لكن الأحداث الجارية التي تمر بها مصر والتي فرضت حظر التجول بأمر من الحاكم العسكري تسببت في معاناة نفسية كبيرة لعشاق موالد الأولياء وضيقت علي حريتهم في التفنن في ابتكار أشكال ووسائل الاحتفاء بهذه الموالد المعروفة بتعدد لياليها والسهر حتي الصباح في الإنشاد والذكر أيضا ضيقت علي من يقوم بإحياء ليالي الموالد الشعبية من المنشدين وأثرت عليهم معنويا وماديا. إحجام تسببت مظاهرات التحرر في مصر في تجميد مظاهر اجتماعية عديدة علي رأسها الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف وموالد الأولياء سواء التي تقام في القاهرة أو أية محافظة أخري وكان الجميع يظن أن الحياة سوف تعود لطبيعتها وتدب الروح من جديد وتنشط هذه المظاهر الاجتماعية بعد تنحي مبارك عن الحكم لكن استمرار فرض حظر التجول وغياب الأمن وتفشي أعمال البلطجة وانتشار السرقات جعل الكثيرين ممن كانوا يقصدون هذه الموالد من مختلف المحافظات تاركين بيوتهم يحجمون عن المشاركة خوفا علي حياتهم وحياة ذويهم وحرصا علي حماية متاعهم وبيوتهم وهو ما جعل الشيخ عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية يقرر عدم احتفال المشيخة بالمولد النبوي هذا العام والذي كان يشهد احتفالية كبيرة يشارك فيها جميع أتباع الطرق الصوفية. فقد تأثرت بالأحداث الجارية مظاهر الاحتفالات الدينية ومجال الإنشاد الديني مما يقضي علي بهجة الاحتفاء بهذه المناسبة الشعبية . اعتذار يقول المنشد الشيخ محمود ياسين التهامي إن هذه الأحداث وقعت في فترة المولد النبوي الشريف وتضامنا مع شهداء هذه الثورة قمت بإرجاء جميع حفلات الاحتفاء بهذه المناسبة الشريفة للعام القادم حيث اعتذرت لكل الناس للظروف التي يمر بها المجتمع هذا بالإضافة إلي الانفلات الأمني فلم أرغب أن يستغل البعض هذه الليالي الدينية وجماهيرها الغفيرة في إشاعة الفوضي أو أعمال السلب والنهب . يؤكد محمود التهامي أن الجو العام لا يسمح بإقامة موالد شعبية في الأرياف كذا الليالي الخاصة والمناسبات الشخصية التي اتفق علي إحيائها اعتذر عنها حتي لا يخترق الجماهير قرار حظر التجول بسببه حيث يجب تكاتف الجميع مع الجيش وعدم الخروج علي قراراته لأنه ليس في صالح المجتمع. ويقول التهامي الصغير : أما بالنسبة للموالد في العاصمة حاليا أكيد تأثرت فمثلا مولد سيدي عمر بن الفارض الملقب بسلطان العاشقين كان مقررا إقامته يوم 25 مارس الجاري تم إلغاؤه تماما هذا العام نظرا لما شهدته منطقة السيدة عائشة من أحداث طائفية أخيرة وكنت أنا ووالدي الشيخ ياسين التهامي نقوم بإحياء الليلة الكبيرة كل عام لكن هذا العام اعتذرنا عن الإنشاد فيه حفاظا علي أرواح الناس وعدم الإثقال علي القوات المسلحة والأمن أما بالنسبة لمولد الإمام الحسين المقام حاليا فقد حصلنا علي تصريح بالإنشاد من الساعة السابعة مساء وحتي العاشرة مساء فقط بسبب الحظر ومن المقرر أن أقوم أنا بإحياء الليلة الكبيرة للمولد يوم التاسع والعشرين من مارس الجاري ووالدي الشيخ ياسين يقوم بإحياء الليلة اليتيمة وحتي الآن لا نعرف هل سوف يقام المولد أم يتم إلغاؤه هذا العام لكن في حال إقامته سوف نلتزم بالوقت المحدد ثلاث ساعات فقط وذلك احتراما منا لقرار حظر التجول والمعروف أننا كنا نبدأ الإنشاد بعد منتصف الليل وحتي السابعة صباحا لكن حفاظا علي الأمن العام وتنفيذا لقرار حظر التجول لا يسعنا سوي الانصياع والالتزام بهذه التعليمات إلي أن تهدأ الأوضاع وبعد انتهاء مولد الإمام الحسين هناك اتفاق لإحياء ليال دينية خاصة التي يقيمها الأشخاص بمحافظات الصعيد بداية من شهر إبريل . تهديد يقول المنشد الديني الشيخ بدر الأسواني من يستطيع الإنشاد بشكل جيد وهو مهدد سواء من الجيش بسبب قرار حظر التجول أو من التعرض للسرقة بسبب انتشار اللصوص ومحترفي أعمال