تعرف على ترتيب جامعة المنيا في تصنيف الجامعات عالميا    الشيوخ يبدأ مناقشة طلب نقص الأئمة والخطباء ومقيمي الشعائر والعاملين بالمساجد    عقب صدور القرار الجمهوري| بالأسماء.. تشكيل المجلس القومى للطفولة والأمومة    السيطرة على حريق هائل في هايبر شهير بنجع حمادي    الحكومة تعلن تخفيض أسعار اللحوم البلدي بنسبة 40% بهذه الأماكن    مياه الشرب بالشرقية تطلق قافلة مجانية لخدمة أهالي العدلية في بلبيس    شباب جهاز تنمية المشروعات يشارك في معرض الصناعات التقليدية بالجزائر    تأسيس أول شركة ناشئة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة باستخدام التكنولوجيا المالية    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها ومركز التدريب الإقليمي للموارد المائية والري    رئيس الوزراء الفلسطيني: نطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للإفراج عن أموال الضرائب المحتجزة لديها    وزير الدفاع الإيطالي: إسرائيل تزرع كراهية ستؤثر على الأجيال القادمة    انطلاق فاعليات المؤتمر العربي الثاني والعشرين لرؤساء المؤسسات العقابية والإصلاحية    أكثر من ألفي شخص دفنوا أحياء جراء الانهيار الأرضي في بابوا غينيا الجديدة    وزير الخارجية: مصر ترفض محاولات إسرائيل عرقلة المساعدات إلى غزة    ارتفاع حصيلة ضحايا الأعاصير فى أمريكا إلى أكثر من 118 قتيلا ومصابا    أول تعليق من كولر على تسببه في رحيل سيد عبدالحفيظ    شريف العريان: لن أخوض انتخابات رئاسة اتحاد الخماسي الدورة المقبلة    انتداب الطب الشرعي لتشريح جثة شخص في حالة تعفن ب6 أكتوبر    القبض على عامل شرع في قتل زميله بمنطقة العياط    خلال 24 ساعة.. ضبط 21889 مخالفة مرورية متنوعة    مركز الفلك الدولى يكشف ظروف رؤية هلال ذى الحجة وموعد عيد الأضحى بدول العالم    جامعة القاهرة تحتضن ختام فعاليات مهرجان إبداع 12 للجامعات وتحصد 22 جائزة    وزير الإسكان يتابع مشروعات تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية بالقاهرة    الأربعاء.. ماريو وأبو العباس ندوة بمكتبة الإسكندرية    انطلاق جلسة الشيوخ لمناقشة قضايا حفظ أموال الوقف ونقص عدد الأئمة    حملة للتبرع بالدم بقطاع الأمن المركزى    للتعاون في مجال التدريب.. تفاصيل توقيع مذكرة تفاهم بين مركز التدريب الإقليمي وجامعة بنها -صور    السيطرة على حريق داخل هايبر ماركت في قنا    نتائج جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات    وزير الكهرباء ل"اليوم السابع": كل مليم سيتم تحصيله يساهم فى إنهاء تخفيف الأحمال    حسام حسن يستشهد ب محمد صلاح ويؤكد: أتمنى للجيل الحالي التتويج بالألقاب والتأهل للمونديال    قرارات جمهورية جديدة.. تخصيص 41 فدانا لإقامة مشروعات عمرانية بدمياط الأبرز    نداء شرارة بعد أحداث رفح الفلسطينية: "حسبي الله ونعم الوكيل"    القومى للمرأة يهنئ الدكتورة جيهان زكي لتعيينها رئيسا تنفيذيا للمتحف الكبير    ليلتان لعرض أوبرا كارمن على المسرح الكبير بالقاهرة    البورصة المصرية، ارتفاع جماعي للمؤشرات بمستهل التعاملات    الأمين العام المساعد للبحوث الإسلامية يوضح حكم تصوير الجنازات    "أناشد المسؤولين".. ساويرس: سأتكفل بعلاج المصابين الفلسطينيين    برتوكول تعاون بين هيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية