الحلم التركي .. والشعارات المصرية!! بقلم : عبدالعزيزالنحاس منذ 26 دقيقة 54 ثانية ينظر كثير من المصريين للتجربة التركية بإعجاب شديد وصل الي حد الرغبة في استلهام هذه التجربة لتطبيقها في مصر علي اعتبار أن هناك تشابها كبيرا بين البلدين في الظروف الإنسانية والتاريخية، وأرجع البعض نجاح هذه التجربة الي قيادة حزب العدالة والتنمية بمرجعيته الإسلامية أمور البلاد، وقد لاحظنا استقبالا خاصا وحافلا لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان من بعض التيارات الإسلامية.. إلا أن هذه الحفاوة لم تستمر حتي وداع الرجل، بعد أن شرح فلسفة نظام الحكم في تركيا والفرق بين الدين والدولة. بداية فإننا لا نختلف علي نجاح التجربة التركية خلال السنوات العشر الماضية في تغيير وجه الحياة في تركيا خاصة مواجهة الفقر والبطالة ونمو الاقتصاد التركي بشكل ملحوظ وسريع، وأذكر أنني زرت تركيا ثلاث مرات، منها زيارتان خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية الذي يسوقه البعض في مصر علي أنه حزب ديني ودارت في خاطري أفكار كثيرة عن شكل الحياة في تركيا والتغييرات التي طرأت علي المجتمع التركي في العامين اللذين تولي فيهما هذا الحزب حكم البلاد، وبمجرد وصولي الي مدينة اسطنبول، لم أجد أي تغيير قد حدث علي المجتمع باستثناء بعض أشكال النظافة والتجميل والاهتمام بقطاع السياحة، وبعد حوالي 6 سنوات قمت بزيارة أخري لمست فيها التغيير الكبير خاصة علي المستوي الاقتصادي وأيقنت أن ثمار الديمقراطية واضحة الملامح في حداثة الدولة وازدهارها ونموها. هذا النموذج الناجح تجاذبته كثير من القوي والفصائل السياسية المصرية قبل وأثناء زيارة أردوجان الي القاهرة بهدف تسويقه للشعب المصري خاصة أن شخصية أردوجان نفسه تمثل قيمة للشعب المصري كزعيم افتقدوه لسنوات طويلة بسبب موقفه الشهير مع شيمون بيريز حول الحق الفلسطيني والتجاوزات والمجازر الإسرائيلية، ثم موقفه الأخير وقطع علاقات تركيا العسكرية مع إسرائيل وتقليص العلاقات الدبلوماسية الي أدني مستوي بسبب الاعتداء علي اسطول الحرية وقتل عدد من الأتراك وغيرها من القرارات القوية التي تنم عن قوة تركيا وسيادتها في الشرق الأوسط، وكلها أمور افتقدتها مصر في العقود الأخيرة، ويبحث عنها المصريون الآن بعد قيام الثورة، وهو الأمر الذي جعل بعض التيارات المصرية تحاول التشبه بحزب العدالة والتنمية التركي بهدف التفاف المصريين حولهم. للأسف كثير ممن استلهموا النموذج التركي قد توقفوا فقط عند المسميات والشكل الي درجة الحديث عن حجاب حرم رئيس الوزراء، وتجاهلوا جوهر وفلسفة نظام الحكم الديمقراطي في تركيا.. لذلك جاءت كلمات أردوجان صادمة لبعضهم عندما قال أنامسلم علماني، وأن نظام الحكم في تركيا ليس إسلاميا لأن الإسلام لا يخطئ بينما البشر يخطئون، وهو هنا يذكرنا بفلسفة حكم الزعيم الوطني مصطفي النحاس وقولته الشهيرة «إن الإسلام مرفوع الذرا ولا فضل لبشر عليه»، وذلك عندما حاولت بعض الفصائل استخدام الدين للوصول الي الحكم تحت مزاعم رفع راية الإسلام رفض النحاس في تأكيد من الوفد علي فصل الدين عن الدولة احتراما لقدسية الدين وسموه فوق السياسة وهذا ما يفعله حكام تركيا الآن. باختصار.. نحن في مرحلة فاصلة الان لاتحتمل الشعارات الجوفاء أو الانتهازية السياسية لمجرد الوصول الي الحكم.. نحن في حاجة الي أحزاب وقوي تعلن بوضوح كامل رؤيتها للدستور القادم، وبرامجها وتوجهاتها في حال تشكيل حكومة بعيدا عن التصريحات الرنانة والشعارات العاطفية والأحلام الوردية.