يعد المصور فاروق إبراهيم صاحب ملكة خاصة في مجال التصوير الفوتوغرافي كما كان له من الكياسة واللباقة وخفة الحركة ،ما ساعده علي أن يلقي قبولاً خاصاً في محيط مما عرفوه وقد قالت عنه كوكب الشرق أم كلثوم انه يلتقط صورا تتكلم، تنطق، صورا لها طعم السلطنة والذوبان في الفن. وقد رحل فاروق عن عالمنا صباح الخميس الموافق 31 مارس 2011 وهو مصور صحفي بمؤسسة أخبار اليوم والملقب بمصور الرؤساء، وذلك عن عمر يناهز ال72 عاما بعد صراع مع المرض دام لأكثر من ثلاثة أشهر بعد إصابته بجلطة بالشريان التاجي، وقد امتد عمله كمصور لأكثر من نصف قرن كما كان له الحظ أن يصبح المصور الخاص لرئيسين من الرؤساء وهما الرئيسين السادات ومبارك. ولد فاروق إبراهيم في السادس من أغسطس عام 1939 م بمنطقة السيدة زينب وكان طفلاً مشاكساً، دائم الهروب من المدرسة مما كان يشكل عبئاً نفسياً علي أسرته، وفي اثناء هذه الفترة التي كان يشوبها عدم الاستقرار في حياة فاروق كان خاله يعمل بمطبعة جريدة المصري آنذاك، والذي دفع به للعمل بجريدة " المصري " كساعي للخواجة زخاري كبير مصوري جريدة المصري، كما كان يقوم بتوصيل الصور إلي الجرائد والأحزاب والشخصيات الكبري في المجتمع ليبدأ فاروق حياته في عالم التصوير الفوتوغرافي في عام 1952 وكان عمره وقتها لا يتجاوز 14 عامًا، وقد عشق الكاميرا من رؤيته للمصورين الأجانب في الجريدة، وليصبح فيما بعد أشهر مصور صحفي مصري . وقد تزامن مع بداية فترة تعيينه وقوع حدث كان له اثر عظيم في مشوار عمله كمصور، حيث قام الطلاب في إحدي المظاهرات بقلب الترام الذي كان يمر من أمام جريدة المصري، وطلب من فاروق سرعة التقاط صورة المظاهرة والترام المقلوب، نظراً لغياب العاملين في قسم التصوير عن المكتب وحقق فاروق سبقاً صحفياً بتلك الصورة ليتحول من عمله كساع إلي مصور تحت التمرين. وفي عام 1953 أغلقت جريدة المصري ،ولم يعد أمامه مصدر رزق وظل يبحث عن مهنة حتي عمل صبيا لكهربائي، ثم قرر الهروب من بيت والدته إلي الشارع خوفا منها لأنه كان لا يحافظ علي أجره الذي يناله من عمله مع ذلك الكهربائي، وفي الشارع عاش حالة من البؤس والتشرد والضياع إلي أن وجدته والدته متعهدة له بعدم إيذائه فيذهب معها إلي البيت ، لتنطوي بذلك هذه الصفحة من حياته وليبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة اتسمت بعدم الاستقرار النسبي ، حيث عمل فاروق في جريدة الجمهورية ولكنه لم يبق فيها كثيراً وتركها ليعمل مع زخاري في وكالته الإخبارية الخاصة، وقد سمح له زخاري بالنزول وتصوير إحداث الساعة في ذلك الوقت ، وقد استطاع فاروق أن يحقق نجاحا ملموسا في تصوير أول مهمة صحفية حقيقية له مع الصحفي الشاب مفيد فوزي حيث نالت هذه الصور استحسان كبير من الصحفي مفيد فوزي، معبراً عن ذلك ببعض كلمات المديح التي تدل علي مدي مهارة وبارعة فاروق في التصوير حيث قال : شعرت بحساسية مفرطة في اللقطات كما كدت أشم رائحة المكان في كل صورة علي كتف المشير وفي عام 1958كان