وقطاع التدريب بوزارة الصحة    وزير الصحة يدعو دول إقليم شرق المتوسط إلى دراسة أكثر تعمقا بشأن مفاوضات معاهدة الأوبئة    تشافي: لابورتا هو من عليه الكشف سبب رحيلي    "التضامن" تؤكد أهمية الكشف الطبي المميكن لجميع أنواع الإعاقة واختلاف شدتها    محظورات مفسدة للحج أو تلزمك الكفارة.. مركز الأزهر العالمي يوضح    موعد وقفة عرفات 2024 وأهمية صيام يوم عرفة    «التضامن الاجتماعي» تقرر قيد جمعيتين بمحافظتي القاهرة والشرقية    تعليم مطروح: إحالة واضعي امتحان العلوم المترجم للتحقيق وإعادة توزيع الدرجات لصالح الطلاب    إسرائيل تأمر إسبانيا بوقف الخدمات القنصلية المقدّمة لفلسطينيي الضفة الغربية اعتبارا من 1 يونيو    وكيل وزارة صحة الاسماعيلية تفاجئ وحدة أبو جريش الصحية وتحيل المقصرين للتحقيق    سيد معوض ينصح الأهلي برفع جودة المحترفين قبل كأس العالم 2025    تشكيل الأهلي المتوقع ضد الفيحاء في الدوري السعودي للمحترفين    معلق مباراة الأهلي ضد الفيحاء اليوم الإثنين في دوري روشن السعودي    كولر: لم أستطع الفوز على صنداونز.. لا أحب لقب "جدي".. والجماهير تطالبني بال13    بعد سدادها 8 ملايين جنيه.. شيرين عبد الوهاب تتصدر السوشيال ميديا.. ما القصة؟    خطوات بسيطة للحصول على نوم هادئ وعميق دون أرق    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: عدم التصنيف القانوني للوافدين يمثل عبئا على الاقتصاد    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    بالتفاصيل.. تعرف على خطوات أداء مناسك الحج    مجزرة جديدة ينفذها الاحتلال فى مخيمات النازحين غرب رفح الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عُرض فيلمي «أرجوك أعطني هذا الدواء» في عيد الفطر فكان عصا موسي التي التهمت ثعابين السحرة في حضور فرعون موسي
نشر في القاهرة يوم 28 - 06 - 2011

سافرت إلي المغرب قبل عرض «ارجوك اعطني هذا الدواء» بأيام قليلة وذلك من أجل مرافقة فيلم «أغنية علي الممر» بعد حوالي ثلاثة عشر عاماً من إنتاجه لعرضه في ندوات ثقافية علي هامش دورة حوض البحر الأبيض المتوسط الرياضية، كانت المرة الأولي التي أزور فيها المغرب ولحسن حظي طافوا بي هناك عددا من المدن نعرض فيها الفيلم فنلت من الحفاوة والتقدير أكثر مما كنت أتوقع، وقضيت أيام عيد الأضحي هناك، وأذكر أنني طلبت في أحد أيام العيد زجاجة بيرة علي الغداء فرفضوا لأن أيام العيد أيام مقدسة فعجبت لهذا فالمساجد خالية دائماً وليس هناك مظاهر للتقوي والورع علي معظم أهل المغرب، وبالطبع تذكرت عندما قضيت شهر رمضان في العراق أيام ان كان تحت حكم صدام حسين وكان جزاء الذي يفطر علانية في الشارع ما يعادل ثلاثمائة جنيه مصري وعندما أدخل المساجد لا أجد أحداً فيها ولم أر أحدا يصلي سوي البعض عندما ذهبت إلي مدينتي النجف وكربلاء، وكان العراقيون يقفون يستعجلون آذان العشاء وذلك في طوابير أمام محلات بيع الخمور حيث انه لا يصلح في شهر رمضان شرب الخمر قبل صلاة العشاء. عندما عدت إلي مصر بعد الأسبوع الأول من عرض أفلام العيد سألت عن وضع فيلم «أرجوك اعطني هذا الدواء» وسط الأفلام فإذا بهم يخبرونني بأنه عصا موسي التي ابتلعت كل الثعابين وسألت عن الفيلم الذي انتجته الراقصة زيزي مصطفي فأخبرونني بأنه في الذيل وسوف يرفعونه من دار العرض فأخذت