم جثمان ابن عمه من ليبيا.. فلحق به في حادث مأساوي بطريق كفر الشيخ    تامر حسني يلبي طلب معجبة ويصور معها فيديو «تيك توك» في حفله بمراسي (فيديو)    حسام حبيب يحسم الجدل بشأن حقيقة عودته لشيرين    هيفاء وهبي تشعل مسرح فوروم دي بيروت بحفل كامل العدد | صور    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن أسماء المكرمين في دورته الثانية والثلاثين    مراسل "الساعة 6": المتحدة تهتم بأذواق الشباب فى حفلات مهرجان العلمين    أفضل أدعية تعجيل الزواج.. أمل القلوب في الاستقرار    رمضان عبدالمعز: الاحتفال بالمولد النبوي يكمن في محبة النبي والاقتداء بأخلاقه    مقوية للمناعة وسريعة التحضير، طريقة عمل شوربة الخضار    وزيرالمالية: حريصون على تعزيز التواجد الخارجي لأنشطة الدواء والمنتجات الطبية المصرية    «القريش» مُشبعة و«الفيتا» سهلة الهضم.. 4 أجبان مفيدة للتخلص من دهون البطن    وزير الخارجية يتابع مشروع توثيق المستندات ذات القيمة التاريخية بوزارة الخارجية    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: محافظات الجنوب غير قادرة على استيعاب 1.3 مليون مُهجر قسريا    السكة الحديد تشغل القطار السابع لعودة الأشقاء السودانيين إلى وطنهم.. صور    النيابة العامة تطالب المواطنين الإبلاغ الفوري عن أي وقائع للتعدي على الحيوانات    الغائبة الحاضرة.. CNN: ميلانيا ترامب بعيدة عن الأنظار رغم تأثيرها الواضح    نجوم الغناء العربى يدعمون أنغام برسائل مؤثرة عبر تليفزيون اليوم السابع    النادي لم يتمكن من تسجيله.. جوهرة برشلونة يرفض الرحيل في الصيف    «ماس في فيشة».. حريق في فيلا الفنان محمد صبحي والحماية المدنية تسيطر عليه (تفاصيل)    اليونيسف: الأطفال والرضع في غزة يواجهون الموت جوعًا وسط تفاقم الأزمة الإنسانية    الجوازات تنهي إجراءات المرضى وكبار السن في دقائق.. صور    المصريون في أوروبا يوجهون رسالة دعم قوية لمصر والقضية الفلسطينية    وزير الدفاع يلتقي عددًا من مقاتلي المنطقة الغربية العسكرية    وزير الصحة يبحث خطط شركة "أكديما" للتوسع في الصناعات الدوائية والتصدير    عائشة تحقق حلم الطب.. نهاية سعيدة لقصة تلاعب إلكتروني كادت تسرق المستقبل    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق ملتقى دهب واستمرار مهرجان مسرح الطفل وأوركسترا مصر الوطني يصل شرق الدلتا    بمشاركة 33 شركة.. انطلاق مبادرة «سلامتك تهمنا» في الإسكندرية    وزير البترول يبحث مع «إيناب» التشيلية التعاون في قطاع التعدين    لمدة 21 ساعة.. انقطاع المياه عن بعض المناطق بالقليوبية (تفاصيل)    انطلاق البرنامج التدريبي لإعداد قيادات المراكز والمعاهد البحثية بمعهد إعداد القادة    بعد تدخل وزير الرياضة.. جدل قانوني وتنظيمي يحيط الأهلي بعد التتويج بكأس السوبر السعودي    استمرار فعاليات برنامج التبادل الطلابي بكلية الطب جامعة حلوان    وزارة الصحة تعلن قرارا مهما بشأن صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية    أيمن يونس يوجه رسالة غامضة: "الأسرار لازم تفضل ولما تتكلم تكبر مش تصغر"    التنكيل بالضفة... حملات اعتقالات واقتحامات إسرائيلية واسعة فى الضفة الغربية    يسري جبر: هذا جزاء من يتقن عمله    بقرار من نتنياهو.. إسرائيل تصعّد حربها في غزة باستخدام روبوتات وغازات سامة    وكيل عربية النواب: حملات الإخوان ضد السفارات المصرية محاولة بائسة للتغطية على جرائم الاحتلال    تراجع أسعار الدواجن والطيور الحية اليوم الأحد فى أسواق الإسماعيلية    "سيد الثقلين".. سر اللقب الشريف للرسول صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده    دعاء الفجر | اللهم يسّر أمورنا واشرح صدورنا وارزقنا القبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديمقراطية «أزمنة التراجع الفكري»!