البلطجة في كل مكان لذلك فالظاهرة السائدة حاليا أن الإقبال علي المشاركة في المولد سواء من الأهالي أو المنشدين ليست بالحجم المرضي أو يشيع الحماس ويبعث علي الطمأنينة في النفوس حتي أصحاب السرادقات والخيام باتوا قلقين علي أنفسهم ومن معهم من المريدين وتحولت بهجة احتفالهم بالمولد إلي هم وضغط عصبي كبير لإحساسهم أنهم يعيشون تحت حصار معنوي رهيب حيث التضييق علي تحركاتهم. ويري الشيخ بدر أن الموالد الشعبية قد تأثرت بشكل سلبي حيث إن المولد الذي كان يظل مقاما حتي الصباح تتوافد الجماهير علي سماع الإنشاد لكن حظر التجول تسبب في أن المنشد يضطر إلي إنهاء إنشاده في وقت مبكر جدا مما يؤثر علي الدخل المادي بالإضافة إلي تفاعله مع الإنشاد والجمهور فمثلا مولد سيدي عمار في العمرانية الشرقية بمنطقة ساقية مكي اقتصرت لياليه علي ليلة واحدة فقط بدأ الإنشاد بعد صلاة العشاء وانتهي قبل منتصف الليل تقريبا تنفيذا لقرار حظر التجول خاصة أن الجماهير تذهب لبيوتها مبكرا خوفا من تعرضهم للعقاب لخرق حظر التجول فلمن ينشد المنشد كذلك تأثر مولد السيدة فاطمة النبوية بصورة لم يتوقعها أحد ومن المتوقع أن هذا التأثير السلبي سوف يطول الموالد القادمة مثل مولد الإمام الحسين والسلطان أبو العلاء في بولاق أبو العلا . ويضيف الأسواني قائلا : أما بالنسبة لإنشادي الخاص فقد تأثر بشكل كبير أيضا ويكفي أن تعلم أنني كل عام في هذه المناسبة لا أجلس يوما واحدا طوال فترة المولد والتي كانت تستمر طوال شهر كامل كان كله إنشاد ولكن في ظل هذه الأحداث تقلصت عدد الليالي والمساحة الزمنية المتاحة للمنشد . كساد يؤكد المنشد الديني الشيخ جودة هيكل أن دخله يعتمد علي إحياء الليالي في المناسبات الدينية المختلفة وعلي رأسها المولد النبوي وموالد الأولياء المنتشرة في ربوع مصر فقد اضطر إلي إلغاء عدة ليال كان قد اتفق علي إحيائها بسبب الأحداث وتعرض مجال الإنشاد لكساد كبير يتمني أن يعود إلي طبيعته من جديد بعد استقرار الأوضاع . ويقول الشيخ جودة :ان الأحداث الراهنة وحظر التجوال أثرت بشكل مباشر وبالغ الضرر في الموالد وعلي رأسها المولد النبوي وبعده مولد السيدة فاطمة النبوية الذي انتهي الأسبوع الماضي وقد أقيم بشكل محدود جدا ليس بالحجم المعتاد للمولد كل عام كما تم أيضا إلغاء رجبية سيدي علي زين العابدين . ويضيف قائلا : أن الجو العام أصاب الناس بالقلق وأتوقع أن يكون مولد الإمام الحسين خفيفا جماهيريا وليس بالشكل أو الحجم المعهود عن مولده الذي كان يقصده الناس من كل حدب وصوب لكن بكل الأحوال سوف يكون الحضور ضعيفا لأن الناس مصابة بالخوف والذعر وقد تم إلغاء كل الموالد التي كان مقرر انعقادها في ظل الأحداث الراهنة وذلك لعدة أسباب منها الأحداث الجارية وانشغال الناس بالثورة وتعديل الدستور وحظر التجول وعدم وجود أمن واستقرار وتفشي أعمال السلب والنهب في كل مكان وهو جو غير مناسب لإقامة ليال دينية. ويري هيكل أن قرار حظر التجول سوف يفرض علي المنشد أن يبدأ إنشاده بعد صلاة العشاء وحتي الساعة الحادية عشرة مساء وذلك يسبب القلق للمنشد ولا يحقق له المتعة المعتادة حيث كان يبدأ الإنشاد بعد منتصف الليل وحتي الصباح مما يجعله يصول ويجول في إنشاده ويشعره بالراحة النفسية والتفاعل مع النغمات والكلمات ويتفاعل معه الجمهور أما الجو السائد حاليا فلن ينتج عنه أي تفاعل لا مع الجماهير ولا مع الإنشاد نفسه ويشعر المنشد بعدم الانسجام أو الأمان . تضاؤل تتفق المنشدة الحاجة وفاء المرسي مع الآراء السابقة وتضيف قائلة : تسببت الأحداث الجارية وتفشي مظاهر السلب والنهب وفرض حظر التجول في محدودية الاحتفال بمولد السيدة فاطمة النبوية وإلغاء مولد الإمام علي زين العابدين بالقاهرة وسيدي شبل في مركز الشهداء بالمنوفية وسيدي حسنين بالمنصورة