أضحك وأنا أقول مستغفرا اللهم لا شماتة. تحفز ووعيد المشكلة التي أثارها أشرف فهمي بعد ذلك هي ملكيته للفيلم وأنه مادام قد تنازلت له نبيلة عن القصة فإذن هو يملك الفيلم حتي إذا لم يخرجه، وعندما ذهبت لزيارته وجدته هو وزوجته في حالة من التحفز والتوعد لمنتجة الفيلم نبيلة عبيد، لم يكن يعلم أشرف وزوجته ان جرجس فوزي كان شريكا لنبيلة في الفيلم رغم يقيني بأنه لم يدفع من جيبه مليما وانما اعتمد علي البيع الخارجي وسلفة التوزيع الداخلي فحصل علي مبالغ طائلة تمكنه من إنتاج الفيلم، وبما أن جرجس كان شريكا في هذا الفيلم الذي كان يعتبره فرصة حياته حيث حقق في العرض الأول في ذلك الوقت ربحا صافيا مقداره 360 ألفا من الجنيهات وهو مبلغ لو تعلمون عظيماً في هذا الوقت ويساوي الملايين في وقتنا هذا فيكفي ان أعلي ثمن للعربة المرسيدس 35 ألفا من الجنيهات بينما يتجاوز ثمن هذه العربة المليون جنيه في أيامنا هذه، وبالطبع كان الموضوع بالنسبة لجرجس فوزي حياة أو موتا واستعان بالمحامي النابغة لبيب معوض وخسر أشرف وزوجته القضية. مجرد شكليات أما المشكلة الأخري فقد نشأت بين نبيلة وجرجس فوزي عندما طالبته بنصيبها في الفيلم أعطاها أجرها المتفق عليه فقط وعندما طالبته بنصيبها كمنتجة معه أخبرها بأنها لم تنتج شيئاً فهو قد قام بكل شيء، كان نصيبها في الإيرادات حتي اللحظة التي طلبته فيها 180 ألفا من الجنيهات، وتحدثت مع جرجس في أمر هذا المبلغ فإذا به يخبرني في تبجح بأنه صاحب الفيلم وعندما أخبرته ان نبيلة هي التي وقعت معي العقد أخبرني بأن هذه مجرد شكليات فطلبت من نبيلة ان تلجأ إلي القضاء فإذا بها تتخاذل وتخبرني بأنها لا تحب المشاكل ويكفي ان الفيلم قد نجح هذا النجاح فإذا بي أصيح في وجهها وهل ترمي مبلغ 180 ألفا من الجنيهات بهذه البساطة فإذا بها كمن تريد ان تغير الموضوع تخبرني بأنها حزينة جدا لأن فيلمها الآخر «التخشيبة» سقط سقوطا مدويا ولم تكن تعلم ان الصديقة العزيزة نادية الجندي قد وجدت ماتتشفي فيه من غريمتها، وأذكر أنني كلما كنت أقابلها ويأتي ذكر نجاح فيلم «أرجوك اعطني هذا الدواء» وتفوقه الكبير علي بقية الأفلام التي عرضت معه كانت تتجاهل هذا النجاح، كانت فقط تبتسم ساخرة وتصيح تسألني في شماتة: «شفت اللي حصل لصاحبتك في فيلم «التخشيبة»؟ نسيت ان اتحدث عن فيلم «وداد الغازية» الذي قام بإخراجه أحمد يحيي وقامت ببطولته نادية الجندي ومحمود ياسين وعادل أدهم، لم يكن الفيلم في البداية سيخرجه أحمد يحيي أو ستقوم ببطولته نادية الجندي. قام الموزع والمنتج اللبناني حسين الصباح بشراء قصة وداد الغازية من ورثة جليل البنداري كانت القصة قد تحولت إلي مسرحية استعراضية جري عرضها علي مسرح البالون من تمثيل هدي سلطان التي قامت بدور وداد الغازية وعادل أدهم الذي قام بدور الأمير يوسف كمال وقام بإخراج المسرحية محمد سالم وحققت المسرحية نجاحاً كبيراً في فترة الستينات، وهي الفترة الذي ازدهر فيها المسرح بوجه عام حيث كانت دور المسرح تزدحم بالجمهور ويرجع الفضل في ذلك إلي سياسة فرق التليفزيون المسرحية التي ابتدعها الفنان الكبير السيد بدير الذي كان علي دراية كبيرة بكل الفنون وكان علي الأخص من أعظم كتاب السيناريو في السينما المصرية. مسرح المناسبات ان ازدهار المسرح في فترة الستينات لم يكن بالفعل بسبب جودة التأليف المسرحي فإن