نشر في القاهرة يوم 13 - 12 - 2011


أن يكون المواطن وحياته وشئونه رهن وصاية مواطن آخر في القرن الواحد والعشرين، أمر غير قابل للطرح والمداولة حتي لو عشنا زمناً رديئاً يطل علينا فيه من يقول أن الديمقراطية كفر .. يقولها بتباتة في حضرة شعب له حضارة هي الأعظم في تاريخ الشعوب، وبعد أن قدم علي مذابح الحرية ما يكفي وأكثر لينعم بحياة ديمقراطية يستحقها، ولم تعرف الإنسانية ديمقراطية كافرة إلا إذا كان من يكفرها يقصد بها ديمقراطية " الذمية " التي هي بطعم العلقم! "إن لبنان هو وطننا، وسيبقي وطناً للمسيحيين.. نريد أن نمارس مسيحيتنا، ونحتفل بالطقوس والتقاليد، ونمارس إيماننا وعقيدتنا كلما رغبنا... من الآن فصاعداً، نحن نرفض أن نعيش في ذمية " .. تلك عبارة من خطاب بشير الجميل رئيس الجمهورية اللبناني السابق في 14 سبتمبر 1982، في إشارة إلي المحاولات التي كان يقوم بها القادة المسلمون لإخضاع الأقلية المسيحية اللبنانية الكبيرة، ولعلها المرة الأولي لتداول هذا التعريف علي الساحة العربية سياسيا ً. في موسوعاتنا المرجعية يعرفون (الذمية) أنها لفظ محدث ظهر لأول مرة في اللغة الفرنسية dhimmitude لوصف كل تصرف يعني الخضوع والاستسلام والمهادنة تجاه المطالب الإسلامية..المصطلح مشتق من "أهل الذمة " وهم المسيحيون واليهود في الدول التي دخلها المسلمون وأخضعوها لشروط معينة بحسب الشريعة الاسلامية. المصطلح له العديد من الاستخدامات فيمكن أن يقصد به العصور السابقة (تاريخ) أو الوقت الحاضر أو كلاهما، وقد يشمل نظام الذمية برمته، أو يقتصر علي الذميين فقط أو حتي خارج نطاق تطبيق الذمية الفعلي. "الذمية" وبمعناها البسيط المعروف لدي البسطاء هو أن ثمة مواطن ما قد بات في ذمة مواطن آخر أو في حمايته، أي أن يقبل الأقباط صاغرين أن يكونوا في حماية شركاء الوطن في مصر، حتي أن جاري " مرقس سميكة " الموظف الحكومي الكبير العائد لتوه من ميدان التحرير قابلني أمام مدخل البيت غاضباً " خليكم اكتب أنت وغيرك يا فلان وغيبونا عن الواقع لحد ما وصلنا لحالة استقطاب دينية رهيبة للناخبين في أول انتخابات يجتازها شعب عظيم في بلد بحجم بلدنا بعد ثورة عظيمة فجرها ببسالة ووطنية، وقدم قرابين الفداء علي مذابح ميادين الحرية في عواصم محافظات أم الدنيا " .. وواصل جاري غاضباً " من بكره علي أنا وكل الأقباط بعد الصعود المذهل للتيارات الدينية لشغل معظم كراسي البرلمان، وبعد كده كراسي الحكم أن نقبل أنا ومن انتسبوا للمسيحية ديناً بمواطنة من الدرجة المتدنية لأننا يا أهل التنظير أهل ذمة، وقد أقبل أن أكون في حماية أي أحد وليس في المقدور حكم الرفض بعد إقرار تشريعات مجلس الإمارة الجديد".. "الذمية" أو "عهد الذمة" أو "عقد الذمة"، هي بمثابة معاهدة يلتزم فيها المسلمون بحماية اليهود والمسيحيين الذين يعيشون معهم في الدولة الإسلامية مقابل دفع نوع من الضرائب "الجزية"، وللذمية أحكامها التي تتناول العديد من القضايا، منها ما يتعلق بموضوع الحماية الحربية وتحديد من يقوم بها في الدولة الإسلامية. والقاعدة العامة أن الخدمة العسكرية أو الجندية هي واجب علي المسلمين فقط، وعليهم تقع مسئولية الدفاع عن الدولة. أما الذمي (المسيحي أو اليهودي) فطبقًا للشرع لا يحق له الاشتراك في الخدمة العسكرية (الجيش) أو الدفاع عن الأمن (الشرطة)، إلا من خلال ما يدفعه من ضرائب مثل الجزية والخراج. وقد أختلف مع جاري عم مرقس فيما قاله، ولكن كيف أنسي هتافات صارخة محبطة يرددها متظاهرون "نصون العهد ونرعي الذمة للأقباط أبناء الأمة "..