فاروق يحاول التقاط صورة للزعيم عبدالناصر وهو يلقي خطابه أمام الجماهير في سوريا أثناء زيارته لها حتي وصل إلي الزاوية التي يريدها ولأن السور الذي صعد عليه كان ضيقا فقد اضطر أن يسند بإحدي قدميه علي كتف أحد الأشخاص الواقفين خلف عبد الناصر، ولم يكن هذا الشخص إلا عبد الحكيم عامر الذي انتظر حتي انتهي فاروق من صورته فسأله "هل أخذت صورة حلوة؟" وعندما رآه فاروق سقط علي الفور مغشيا عليه ولم يكن المصور الشاب يعلم أن عبد الناصر سيبدي إعجابه بالصور التي التقطها. وفي مايو من عام 1960 انتقل فاروق إبراهيم للعمل بدار أخبار اليوم علي يد الكاتب الصحفي مصطفي أمين الذي منحه مرتبا قيمته 30 جنيها، وكان أكبر مبلغ يصرف لمصور في بداية تعيينه ومن خلال عمله بالجريدة تعرف فاروق علي الكثير من نجوم الفن كان منهم بعض المقربين إليه مثل كوكب الشرق أم كلثوم والفنان عبد الحليم حافظ وكانت علاقته بعبد الحليم علاقة وطيدة استطاع من خلالها أن يلتقط له ما يزيد علي 33 ألف صورة علي مدار حياة العندليب . في1962 وأثناء انعقاد أحد مؤتمرات القمة الإفريقية نجح فاروق إبراهيم في الفوز بخبطة صحفية عالمية لمؤسسة أخبار اليوم، بعد ثلاثة أيام قضاها بلا نوم أمام أبواب قصر العروبة حيث قام بتصوير تشومبي الذي كان ممنوع الوصول إليه أو تصويره لحين الوصول إلي قرار بشأن انعقاد مؤتمر القمة الذي كان يرفضه معظم قادة الدول الأفريقية ، ليحصل مقابل ذلك علي مكافأة قدرها 150 جنيها ، وبرع بعد الحصول علي ذلك السبق في تحقيق المزيد من الخبطات الصحفية . الرئيس بالملابس الداخلية في منتصف السبعينات حظي فاروق بفرصة تصوير الرئيس الراحل محمد أنور السادات صوراً خاصة أثارت الجدل في حينها، وذلك بعدما اختمرت في رأسه فكرة تصوير يوم في حياة رئيس الجمهورية بالكاميرا لينتقل بخبرته في التصوير من الصور الرسمية إلي الصور الشخصية ومن هذه الصور، صورة للرئيس يقف أمام مرآة حمامه يغسل أسنانه ويحلق ذقنه، وصورة أخري وهو لا يرتدي إلا ملابسه الداخلية فقط، وصورة أخري وهو يمشط شعره، وأخري وهو نائم علي الأرض ويلعب اليوجا، وغيرها من الصور الشخصية . فاروق في رأي الصحفيين مصطفي أمين: "فاروق إبراهيم مصور عشق الصورة فعشقته وصعدت به إلي القمة." يوسف إدريس: "كاميرا فاروق إبراهيم تخترق أعماق الإنسان وتجول بداخله، ثم تُخرِج أجمل ما فيه." موسي صبري: "فاروق إبراهيم هو شيطان الصورة" إبراهيم سعدة: "فاروق إبراهيم مصور عالمي بل و من أفضل مصوري العالم." أحمد رجب: "يعامل فاروق الكاميرا كأنها ابنته، ويخرج منها صورا تجعلك تقول: الله، ولذا فهو واحد من أبرز المصورين الصحفيين في الصحافة الحديثة في الشرق الأوسط بل وفي العالم كله." محمود الخطيب: "هناك حساسية فائقة تربط بين دقة ملاحظة فاروق وعينه وإصبعه تجعله يصطاد الهدف" مفيد فوزي: "إنه لص الثواني، ينشلك في لحظة، يدخل داخلك ويتجول بالكاميرا". صلاح أبو سيف: "كان يمكن أن يكون نجما سينمائيا لولا حبه الجنوني للتصوير الصحفي".