مسرحيات الستينات التي يتشدق بها البعض من حين لآخر وتردد جملة «مسرح الستينات.. مسرح الستينات» لم تكن هي السبب فإن هذه المسرحيات عندما يراها الناس الآن علي شاشة التليفزيون أو يعاد عرضها ينصرفون عنها ولا يتحملون وطأة مشاهدتها، ونحن نعلم ان المسرحية الجيدة تلقي الرواج والإقبال في كل زمان ومكان أما المسرحية التي ترتبط في نجاحها بفترة معينة فهي تعتبر من مسرحيات المناسبات فبعد ذهاب المناسبة تذهب المسرحية إلي أغوار النسيان وهذا في رأيي ما حدث بمعظم ان لم يكن كل مسرحيات الستينات، ونحن ما زلنا نستمتع بمسرحيات توفيق الحكيم فنتذوقها ونقبل عليها وذلك لأنها مسرحيات لا ترتبط بفترة معينة ويهيمن عليها الفكر الراقي والأصالة الفنية. والفضل في اختيار قصة «وداد الغازية» يعود إلي فؤاد الألفي الذي كان يتولي الشئون الفنية في الشركة اللبنانية للإنتاج والتوزيع السينمائي ويمثلها في مصر حسين الصباح أما المقر الدائم للشركة فكان في لبنان ثم بسبب الحرب الأهلية هناك انتقلت إلي قبرص حيث يديرها الأخ الأكبر لعائلة الصباح وهو محمد علي الصباح وإخوة الصباح هم محمد وحسين وأنور وطلعت ويتسمون جميعا بخفة الظل بحيث يتمني المرء ان يجلس معهم ويتميزون في نفس الوقت بالكرم علي عكس السوريين الذين يعملون في هذا المجال. اختار فؤاد الألفي حسام الدين مصطفي ليخرج الفيلم واختارني لكتابة السيناريو فاشترطت ان يقوم بهجت قمر بكتابة الحوار فهو خير من يقوم بكتابة هذا النوع من الأفلام، قمت بترشيح نبيلة عبيد بعد ان كانت نادية الجندي التي طلبت أجرا كبيرا لم يوافق عليه حسين الصباح، كانت نبيلة في انجلترا في هذا الوقت فقام فؤاد الألفي بالاتصال بها أمامي وأعطاني السماعة لأحدثها عن الفيلم فكادت تطير فرحاً. انتهيت من كتابة السيناريو وأعطيته لبهجت ليكتب الحوار وأعجبته جملة الشعار التي كتبتها في أول صفحة في السيناريو «غازية اسم فاعل لفعل يغزو والغزو في حاجة إلي الشجاعة» وأخبرني بأنه قام بالاتصال بصديقته إسعاد يونس وقرأ لها هذا الكلام وعندما قرأ بهجت السيناريو نال إعجابه بدرجة انه عندما ذهبت إليه أخذ يعانقني ويقبلني ويصيح «أهو السيناريوهات لازم تنكتب بالشكل ده» فكان السيناريو يحتوي علي كل التفاصيل التي تساعد في كتابة الحوار بحيث تكون مهمة كاتب الحوار ان يبحث عن الكلمات المناسبة التي تبرز المعني المقصود. توزيع عالمي وعندما قرأ فؤاد الألفي السيناريو والحوار لم يصدق وأخبر حسين الصباح بأن هذا الفيلم بعد ان ينتهي تصويره لابد من ترجمة إنجليزية وفرنسية له وتوزيعه في السوق العالمية، وقرأ حسام السيناريو وأخبرني انه لو قام بتنفيذ السيناريو بحالته هذه فسوف يستغرق الفيلم حوالي ثلاث ساعات ونصف الساعة علي الأقل. قمت بعملية الاختصار ولم أكن راضيا عن ذلك ولكن النواحي الإنتاجية لابد من مراعاتها فنحن لم نصل بعد إلي مرتبة هوليوود حيث ينال كاتب السيناريو الحرية الإبداعية كاملة وشعارهم الذي يقولونه للسيناريست: «اكتب كل ما تحلم به وسوف نقوم بالتنفيذ». بعد الخلاف بين نادية الجندي وحسين الصباح علي الأجر اقترحت نبيلة ولقي هذا الاقتراح الحماس من الجميع وكانت نبيلة كما سبق وان ذكرت في لندن وقمنا بالاتصال بها فأبدت حماسا وكان لديها فكرة عن الموضوع فقد شاهدت المسرحية في التليفزيون ووعدت بأنها سوف تشتري الثياب من لندن، واندهشت