إنها الذمية التي يدعو إليها ويريد أن يعيدنا إليها أحزاب دينية يأتي في مقدمتها حزب "الحرية والعدالة" و"النور" التي خرجت علينا في غفلة من الزمن، وبخرق واضح وطائفي لبنود الدستور االمصري التي تحظر الموافقة علي إنشاء أحزاب دينية، وكانت الموافقة علي حيلة مسمي تلفيقي مُهين لعقلية حتي البسطاء منا "أحزاب بمرجعية دينية". وفي رد فعل سريع وطائفي أيضاً تنادي الأقباط فاصطفوا في تجمعات تشكل وتنضم لأحزاب ليكون توجهاتها أيضاً دينية، وكأننا أسقطنا نظاماً كان يكتفي باللعب بإثارة النعرات الطائفية لتحقيق مصالحه إلي إنشاء نظام مُعتمد وقانوني لتقسيم البلاد والعباد علي أساس الهوية الدينية .. وإذا كان جاري العائد من التحرير غاضباً من نتائج الانتخابات، فهل لنا أن نسأل أهل التحرير أين كنتم عندما تم فرض إقامة أحزاب دينية في فترة انتقالية، وفي غياب مجالس نيابية وحاكم للبلاد ودستور، وفي وجود حكومة" خيال المآتة"؟! وفي الحقيقة أتعجب لبعض ردود فعل الشارع المصري وأهل الفكر والرأي في بلادي بإعلان الدهشة والمفاجأة بحصاد نتائج انتخابات المرحلة الأولي، وهذا الاكتساح الهائل لجماعة الإخوان والتيار السلفي، فالمقدمات والمعطيات لابد تذهب بنا إلي النتائج، والقراءة الواقعية للمناخ العام السائد لا يسمح بأي نتائج مغايرة، والحالة التي آلت لها أحوال البلاد والعباد من تراجع اقتصادي وقيمي وفرت فرصاً طبيعية لتحقيق تلك النتائج وبسهولة ومنطقية ..وفي إيجاز لتلك المقدمات يمكننا التوقف عند أبرز الأمور التي ساهمت في نجاح الحملات الانتخابية لجماعات الإسلام السياسي في تحقيق أهدافها: التخطيط العلمي المحكم الملتزم بجداول زمنية،وإدارة منضبطة (يلاحظ التخلي عن ميدان التحريراستثماراً لانشغال المنافس بهمومه). التحديد الدقيق للعناصرالأكثر استهدافاً المعدمون وسكان العشوائيات (فقر وجهل ومرض)، فكان إغداق الأموال والمساعدات وتحسين الأحوال، والأيادي الحانية المشفوعة بآيات وتعاليم الدين والإيحاء بأن في حزبهم الحل الواحد والأكيد والموفر للاستقرار والأمان وأن من لا شيخ له فالشيطان شيخه في لقاء يتم تداوله الكترونياً يبدو كهل فقير مريض أمام لجنة انتخابات يقول لكاميرا برنامج شهير"أنا مش إخواني لكنني سأنتخبهم لأنهم ناس مُنظمة ولا مؤاخذة، ودلالة قول سائق تاكسي للمناضل جورج اسحق في بورسعيد لقد انتخبتك ومش عارف بقي ده حرام ولا إيه". الإصرار علي الحضور بقوة في النوادي والنقابات (نجاحات ملحوظة في الظفر بقيادة مجالس إدارة النقابات والجمعيات الأهلية). النجاح في إطلاق بالونات الاختبار من خلال إطلاق تصريحات استفزازية ونفيها يتبادل عبرها رموز وقيادات تلك الجماعات الأدوار في قياس مستمر للرأي العام. نجاح تلك الجماعات في دعم قناعات الجماهير باعتبار الهوية الدينية كطوق نجاة، وكمشروع بديل لشعب يفتقد لمشروع قومي بديل في مواجهة تفشي الفساد والتراجع القيمي والاقتصادي والإنتاجي، استثماراً لفطرة بشر متدين، فكان اللجوء للخطاب الديني الملتزم بمنهجية سياسية حتي لو كان من جانب فصيل لم يمارس السياسة في أي حقبة من حقب التاريخ المصري كالتيار السلفي.. في غياب برامج وطنية جادة لكل الأحزاب والتحالفات، كان اللعب علي أمر الهوية الدينية، لك الله يا مصر!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.