وسيدي ابن تميم في المنزلة بالدقهلية وسيدي أبو مسلم في الزقازيق وسيدي عواد وسيدي أبو المعاطي في القليوبية كل هذه الموالد تم إلغاؤها خوفا من التجمهر وأعمال الشغب ومن المتوقع أن يشهد مولد الإمام الحسين تجمهر وأعمال شغب وتفشي مظاهر البلطجة والسلب لذلك فإن الإقبال الجماهيري المعتاد كل عام قد يتضاءل جدا في المولد الحالي . وتقول المرسي إن التضييق ليس فقط من قرارات القوات المسلحة لكن هذه الأيام نتعرض أيضا لمضايقات من السلفيين والإخوان المسلمين لمنعنا من الإنشاد ومنع إقامة الموالد الشعبية وأتوقع أن تحدث احتكاكات بين المريدين والمنشدين وأتباع الفكر السلفي خلال الموالد القادمة في ظل عدم التواجد الأمني المكثف. وتشير إلي أنه يوجد 200 منشد يعانون ضائقة مالية رهيبة بعد أن تخلت عنهم نقابة المهن الموسيقية ونناشد وزارة الثقافة بإنقاذنا حرصا علي استمرا مجال الإنشاد الديني والمنشدين من التدهور المادي المتزايد هذه الفترة بسبب إلغاء العديد من الليالي والموالد نظرا لحظر التجول وما يشهده المجتمع من تدهور اقتصادي لعدم استقرار الأوضاع في المجتمع بعد الثورة . وعلي عكس من يقول بانتهاء الإنشاد مبكرا تؤكد وفاء المرسي قائلة : أظن أن حظر التجول لن يطول فمولد الإمام الحسين نظرا لمكانته الخاصة لدي الكثيرين فهو مولد استثنائي ولن يتأثر إنشادنا فيه بأي صورة حيث يتم التغاضي عن الالتزام بهذا القرار خلال فترة إقامة المولد حتي يفرح الناس ويكون سببا في إعادة الطمأنينة لنفوسهم من جديد. ضرر فادح يؤكد المنشد والمبتهل الشيخ محمد مصلحي أن جميع المجالات في المجتمع المصري تأثرت وتعرضت للضرر الفادح نتيجة عدم الاستقرار فقد اضطررنا لإلغاء إحياء ليال عديدة بعد الاتفاق علي إحيائها سواء في مناسبة المولد النبوي أو الموالد الشعبية المختلفة والمنتشرة في ربوع البلاد أيضا هناك ليال اضطررنا فيها للانتهاء مبكرا من الإنشاد تنفيذا لقرار حظر التجول وهذا يؤثر علي الحالة النفسية للمنشد ويزيد من ضغوطه الذهنية حيث أن الإنشاد والموالد تحتاج إلي حرية مطلقة وكاملة للاحتفاء بها والتعبير عن حب الناس لصاحب المولد الذي انتقلوا إليه من بلادهم . 50% يؤكد المبتهل والمنشد الشيخ فكري الشرنوبي أن المناسبات الدينية والموالد الشعبية تأثرت بشكل كبير حيث تم إلغاء أكثر من 50% منها بسبب الأحداث الراهنة وحظر التجول فالناس تخاف أن تفعل شيئا هذه الأيام حتي لا تتعرض لطائلة القانون كما تم إلغاء الليالي التي اتفق علي إحيائها للأشخاص أو الموالد في القري فالجو العام يؤثر علي المنشد معنويا وماديا فالآن الإنشاد ينتهي في الوقت الذي كان يبدأ فيه الإنشاد بسبب حظر التجول. إفلاس أما المنشد زين الأسواني فيري أن مجال الإنشاد من المجالات الموسمية ويمثل الاحتفاء بالموالد الشعبية فترة ازدهار للمنشد لا يشهدها سوي في شهر رمضان وأكثر المنشدين ينتظرون هذه الموالد نظرا لما تمثله من انفراجة مالية عليهم فهذه المواسم الدينية هي مصدر دخل المنشد وغيابها يعني لهم الإفلاس والفقر المدقع أيضا التضييق الحادث حاليا علي إقامة المولد وساعات الإنشاد قد يسبب حالة من التأثير السيئ علي الجمهور والمنشد. طبيعية أما المنشد الشيخ سيد الهلاوي فيري أن الموالد خاصة مولد الإمام الحسين تقام بشكل طبيعي دون تأثير من قريب أو بعيد للأحداث الراهنة عليها فالإقبال الجماهيري كما هو مثل كل عام والإنشاد يستمر حتي الصباح دون عائق أو مشاكل نظرا لجلال المناسبة وتعلق الجماهير بها. يتفق معه في الرأي الشيخ جمال أحمد عبد العظيم أحد خلفاء الطريقة البرهامية ويقول: ان حجم المريدين القادمين من الأرياف للاحتفاء بمولد الإمام الحسن في تزايد بل وأكثر من الأعوام الماضية وتواجد القوات المسلحة شيء يبعث علي الأمان والطمأنينة الكاملة لجماهير المولد.