فأي ثياب سوف تشتريها من لندن فإن ثياب وداد الغازية لا يمكن ان تجدها في لندن ولكن ماذا أقول وهذه هي العادة حتي الآن فكثيرا ما نقرأ ان النجمة الفلانية سافرت إلي باريس أو روما أو لندن لشراء ثياب العمل الجديد وربما لا تحتاج ثياب هذا العمل إلي السفر. وأثناء انشغال نبيلة في لندن بشراء الثياب كانت المفاوضات قد عادت مع نادية الجندي فوافقت علي العودة لتقوم ببطولة.. «وداد الغازية» وربما كان الدافع الأكبر في الموافقة أنها علمت بأن غريمتها نبيلة عبيد هي المرشحة للبطولة. انشغل حسام بفيلم آخر فقمت أنا وفؤاد الألفي بترشيح أحمد يحيي لإخراج الفيلم وبالطبع اخترنا محمود ياسين للقيام بدور الضابط وعادل أدهم للقيام بدور الأمير. كان فيلم «وداد الغازية» هو أول فيلم يعرض لنادية الجندي بعد فيلمها «خمسة باب» الذي صادرته الرقابة ولذلك تعامل موظفو الرقابة بقسوة شديدة مع فيلم «وداد الغازية» بدرجة تثير الاستنكار وكنت مسافرا في الوقت الذي أرسلوا فيه النسخة إلي الرقابة فلو كنت موجودا ما كنت وافقت علي ما حدث وتوجهت باللوم لأحمد يحيي لأنه رضي بهذا العبث فأخبرني بأن المنتج حسين الصباح كان خائفا من الاعتراض حتي لا يصادروا الفيلم. لم يحقق فيلم «وداد الغازية» النجاح الذي كنت أتوقعه له رغم انه ظل في العرض الأول 12 أسبوعاً وحقق إيرادات كبيرة ولكني كنت أتوقع له أكثر من هذا. شعور بالندم لم أشعر بالندم مثلما شعرت عندما اكتشفت أن الأمير يوسف كمال الذي اقترن اسمه بشكل فولكلوري بوداد الغازية هو الذي أنشأ كلية الفنون الجميلة وأحد رعاة هذه الفنون البارزين، وأكثر من ذلك أنه تصادف وكنت أقوم بإخراج فيلم تسجيلي عن مكتبة الأزهر الشريف فكنت أتردد أنا وفريق العمل علي الجامع الأزهر ومكتبته لمدة عشرة أيام، كنت اقتنص فرصة إعداد المصور محمود عبدالسميع لإضاءة اللقطة المتفق عليها وبحكم عشقي الذي لا يعادله عشق للكتب أقلب بين الكنوز من ذخائر الكتب والمخطوطات التي تحتويها مكتبة الأزهر خاصة المخطوطات التي كنت أقرأ عنها ولا أراها فكنت عندما أعثر علي أحدها أتناوله في حرص وكأنني أحمل شيئا مقدسا واتصفحه بعناية وحذر خشية علي أوراقه التي مضي عليها مئات السنين، وأثناء سياحتي بين رفوف الكتب فإذا بي أعثر علي مجلدات فاخرة باللغة الفرنسية من مؤلفات الأمير يوسف كمال في الفنون والتاريخ والآثار ويبدو أنه قد أهداها إلي مكتبة الأزهر، حيث كانت مطبوعة في الخارج هذه الطباعة الفاخرة ومن المؤكد أنها مطبوعة في فرنسا فأنا أملك بعض الروايات الفرنسية فاخرة الطباعة التي يرجع تاريخها إلي أوائل القرن العشرين بنفس الشكل وكل نسخة تأخذ رقما وذلك أن الطبعة تكون محدودة الكمية ربما علي الأكثر 500 نسخة، وعندئذ أدركت أية جريرة ارتكبتها في حق الأمير يوسف كمال عندما قمت بتصويره في سيناريو فيلم «وداد الغازية» بهذا الشكل الذي يسيء إليه، لكن التمست لنفسي العذر فلم أكن أعلم عنه شيئا خاصة فإن الذين قاموا بانقلاب يوليو 1952 العسكري قاموا في نفس الوقت بقلب الموازين وتزوير تاريخ أسرة محمد علي إلا أنني انقذت معلوماتي بقراءة كل ما هو صحيح عن الذين حكموا مصر من أفراد هذه الأسرة بداية من محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة كحقيقة لا ينكرها إلا كل جاهل أو جاحد، أما بقية أفراد الأسرة من الأمراء والنبلاء فكنت أعلم