في رسالته الأسبوعية التي بثها يوم الخميس 9/6/2011 ذهب الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إلي أن الله تعالي قد انتقم للإخوان سنة 1956 من عبد الناصر وعاقبه علي الاعتقالات التي أمر بها لعناصر من الإخوان 1954 . كانت هزيمة يونية 1967 عقاباً إلهياً لذات الزعيم علي الاعتقالات التي طالت الإخوان 1965 . ثورة 25 يناير والتي نتج عنها خلع مبارك، كانت ايضاً عقاباً من قبل الله علي ما اقترفه من اعتقال وسجن ومحاكمات عسكرية للإخوان.كلام المرشد علي هذا النحو يدلل علي أن الإخوان يرون أن الله معهم، ناصراً ومعاقباً لمن اساء إليهم، لأنهم الفرقة أو الجماعة المنوطة بتحقيق المشيئة الالهية وتمثل صحيح الاسلام، لذا تمتد يد الله بالعقاب لكل من جار عليهم وظلمهم ! فهم يمثلون الله علي الارض وبالتالي الويل كل الويل لمن يخاصمهم ويعاديهم! تصريح المرشد هذا يعكس الوهم الذي تعيشه الجماعة بخلطها المطلق بالنسبي. فإذا قلنا إن لكل حدث أو ظاهرة سببا نتج عنه، منطق الإخوان هذا يدمر العلاقة العلية (العلة والمعلول، والسبب والنتيجة) ويضرب بعرض الحائط جملة الظروف السياسية والاقتصادية والعسكرية التي أدت إلي الهزيمة ويحصرالأمر في الوهم الذي يرضيهم ويشبع فيهم الاستعلاء الأجوف وانهم يمتازون لأن الله ناصر منتقم لهم! حصر العدوان الثلاثي واحتلال إسرائيل لسيناء 56، في كونه عقاباً لعبد الناصر، تفسير ساذج ينم عن عقلية غيبية غير موضوعية وغير واقعية، لأن عدوان 56 له أسبابه الموضوعية التي حللتها كتابات المؤرخين للحدث. إذا كان الأمر كذلك أي عقاب من قبل الله، فهل يعاقب الله رجل دولة علي قرار المقصود منه استعادة ملكية مرفق حيوي ورده إلي الأمة (تأميم قناة السويس )! وكذا الحال مع هزيمة 67 فلها أسبابها العسكرية والسياسية. تخيلوا معي لو وصل الإخوان إلي الحكم وهم بهذه العقلية التي ترد وتفسر الاحداث بالغيب وتري بزهو أن الله معهم ومعهم هم وحدهم، أي أن الله ليس مع جماعة أو حزب آخر، هم وليس سواهم يملك الصواب والحق، بل الحقيقة المطلقة! هل جماعة هذا هو منطقها وتصورها قادرة علي قيادة شعب دولة كمصر بكل مشكلاتها وعبور هوة الفقر والتخلف الحضاري؟! وبعد هل نكل عبد الناصر بالإخوان فقط أم انه مارس ذات الفعل مع الوفديين ومحمد نجيب والشيوعيين بل وبعض أعضاء تنظيم الضباط الأحرار، الذين اختلفوا معه؟ باختصار الرجل نكل بكل من عارضه بل بكل من توجس منهم وخاف علي بقائه في الحكم منهم. أليس كل البشر سواء عند الله، وأن الله لا يرضي عن الظلم والجور والاستبداد،أم انه يفرق وينتقم لفصيل دون فصيل آخر وينصر جماعة ولا يبالي بالظلم الواقع علي فئة أخري؟! (حاشا لله)، الله وفقاً لتفسير المرشد ينتقم للإخوان من عبد الناصر ولا ينتقم لكل المصريين الذين ظلمهم أيضا نفس الحاكم . أليس هذا يعني أن الإخوان يميزون أنفسهم ويرون انهم الفرقة الناجية الحائزة علي رضا الله وحدها؟! واذا كانوا كذلك فمن يجرؤ علي معارضتهم ومن يكون له حق مخالفتهم ؟ انهم بهذا المنطق يؤسسون للاستبداد باسم الله والدين وكأننا نعود إلي أجواء الدولة الدينية والعصور الوسطي . الأمر الأكثر مدعاة للدهشة، أن يري فضيلة المرشد ثورة 25 يناير وخلع مبارك وتهاوي أركان نظامه علي أنه أيضا عقاب إلهي لمبارك علي جرائمه بحق الإخوان من اعتقالات وسجن ومحاكمات عسكرية. فضيلة المرشد لايعير الأسباب الموضوعية التي أدت إلي الثورة اي اهتمام ويصر علي تقديم تفسير وهمي صادر عن عقلية منفصمة عن الواقع المعاش! ثورة 25 يناير كانت المحصلة الموضوعية للظلم الذي أوقعه مبارك ونظامه بالمصريين والتدهور الحاد الذي عاناه المصريون علي كل الأصعدة والإثراء الوحشي الذي جناه من تحلقوا حول مبارك ونظامه. فضيلة المرشد يغفل هذه الأسباب، ويتمسك بوهم العقاب الإلهي لما جري للإخوان، أي منطق عقيم هذا وأية عقلية هذه تتمسك بالخرافة وتهمل العلم وتنكر الواقع الموضوعي ! لو صدق منطق فضيلة المرشد وكانت هزيمة 67 عقابًًًًا إلهيا، السؤال هنا: هل هزيمة 67 هزيمة لعبد الناصر الفرد أم هزيمة للأمة المصرية كلها بمن فيها من الإخوان؟ تلك الهزيمة المرة التي دفع ثمنها المصريون، دماً وعرقاً وفقراً. هل يعاقب الله أمة بأكملها جراء جريمة فرد؟! ألا يتعارض هذا التصور مع العدالة الإلهية؟ وحاشا لله أن يكون ظالما! الأمر الداعي للقلق أن الجماعة تؤمن أن يد الله معها ناصرا ومنتقما لماذا؟ لأنها وحدها تطبق الإسلام الصحيح، أقول ماذا سوف يكون سلوك جماعة بهذا الفكر والإيمان حين توصلها صناديق الاقتراع إلي كرسي الحكم؟، هل ستحترم العملية الديمقراطية أم تنقلب علي الديمقراطية وتتنكر لها وتكشف عن وجهها الاستبدادي، ولما لا والله معها؟!