حالة هياج عاطفي انتابت جماعة الإخوان بمناسبة تشريف السيد رجب طبيب أردوجان رئيس الوزراء التركي لتراب مصر عندما تعطف بزيارتها ولعلهم اعتقدوا أن الرجل جاء ليسلمهم مفاتيح مصر تماما مثلما سلمها جده سليم خان لخاير بيك وكما كان يأمل إخوان سوريا في آخر مغامراتهم الفاشلة!! بالتأكيد ليس لدينا أي اعتراض علي هذه الزيارة ولا علي تمتين الروابط بين البلدين المسلمين مصر وتركيا ولا ندعو لقطيعة مع الأتراك من أي نوع كان. إلا أن هذا الترحيب لا يمنعنا من استغراب حفل الطبل والزمر الذي أحيته فرقة (ألتراس الإخوان) التي قامت بالترحيب بالأخ أردوجان حيث كان من بين الهتافات "أردوجان أردوجان.. تحية كبيرة من الإخوان"، "مصر وتركيا إيد واحدة"، "مصر وتركيا عاوزنها خلافة إسلامية". يريدونها إذاً خلافة عثمانية تفعل بنا ما فعله سلفهم (الصالح) الذين تحالفوا مع الإنجليز عام 1807 لإعادة المماليك لحكم مصر تحت وصايتهم. ألم يبع هؤلاء الأوغاد استقلال مصر مرة أخري عندما أقالوا الخديو إسماعيل تلبية لأوامر الغرب ثم أصدروا فتوي رسمية باعتبار القائد المصري أحمد عرابي خارجا عن طاعة السلطان العثمانلي تسهيلا لمهمة أصدقائهم الإنجليز لاحتلال مصر عام 1982؟! من بين من شاركوا في مهرجان الورنيش التركي العظيم كان الأستاذ فهمي هويدي الذي قدم لحواره مع الأخ أردوجان بتلك العبارات (حين يتكلم أردوجان فإن الجميع يرهفون السمع وينصتون، بعدما أصبح الرجل الأعلي صوتا والأكثر صدقية واحتراما بين زعماء المنطقة، وبعدما أصبحت حكومته لاعبا أساسيا له حضوره وكلمته في كل الملفات المهمة التي تحفل به الساحة السياسية. حتي وصفته بعض الصحف الإسرائيلية بأنه عبد الناصر هذا الزمان) تحدث الأستاذ أردوجان مطولا عن قضية أسطول الحرية وعن الضحايا الأتراك وكيف رفع مظلمته للسيد الأمريكي أوباما وشرح له (أن الأتراك التسعة تلقوا 35 رصاصة، وأن نصيب الشاب الأمريكي -التركي فرقان وحده خمس رصاصات وأنه روي له القصة حين التقاه، وأخبره أن واشنطن تخلت عن أحد مواطنيها، وأنه استمع للقصة ولم يعلق عليها)!! حاجة تقطع القلب!!. عندما ألح الأستاذ فهمي هويدي في الحصول علي أي تصريح من العيار الثقيل ضد الصهاينة قائلا (أعدت عليه قولي إن وجود البوارج التركية يفتح الباب لاحتمال الاحتكاك مع البحرية الإسرائيلية، التي قد تحاول استفزاز تركيا، قال إن ذلك احتمال مستبعد. لا تؤيده كل معطيات الواقع الإقليمية والدولية. ومع ذلك فإن البحرية التركية مستعدة لمواجهة كل الاحتمالات وأسوئها) هكذا ألقي الأستاذ أردوجان بدلو من الماء البارد علي رأس محاوره الذي يعلم جيدا أن الأتراك متحالفون مع الصهاينة وأنهم ليسوا في وارد الانتقال إلي الناحية الأخري وأن تلك الخرافات المدائح التي قالها الأستاذ هويدي للأخ أردوجان لا تعدو كونها تعبيراً عن حالة الوهم التي يعيشها من يبحثون عن سيد جديد وهم أنفسهم من هتفوا قبل سبعين عاما: إلي الأمام يا هتلر ويهتفون الآن إلي الأمام يا أردوجان!! اللي يحب أردوجان يقول هييييييه لم يكف فريق الورنيش التركي العظيم عن الضجيج والعجيج حيث أشاد بالباشبيكان المسمي برجب وطيب وأردوجان وبإعلانه الصمود و(التصدي للعربدة الإسرائيلية) عبر (خفض تمثيلها الدبلوماسي إلي مستوي السكرتير الثاني، وتجميد الاتفاقات العسكرية معها وتحريك البوارج العسكرية لحماية البواخر التركية في المياه الإقليمية شرق البحر المتوسط. وتبني القضايا التي ترفعها أسر الشهداء ضد إسرائيل أمام العدالة الدولية. وتخفيض مستوي تمثيل الملحقية العسكرية أيضا، بحيث تخفض من رتبة عميد إلي عقيد)، وكلها خطوات (قومية ناصرية من العيار الثقيل) أطربت هتيفة أردوجان رافعي شعار (اللي يحب أردوجان الألعبان يقول هيييه) وهو الذي أقدم عقب خروجه من اجتماع مع الرئيس الأمريكي علي خطوته الثانية دفاعا عن حقوق العرب والمسلمين عبر إعلانه قطع العلاقات مع سوريا من طرف واحد!! هكذا صدق البهلوان في ادعائه التصدي (للعربدة الإسرائيلية)!! من الآن فصاعدا قرر الأتراك الدفاع عن سفنهم في مياههم الإقليمية وهكذا يكون التصدي للعربدة الإسرائلية وإلا فلا!! واللي يحب النبي وأردوجان يقول هيييه!!. الأستاذ (الطيب والشرس والقبيح أردوجان) قام بتخفيض العلاقة مع أصدقائه الصهاينة من رتبة عميد إلي رتبة عقيد (ما الفارق؟!) انتقاما لمقتل مواطنيه الأتراك وهي ضربة أذهبت عقل الصهاينة (؟!) إلا أنه قرر قطع العلاقة مع سوريا (انتقاما لمقتل المواطنين السوريين)!! كلام لا يطرب له إلا الحمقي والمغفلون الذين لا يملكون القدرة علي الإدراك والتمييز والذين يرون في هذا الألعبان أملا يعولون عليه لتخفيض حالة الذل الأبدي التي يعيشون فيها من ذل مذل إلي ذل أقل إذلالا (من رتبة عميد إلي رتبة عقيد) والذين يكرهون ويخشون التحرر من حالة العبودية والتبعية ويجولون بابصارهم بحثا عن سيد جديد يكفيهم مسئولية الاعتماد علي الذات!! قبل أيام وعلي هامش مؤتمر الصحوة الإسلامية في طهران الذي حضره ممثلون عن جماعة الإخوان قلت لأحدهم أريد أن أفهم سر هذا الابتهاج بهذا الأردوجان!، قال: هل تريدنا أن نقطع العلاقة مع الأتراك؟!، قلت له لا، ولكن من الضروري وضع هذه العلاقة في إطار واقعي بعيدا عن أسلوب الاحتفاليات والأوهام ويكفي ما فعله الأتراك بنا طوال التاريخ!! قال أي شيء فعله الأتراك؟!، لا حاجة بنا لقراءة التاريخ!! إنهم يبيعوننا كلاما لا صلاحية له ولا قيمة لأنهم يراهنون علي ضعاف العقول ممن يكرهون القراءة عامة .