شذرات عنهم وربما لم أصادف فيما قرأته شيئا مهما عن الأمير يوسف كمال، كم أساء هؤلاء العسكر إلي أناس أفضل منهم وقاموا بالقاء المداد الأسود علي كل ما هو مضيء في حياتهم وقاموا بتشويه سمعتهم وملاوا تاريخ هذه الأسرة بالترهات والأكاذيب، بحيث أصبحت أسرة محمد علي باشا في نظر الأجيال التي عاصرت هؤلاء العسكر ومن جاءت بعدهم نقطة سوداءفي تاريخ مصر ثم ما لبث أن أدرك معظم المصريين أن النقطة السوداء بدأت تتسع شيئا فشيء حتي أصبحت غمة كبيرة تظلل حياة المصريين بالقهر والطغيان منذ يوليو 1952 إلي 25 يناير 2011. صداقة حريمي أذكر
في منتصف صيف عام 1985 قامت نبيلة عبيد بالاتصال بي وعندما ذهبت إلي بيتها وكانت لا تزال تسكن في شقتها التي في شارع جامعة الدول العربية وهي شقة صغيرة تتكون من استقبال متوسط الحجم وحجرتين للنوم قامت نبيلة بتحويلهما إلي حجرة واحدة كبيرة نصفها للنوم والنصف الآخر صالون وتليفزيون بيضاوي أبيض اللون يتجاوز الثلاثين بوصة، عندما ذهبت إليها أعطتني سيناريو بعنوان «موعد مع القدر» قصة وسيناريو وحوار يوسف جوهر ومن إخراج الصديق العزيز محمد راضي وعلمت أنه من إنتاج المخرج جلال الشرقاوي، كان الفيلم كما علمت هو إعادة لفيلم «سجي الليل» قصة وسيناريو وإخراج بركات وكتب الحوار له يوسف جوهر، طلبت مني نبيلة قراءة السيناريو فهي سوف تلعب دور الممرضة فيه. قرأت السيناريو حيث كنت أيضا أبحث عن المبررات التي جعلت القصة والسيناريو ينتقلان إلي يوسف جوهر بدلا من بركات خاصة أن بركات كان علي قيد الحياة ويعمل في السينما، فكان التعديل الذي قام به يوسف جوهر هو جعل البطل مريضا بدلا من البطلة وقامت الأحداث علي سوء التفاهم الذي يحدث دائما من خلال تضحية البطل بنفسه عندما يعلم أنه مريض ولذلك يتهرب من البطلة وهو يتظاهر بأنه يخونها مع امرأة أخري. قطعة عظم اعتقدت بأن القصة والسيناريو كتبهما أصلا يوسف جوهر، ولكن كما كان يحدث لبعض الكتاب في مبدأ حياتهم فإن كبار المخرجين يستولون علي إنتاجهم ويلقون لهم بقطعة عظم مثل وضع أسمائهم علي الحوار، ولكن كل هذا مجرد تكهنات ونسيت أن أسأل يوسف جوهر عن الحقيقة، لم يكن السيناريو به ما يعيبه في حدود أنه ميلو دراما عاطفية واستطاع يوسف جوهر أن يقوم بتحديثه أي جعله يتماشي مع الأحداث المعاصرة، ولكن المشكلة أن نبيلة لم تكن هي البطلة بل إن دورها مما نطلق عليه الدور المساعد، كان البطل هو محمود يس وتقوم بدور البطولة أمامه يسرا، وعندما سألتني نبيلة عن رأيي في السيناريو أبديت لها دهشتي الكبيرة وأنا أسألها لماذا تقوم بهذا الدور في هذا الفيلم؟ لماذا تضحي بمجدها الذي وصلت إليه؟ لماذا تضحي بما فعلته لها أنا وأشرف فهمي وحسين كمال في مجموعة الأفلام المأخوذة عن قصص إحسان عبدالقدوس حتي وضعناها علي القمة بجوار النجمات الكبيرات في السينما المصرية؟ لماذا بعد كل هذا ترضي بدور مساعد بينما هناك العشرات من الأفلام التي تنتظرها فيها أدوار البطولة؟ أخبرتني بطريقة تخلو من الاقناع بأنها قد وعدت محمد راضي ووعدت جلال الشرقاوي ولا تستطيع أن تتراجع، هل كانت نبيلة شريكة في إنتاج هذا الفيلم ولماذا تشارك في إنتاج فيلم تقوم يسرا ببطولته؟، كانت نبيلة في هذه الفترة صديقة ليسرا أو بمعني آخر كانت يسرا صديقة قريبة جدا لنبيلة، كانت صداقتهما مضرب المثل وكانت نبيلة لا تسافر إلي انجلترا إلا ومعها يسرا وكانت يسرا الا تسافر إلي لندن إلا مع نبيلة وكانت بينهما صديقة مشتركة لا تعمل في الفن تصاحبهما هي الأخري في كل مكان، ويبدو أن الصداقة قد لعبت دورا كبيرا في إشراك نبيلة بالتمثيل في فيلم «موعد مع القدر»، يبدو أن يسرا طلبت من نبيلة أن تشترك معها في هذا الفيلم لترفع من قيمته في العرض والتوزيع فوافقت نبيلة علي الفور لمساندة صديقتها العزيزة، وفي أغلب الأحيان تكون الصداقة هي المنفعة المتبادلة خاصة عندما تكون بين امرأتين قلما يجد المرء الصداقة القوية الخالصة إذ سرعان ما ينقلبان خاصة عندما يعملان في مجال واحد، وتعني المنفعة المتبادلة بين امرأتين تعملان في مجال الفن السينمائي الكثير من التفسيرات وتسرح للخيال أن يجمح كما يشاء، علي العموم فلندع كل هذا فقد انتهت الصداقة هذه بين النجمتين بعد ذلك وانقلبت إلي شيء أقرب إلي العداوة. موعد مع الفشل كانت مهمتي بالنسبة لسيناريو فيلم «موعد مع القدر» أن أجعل دور نبيلة أكثر فاعلية وأكثر طولا بحيث يقترب في قميته وحجمه من دور يسرا، أخبرت صديقي المخرج محمد راضي بأن هذا الهدف من أجل تحقيقه يقتضي بعض التعديلات في البناء فأخبرني بأن لي مطلق الحرية، كان الاتفاق أيضا بيني وبين محمد راضي بألا يوضع اسمي أو يذكر علي الاطلاق حتي لا يسبب هذا حرجا للأستاذ الكبير يوسف جوهر واحتراما مني لقيمة الرجل اقترحت أنا هذا من نفسي، ويبدو أن هذا الإجراء كان هو رغبة محمد راضي وأنه كان في حرج أن يخبرني به ولذلك فإنني أعفيته من هذا الحرج وأخبرته بأنني فعلت هذا مرتين مع أحمد صالح وهو أقل قيمة بكثير من يوسف جوهر. حاولت بقدر الامكان أن أبرز دور نبيلة في السيناريو وكانت تتمني أن يصبح دورها خفيف الظل في أحداثه وفي حواره ملفتا للنظر، بحيث كلما تذكر المتفرج الفيلم فإنه يتذكر دورها يا ليت أن يتذكر المتفرج الفيلم الآن حتي يتذكر دور نبيلة ولكن للأسف لم يحقق الفيلم نجاحا يذكر مثلما حققت أفلام نبيلة التي قمت بكتابتها لها، والغريب أنني لم أجد جزءا كبيرا مما كتبته بعد أن شاهدت الفيلم فأدركت أن الهدف كان هو استدراج نبيلة في الفيلم وأن هناك إصراراً علي أن تكون يسرا هي البطلة وأن يكون دور نبيلة أقل من دورها. والسؤال الذي كنت اتساءله ما الذي دفع محمد راضي إلي إخراج هذا الفيلم فلم يكن حتي من نوعية الأفلام التي يميل إلي إخراجها وهي الأفلام التي تتناول إحدي القضايا التي تهم المجتمع خاصة القضايا السياسية، وربما الذي دفعه إلي إخراج هذا الفيلم هو صداقته ليوسف جوهر، حيث كان أستاذه في معهد السينما وأذكر أنه أخبرني بأنه اشتري عددا من قصص وروايات يوسف جوهر، في أيامه الأخيرة كان يوسف جوهر يختار بعض أعماله القديمة ويعيد معالجتها في أسلوب عصري ويختار لها عناوين جديدة في رأيي أن قيمة يوسف جوهر كأديب تعلو ويبرز دوره عن كونه كاتب سيناريو، كان يجيد كتابة القصة القصيرة ويصل بها إلي درجة العالمية ونلاحظ تأثره بتشيكوف وموبسان ويمتلك أسلوبا بسيطا وساحرا قلما تجده عند أديب من الأدباء سوي توفيق الحكيم، أما بالنسبة للسيناريو فقد كان يفوقه في هذا الفن علي الزرقاني والسيد بدير، لم يكن يوسف جوهر من كتاب السيناريو الذين يتمسكون بكل كلمة يكتبها بل كان يترك الحرية للمخرجين الذين يعملون معه وكان معظهم من كبار المخرجين الذين لا يتورعون أبدا عن إعادة كتابة السيناريو بأنفسهم مثل بركات وربما كان من المخرجين الذي كتب له يوسف جوهر العديد من أعماله وكذلك عز الدين ذو الفقار وشقيقه محمود ذو الفقار وعاطف سالم وسعد عرفة. تغيير وطموح وأذكر بالنسبة لسعد عرفة أنني عندما كنت في قسم القراءة والإعداد قرأت ليوسف جوهر سيناريو فيلم «الاعتراف» وكانت أحداثه تدور في الأرياف وكان السيناريو ضخما تصل صفحاته إلي ما يتجاوز المائتي صفحة وعند تنفيذ السيناريو وجدته تقلص تقريبا إلي حوالي 150 صفحة وأحداثه تدور في منطقة البحر الأحمر، وأذكر أنني عندما سألت سعد عرفة - وكان من المخرجين الذين أحب مشاهدة أفلامهم- عن سبب هذا التغيير في مكان الأحداث أخبرني بأنه يكره الريف وأن الأفلام الريفية قلما تنجح في السينما، وعندما سألته وهل اعترض يوسف جوهر علي ذلك ابتسم ولم يتكلم. للأسف فإن أغلب الأدباء في مصر يدفعهم الطموح الشديد إلي الرغبة في أن يصبحوا أدباء مرموقين وفي نفس الوقت كتاب سيناريو وحوار، ويحاولون اقتحام هذا الفن دون أن يدركوا الفرق بينه وبين كتابة الرواية، وإذا ما وجدوا لأنفسهم مكانا في جنبات فن كتابة السيناريو فإنهم يتشبثون به حتي لو تدخلت يد الغير وقريحته في إعادة صياغة أعمالهم وقد يغفلون الكتابة الأدبية ويستنفدون كل وقتهم وقريحتهم في كتابة القصص السينمائية والسيناريو والحوار للأفلام، وربما الدافع إلي ذلك هو المال أولا لأن كاتب السيناريو يحصل علي أضعاف ما يحصل عليه الأديب إذا ما كتب رواية طويلة يبذل في كتابتها من جهد قد يفوق ما يبذله كاتب السيناريو المحترف في كتابة أحد الأفلام أو حتي المسلسلات التليفزيونية، وثانيا يكون الدافع هو الحصول علي الشهرة التي تأتي سريعا إلي كاتب السيناريو، وقد تعمل هذه الشهرة بعد ذلك علي رواج كتب هذا الأديب من روايات وقصص، وقد حصل إحسان عبدالقدوس علي الشهرة والرواج لأعماله فقط لأن السينما قدمت معظم أعماله وهو لم يكتب في حياته سوي ثلاثة سيناريوهات بعد أن طلب المنتج رمسيس نجيب منه ذلك وكان إحسان رافضا ونجح له فيلم واحد كتبه وهو «العذاب فوق شفاة تبتسم» الذي اقتبس قصته عن مسرحية بينولوبي لسومرست موم أما فيلم «بعيدا عن الأرض» فلا نستطيع أن نقول عنه أن نجح وكان السقوط والفشل هما مصير فيلمه «هذا أحبه وهذا أريده»، ولم يعاود إحسان عبدالقدوس محاولة كتابة السيناريو مرة أخري. وقلما نجد رغبة كتابة السيناريو عند الأدباء في أمريكا وأوروبا رغم أن أسماءهم الكبيرة تثير رغبة المنتجين في أن يقوموا بكتابة السيناريو لأعمالهم أو أعمال غيرهم، وربما كان سبب رفضهم يرجع إلي أنهم يحصلون علي مبالغ طائلة عن طريق نشر أعمالهم الأدبية في أكثر من دار نشر وفي طبعات شعبية وطبعات غالية الثمن، ويحصلون أيضا علي مبالغ طائلة عندما يشتري أحد المنتجين السينمائيين رواية من رواياتهم أو إحدي المحطات التليفزيونية من أجل تحويلها إلي مسلسل، ويرجع أيضا رفضهم لكتابة السيناريو لإدراكهم الواعي بأن كتابة السيناريو هو فن آخر يحتاج إلي موهبة خاصة ودراسة أخري وليست المسألة أنه يكتب فقط، ورغم ذلك فقد نجح بعض الأدباء في كتابة السيناريو واحترفوا هذا الفن بل إن السينما في بدايتها كانت تعتمد علي رجال المسرح في كتابة السيناريوهات. وقد عمل بعض الأدباء في الاستديوهات في أقسام السيناريو بمرتب أسبوعي.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.